الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنتقل بالقارئ الكريم العزيز إلى مرحلة ثالثة وهي البشارات التي وردت عن الرسول في الإنجيل.
ثالثا - نبوءات من الإنجيل:
يقول سيدنا عيسى عليه السلام للحواريين: "إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون الآن أن تحتملوا، وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتيه".
ولعلك أيها القارئ العزيز تستطيع أن تجمع بين قول عيسى في هذه الآية، وقول موسى في الآية التي وردت آنفاً بصفحة 38:"وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به". فتجد الأضواء تسلط على نبي سيأتي من هذا النبي؟ لم يكن موسى، ولم يكن عيسى، فمن هذا النبي الكريم؟ إن الأضواء تتجمع في بؤرة واحدة لتكشف عن شخصية هذا النبي.
ولعل سيدنا عيسى عليه السلام يزيد وضوحاً في تعريفه لهذا النبي، فيخبرنا عنه أنه "روح الحق" ولسيدنا محمد أسماء منها، "روح الحق" ويحدثنا الله عن الرسول الكريم فيقول:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}
وهذا يتفق مع قول الرسولين الكبيرين: موسى وعيسى عليهما السلام. "لأنه لا يتكلم عن نفسه، بل ما يسمع يتكلم به"، "وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به".
المسيح عليه السلام صوت يتنبأ بمقدم الرسول الكريم:
لقد جهد المسيح عليه لاسلام من الكهنة والكتبة والفريسيين والصدوقين، وندد بهم بقوله:"ليس كل من يقول" "يارب. يارب، يدخل ملكوت السموات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات. كثيرون يقولون لي في ذلك اليوم: يارب يارب،
أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة، فحينئذ أصرح لهم أني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم".
وأسى للشعب فقال عنهم: "يقترب إلى هذا الشعب بفمه، ويكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً، وباطلاً يعبدونيي وهم يعلمون تعاليم هي وصايا الناس".
وفي هذا القول ترديد لما قاله نبي العهد القديم أشعياء وهو في أرض السبى في بابل سنة 701 ق. م: "فقال السيد: إن هذا الشعب قد اقترب إلى بفمه، وأكرمني بشفتيه وأما قلبه فأبعده عني بعيداً وصارت مخافتهم مني وصية الناس معلمة. لذلك ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب، فتصير أعمالهم الظلمة ويقولون: من يبصرنا؟ ومن يعرفنا؟ لتحريفكم! هل يحسب الجليل كالطين حتى يقول المصنوع عن صانعه لم يصنعني أو تقول الجبلة عن جابلها: لم يفهم؟ "
فيقرر سيدنا عيسى عليه السلام قرار الرب بانتزاع النبوة والكتاب من ذرية إسحق إلى ذرية من؟
قال لهم يسوع: "أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية. من قبل الرب كان هذا وهو في أعيننا. لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم، ويعطي لأمة تعمل أثماره".
ولتفسير هذا القرار الخطير نستند إلى قوله تعالى في القرآن الكريم لعلنا نهتدي إلى شخصية الرسول الكريم الذي يتحدث عنه المسيح عيسى بن مريم عليه السلام:
1 -
الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية:
قال الرسول الكريم: "مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بنياتاً، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة في زواية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبهم البناء فيقولون: ألا وضعت هنا لبنة فيتم البناء؟ قال صلى الله عليه وسلم: فأنا اللبنة، جئت فختمت الأنبياء" صدق رسول الله الذي يؤيده القدير بقوله:
ولقد سبق أن وضحت من هو النبي الذي رفضه بنو قومه: إنه جد الرسول عليه السلام، إنه سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وذلك بإقرار أهل الكتاب وتفاخرهم عليه بقولهم:"إذن لسنا أولاد جارية، بل أولاد حرة".
