الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (1).
وكل رسول يقول لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (2)؛ لأن الشرك هو أعظم الفساد الذي تصاب به الأمم وهو يناقض الخلق والأمر، ولا فائدة في جميع الأعمال مع وجود الشرك، وهذا يؤكد على جميع أتباع الرسل من الدعاة والمصلحين أن تتجه دعواتهم وإصلاحهم إلى مكافحة الشرك وإصلاح العقائد أولا وقبل كل شيء - أما أن تتجه دعواتهم وإصلاحهم إلى أمور جانبية، ويتركون الشرك يعج في عقائد المسلمين بما يمارس حول الأضرحة وبين أرباب الطرق الصوفية المنحرفة فهذا انحراف بالدعوة عن منهجها الصحيح الذي رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسمه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من قبله ولن تأتي هذه الدعوات بنتيجة ولا فائدة؛ لأنها بدأت من حيث النهاية.
(1) سورة النحل الآية 36
(2)
سورة الأعراف الآية 59
حدوث الشرك في العالم وسببه:
كان الناس بعد آدم عليه السلام على الدين الصحيح إلى أن حدث الشرك في قوم نوح بسبب غلوهم في الصالحين لما ماتوا فصوروا صورهم بإيحاء من الشيطان ونصبوها على مجالسهم ليتذكروا بها أحوالهم فينشطوا على العبادة بزعمهم فلما هلك هذا الجيل الذي نصب تلك الصور زين الشيطان للجيل الذي جاء من بعدهم عبادة تلك الصور فعبدوها. ومن ذلك الحين حدث الشرك في الأرض فبعث الله نبيه نوحا عليه الصلاة والسلام يدعو قومه إلى التوحيد وينهاهم عن هذا الشرك الذي وقعوا فيه فأصروا على شركهم: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (1)
(1) سورة نوح الآية 23
وتلك أسماء الصالحين الذين غلوا فيهم وصوروا صورهم وأبوا أن يتركوا عبادتهم، وأيس نوح عليه السلام في هدايتهم بعد محاولة طويلة معهم كما قال الله ألف سنة إلا خمسين عاما:{وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (1).
عند ذلك دعا عليهم فأهلكهم الله بالطوفان وأنجى نوحا ومن آمن معه في الفلك. ثم تتابعت الرسل من بعد نوح تدعو إلى التوحيد وتنهى عن الشرك، إلى أن جاء عهد إبراهيم خليل الله وقد بلغ الشرك والطغيان والجبروت من الطواغيت مبلغا عظيما فقاوم الشرك والمشركين بالحجة والبرهان وحطم الأصنام بيده ولقي في سبيل ذلك أشد أنواع الأذى وأقسى أنواع التعذيب الذي سلمه الله منه حين ألقوه في النار فجعلها الله بقدرته ورحمته بردا وسلاما، وجعل العاقبة الحميدة له وجعل في ذريته النبوة والكتاب وبقيت النبوة وكلمة التوحيد في ذريته كما قال تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} (2)، وقال تعالى:{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} (3) خصوصا العرب بني إسماعيل.
فإن التوحيد لم يزل فيهم وهم على ملة إبراهيم وإسماعيل إلى أن ظهر فيهم عمرو بن لحي الخزاعي فغير فيهم دين إبراهيم ودعاهم إلى عبادة الأصنام فأجابوه، والسبب في ذلك أنه ذهب إلى الشام فوجد أهلها يعبدون الأصنام فقلدهم في ذلك وجلب معه الأصنام إلى العرب، وقيل:
(1) سورة هود الآية 36
(2)
سورة العنكبوت الآية 27
(3)
سورة الزخرف الآية 28