الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فذهب المالكية (1) والشافعية (2) والحنابلة (3) إلى أن النكاح لا ينعقد بغير ولي لما رواه الزهري عن عائشة؛ «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل (4)» ، وذهب الحنفية إلى أن عقد النكاح يصح بغير ولي بشرط أن يكون الزوج كفؤا. وردوا حديث عائشة لسببين.
الأول: أنها عملت بخلاف روايتها وزوجت بنت أخيها عبد الرحمن وهو غائب في الشام.
الثاني: في إسناد هذا الحديث الزهري، وقد سئل عنه، فقال: لا أعرفه.
(1) الخرشي على مختصر خليل 3/ 176.
(2)
الخطيب الشربيني، تحفة المحتاج 7/ 236.
(3)
البهوتي، كشاف القناع 5/ 48.
(4)
رواه الترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء لا نكاح إلا بولي 3/ 399، وقال حديث حسن.
الاحتجاج بخبر الواحد الصحيح فيما تعم به البلوى
.
المقصود بخبر الواحد فيما تعم به البلوى أن يرد خبر آحاد صحيح في مسألة تهم جميع المسلمين أو أكثرهم وهم معرضون للوقوع فيها والسؤال عن حكمها.
اختلف العلماء في هذه المسألة على رأيين:
الأول: مذهب أبي الحسن الكرخي من متقدمي الحنفية، واختيار المتأخرين منهم أن خبر الواحد فيما تعم به البلوى ليس بحجة (1).
(1) عبد العزيز البخاري، كشف الأسرار 3/ 16.
الثاني: مذهب جمهور علماء الأصول الاحتجاج بخبر الواحد فيما تعم به البلوى (1).
والراجح في هذه المسألة مذهب الجمهور لما يأتي:
أ - قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (2).
قال الفخر الرازي في تفسيره: " والذي نقوله هاهنا: إن كل ثلاثة فرقة، وقد أوجب الله تعالى أن يخرج من كل فرقة طائفة، والخارج من الثلاثة يكون اثنين أو واحدا، فوجب أن يكون الطائفة إما اثنين وإما واحدا، ثم إنه تعالى أوجب العمل بأخبارهم؛ لأن قوله: {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ} (3) عبارة عن أخبارهم، وقوله: {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (4) إيجاب على قومهما أن يعملوا بأخبارهم وذلك يقتضي أن يكون خبر الواحد أو الاثنين حجة في الشرع ".
ولم يفرق الشارع كما ترى بين الإنذار فيما تعم به البلوى وغيره فوجب التسوية بينهما.
2 -
رجوع الصحابة رضي الله عنهم القائلين بعدم وجوب الغسل بالتقاء الختانين من غير إنزال إلى خبر - عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل (5)» مع أن خبر عائشة هذا مما تعم به البلوى.
(1) الآمدي، الأحكام 2/ 112، ابن تيمية، المسودة ص215.
(2)
سورة التوبة الآية 122
(3)
سورة التوبة الآية 122
(4)
سورة التوبة الآية 122
(5)
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في كتاب الحيض باب نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانين 1/ 272.
3 -
رجوع الصحابة رضي الله عنهم في المخابرة وكراء الأرض لخبر رافع بن خديج. فعن نافع أنه سمع ابن عمر يقول " كنا نكري أرضنا، ثم تركنا ذلك حين سمعنا حديث رافع بن خديج ".
وعن ابن عمر قال " كنا لا نرى بالخبر بأسا حتى كان عام أول فزعم رافع أن نبي الله نهى عنه "(1).
وقد عد العلماء هذا الدليل والذي قبله إجماعا من الصحابة على وجوب العمل بخبر الواحد وإن كان مما تعم به البلوى.
4 -
كما يجب قبول خبر الواحد فيما لا تعم به البلوى فكذا يجب قبول خبره فيما تعم به البلوى؛ لأن الرواية في كلتا الحالتين رواية عدل ثقة.
5 -
لو كان خبر الواحد الذي تعم به البلوى غير مقبول لما جاز للحنفية القول بوجوب الوتر وبتثنية الإقامة وبنقض الوضوء من القهقهة في الصلاة، لكنهم قالوا بكل ذلك فوجب الأخذ بخبر الواحد الذي تعم به البلوى عندهم.
هذه أهم أدلة القائلين بقبول خبر الواحد فيما تعم به البلوى.
(1) هذان الحديثان رواهما مسلم في كتاب البيوع، باب كراء الأرض 3/ 1178 - 1179.
وقد تفرع على اختلاف العلماء في هذه القاعدة اختلافهم في عدة مسائل منها:
حكم رفع اليدين عند الركوع وعند القيام منه وذهب الشافعية (1) والحنابلة (2) إلى أن رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه سنة وحجتهم في ذلك ما رواه البخاري عن ابن عمر قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع ويقول: سمع الله لمن حمده، ولا يفعل ذلك في السجود (3)» .
وذهب الحنفية إلى أنه لا يسن للمصلي أن يرفع يديه عند الركوع وعند الرفع منه ولم يعملوا بحديث ابن عمر؛ لأنه خبر آحاد تعم به البلوى فكان من حقه أن يشتهر (4).
أما المالكية فمذهبهم كالحنفية ولم يبلغهم خبر ابن عمر المذكور قال الإمام مالك: (لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة؛ لا في خفض ولا في رفع إلا في افتتاح الصلاة)(5).
حسين مطاوع الترتوري.
(1) النووي المجموع 3/ 399.
(2)
شرح منتهى الإرادات 1/ 183، 208.
(3)
رواه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع 1/ 179 - 180.
(4)
عبد العزيز البخاري، كشف الأسرار 3/ 18، السرخسي، أصول 1/ 369 الموصلي، الاختيار 1/ 49.
(5)
مالك، المدونة 1/ 68.