المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مقابلة مع سماحة الرئيس العامأجرتها صحيفة الراية السودانية - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٢٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ قياس عقد التأمين على عقد المضاربة:

- ‌ قياس عقد التأمين على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب:

- ‌ قياس عقد التأمين على ضمان خطر الطريق

- ‌قياس عقد التأمين على نظام التقاعد:

- ‌ قياس التأمين على نظام العواقل في الإسلام:

- ‌ قياس التأمين على عقد الحراسة:

- ‌ قياس التأمين على الإيداع:

- ‌ قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحاكة

- ‌ التأمين فيه مصلحة

- ‌الفتاوى

- ‌ الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر

- ‌ للمسافر سفر قصر أن يفطر في سفره سواء كان ماشيا، أو راكبا

- ‌ طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوة الكفار إلى الإسلام

- ‌ حكم الشعر والغناء والموسيقى

- ‌ محدثات الأمور وما معناها

- ‌ دعاء ختم القرآن لشيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌نداء جاه النبي والرسول صلى الله عليه وسلم عند النهوض من المجلس، أو نداء رضا الوالدين

- ‌ كيف نرد على القائلين بأن (الله في كل مكان)

- ‌ تحية المسجد

- ‌ الفرق بين السحر والعين

- ‌ انحناء الرأس لمسلم عند التحية

- ‌ إبليس من الجن، أو من الملائكة

- ‌ لماذا سمي الدين الإسلامي (بالإسلام)

- ‌ حكم النذر في الإسلام

- ‌ القراءة في كتاب دلائل الخيرات

- ‌ الطرق التي يدخل بها الشيطان على الإنسان

- ‌ الاجتماع في دعاء ختم القرآن

- ‌ هل ترى ليلة القدر عيانا

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}

- ‌بيان التوحيد والتحذير من الشرك

- ‌ توحيد الربوبية

- ‌ توحيد الألوهية:

- ‌ توحيد الأسماء والصفات:

- ‌ بيان الشرك:

- ‌حدوث الشرك في العالم وسببه:

- ‌ظهور الشرك في هذه الأمة:

- ‌معنى الشهادة في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء

- ‌مباحث السنة عند الأصوليين

- ‌تعريف السنة في اللغة والاصطلاح:

- ‌أنواع السنة

- ‌منزلة السنة من القرآن من حيث الرتبة

- ‌منزلة السنة من القرآن من جهة ما ورد فيها من أحكام

- ‌خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌دلالة فعل الرسول صلى الله عليه وسلمعلى الحكم الشرعي

- ‌تقسيم السنة من حيث وصولها إلينا

- ‌الاحتجاج بالحديث المرسل

- ‌آراء العلماء في الاحتجاج بالحديث المرسل

- ‌خبر الواحد الصحيح إذا خالف القياس

- ‌خبر الواحد الصحيح إذا نسيه الراوي أو عمل بخلافه

- ‌الاحتجاج بخبر الواحد الصحيح فيما تعم به البلوى

- ‌ المراجع

- ‌توطئة

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌النص المحقق

- ‌التحذير من التعامل بالربا وبيان سوء عاقبته

- ‌مقابلة مع سماحة الرئيس العامأجرتها صحيفة الراية السودانية

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌مقابلة مع سماحة الرئيس العامأجرتها صحيفة الراية السودانية

‌مقابلة مع سماحة الرئيس العام

أجرتها صحيفة الراية السودانية

أسئلة مقدمة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز من مندوبي صحيفة الراية السودانية.

وقد تفضل سماحته فأجاب عليها بما يلي:

السؤال الأول: يود القراء أن يتعرفوا على لمحة من سيرتكم الذاتية، وحياتكم العلمية.

الجواب: أنا عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، ولدت ببلدة الرياض في ذي الحجة عام 1330 هـ، وقد بدأت الدراسة منذ الصغر وحفظت القرآن الكريم قبل البلوغ، ثم بدأت في تلقي العلوم الشرعية والعربية على أيدي كثير من علماء الرياض من أعلامهم: الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، والشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ قاضي الرياض، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق قاضي الرياض، والشيخ حمد بن فارس وكيل بيت المال بالرياض، والشيخ سعد وقاص البخاري من علماء مكة، أخذت عنه التجويد سنة 1355 هـ، وسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ حيث لازمته عشر سنوات حتى توليت القضاء.

