الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنك، وثبتك بالقول الثابت. أخبرنا، وأيش نصنع بما فضل عقب الحجة؟ والسلام. أجابه الشيخ بما قدمنا أعلاه، والله أعلم.
[حكم مال المسلم إذا استولى عليه الكفار]
قال شيخنا عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى-: ما قولكم -دام فضلكم- في رجل مسلم، له ثمرة نخل أخذها جيرانه بدعوى أنهم اشْتَرَوْهَا من رجل آخر، اشتراها من إبراهيم باشا، وأقام صاحب الثمرة بينة أن هذا الرجل الذي باعها على جيرانه أنه استوهبها من الباشا، فوهبها له، والبينة تشهد بإقرار البائع لها، وكذلك تشهد البينة على إقرار المشترين الذين باشروا أخذها من رؤوس النخل، فما حكم ذلك؟ هل يرجع صاحب الثمرة على من أخذها وحدها؟ وهل تقبل بينتهم على الشراء من الباشا، مع بينة الإقرار بالهبة أم لا؟ حَقِّقُوا لنا الجواب، أثابكم الله تعالى.
فأجاب شيخنا عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين)، آتاه الله الأجر مرتين، وكبت شانئه في الدارين- الحمد لله رب العالمين.
لا بد من الكلام على أصل المسألة، وهو: ما حكم مال المسلم إذا استولى عليه الكفار، هل يملكونه بذلك، أم لا؟ وفي المسألة قولان مشهوران للعلماء، هما روايتان عن الإمام أحمد، حكاهما أكثر الأصحاب:
(أحدهما): لا يملكونه بذلك، اختارها جماعة من الأصحاب، وهذا مذهب الشافعي. والرواية الأخرى: يملكونه، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وعلى هذا فهل يملكونه بمجرد الاستيلاء، أو بالحيازة إلى دارهم؟
(الثاني) قول أبي حنيفة، قال في "القواعد الفقهية": وهو المنصوص عن أحمد، قال في الفروع: نص عليه فيما بلغ به قبرس يُرَدُّ إلى أصحابه، ليس غنيمة، ولا يُؤْكل؛ لأنهم لم يحوزه إلى بلادهم، ولا إلى أرض هم أغلب عليها؛ ولهذا قيل له: أصبنا في قبرس من متاع
المسلمين، قال: يُعَرَّفُ.
وقال أبو العباس -رحمه الله تعالى-: لم ينص أحمد على الملك، ولا على عدمه، وإنما نص على أحكام أخذ منها ذلك، قال: والصواب أنهم يملكونها ملكا مقيدا، لا يساوي أملاك المسلمين من كل وجه. انتهى.
ولهذا إذا وجدها صاحبها قبل القسمة أخذها مجانا. ومن فوائد الخلاف في المسألة أن من أثبت الملك للكفار في أموال المسلمين، أباح للمسلمين إذا ظهروا عليها، قسمتها والتصرف فيها ما لم يعلموا صاحبها.
وأن الكافر إذا أسلم، وهي في يده، فهو أحق بها. ومن لم يُثْبت الملك لم يُجَوِّز قسمتها، وتوقف إذا جهل ربها. ولربه أخذه بغير شيء حيث وجده، ولو بعد القسمة، أو الشراء منهم، أو إسلام آخذه وهو معه، فيأخذه من مشتريه مجانا. فعلى القول بعدم الملك، ومقتضى اختيار أبي العباس أن الثمرة المذكورة باقية على ملك صاحبها، يرجع مجانا على من هي بيده. ومقتضى هذا القول -أيضا- أن صاحبها يُضَمِّنها مَن انتفع بها، إذا كانت تالفة.
وعلى القول الثاني يأخذها صاحبها ممن هي في يده مجانا، إن كان متهبا، وإن كان مشتريا أعطاه الثمن الذي اشتراها به. وإذا اختلفا في كونه مشتريا، أو متهبا، وأقام من هي في يده بينة أنه مشتر، وأقام صاحب الثمرة بينة أنه أقر أنه متهب، فالظاهر تعارض البينتين، ويصيران كمن لا بينة لهما، ويكون القول قول صاحب الثمرة بيمينه: أن من هي في يده متهب لأنه غارم، كالمذهب فيمن اشترى أسيرا مسلما من الكفار ببينة الرجوع، وتنازعا في قدر ما دفع فيه، أن القول قول الأسير لأنه منكر للزيادة، ولأنه غارم. وكلامهم هذا، واختلافهم -إنما هو في الكفار الأصليين.
وأما المرتدون، فكلامهم رحمهم الله صريح في أن حكمهم ليس كذلك، وأنهم لا يملكون ما استولَوْا عليه من أموال المسلمين، لأنهم صرحوا