الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاتباع القول: امتثاله على الوجه الذي اقتضاه. وأما المتابعة في الفعل وفي الترك فهي التأسي. وبذلك يظهر أن المتابعة أعم من التأسي. وأما الموافقة: فهي أعم من المتابعة والتأسي؛ لأنها مشاركة أحد شخصين للآخر في صورة قول أن فعل أو ترك أو اعتقاد، سواء كان من أجل ذلك الغير أو ليس من أجله (1).
(1) راجع هذه المصطلحات في: ابن النجار، شرح الكوكب المنير 2/ 196. الآمدي، الأحكام 1/ 172.
دلالة فعل الرسول صلى الله عليه وسلم
على الحكم الشرعي
.
يمكن تقسيم أفعال النبي صلى الله عليه وسلم إلى خمسة أقسام:.
1 -
ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقتضى الطبيعة الجبلية لا يعتبر تشريعا للأمة وهو على الإباحة؛ كالقيام والقعود والأكل ونحوه.
2 -
ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقتضى الخبرة الإنسانية والحذق والتجارب فهو كسابقة ليس تشريعا للأمة.
مثاله: نزول الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر عند أدنى ماء من مياه بدر «فقال الحباب بن المنذر: يا رسول الله: أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم ولا أن نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الحرب والرأي والمكيدة، فقال: ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزل، ثم نغور ما وراءه من الآبار، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء
ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحول إلى المكان والرأي الذي أشار به الحباب رضي الله عنه (1)».
3 -
ما ثبت خصوصيته للرسول صلى الله عليه وسلم بدليل فهو خاص به.
4 -
إذا كان فعله صلى الله عليه وسلم بيانا لواجب مجمل ثبت في القرآن فيجب علينا ذلك الفعل كبيان صفة الصلاة وركعاتها.
وإذا كان فعله بيانا لمندوب فهو مندوب، وإذا كان بيانا لمباح فهو مباح، أي أن الفعل المبين يأخذ حكم المبين.
5 -
إذا لم يكن فعله واحدا مما سبق فهو على وجهين:
أ - أن يظهر فيه قصد القربة: والراجح في هذا الفعل أنه مندوب ومثاله:
- اعتكاف الرسول صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان عن ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان (2)» .
قال النووي (وتأكد استحبابه - أي الاعتكاف - في العشر الأواخر من رمضان، وقد أجمع المسلمون على استحبابه، وأنه ليس بواجب)(3).
(1) قال البوطي في فقه السيرة ص169 تعليقا على هذه الرواية: (روى ابن هشام في سيرته حديث الحباب بن المنذر هذا عن ابن إسحاق، عن رجال من بني سلمة، فهي فيما رواه ابن هشام رواية عن قوم مجهولين. وذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث في الإصابة، فرواه عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير وغير واحد في قصة بدر. وهذا سند صحيح والحافظ ابن حجر ثقة فيما ينقل ويروي، راجع الإصابة 1/ 302).
(2)
رواه البخاري في كتاب أبواب الاعتكاف باب الاعتكاف في العشر الأواخر 2/ 255.
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 67.
- سجدة التلاوة:
عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته (1)» .
وقد ذهب المالكية (2). والشافعية (3). والحنابلة (4) إلى أن سجدة التلاوة سنة. وذهب الحنفية إلى أن سجدة التلاوة واجبة على من تلاها وعلى من سمعها (5). ووجوب سجدة التلاوة عند الحنفية ليس دليله فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، بل دليله السنة القولية (6).
ب - أن لا يظهر فيه قصد القربة: والراجح في هذا الفعل أنه مباح (7).
ومن أمثلة ذلك:
- تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض أزواجه وهو صائم.
عن عائشة قالت: «إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أزواجه وهو صائم (8)» .
- لبس خاتم الفضة:
(عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب أو فضة
(1) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة 1/ 405.
(2)
الخرشي، شرح مختصر خليل 1/ 350 - 351.
(3)
الشربيني، مغني المحتاج 1/ 214.
(4)
مجد الدين ابن تيمية، المحرر في الفقه 1/ 79.
(5)
الكاساني، بدائع الصنائع 1/ 476.
(6)
انظر المصدر نفسه 1/ 476.
(7)
ابن النجار، شرح الكوكب المنير 2/ 189.
(8)
صحيح البخاري كتاب الصوم باب القبلة للصائم 2/ 233.