الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تغيير شرط الواقف]
المسألة السادسة: فيمن وقف نخلة ونحوها على أضحية ونحوها
…
إلخ، فأما بيع ذلك لما ذكر فلا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يباع أصلها، ولا يوهب، ولا يورث"1.
وقد تنازع الفقهاء في جواز بيع الوقف إذا تعطلت منافعه، فأجازه أحمد وغيره، ومنعه الشافعي وغيره. وأما صرف غلة ذلك إلى المحتاج من أولاد الواقف، فقال الأصحاب يتعين صرف غلة الوقف إلى الجهة المعينة إلا ما فضل عنها، ونص على ذلك الإمام أحمد، ولم يفرق أحمد والأصحاب بين حالة الحاجة وغيرها. وقال الشيخ تقي الدين: يجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح، وإن اختلف ذلك باختلاف الأزمان، حتى لو وقف على الفقهاء والصوفية، واحتاج الناس إلى الجهاد، صرف إلى الجند.
فعلى اختيار الشيخ رحمه الله: يجوز صرف ثمن الأضحية إلى من اشتدت حاجته من ولد الواقف، وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قال رجل لعطاء: رجل جعل ذودا في سبيل الله، قال: أله ذوو قرابة محتاجون؟ قال: نعم. قال: فادفعها إليهم. فكانت هذه فتياه في هذا وأشباهه، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
من عبد الله بن عبد الرحمن (أبى بطين) إلى جناب الأخ المكرم عثمان بن علي بن عيسى
، سلمه الله تعالى.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(وبعد): من طرف المسألتين المسؤول عنهما:
[نذر التبرر إذا رده المنذور له]
فالأولى: إذا نذر إنسان شيئا معينا لشخص معين نذر تبرر، فرده، أو مات
1 البخاري: الوصايا (2764)، ومسلم: الوصية (1633)، والترمذي: الأحكام (1375)، وأبو داود: الوصايا (2878) ، وأحمد (2/ 55،2/ 125).
قبل قبوله، أو قبله وقبضه ثم رده: فأما إذا رده، أو مات قبل القبول والرد، فالذي يظهر بطلان هذا النذر كما تبطل الصدقة بذلك لأن الصدقة نوع من الهبة، صرح به الأصحاب كما في المغني وغيره. وهو ظاهر كلام أحمد لقوله في رواية حنبل: إذا تصدق على رجل بصدقة دار أو ما أشبه ذلك، فإذا قبضها الموهوب له صارت في ملكه، انتهى.
وقد صرحوا باعتبار القبول للهبة، وأنها تبطل بالرد وبموت الموهوب له قبل القبول، فإذا كان هذا حكم الهبة، والصدقة نوع من الهبة، وقد جعل الأصحاب حكم الصدقة المعينة حكم النذر، كما نقله في القواعد عنهم، ولفظه بعد كلام سبق، فإذا قال: هذه صدقة، تعينت، وصارت في حكم المنذورة، صرح به الأصحاب؛ لكن هل ذلك إنشاء للنذر، أو إقرار به؟ فيه خلاف بين الأصحاب، انتهى.
فقوله: "هل ذلك إنشاء للنذر، أو إقرار به" صريح في أنه إذا تصدق بشيء معين، فقال: هذا صدقة، إنه نذر حقيقة، فإذا علمت ما ذكره علماؤنا -رحمهم الله تعالى- من أحكام الهبة، وقد صرحوا بأن الصدقة نوع من الهبة، لها حكم الهبة، بل صرحوا باعتبار القبول للصدقة، ولم يخصوا بذلك نوعا منها، وجعلوا حكم الصدقة المعينة حكم المنذورة، ظهر لك حكم مسألة السؤال، إن شاء الله تعالى.
[الوصية في الثلث بدون إجازة الورثة]
وأما المسألة الثانية: وهي ما إذا أوصى إنسان بشيء من ماله، يحج به لبعض ورثته، أو يضحي به عنه، فالذي يظهر صحة هذه الوصية ولزومها في الثلث بدون إجازة، لأن الموصى له لا يملكها، ولا ينفع بها، وإنما يرجو ثوابها في الآخرة، فهي كصدقته في مرضه، وجعل ثوابها للوارث، وقد قال الأصحاب في تعليل صحة وقف المريض ثلثه، أو وصيته بوقفه على بعض