الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقد التأمين فالمقدر على الشركة إذا وقع الخطر يؤخذ حتما سواء كانت غنية أو فقيرة، فإن كانت غنية استلم منها، وإن كانت فقيرة بقي في ذمتها، وسواء أجحف بها أو لم يجحف بها فأين هذا من نظام العواقل؟
الوجه الرابع: ما تتحمله العاقلة مقدر شرعا وهو الدية، أما في عقد التأمين فيؤخذ المبلغ الموقع عليه في العقد، سواء كان أقل من الدية أو أكثر - هذا في التأمين على الحياة -
ح-
قياس التأمين على عقد الحراسة:
نذكر فيما يلي ما تيسر من كلام الفقهاء السابقين في حكم عقد الحراسة، ثم نذكر بعده كلام الفقهاء المعاصرين في الاستدلال بهذا القياس على الجواز:
أما كلام بعض الفقهاء السابقين:
فقال أبو محمد بن غانم بن محمد البغدادي في أثناء الكلام على الأجير الخاص قال: النوع الثاني ضمان الحارس: استأجر رجلا لحفظ الخان، فسرق من الخان شيء لا ضمان عليه؛ لأنه يحفظ الأبواب، أما الأموال فإنها في يد أربابها في البيوت، وروي عن أحمد بن محمد القضي في حارس يحرس الحوانيت في السوق، فنقب حانوت فسرق منه شيء أنه ضامن؛ لأنه في معنى الأجير المشترك؛ لأن لكل واحد حانوتا على حدة، فصار بمنزلة من يرعى غنما لكل إنسان شاة ونحو ذلك.
وقال الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو بكر: الحارس أجير خاص ألا يرى أنه لو أراد أن يشغل نفسه في موضع آخر لم يكن له ذلك، فلا يضمن الحارس إذا نقب حانوت؛ لأن الأموال محفوظة في يد ملاكها وهو الصحيح وعليه الفتوى من المشتمل.
وفي الخلاصة: حارس يحرس الحوانيت في السوق فنقب حانوت فسرق منه شيء لا يضمن؛ لأن الأموال في يد أربابها وهو حافظ الأبواب، كذا قال الفقيه أبو جعفر وعليه الفتوى. قال: وهذا قولهما أما عند أبي حنيفة لا يضمن مطلقا، وإن كان في يده؛ لأنه أجير. اهـ.
الخاني المستأجر لحفظ الأمتعة ليلا ونهارا ذهب إلى الحمام بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس وتركها بلا حافظ مفتوحة فكسر السارق مغلاق الأنبار خانه وسرق ما فيه لا يضمن ليلا كان أو نهارا ولو سرق من الكنار التي في الصحن يضمن من القنية.
وفي الوديعة من الخلاصة خان فيه منازل وبيوت وكل بيت مقفل في الليل، فخرج من مقفل وترك باب الخان مفتوحا فجاء سارق ونقب بيتا وسرق منه مالا، فإنه لا يضمن فاتح الباب وهو يظهر من باب فتح القفص. اهـ.
وقال البهوتي: واختار الشيخ صحة ضمان حارس ونحوه (1).
وأما كلام الفقهاء المعاصرين في الاستدلال بقياس عقد التأمين على عقد الحراسة فقد بينه الأستاذ الزرقا بقوله:
الأجير الحارس هنا وإن كان مستأجرا على عمل يؤديه هو القيام بالحراسة نجد أن عمله المستأجر عليه ليس له أي أثر أو نتيجة سوى تحقيق الأمان للمستأجر على الشيء المحروس، واطمئنانه إلى استمرار سلامته من عدوان شخص أو حيوان يخشى أن يسطو عليه فهو ليس
(1) الإقناع وشرحه 3/ 304.
كعمل الصانع فيما استؤجر على صنعه وعمل الخادم في الخدمة المستأجر عليها وعمل الناقل في نقل الأشياء التي استؤجر لنقلها فنقلها إلى مكان لم تكن فيه، فكل هذه أعمال منتجة نتيجة محسوسة يقوم بها الأجير، أما الحارس فليس لعمله أية نتيجة سوى هذا الأمان الذي بذل المستأجر جزء ماله للحصول عليه فكذا الحال في عقد التأمين يبذل فيه المستأمن جزءا من ماله في سبيل الحصول على الأمان من نتائج الأخطار التي يخشاها (1).
وأجاب الأستاذ أبو زهرة رحمه الله عن ذلك بمنع أن يكون محل العقد هو الأمان، فقال: إننا نفهم أن يكون الأمان باعثا على العقد ولا نفهم أن يكون محل العقد، فمن يشتري عقارا محل العقد هو العقار والباعث هو السكنى أو الاستغلال، ولا يعد الاستغلال محلا، والأمان أمر معنوي لا يباع ولا يشترى، وهو أمر نفسي يتصل بالنفس قد يأتي بغير ثمن وقد يدفع فيه الثمن الكثير ولا أمان، ولا نعرف عقدا من العقود الإسلامية والمدنية محل العقد فيه الأمان حتى نلحق به ذلك العقد الغريب، ولكن الأستاذ حفظه الله يفكر، ثم يأتي لنا بعقد الحراسة، ويعتبر محل العقد فيها الأمان ويلحق به عقد التأمين غير الاجتماعي كما تلحق الأشياء بأشباهها.
ونقول له: إن الأمان في عقد الحراسة غاية وليس محلا للعقد، وطرفا العقد فيه هما الأجير والمستأجر، وأحب أن أقول إن الأجير هنا أجير وحد، أي أجير خاص يأخذ الأجرة في نظير القرار في مكان معين يكون فيه قائما بالحراسة والأجرة فيه على الزمن لا على مجرد العمل،
(1) أسبوع الفقه الإسلامي 404.