ص: 305

أما الأعمال فهي القضاء لمدة 14 عاما في منطقة الخرج، من عام 1357 هـ حتى نهاية 1371 هـ، ثم بعد ذلك التدريس في المعهد العلمي وكلية الشريعة بالرياض في الفقه والتوحيد والحديث لمدة تسع سنوات حتى عام 1380 هـ.

ثم عينت نائبا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سماحة شيخنا العلامة مفتي البلاد السعودية محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله رحمة واسعة - عشر سنوات، ابتداء من 1381 هـ. وفي عام 1390هـ توليت رئاسة الجامعة الإسلامية بالمدينة بعد وفاته رحمه الله، وبقيت فيها حتى عام 1395 هـ. وفي 14/ 10 / 1395 هـ صدر الأمر الملكي بتعييني في منصب الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ولا أزال إلى هذا الوقت في هذا العمل وأسأل الله العون والسداد. ولي إلى جانب هذا العمل في الوقت الحاضر عضوية في كثير من المجالس العلمية والإسلامية من ذلك: عضوية هيئة كبار العلماء بالمملكة - ورئاسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الهيئة المذكورة، وعضوية رئاسة المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، ورئاسة المجلس الأعلى العالمي للمساجد، ورئاسة المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة، وعضوية المجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في المدينة، وعضوية الهيئة العليا للدعوة الإسلامية في المملكة.

وزيادة على الفتاوى والمقالات والمحاضرات فقد طبع لي ثلاثة عشر مؤلفا منها:

الفوائد الجلية في المباحث الفرضية، ونقد القومية العربية، وتوضيح المناسك المسمى التحقيق والإيضاح لكثير من مناسك الحج والعمرة والزيارة، وحاشية مفيدة على فتح الباري وصلت فيها إلى كتاب الحج.

ص: 306

وثلاث رسائل في الصلاة، والتحذير من البدع، وإقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين، والأدلة النقلية والحسية على سكون الأرض، وجريان الشمس وإنكار الصعود إلى الكواكب، وقد ترجم أغلب هذه الكتب إلى لغات عديدة، نفع الله بها ووفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه من خيري الدنيا والآخرة، إنه سميع مجيب.

ص: 307

السؤال الثاني: هل لسماحتكم مذهب فقهي خاص وما هو منهجكم في الفتوى والأدلة؟

الجواب: مذهبي في الفقه هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وليس على سبيل التقليد ولكن على سبيل الاتباع في الأصول التي سار عليها.

أما في مسائل الخلاف فمنهجي فيها هو ترجيح ما يقتضي الدليل ترجيحه والفتوى بذلك سواء وافق ذلك مذهب الحنابلة أم خالفه؛ لأن الحق أحق بالاتباع. وقد قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1).

(1) سورة النساء الآية 59

ص: 307

السؤال الثالث: لقد قامت في السودان جبهة إسلامية بين مختلف الاتجاهات الحركية والصوفية وغيرها، وقامت بعمل سياسي ومجابهة واسعة مع الشيوعية والتغريبيين عموما.

ص: 307

هل يمكن أن نعرف رأيكم في مثل هذا العمل الذي يضم تيارات مثل هذه؟

الجواب: لا ريب أن التعاون بين المسلمين في محاربة المذاهب الهدامة والدعوات المضللة والنشاط التنصيري والشيوعي والإباحي من أهم الواجبات ومن أعظم الجهاد في سبيل الله؛ لقول الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1)، وقوله سبحانه:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2)، وقال عز وجل:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (3).

وفي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن «النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليهود في خيبر، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام وأن يخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، وقال له صلى الله عليه وسلم: فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (4)» . وفي صحيح مسلم عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (5)» ، وفي صحيحه أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من

(1) سورة المائدة الآية 2

(2)

سورة النحل الآية 125

(3)

سورة فصلت الآية 33

(4)

صحيح البخاري المغازي (4210)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2406)، سنن أبو داود العلم (3661)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 333).

(5)

صحيح مسلم الإمارة (1893)، سنن الترمذي العلم (2671)، سنن أبو داود الأدب (5129)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 120).

