الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الخلاف لا بأس به، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وسلم لنا على الوالد والإخوان، ومن لدينا العيال والطلبة يسلمون، فأنت سالم، والسلام.
ومن خطه نقلت.
[بيع الفضة بالفضة]
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن (أبا بطين) عما إذا كان لرجل على آخر ريالات، وأراد أن يعطيه عنها نوعا آخر من الفضة، مثل هذه التي يسمونها المجيديات، أو غيرها
.
(فأجاب): هذا حرام بلا شك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة اشترط المماثلة في بيع الفضة بالفضة، كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد مرفوعا:"لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض"1.
والأحاديث في هذا كثيرة، ولم يستثن صورة من ذلك، كما استثني العرايا من المزابنة بشروطها، فمن الذي يجترئ على تخصيص هذه العمومات بالرأي؟ والنبي صلى الله عليه وسلم سمى مبادلة الذهب بالذهب، والفضة بالفضة بيعا، ولا فرق بين كون العوضين عينين، أو أحدهما في الذمة لوجود المبادلة فيها، التي عرَّف بها الفقهاء البيع، فقالوا في حده: هو مبادلة مال بمال، وقالوا: بيع الدين المستقر لمن هو في ذمته، فسموا المبادلة بما في الذمة بيعا، والفقهاء يسمون الاعتياض عما ما في الذمة من أحد النقدين بجنسه صرفا.
كما قالوا فيما إذا انفسخ عقد السلم: إنه يرد رأس ماله، إن كان موجودا، أو يرد عوضه إن لم يوجد، فإن كان رأس مال السلم نقدا، وأخذ عينه نقدا من
1 البخاري: البيوع (2177)، ومسلم: المساقاة (1584) ، وأحمد (3/ 61)، ومالك: البيوع (1324).
جنسه فصرف له حكمه، وقالوا فيما إذا اقترض دراهم مكسرة، وحرمها السلطان، ورد المقترض فضة فصرف، نعتبر له شروطه.
وقال في الشرح الكبير في مسألة اقتضاء أحد النقدين من الآخر: إنه يشترط لجواز ذلك أن يكون بالسعر، وأنه قول الجمهور خلافا لأصحاب الرأي، واستدل لقول الجمهور بحديث ابن عمر، وعلله بأن هذا جرى مجرى القضاء، فتقيد بالمثل، كالقضاء من الجنس قال: والتماثل هنا بالقيمة لتعذر التماثل بالصورة، انتهى.
فكلامه صريح في أنه إذا كان القضاء من الجنس فلا بد من التماثل بالصورة، وجعل ذلك أصلا لمسألة الخلاف، فدل أنه لا بد من التماثل في الصورة، إذا كان القضاء من الجنس بلا خلاف، وهذا أمر ظاهر.
وقد علمتم كلام الفقهاء: إن من اشترى طعاما بكيل لا يصح قبضه جزافا؛ لحديث: "إذا سميت الكيل فكل"1 وغير ذلك، وليس في حديث جابر ما يستدل به للجواز، وقد استدل به ابن عبد البر، وجماعة على جواز أخذ الثمر على الشجر عن ما في الذمة، إذا علم أنه دون حقه إرفاقا بالمدين، وإحسانا إليه.
وهذا يشبه مسألة ذكرها الفقهاء في الصلح فيما: إذا أقر إنسان لآخر بدين في ذمته، فصالحه بجنسها، قل أو كثر على سبيل المعاوضة لم يجز. وإن صالحه بأقل على سبيل الإبراء والهبة، لا بلفظ الصلح فهو جائز. وقولهم: إن الناس لا مفك لهم عن ذلك فهذه حجة فاسدة، وللناس عن ذلك مندوحة، بأن يشتري بالمجيديات أو القطع، ولا يسمي الريالات.
لكن الشيطان يضيق طرق الحلال، ويفسح طرق الحرام، نسأل الله لنا ولكم الهدى والسداد، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
1 ابن ماجه: التجارات (2230).