الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لفطور، وسحور، ونحوه، فلا بأس بجعله عصاه في مكان فاضل. وإن كان يحط عصاه في مكان، ويخرج لأشغاله لنحو: بيع وشراء أو كد ونحوه، فلا ينبغي لمثل هذا يحط عصاه في مكان يحميه عن غيره.
وأما الذي ما يخرج إلا لنحو أكل وشرب أو وضوء، فلا بأس بجعله عصاه في مكان فاضل؛ ليجوز فضيلة الصف الأول، أو وسط الصف، وكذلك الجمعة، وغيرها.
وأما من دخل المسجد، ووجد فيه عصى يضعونها أهلها، ويخرجون لغُرضانهم - فلا بأس بتوخيرها، والمجيء في موضعها، فإن حاذرت من شيء يصير في نفس أخ لك، إذا أخرت عصاه، وجلست في مكانه، فالذي أُحِبُّ تركها، والجلوس في مكان آخر. ولا تنسنا -يا أخي- من دعائك في هذا الشهر المبارك، وفي الحديث الصحيح:"إن الإنسان إذا دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك: ولك بمثل ذلك"1.
ومن حال خروج المعتكف لغسل الجمعة، فلا يخرج له، ولا لغيره من السنن إلا أن يشترط ذلك في أول اعتكافه، فيجوز له الخروج، ويصح شرطه.
وأما السحور: وهو مسنون، وإن قل، كما في الحديث "ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء"2. والسلام، انتهى.
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين) إلى جناب الأخ المكرم الشيخ عثمان بن علي بن عيسى
، سلمه الله تعالى.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وموجب الخط إبلاغ السلام،
[كتاب الحاكم إلى الولاة برؤية الهلال والعمل به]
وما
1 مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2732)، وأبو داود: الصلاة (1534)، وابن ماجه: المناسك (2895) ، وأحمد (5/ 195،6/ 452).
2 أحمد (3/ 12).
ذكرت من حال كتاب الحاكم برؤية الهلال، فالذي يظهر لي العمل به، والاعتماد عليه في ذلك، لأن الفقهاء ذكروا أنه إذا رُئِىَ هلال رمضان بمكان لزم جميع الناس الصوم؛ وإنما يثبت ذلك غالبا في حق غير أهل موضع الرؤية بأخبار الثقات فرعا عن أصل، وخطوط القضاة، بل أهل موضع الرؤية، ليسوا كلهم يأتون إلى الشاهد برؤية الهلال ليسمعوا شهادته، بل يعتمدون على أخبار بعضهم بعضا عن الشاهد، كشهادة الفرع على الأصل. فإذا تقرر قبول خبر الفرع، أو شهادته في ذلك، فكذا كتاب القاضي؛ لأن الفقهاء ذكروا أنه لا تقبل الشهادة على الشهادة إلا فيما يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي، وأن كتاب القاضي حكمه كالشهادة على الشهادة. وكلامه في الكافي صريح في قبول الشهادة على الشهادة في ذلك، لما ذكر وجهين في قبول قول المرأة في هلال رمضان.
قال في تعليل الوجه الثاني: ولهذا لا يقبل فيه شهادة الفرع مع إمكان شاهد الأصل، فدل كلامه على قبول شهادة الفرع مع الإمكان، ونظره صاحب الفروع بقوله: كذا قال، والذي يظهر لي أن تنظيره إنما هو لاعتباره لقبول شهادة الفرع عدم إمكان شاهد الأصل، كما قدمنا أن المسلمين يعتمدون على ذلك مع الإمكان وعدمه. ولعلك وقفت على قول شارح الإقناع عند قول الماتن في حكم كتاب القاضي: لا يقبل في حد لله -تعالى- كزنى، ونحوه، قال الشارح: وكالعبادات؛ ووجه ذلك لأنه لا مدخل لحكمه في عبادة، فكذا كتابه.
قال الشيخ تقي الدين: أمور الدين والعبادات المشتركة لا يحكم فيها إلا الله ورسوله إجماعا، قال في الفروع عقبه: فدل أن إثبات سبب الحكم كرؤية الهلال، والزوال ليس بحكم
…
إلخ، فدل ذلك أن كتاب
القاضي بإثبات رؤية الهلال ليس حكما في عبادة، ولا إثباتا لها، وإنما هو لإثبات سببها، فلا ينافي كونه لا يقبل في عبادة، وكونه لا يحكم فيها. وقد صرحوا بأنه لا مدخل لحكمه في عبادة ووقت، وإنما هو فتوى، فدل كلامهم على أن إثباته لرؤية الهلال -مثلا- فتوى، والفتوى يعمل فيها بالخط، وإن كان كتابه: شهد عندي فلان وفلان -مثلا- برؤية الهلال، ففرع على أصل، لا فتوى. والله -سبحانه- أعلم.
ومن طرف هلال رمضان شهد على رؤيته رجلان من أهل الرَّسِّ، شهدا برؤيته ليلة الجمعة، وجماعتهم يزكونهم، ونحن نعمل بشهادتهما عند ظهوره، إن شاء الله -تعالى- أحببنا إخباركم.
[استدخلت ذكر زوجها وهما محرمان]
وما ذكرت من حال المرأة التي استدخلت ذكر زوجها، وهما محرمان، مرادكم وهو نائم، هل يجب عليه كفارة أم لا؟ وهل تحملها عنه الزوجة كالنفقة أم لا؟ فالظاهر وجوب الفدية عليه، لأن هذا نوع إكراه، والمكره تجب عليه الفدية على الصحيح من المذهب، قال في الإنصاف في باب ما يفسد الصوم، ويوجب الكفارة: عند قول المصنف: وإذا جامع في نهار رمضان
…
إلخ شمل كلام المصنف المكره، وهو الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وسواء أُكره حتى فعله، أو فعل به من نائم، وغيره، إلى أن قال: وحيث فسد الصوم بالإكراه؛ فهو في الكفارة، كالناسي على الصحيح من المذهب، وقيل: يرجع بالكفارة على من أَكرهه، قلت: وهو الصواب، انتهى.
فتبين بذلك أن المذهب وجوب الكفارة على من استدخلت زوجته ذكره، وهو نائم، وأنها لا تتحملها عنه على الصحيح من المذهب، كما تتحمل نفقة القضاء، والله أعلم.