ص: 308

آثامهم شيئا (1)». وروى الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم (2)» . والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. فنسأل الله أن يوفق الجبهة لما فيه نصر الحق وظهوره على ما سواه، وقمع الباطل وخذلان الدعاة إليه.

ونصيحتي للجبهة أن تنقي صفوفها من كل ما يخالف شرع الله المطهر وأن تتناصح وتتواصى بالاستقامة على شرع الله والثبات عليه، ورد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول كما قال الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (3)، وقال سبحانه:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (4) الآية. وقال عز وجل: {وَالْعَصْرِ} (5){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (6){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (7).

يبين سبحانه في هذه السورة العظيمة أن أسباب الربح والسعادة والسلامة من الخسران هي هذه الأمور الأربعة المذكورة في هذه السورة وهي الإيمان بالله ورسوله والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

فنسأل الله أن يمنح أعضاء الجبهة التخلق بهذه الأخلاق والاستقامة عليها حتى يفوزوا بالنصر المبين والربح العظيم والعاقبة الحميدة.

(1) صحيح مسلم العلم (2674)، سنن الترمذي العلم (2674)، سنن أبو داود السنة (4609)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 397)، سنن الدارمي المقدمة (513).

(2)

سنن النسائي الجهاد (3096)، سنن أبو داود الجهاد (2504)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 153)، سنن الدارمي الجهاد (2431).

(3)

سورة النساء الآية 59

(4)

سورة الشورى الآية 10

(5)

سورة العصر الآية 1

(6)

سورة العصر الآية 2

(7)

سورة العصر الآية 3

ص: 309

السؤال الرابع: السابقون رجال ونحن رجال: هذه قولة فقهية شجاعة: أي أن السابقين لهم قضايا عصرهم ونحن لنا قضايانا المتجددة. ألا ترى أن الذين يقفون ضد الدعوة إلى التجديد للفقه يجنون على هذا الأدب الأصولي نفسه؟

الجواب: هذه العبارة فيها إجمال واحتمال فإن أريد بها أن الواجب على المتأخرين أن يجتهدوا في نصر دين الله وتحكيم شريعته، وتأييد ما عليه السلف الصالح من العقيدة والأخلاق فهذا حق. والواجب على جميع المسلمين أن يسيروا على نهج سلفهم الصالح في اتباع الكتاب والسنة وتحكيمها في كل شيء، ورد ما تنازع فيه الناس إليهما؛ عملا بقول الله سبحانه:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1) الآية وقوله سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (2) الآية.

أما إن أريد بهذه العبارة أن المتأخرين لهم أن يجددوا في دين الله ما يخالف ما عليه سلف الأمة في العقيدة والأخلاق، أو في الأحكام: فهذا أمر لا يجوز فعله؛ لأنه مخالف لقول الله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (3)، وقوله عز وجل:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (4) وقوله سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (5).

(1) سورة النساء الآية 59

(2)

سورة الشورى الآية 10

(3)

سورة آل عمران الآية 103

(4)

سورة النساء الآية 115

(5)

سورة التوبة الآية 100

ص: 310

ومن خالفهم وسلك غير سبيلهم، لم يتبعهم بإحسان فلا يدخل في اتباعهم المرضي عنهم، ولأنه ليس للمتأخرين أن يخالفوا ما أجمع عليه العلماء قبلهم؛ لأن الإجماع حق وهو أحد الأصول الثلاثة التي يجب الرجوع إليها، ولا تجوز مخالفتها وهي الكتاب والسنة والإجماع، ولأن العلماء أجمعوا على شيء دخلت فيهم الطائفة المنصورة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تزال على الحق. أما التفقه في الدين والتماس حل المشكلات بالطرق الشرعية في المسائل التي جدت بين المسلمين ولم يتكلم فيها الأوائل، فهذا حق وليس فيه مخالفة للسابقين؛ لأن العلماء السابقين واللاحقين كلهم يوصون بتدبر الكتاب والسنة واستنباط الأحكام منهما، والاجتهاد فيما يعرض من المسائل المشكلة على ضوء الكتاب والسنة.

وليس هذا تجديدا مخالفا للسابقين، ولكنه تجديد سائر على منهج السابقين وعلى أصولهم، وقد صح في هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (1)» . متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة (2)» رواه الإمام مسلم في صحيحه، والله ولي التوفيق.

