الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكل حال، وليس له منعها من نكاح غيره، إذا كانت قد انقضت عدتها، وهو يطالبها بالغرامة في صورة الغرور منها، والله سبحانه وتعالى أعلم، ومن خطه نقلت.
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين) إلى الولد المكرم عبد الرحمن بن محمد بن مانع
، زاده الله علما، ووهب لنا وله حكما، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(وبعد): فموجب الخط إبلاغ السلام، والخط وصل -أوصلك الله إلى ما تحب-، وسرنا ما ذكرت، أتم الله على الجميع نعمته،
[نكاح المسلم الكتابية]
وما ذكرت من نكاح المسلم الكتابية، فأهل الكتاب هم أهل التوراة والإنجيل، وأما الإنكليز فالظاهر أنهم نصارى، فإن كانوا ينتسبون إلى عيسى وأتباع الإنجيل فهم كذلك.
[من مات في زمان الفترات]
وأما حكم من مات في زمان الفترات ولم تبلغه دعوة رسول، فالله -سبحانه- أعلم بهم. واسم الفترة لا يختص بأمة دون أمة، كما قال الإمام أحمد في خطبة على الزنادقة والجهمية: الحمد الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، ويروي هذا اللفظ عن عمر رضي الله عنه.
والكلام في حكم أهل الفترة لسنا مكلفين به، والخلاف في المسألة معروف لما تكلم في الفروع على حكم أطفال المشركين، وكذا من بلغ منهم مجنونا، قال: ويتوجه مثلهما من لم تبلغه الدعوة، وقاله شيخنا.
وفي الفنون عن أصحابنا: لا يعاقب، وذكر عن ابن حامد: يعاقب مطلقا، إلى أن قال القاضي أبو يعلى في قوله -تعالى-:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} 1: في هذا دليل أن معرفة الله لا تجب عقلا، وإنما تجب
1 سورة الإسراء آية: 15.
بالشرع، وهو بعثة الرسل، وأنه لو مات الإنسان قبل ذلك لم يقطع عليه بالنار، انتهى.
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في طبقات المكلفين:
الطبقة الرابعة عشر: قوم لا طاعة لهم ولا معصية، ولا كفر ولا إيمان، قال: وهؤلاء أصناف: منهم من لم تبلغه الدعوة بحال ولا سمع لها بخبر، ومنهم المجنون الذي لا يعقل شيئا، ومنهم الأصم الذي لا يسمع شيئا أبدا، ومنهم أطفال المشركين الذين ماتوا قبل أن يميزوا شيئا؛ فاختلفت الأمة في حكم هذه الطبقة اختلافا كثيرا، وذكر الأقوال، واختار ما اختاره شيخه أنهم يكلفون يوم القيامة.
واحتج بما رواه الإمام أحمد في مسنده عن الأسود بن سريع مرفوعا، قال:"أربعة يمتحنون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في الفترة. أما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وأنا ما أسمع شيئا. وأما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام والصبيان يرمونني بالبعر. وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل. وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني من رسول. فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار، فوالذي نفسي بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما" ثم رواه من حديث أبي هريرة بمثله، وزاد في آخره:"ومن لم يدخلها رد إليها" انتهى.
وذكر ابن كثير عند تفسير قوله -تعالى-: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} 1، قال: وهنا مسألة اختلف الأئمة فيها، وهي مسألة الولدان الذين ماتوا وهم صغار، وآباؤهم كفار، وكذا المجنون، والأصم، والخرِف، ومن مات في الفترة. وقد روي في شأنهم أحاديث، أنا ذاكرها بعون الله وتوفيقه.
1 سورة الإسراء آية: 15.
ثم ذكر في المسألة عشرة أحاديث، افتتحها بالحديث الذي ذكرناه، ثم أشار إلى الخلاف، ثم قال: ومن العلماء من ذهب إلى أنهم يمتحنون يوم القيامة: فمن أطاع دخل الجنة، وانكشف علم الله فيه، ومن عصى دخل النار، وانكشف علم الله فيه، وهذا القول يجمع بين الأدلة، وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض. وهذا قول حكاه الأشعري عن أهل السنة، ثم ردَّ قول من عارض ذلك بأن الآخرة ليست بدار تكليف
…
إلى أن قال: ولما كان الكلام في هذه المسألة يحتاج إلى دلائل صحيحة، وقد يتكلم فيها من لا علم عنده، ذكر جماعة من العلماء الكلام فيها، روي ذلك عن ابن عباس، وابن الحنفية، والقاسم بن محمد، وغيرهم، قال: وليعلم أن الخلاف في الولدان مخصوص بأولاد المشركين.
فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء؛ حكاه القاضي أبو يعلى الحنبلي عن الإمام أحمد أنه قال: لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة.
فأما ما ذكره ابن عبد البر: أنهم توقفوا في ذلك، وأن الولدان كلهم تحت المشيئة، وهو يشبه ما رسم مالك في موطّئِه في أبواب القدر، فهذا غريب جدا، وذكر القرطبي في التذكرة نحوه.
[إخبار الإمام للمأمومين بنيته الجمع بين الصلاتين]
وما ذكرت من قول الإمام إذا نوى الجمع بين الصلاتين، فأرجو أنه لا بأس به أن يعلمهم أنه ناوٍ الجمعَ لأن المشهور في المذهب وفاقا لمالك والشافعي اشتراط نية الجمع. ولم أسمع في ذلك شيئا عن الصحابة، كما هو حجة من لم يشترط النية للجمع، وهو اختيار الشيخ تقي الدين؛ لكن الخروج