الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجواب: المذهب أن النقاء طهر، وإن لم تر معه بياضا؛ فعليها أن تغتسل، وتصلي، وفيه قول؛ لأن البياض الذي يأتي المرأة عقب انقطاع الحيض، هو الطهر الصحيح، وإليه يميل شيخنا رحمه الله فيما يرى، والله أعلم. انتهى.
[بيع الكاليء بالكاليء]
بسم الله الرحمن الرحيم
وجدت بخط الأشياخ قوله: ولا يصح بيع كالئ بكالئ، ولها صور منها: بيع ما في الذمة حالّ، وعروض وأثمان بثمن إلى أجل ممن هو عليه أو غيره، ومنها جعله رأس مال سلم كما ذكره المصنف رحمه الله، ومنها لو كان لكل واحد من اثنين دينا على صاحبه من غير جنسه، كالذهب والفضة، وتصارفا، ولم يحضر شيئا، فإنه لا يجوز سواء كانا حالَّين أو مؤجلين.
ثم اعلم أن قول المصنف رحمه الله: ولا يحل بيع كالئ بكالئ -يشمل ثمان صور:
الأولى: بيع حالٍّ بحَالٍّ لمن هو عليه.
السادسة: بيع حال بمؤجل لغيره.
السابعة: بيع مؤجل لمن هو عليه.
الثامنة: بيع مؤجل بمؤجل لغيره.
فلا يصح في هذه الصور جميعها إلا في الأولى والثانية، تمت، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد: فهذه
خمس مسائل سئل عنها شيخنا عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين)
رحمه الله.
الحمد لله وحده
[البلدة التي فيها شيء من مشاهد الشرك]
(المسألة الأولى): عن البلدة التي فيها شيء من مشاهد الشرك، والشرك فيها ظاهر، مع كونهم يشهدون "أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله" مع عدم القيام بحقيقتهما، ويؤذنون، ويصلون الجمعة والجماعة، مع التقصير في ذلك.
فهذه المسألة يؤخذ جوابها مما ذكره الفقهاء في بلدةٍ كلُّ أهلها يهود أو نصارى أنهم إذا كانوا يقولون في المسيح: إنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، وأنهم إذا بذلوا الجزية سميت بلادهم بلاد إسلام؛ فبالأولى فيما أرى أن البلاد التي سألتم عنها، وذكرتم حال أهلها أولى بهذا الاسم، ومع هذا يُقَاتلون لإزالة مشاهد الشرك والإقرار بالتوحيد والعمل به، بل لو أن طائفة امتنعت من شريعة من شرائع الإسلام -قُوتِلُوا، وإن لم يكونوا كفارا، ولا مشركين، ودارهم دار إسلام.
قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: أجمع العلماء أن كل طائفة امتنعت من شريعة من شرائع الإسلام -تُقَاتَلُ حتى يكون الدين كله لله كالمحاربين وأولى. انتهى.
وما ذكرناه عن العلماء: من أنهم يسمون البلد التي أهلها يهود أو نصارى أنهم يسمونها دار إسلام، ويذكرون ذلك في باب اللقيط وفي غيره.
[من قصد إنسانا بخشبة ونحوها ليضربه بها]
(المسألة الثانية): فيمن قصد إنسانا بخشبة ونحوها؛ ليضربه بها، فللمقصود دفعُه بالأسهل، أو بالهرب عنه، إن أمكن، فإن لم يندفع بذلك فله ضربُه بما يندفع به، وأرجو أنه ما يضمن، والحالة هذه.
[من دفع أرضه لإنسان ليغرسها بما اتفقا عليه من نصيب كل منهما]
(المسألة الثالثة): فيمن دفع أرضه لإنسان؛ ليغرسها بما اتفقا عليه من نصيب كل منهما، فيجوز لصاحب الأرض بيع نصيبه من الغرس، ولو لم تتم المدة التي بينه وبين الغارس؛ لأن بيع المشاع صحيح، والمشتري يقوم مقام البائع في إلزام العامل بإتمام العمل الذي شرط عليه في العقد.
وإذا تلف نصيب الغارس من النخل رفع يده عن الأرض التي ليس له فيها حق، بل لو اشترط في ابتداء العقد أن له شيئا من الأرض فسد العقد
بلا خلاف بين العلماء، والمشتري من مالك الأرض، إن كان إنما اشترى نصيبه من الغرس، فهو صحيح كما ذكرنا، وإن كان اشترى نصيبه من الغرس وجميع الأرض، فالذي أرى أنه ما يصح؛ لأنه ما يمكنه تسليم الأرض -والحالة هذه- والله أعلم.