(1) صحيح البخاري العلم (71)، صحيح مسلم الإمارة (1037)، سنن ابن ماجه المقدمة (221)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 93)، موطأ مالك كتاب الجامع (1667)، سنن الدارمي المقدمة (226).

(2)

صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699)، سنن الترمذي القراءات (2945)، سنن ابن ماجه المقدمة (225)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 252)، سنن الدارمي المقدمة (344).

ص: 311

السؤال الخامس: تنشب بين الدعاة بعض الاختلافات التي تكاد تطغى على نقاط الالتقاء الكثيرة، وكثيرا ما تؤدي إلى تعطيل العمل الإسلامي

ص: 311

وإلى أنواع من الفتن والانشقاقات والخصومات. . . ما هو تعليقكم ونصيحتكم للدعاة حول هذا الأمر؟

الجواب: نصيحتي للدعاة أن يخلصوا أعمالهم لله وحده وأن يتعاونوا على البر والتقوى وأن يتفقوا على تحكيم الكتاب والسنة فيما شجر بينهم عملا بقول الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1)، وبذلك يتحد الهدف وتجتمع الجهود وينصر الحق ويهزم الباطل، ولا يتم هذا كله إلا بالاستعانة بالله والتوجه إليه بطلب التوفيق، والحذر من اتباع الهوى. قال الله عز وجل:{فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} (2) الآية. وقال عز وجل يخاطب نبيه ورسوله داود عليه الصلاة والسلام: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (3) الآية.

(1) سورة النساء الآية 59

(2)

سورة القصص الآية 50

(3)

سورة ص الآية 26

ص: 312

السؤال السادس: وما هي نصيحتكم عموما لتيار الصحوة الإسلامية الشبابية المتعالية الآن في العالم الإسلامي؟

الجواب: هذه الصحوة التي تسر كل مؤمن ويصح أن تسمى حركة إسلامية وتجديدا إسلاميا ونشاطا يجب أن تشجع، وأن توجه إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، وأن يحذر قادتها وأفرادها من الغلو والإفراط؛ عملا بقول الله عز وجل:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} (1)، وقول

(1) سورة النساء الآية 171

ص: 312

النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون (2)» . ويجب عليهم أن يتوجهوا إلى الله دائما بطلب التوفيق وصلاح القلوب والأعمال، والثبات على الحق، وأن يعنوا عناية تامة بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرا وتعقلا، وعملا بالسنة المطهرة؛ لأنها الأصل الثاني، ولأنها المفسرة لكتاب الله؛ كما قال الله عز وجل:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (3). وقال عز وجل: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (4)، كما يجب على الدعاة إلى الله أن يستغلوا هذا الحركة الإسلامية بالتعاون مع القائمين عليها والمذاكرة معهم والحرص على إزالة الشبه التي قد تعرض لبعضهم؛ عملا بقول الله عز وجل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (5).

(1) سنن ابن ماجه المناسك (3029)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 215).

(2)

صحيح مسلم العلم (2670)، سنن أبو داود السنة (4608)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 386).

(3)

سورة النحل الآية 44

(4)

سورة النحل الآية 64

(5)

سورة المائدة الآية 2

ص: 313

السؤال السابع: ما رأيكم في مجتمع إسلامي طبقت فيه الحدود لفترة عام وأكثر، ثم تراجع عن هذه الحدود ليطبق القوانين الوضعية الغربية؟

الجواب: الواجب على جميع حكام المسلمين هو تطبيق شريعة الله بين عباده، والثبات على ذلك، والدعوة إليه، والالتزام به؛ لقول الله سبحانه يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (1) والواجب على أمته تنفيذ ذلك. قال سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (2).

(1) سورة المائدة الآية 49

(2)

سورة النساء الآية 65

ص: 313

وقال عز وجل: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (1)، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (2)، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (3)، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (4).

فلا يجوز لحكام المسلمين أن يخالفوا هذه الآيات الكريمات، بل عليهم أن يلتزموا بما دلت عليه، ويلزموا شعوبهم به، ولهم في ذلك العزة والكرامة والنصر والتأييد وحسن العاقبة، والفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة، كما قال الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (5)، وقال تعالى:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (6){الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (7)، وقال عز وجل:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} (8) الآية.

