الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرسل عند المحدثين:
قول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنهم من يخصه بالتابعي الكبير.
والمرسل عند المحدثين يغاير المنقطع والمعضل.
فالمنقطع عندهم: ما سقط من إسناده راو فأكثر لا على التوالي. ويعرف المنقطع بحسب كثرة الوقوع بأنه: ما رواه من دون التابعي عن الصحابة، والمعضل عندهم: ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا في موضع واحد. فكل معضل منقطع وليس كل منقطع معضل.
أما المرسل عند الأصوليين: فهو قول العدل الثقة الذي لم يسمع من النبي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالمرسل عند الأصوليين يشمل المرسل عند المحدثين والمنقطع والمعضل (1).
(1) ابن الصلاح، مقدمته في علوم الحديث ص 25 - 29.
آراء العلماء في الاحتجاج بالحديث المرسل
.
1 -
ذهب الحنفية والمالكية إلى أن المرسل حجة. وهو عندهم يشمل إرسال الصحابي الذي لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وإرسال التابعي وإرسال تابع التابعي ولا يقبل إرسال من بعدهم (1).
(1) السرخسي، أصول السرخسي 1/ 360. القرافي، شرح تنقيح الفصول ص379.
2 -
أما الشافعي فقد قسم الحديث المرسل إلى قسمين:
الأول: مرسل الصحابي وهو الحديث الذي يرويه الصحابي الصغير ويرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن يسمعه منه عليه السلام. أي أن الصحابي الذي روى الحديث أسقط الصحابي الذي روى عنه. وهذا النوع من المرسل مقبول عند الشافعي.
الثاني: مرسل غير الصحابي، وهذا النوع مقبول عند الشافعي بشرطين:
1 -
أن يكون المرسل من كبار التابعين الذين لقوا كثيرا من الصحابة.
2 -
أن توجد قرينة تقوي سند الإرسال. ومن هذه القرائن:
أ - أن يروى الحديث الذي أرسله التابعي الكبير بطريق آخر صحيح مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ب - أن يروى الحديث الذي أرسله التابعي الكبير بطريق آخر مرسل قبله أهل العلم.
ج - أن يوافق الحديث الذي أرسله التابعي الكبير بعض ما يروى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
د - أن يوافق الحديث الذي أرسله التابعي الكبير فتوى جماعات من أهل العلم.
وهذه القرائن مرتبة في القوة كترتيبها في الذكر؛ فأقواها الأولى فالثانية فالثالثة فالرابعة (1).
أما ما يقال بأن الشافعي لا يحتج إلا بمراسيل سعيد بن المسيب
(1) الشافعي، الرسالة ص461.
فغير صحيح، وقد أشار النووي إلى أن مرسل سعيد بن المسيب حجة (1).
3 -
وذهب الحنابلة إلى حجية الحديث المرسل، إلا أن صورته عند الحنابلة تختلف عن صورته عند جمهور الأصوليين.
قال أبو يعلى الفراء: " الخبر المرسل حجة ويجب العمل به وصورته أن يترك الراوي رجلا في الوسط مثل أن يروي التابعي عن النبي، أو يروي تابعي التابعي عن الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم "(2).
4 -
وذهب أهل الحديث والإمام أحمد في رواية إلى أن المرسل ليس بحجة (3). وقد تفرع على الاختلاف في حجية المرسل عدة أمثلة تطبيقية منها:
هل يجب القضاء على من أفسد صوم التطوع.
اختلف العلماء في هذه المسألة نتيجة لاختلافهم في حجية الحديث المرسل:
1 -
فذهب الحنفية والمالكية إلى أن من صام متطوعا فأفطر فعليه قضاء ذلك اليوم واحتجوا بالحديث المرسل الذي رواه الزهري عن عائشة أنها قالت: «أهدي لحفصة طعام وكنا صائمتين فأفطرنا، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، إنا أهديت لنا
(1) النووي، المجموع 1/ 104 - 105.
(2)
أبو يعلى الفراء، العدة في أصول الفقه 3/ 906.
(3)
ابن النجار، شرح الكوكب المنير 2/ 576.
هدية واشتهيناها فأفطرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عليكما صوما مكانه يوما آخر (1)».
2 -
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا قضاء على من أفسد صوم التطوع ورد الشافعية الحديث؛ لأنه مرسل لم تتوفر فيه الشروط. واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري «آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل. قال: فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم. قال: نم. فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن. فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان (2)» .
وجه الاستدلال: لو كان قضاء اليوم واجبا لأمر عليه السلام أبا الدرداء بالقضاء، ولما لم يأمره بذلك دل على أن القضاء غير واجب؛ لأن السكوت في معرض الحاجة إلى بيان بيان.
وقد يسأل سائل: إن الحنابلة يحتجون بالحديث المرسل فلماذا لم يعملوا به هنا؟ والجواب على ذلك أنه لما وجد حديث صحيح لم يعد للعمل بالمرسل مجال، فهم وغيرهم من الأئمة يعملون بالمرسل إذا أعوزهم الحديث الصحيح.
(1) رواه مالك في الموطأ في كتاب الصوم، باب قضاء التطوع 1/ 306. ورواه أبو داود في كتاب الصوم، باب من رأى عليه القضاء 2/ 330.
(2)
رواه البخاري في صحيحه في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع 2/ 243.