[وطء الأب مملوكة ولده]
(المسألة الرابعة): في وطء الأب مملوكة ولده، فهو حرام يوجب التعزير. فإن حملت من الأب صارت أم ولد له، وولده حر، ولا حد ولا مهر عليه، فإن كان الابن قد وطئها، ولو لم تلد منه، لم يملكها الأب بالإحبال، ولم تَصِرْ أمّ ولد له، وحرمت عليهما، هكذا ذكره الفقهاء.
[حكم مال الغريم إذا ضاق ماله عن الديون التي عليه]
(المسألة الخامسة): في حكم مال الغريم إذا ضاق ماله عن الديون التي عليه، فالمشهور في المذهب فيها معروف، وأنه يُتْرَك له المسكن والخادم؛ إذا كان مثله يُخْدَمُ، ما لم يكونا عين مال غريم، ويُشترى، أو يُكترى له بدلهما، ويُترك له ما يَتَّجِر به؛ إن كان تاجرا، ويترك له آلة محترف؛ إن كان ذا صنعة، ومقتضى قولهم: إنه إذا كانت حرفته الحراثة أن يُترك له ما يحرث عليه من سوان وآلة حراثة.
ومقتضى قولهم: أنه إذا لم يكن له حرفة، وله عقار، أنه يُترك له؛ إذا لم يكن فيه فضل عما يقوم به معاشه، والذي أرى أنه ما يمكن العمل اليوم بالمذهب في بلدان نجد؛ لقلة أموالهم، والغالب على الحُرَّاث الفقر.
ويمكن أحدهم أن يشتري من الناس أموالهم، ويشتري بها دارا أو عقارا، أو يشتري بها سواني، فإذا طلب أهل الحقوق حقوقهم، لم يجدوا إلا هذه التي ذكرنا، فيقال: تترك له الدار، ويترك له العقار يَتَعَيَّش به؛ إذا لم يكن له ما يعيش به، أو تترك له السواني؟ وإن كان تاجرا، وفي يده رأس مال، قيل: يترك له ما يتجر به، وهذا فيه إشكال.
وأما ما سوى مذهب أحمد، فأبو حنيفة يقول: يترك له المسكن فقط، وقال مالك والشافعي: تباع ويكترى له بدلها؛ لحديث: "خذوا ما وجدتم".
والقول بأنه يترك له ما يتجر به؛ إن كان تاجرا، أو آلة الحرفة إن كان له صنعة، فمن مفردات المذهب. ونقل عبد الله عن أبيه: يباع الكل إلا المسكن وما يواريه من ثياب وخادم يحتاجه، وفي رواية أخرى: يُترك له ما يقوم به معاشه.
قال في "الشرح الكبير": وهذا في حق الشيخ وذوي الهيئات الذين لا يمكنهم التصرف بأبدانهم، ومع ذلك قال أصحابنا: إن كانت أمواله كلها أعيان أموال أناس، أفلس بأثمانها، أخذوها بشروطها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم "من وجد متاعه بعينه عند إنسان قد أفلس، فهو أحق به" 1 انتهى.
لكن إن كانت الدار ونحوها رهنا، ففي حكمها على المذهب تردد؛ ولهذا قال صاحب "الغاية": إن كانت الدار ونحوها رهنا، توجه احتمالان، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
{تمت}
* * *
طبعت هذه المجموعة عن الأصل المرسل من نجد بحسب ترتيبه في النسخ بغير تصرف ما، وقد كتب في آخر النسخة التي طبعنا عنها ما نصه:
"وقع الفراغ من نسخ هذه المسائل الفقهية في آخر اليوم السادس والعشرين من شهر جمادى الأولى سنة 1329 بمعونة الله الفرد الصمد، بقلم عبده الفقير إليه، الغني به عما سواه -إن شاء الله- سليمان بن عبد الله بن سليمان بن ماجد الحنبلي مذهبًا، والسلفي معتقدًا، غفر المولى له ولوالديه ولمعلميه وللمسلمين والمسلمات آمين.
1 البخاري: في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (2402)، ومسلم: المساقاة (1559)، والترمذي: البيوع (1262)، وأبو داود: البيوع (3519)، وابن ماجه: الأحكام (2358) ، وأحمد (2/ 228،2/ 247،2/ 249،2/ 347،2/ 468،2/ 474،2/ 487)، ومالك: البيوع (1383)، والدارمي: البيوع (2590).