الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقول الشارح: وبذلك اغتر من اغتر، فقد قال تعالى:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} 1، {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} 2 فنسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم آمين، وصلى الله على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
[حديث خلق الله آدم بيده على صورته]
بسم الله الرحمن الرحيم
ما يقول العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين- في حديث: "خلق الله آدم بيده على صورته"3 هل الكناية في قوله: على صورته راجعة إلى آدم، وأن الله خلقه على الصورة التي خلقه عليها، أم لها معنى، وتأويل غير ذلك؟ وأجيبوا -أدام الله النفع بعلومكم- وابسطوا الجواب، أثابكم الله الجنة بمنه وكرمه.
الجواب: للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين) -رحمه الله تعالى- قال: هذا الحديث المسؤول عنه ثابت في صحيحي البخاري ومسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا"4.
وفي بعض ألفاظ الحديث: "إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته".
قال النووي: هذا من أحاديث الصفات، ومذهب السلف أنه لا يتكلم في معناه، بل يقولون: يجب علينا أن نؤمن بها، ونعتقد لها معنى يليق بجلال الله -تعالى-، مع اعتقادنا أن ليس كمثله شيء، انتهى.
وقال بعض أهل التأويل: الضمير في قوله: "صورته" راجع إلى آدم، وقال بعضهم: الضمير راجع على صورة الرجل المضروب، ورد هذا التأويل بأنه إذا كان الضمير عائدا على آدم فأي فائدة في ذلك؟ إذ ليس
1 سورة فاطر آية: 8.
2 سورة النمل آية: 24.
3 البخاري: الاستئذان (6227)، ومسلم: الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2841) ، وأحمد (2/ 315،2/ 323).
4 صحيح البخاري: كتاب الاستئذان (6227)، وصحيح مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2841) ، ومسند أحمد (2/ 315).
يشك أحد أن الله خالق كل شيء على صورته، وأنه خلق الأنعام، والسباع على صورها، فأي فائدة في الحمل على ذلك.
ورد تأويله بأن الضمير عائد على ابن آدم المضروب، بأنه لا فائدة فيه؛ إذ الخلق عالمون بأن آدم خلق على خلق ولده، وأن وجهه كوجوههم.
ويرد هذا التأويل كله بالرواية المشهورة: "لا تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن" وقد نص الإمام أحمد على صحة الحديث، وإبطال هذه التأويلات، فقال في رواية إسحاق بن منصور:"لا تقبحوا الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته" صحيح.
وقال في رواية أبي طالب: من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم، فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟ وعن عبد الله بن الإمام أحمد قال: قال رجل لأبي: إن فلانا يقول في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق آدم على صورته"1 فقال: على صورة الرجل، فقال أبي: كذب، هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا؟
وقال أحمد في رواية أخرى: فأين الذي يروي: "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن"؟ وقيل لأحمد عن رجل: إنه يقول: على صورة الطين، فقال: هذا جهمي، وهذا كلام الجهمية، واللفظ الذي فيه على صورة الرحمن رواه الدارقطني، والطبراني، وغيرهما بإسناد رجاله ثقات. قاله ابن حجر، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجها ابن أبي عاصم عن أبي هريرة مرفوعا، قال:"من قاتل فليجتنب الوجه، فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن" وصحح إسحاق بن راهويه اللفظ فيه على صورة الرحمن، وأما أحمد فذكر أن بعض الرواة وقفه على ابن عمر، وكلاهما حجة.
1 أحمد (2/ 251).