2 -
إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمة تعمل أثماره:
قال الله تعالى:
ولعلك أيها القارئ العزيز استطعت أن تدرك المقصود بالحجر: إنه مجاز عن الرسول الكريم، كما أن فاران مجاز عن الأرض التي سكنها جد الرسول سيدنا إسماعيل عليه السلام.
ومن هنا نستطيع أن ندرك النبوءة العظمى التي تنبأ بها ملك وثني، وعبر عنها نبي من بني إسرائيل هو سيدنا دانيال نبي الله في العبارة: "كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين، فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف، فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس، والفضة والذهب معاً، وصارت كعصافة البيدر في الصيف، فحملتها اليح، فلم يوجد مكان
…
أما الحجر الذي ضرب التمثال - فصار جبلاً كبيراً، وملأ الأرض كلها".
هذه هي الحقيقة التاريخية التي وردت في الأنبياء في سفر دانيال، تؤيدها الحقيقة التاريخية إبان بزوغ الإسلام وتقويضه لإمبراطورية الرومان بالغرب وفارس في الشرق، وامتداد الإسلام شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً.
وفي هذه الحقبة من الزمن يتنبأ نبي آخر عن الجزيرة العربية وعن البلد الأمين، وعن مناسك الحج، فيتحدث عن بزوغ نور الإسلام بقوله:"ها هي الظلمة تغطي الأرض، والظلام الدامس الأمم، أما عليك فيشرق الرب، ومجده عليك يرى فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك"
وهذه حقيقة تاريخية يثبتها التاريخ: فبينما العالم الشرقي والعالم الغربي بفلسفاتهما العقيمة يعيشان في دياجير ظلام الفكر، وفساد العبادة - بزغ من مكة المكرمة - في شخص سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نور وضياء، أضاء على العالم فهداه إلى الإسلام.
ويتحدث عن إقبال الأمم لمكة ولبيت الله الحرام، يسوقون الهدى للذبح هلى جبل عرفات بقوله: "تغطيك كثرة الجمال مديان
…
تبشر بتسابيح الرب، كل غنم قيدار تجتمع إليك، كباش نبايوت تصعد مقبولة على مذبحى، وأزين بيت جمالي".
ويرتبط هذا النبي بإعجاز أبد الدهر بما يخبرنا به المسيح في قوله عنه: "ويخبركم بأمور آتيه" هذا الإعجاز هو القرآن الكريم معجزة الرسول الباقية ما بقى الزمان.
فالقرآن الكريم يسبق العلم الحديث في كل مناحيه: من طب وفلك وجغرافيا، وجيولوجيا، وقانون، واجتماع، وتاريخ
…
ففي أيامنا هذه استطاع العلم أن يرى ما سبق إليه القرآن بالبيان والتعريف: أي يرى الخيط الأبيض من الخيط الأسود، إذ قال تيتوف في أثناء رحلته في الفضاء حول الكرة الأرضية: أنه ذهل لهذا المنظر عند بزوغ الخيوط الأولى من النور لتنقشع على أثرها الخيوط للظلام، وفي رحلته استطاع أن يرى كروية الأرض، وقد سبق القرآن الكريم فوضح الأمر بقوله:
{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}
ويتحدث جاجارين عن رحلته في الفضاء إلى القمر ومشاهداته للأفلاك، بما قد سبق القرآن الكريم فأخبر به في قوله تعالى:
وقوله تعالى:
وقوله تعالى:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
…
{وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}
وأعتقد يقيناً أنني لو كنت إنساناً وجودياً (من أنصار الفليسوف سارتر) لا يؤم برسالة من الرسالات السماوية، وجاءني نفر من الناس وحدثني بما سبق به القرآن العلم الحديث - في كل مناحيه - لآمنت برب العزة والجبروت خالق السموات والأرض، ولم أشرك به أحداً. فكيف بي وقد أضاء الله قلبي بنور من الإيمان بتلكم الرسالات السماوية، فما أن أشرقت شمس الإسلام حتى تمت الاستنارة المطلقة والإيمان الكامل: