الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين) إلى الولدين المكرمين محمد آل عبد الله، ومحمد آل عمر آل سليم
، زادهما الله علما وفهما، ووهب لنا ولهما حكما
…
[اتباع اليهود والنصارى فيما أحدثوا]
إلى أن قال: وكذلك الأبيات التي نقلتم، كتبنا عليها ما اتسع له المحل، وبطلانُ ما تضمنته ظاهرٌ، ولله الحمد ما يخفى إلا على من أعمى الله بصيرته، ولكن إذا تحققتم بقول الصادق المصدوق:"إن هذه الأمة تتبع اليهود والنصارى فيما أحدثوا حذو القذة بالقذة" مع قوله صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ"1.
فإذا صدَّق الإنسان بذلك، لم يستنكر ما حدث من الشرك، والبدع، وظهور المنكرات، وتضييع شرائع الإسلام، وتعطيل حدود الله، فإذا عرف الإنسان ذلك، وعلم أنه لم يُضِلّ اليهودَ والنصارى إلا علماؤهم، علم أن سبب ضلال هذه الأمة علماؤهم، كما في الحديث المشهور:"علماؤهم شر من تحت أديم السماء، منهم خرجت الفتنة وفيهم تعود".
وقول القائل: لو أن هذا ما يجوز ما خفي على فلان وفلتان، فهذه شبهة باطلة. وقد روى ابن وضَّاح عن عمر رضي الله عنه قال:"أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه فقال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} 2، فقلت: أجل إنا لله وإنا إليه راجعون، فما ذلك يا رسول الله؟ قال: أتاني جبريل فقال: إن أمتك مُفْتَتَنَة بعد قليل من الدهر غير كثير، قلت: ففيه كفر، أم فتنة ضلالة؟ قال: كلٌّ سيكون. قلت: وأين يأتيهم ذلك وأنا تارك فيهم كتاب الله؟ قال: بكتاب الله يضلون" أي يتأولونه على غير تأويله، وزاد "من قِبَل قُرَّائهم وأمرائهم".
قال محمد بن وضَّاح: الخير بعد الأنبياء ينقص،
1 مسلم: الإيمان (145)، وابن ماجه: الفتن (3986) ، وأحمد (2/ 389).
2 سورة البقرة آية: 156.
والشر يزداد، وقال: إنما هلك بنو إسرائيل على يد قرائهم وفقهائهم، وستهلك هذه الأمة على أيدي قرائهم وفقهائهم، قال ابن المبارك:"وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ وأحبار سوء ورهبانها".
وقد أخبر الله -سبحانه- عن اليهود أنهم يحرِّفون الكلم عن مواضعه، أي: يتأولون كتاب الله على غير ما أراد الله، وقال:{وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 1.
وأخبر عنهم أنهم {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} 2. ولا بد أن يوجد في هذه الأمة من يتابعهم على ما ذَمَّهم الله به. والإنسان إذا عرف الحق من ضده، لم يبال بمخالفة من خالف كائنًا من كان، ولا يكبر في صدره مخالفة عالم، ولا عابد؛ لأن هذا أمر لا بد منه، وما أخوفني على من عاش أن يرى أمورا عظيمة لا منكر لها، والله المستعان.
[وقوع الشرك من كثير من المتأخرين]
والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم صدرت من كثير من المتأخرين ممن يُشَار إليه بالعلم. وقد صنَّف رجلٌ يقال له: ابن البكري كتابا في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجلد، بيَّن فيه بطلان ما ذهب إليه، وبيَّن أنه من الشرك.
قال الشيخ رحمه الله*: وقد طاف هذا -يعني: ابن البكري- على علماء مصر فلم يوافقه منهم أحد، وطاف عليهم بجوابي الذي كتبته، وطلب منهم معارضته، فلم يعارضه أحد منهم، مع أن عند بعضهم من التعصب ما لا يخفى، ومع أن قوما كان لهم غرض وجهل بالشرع قاموا في ذلك قياما عظيما، واستعانوا بمن له غرض من ذي سلطان، مع فرط عصبيتهم، وكثرة جمعهم، وقوة سلطانهم، ومكايدة شيطانهم.
قال -رحمه الله تعالى-**: والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد
1 سورة البقرة آية: 75.
2 سورة النساء آية: 51.
* "الرد على البكري" 2/ 486. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
** "الرد على البكري" 2/ 479. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]
موته موجودة في كلام بعض الناس، مثل: يحيى الصرصري، ومحمد بن النعمان، وهؤلاء لهم صلاح، لكن ليسوا من أهل العلم، بل جَرَوْا على عادة كعادة من يستغيث بشيخه في الشدائد، ويدعوه. انتهى.
والمقصود أن نوع الشرك من الاستغاثة بالنبي وغيره جرى في زمان الشيخ، والشر يزيد، لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، والله المستعان، وفي هذه الأزمنة يقال: العجب لمن نجى، كيف نجى؟! ليس العجب لمن هلك، كيف هلك؟!
وقول من يقول: استعملها من هو أعلم منا، وأعرف بكلام العرب، فبئس الحجة الواهية، والله -سبحانه- لم يأمرنا باتباع من رأيناه أعلم منا، وإنما أوجب علينا عند التنازع الرد إلى كتابه، وسنة نبيه، قال -تعالى-:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} 1 خاصة في أصول الدين؛ بأنه لا يجوز التقليد فيها بإجماع العلماء؛ ولأن أدلته -ولله الحمد- ظاهرة، ولم يقل الله -سبحانه-: إذا تنازعتم فاتبعوا ما عليه أكثر الناس، ولا ما عليه بلد من البلدان.
وأكثر الناس اليوم -خصوصا طلبة العلم- خفي عليهم الشرك، وشيخ الرجل المذكور يُجَوِّز الاستغاثة بالأموات فكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! كلامه صريح ما يحتمل تأويلا، كقوله:
…
...
…
...
…
...
…
...
…
... منقذي من عذاب الله والألم
نسأل الله السلامة، وابن عجلان أقل الأحوال: هجره.
وأما النصيحة فلا تفيد في مثله، وأمره هذا، إن وصل الشيخ عبد الرحمن بن حسن أو فيصلا أو ابن سعود الأدنى فأخاف على نفسه، ولو له عقل ما أظهر مثل هذا الأمر الذي يجر عليه شَرًّا، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
1 سورة النساء آية: 59.