(1) سورة المائدة الآية 50

(2)

سورة المائدة الآية 44

(3)

سورة المائدة الآية 45

(4)

سورة المائدة الآية 47

(5)

سورة محمد الآية 7

(6)

سورة الحج الآية 40

(7)

سورة الحج الآية 41

(8)

سورة النور الآية 55

ص: 314

ولا ريب أن تحكيم شريعة الله في شئون عباده من جملة النصر لله، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن الإيمان والعمل الصالح اللذين وعد الله أهلهما الاستخلاف في الأرض، والتمكين في دينهم، ومنحهم الأمن بعد الخوف، فنسأل الله أن يوفق حكام المسلمين للتمسك بشريعته والحكم بها والرضى بها وترك ما خالفها. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ص: 315

السؤال الثامن: ما رأيكم في الدعوة إلى القومية التي تعتقد أن الانتساب إلى العنصر أو اللغة مقدم على الانتساب إلى الدين وهذه الجماعات تدعي أنها لا تعادي الدين ولكنها تقدم القومية عليه. .

ما رأيكم في هذه الدعوى؟

الجواب: هذه دعوة جاهلية لا يجوز الانتساب إليها ولا تشجيع القائمين بها، بل يجب القضاء عليها؛ لأن الشريعة الإسلامية جاءت بمحاربتها والتنفير منها، وتفنيد شبههم ومزاعمهم والرد عليها بما يوضح الحقيقة لطالبها؛ لأن الإسلام وحده هو الذي يخلد العروبة لغة وأدبا وخلقا، وأن التنكر لهذا الدين معناه القضاء الحقيقي على العروبة في لغتها وأدبها وخلقها، ولذلك يجب على الدعاة أن يستميتوا في إبراز الدعوة إلى الإسلام بقدر ما يستميت الاستعمار في إخفائه.

ومن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن الدعوة إلى القومية العربية أو غيرها من القوميات، دعوة باطلة وخطأ عظيم ومنكر ظاهر وجاهلية نكراء وكيد للإسلام وأهله، وذلك لوجوه قد أوضحناها في كتاب مستقل سميته - نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع - وأسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه رضاه.

وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

ص: 315

بيان هيئة كبار العلماء حول أعمال

الشغب التي قام بها بعض الحجاج الإيرانيين

في موسم حج عام 1407هـ

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين. وبعد:

فقد اطلع مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية على الأحداث المؤسفة التي قام بها بعض الحجاج الإيرانيين بعد صلاة العصر من يوم الجمعة السادس من شهر ذي الحجة لعام 1407 هـ من تجمعات ومسيرة صاخبة تعطل بسببها خروج المصلين إلى منازلهم ومصالحهم وتعرقلت حركة المرور، وتوقف السير فجأة في الشوارع والطرقات؛ مما أدى إلى تدخل الحجاج والمواطنين المحتجزين عن الحركة مع الحجاج الإيرانيين في محاولة لإقناعهم بإخلاء الشوارع، وفض المسيرة إلا أن الحجاج الإيرانيين أصروا على استكمال مسيرتهم الغوغائية رغم جميع المحاولات السلمية الهادئة التي بذلها الحجاج الآخرون على مختلف جنسياتهم وكذا المواطنون، مما نتج عنه وقوع اشتباكات عنيفة بين الإيرانيين ومختلف الحجيج والمواطنين سقط خلالها المئات من القتلى والجرحى من النساء والرجال حجاجا ومواطنين.

وإن المجلس ليستنكر هذا العمل ويشجبه، لما فيه من إيذاء المسلمين من الحجاج وغيرهم في هذا البلد الحرام في الشهر الحرام، ولكونه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه

ص: 317

من قتل النفوس، ومضايقة الناس وغير ذلك من أنواع الأذى والظلم، كما يحمل الإيرانيين مسئولية ما نشأ عن عملهم هذا من مفاسد وفتن ولا شك أن هذا العمل مخالف لأمر الله سبحانه لمن أراد الحج بقوله:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (1) والواجب على المسلم أن يلتزم بما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الكريمة، والمعاملة الطيبة لإخوانه المسلمين.

ولقد عظم الله سبحانه وتعالى بيته الكريم، وجعل له من الخصائص ما ليس لغيره من الأمكنة والبقاع، فقال سبحانه:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} (2) وتوعد من أراد الإلحاد فيه بالعذاب الأليم بقوله سبحانه: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (3) قال ابن عباس رضي الله عنه: الظلم هو أن تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من إساءة أو قتل، فتظلم من لا يظلمك، وتقتل من لا يقتلك اهـ.

وقد حرم الله سبحانه إيذاء المؤمنين والمؤمنات في كتابه الكريم في كل مكان وفي كل زمان، فكيف بإيذائهم في البلد الأمين، وفي وقت أداء المناسك، لا شك أن هذا يكون أشد إثما، وأعظم جرما؛ قال سبحانه:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (4)

وقد بين الله سبحانه وتعالى مشروعية الحج ومنافعه بقوله: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (5){لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (6){ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (7){ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} (8) - إلى قوله سبحانه - {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (9) - إلى أن قال سبحانه - {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (10)

(1) سورة البقرة الآية 197

(2)

سورة البقرة الآية 125

(3)

سورة الحج الآية 25

(4)

سورة الأحزاب الآية 58

(5)

سورة الحج الآية 27

(6)

سورة الحج الآية 28

(7)

سورة الحج الآية 29

(8)

سورة الحج الآية 30

(9)

سورة الحج الآية 30

(10)

سورة الحج الآية 32

ص: 318

فهذه هي أوامر الله سبحانه وتعالى وتوجيهاته لحجاج بيت الله الحرام: لا رفث، ولا فسوق، ولا جدال في الحج، ولا استهانة بحرمات الله، ولا تلفظا بقول الزور، بل ذكر الله وتعظيم لحرماته وشعائره.

وبذلك يعلم أن ما فعله بعض الحجاج الإيرانيين بأعمالهم الاستفزازية مخالف لأوامر الله وتوجيهاته التي وردت في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله الأمين.

فالواجب على جميع علماء المسلمين وحكامهم وقادتهم إنكار ذلك وشجبه؛ ليعلم كل أحد تحريم هذا العمل وبشاعته ومخالفاته لشرع الله، وسوء ما يترتب عليه من العواقب الضارة بالمسلمين من الحجاج وغيرهم وعلى المتظاهرين أنفسهم.

وبذلك يعلم حكام إيران أن الواجب عليهم منع حجاجهم من هذا العمل السيئ، وعدم تشجيعهم عليه؛ لما تقدم من الأدلة الشرعية، والمعاني المرعية، والعواقب السيئة المترتبة على ذلك.

كما يعلم أن الواجب على حكومة هذه البلاد وفقها الله منع مثل هذا العمل، وعدم التمكين منه بالطرق التي تراها كفيلة بذلك حماية لحجاج المسلمين وغيرهم من المواطنين من الأذى والظلم وغير ذلك كما يترتب على هذه الأعمال المخالفة للشرع من العواقب الوخيمة.

ص: 319

وبهذه المناسبة، فإن المجلس حين يستنكر هذا الحادث ويشجبه، فإنه يوصي جميع حجاج بيت الله الحرام بتقوى الله وتعظيم حرماته، والتعاون على البر والتقوى، وعطف بعضهم على بعض، وإحسان بعضهم إلى البعض الآخر، والحذر من كل ما يضرهم في دينهم ودنياهم، أو يشغلهم عن أداء مناسكهم على الوجه الذي شرعه الله، والله المسئول أن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويصلح أحوال المسلمين في كل مكان، ويصلح قادتهم، ويمنح الجميع الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يوفق ولاة أمر هذه البلاد لكل ما فيه صلاح الأمة وسعادتها، وتسهيل أمور الحج للمسلمين، وأن يضاعف مثوبتهم على ما قدموه من إحسان وتسهيل وأن يزيدهم من فضله، وينصر بهم الحق، إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.

هيئة كبار العلماء.

عبد الله خياط

عبد العزيز بن صالح

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

سليمان بن عبيد

عبد المجيد حسن

إبراهيم بن محمد آل الشيخ

صالح بن غصون

محمد بن جبير

صالح بن محمد اللحيدان

عبد الله بن غديان

راشد بن خنين

عبد الله بن منيع

حسن بن جعفر العتمي

عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

محمد الصالح العثيمين

عبد الله البسام

صالح الفوزان

ص: 320