الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف الأحبار والكهنة من المسيح:
لقد قاوم الأحبار والكهنة المسيح على اختلاف فرقهم، عدا فرقة الأسنيين، فقد هالهم أن يختلط بموظفي الإمبراطورية الرومانية المبغضين، وبالنساء ذوات السمعة السيئة:"وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه، ليسمعوه، فتذمر الفريسيون والكتبة قائلين: هذا يقبل خطاة ويأكل معهم".
ولهذا كان كهنة الهيكل وأعضاء السنهدرين يرقبون نشاطه بعين الريبة، ويرون في هذا النشاط ما كان يراه هيرودس الملك في نشاط يوحنا المعمدان، وظنوا أنه ستار يخفي تحته ثورة سياسية ضد الإمبراطورية الرومانية، وكانوا في حرصهم على مراكزهم الاجتماعية والدينية يخسون أن يتهمهم الحاكم الروماني بأنهم يتحللون مما هو مفروض عليهم من تبعات، ليحافظوا على النظام الاجتماعي والسياسي، "وأرسلزا جواسيس يتراءون أنهم أبرار لكي يمسكوه بكلمة حتى يسلموه إلى حكم الوالي وسلطانه".
ومما زاد في ارتباهم في قوله: "أما تنظرون جميه هذه. الحق أقول لكم: إنه لا يترك حجر على حجر لا ينقض". على أن المسيح كان يقصد بقوله هذا انبثاق الإنسان إلى نور الإيمان الكامل وصدق الاستمساك بروح الشريعة عن يقين، لا بطقوسها.
موقف علماء القرن العشرين من المسيح:
كتب هرمان ريماس Herman Reimarus أستاذ اللغات الشرقية في جامعة كامبردج مخطوطات عن حياة المسيح تشتمل على 1400 صفحة حرص على ألا ينشرها في حياته، وتوفى سنة 1768 م.
وبعد ست سنين من وفاته نشر جتهولد لسنج Gotthold Lessing أجزاء من هذا المخطوط مع معارضة أصدقائه في هذا النشر، وسماه "هتامات ولفنبتل" Wolfenbuttal Fragments.
ويقول ريمارس Reimarus: إن يسوع المسيح لا يمكن أن يكون مؤسس المسيحية أو أن يفهم هذا الفهم، بل يجب أن يفهم على أنه الشخصية النهائية في جماعة المتصوفة اليهود الأسنيين القائلين بالبعث والحساب، ومعنى هذا أن المسيح لم يفكر في إيجاد دين جديد، بل كان يفكر في تهيئة الناس لاستقبال دمار العالم المرتقب، ويوم الحشر الذي يحاسب فيه الله الأرواح على ما قدمت من خير أو شر.
وفي عام 1796 اشار هردر Herder إلى ما بين مسيح متى ومرقس ولوقا والمسيح في إنجيل يوحنا من فوارق لا يمكن التوفيق بينها.
وفي الفترة 1835 - 1836 قال دافيد ستروس David Strauss إن ما في الأناجيل من خوارق الطبيعة يجب أن يعد من الأساطير الخرافية، وغن حياة المسيح الحقيقية ينبغي أن تعاد كتابتها بعد أن تحذف منه هذه العناصر أياً كانت صورها.
وقد اثارت مجلدات ستروس Strauss الضخمة عاصفة قوية من التفكير الألماني، دامت جيلاً من الزمان.
من هذا يتبين أن المفكرين أخذوا يتساءلون: هل وجد المسيح حقاً؟ أو أن قصة مؤسس المسيحية وثمرة أحزان البشرية وخيالها وآمالها أسطورة من الأساطير شبيهة بخرافات كرشنا وأوزوريس وأتيس، وأدنيس، ودونتيسيس ومتراس؟
وفي عام 1863 أخرج إيرنست رينان Ernest Renan كتابه "حياة يسوع" جمع فيه نتائج النقد الألماني، وعرض مشكلة الأناجيل على العالم المثقف.
وبلغت المدرسة الفرنسية صاحبة البحوث الدينية ذروتها في أواخر القرن التاسع عشر على يد الأب لوارى Lousy، لذى حلل نصوص العهد الجديد تحليلاً بلغ من الصرامة حداً اضطرت معه الكنيسة الكاثوليكية إلى إصدار قرار بحرمانه هو وغيره من العلماء المحدثين.
وفي إنجلترا أدلى و. ب. سميث W. B. Smith وج. م روبرتسن J. M. Robertson بحجج من هذا النوع أنكر فيها وجود المسيح.
ويقول ثالس Thsllus وهو كاتب وثني عاش في القرن الأول: إن الظلمة العجيبة التي يقال إنها حدثت وقت موت المسيح كانت ظاهرة طبيعية ولم تكن أكثر من مصادفة عادية.
هذا ما كان من أمر المسيح نفسه، أما الأناحيل فليس أمرها بنفس النمط الذي سار عليه الباحثون الناقدون، ذلك لأن الأربعة الأناجيل التي وصلت إلينا هي البقية الباقية من عدد أكبر منه كثيراً كانت في وقت ما منتشرة بين المسيحيين في القرنين الأول والثاني. واللفظ الدال على الإنجيل Gospel - ترجمة للفظ اليوناني، euangelion، ومعناه الأخبار السارة، وهي أن المسيح قد جاء ليبشر بأن ملكوت الله قريب المنال.
لقد اختلف اليهود في إدراك ميراث الأرض.
واختلف النصارى في إدراك شخصية المسيح عيسى بن مريم.
وفي هذا الاختلاف تضاربت أقوالهم. وأصبحوا أمام الأمر الواقع مضطرين أن يدافعوا عن هذا التضارب، وأصبحت الأوهام في الدفاع عن ذلك تكبر شيئاً فشيئاً حتى أصبحت عملاقاً يسيطر على تفكيرهم، ويطغى عليهم، وصارت هذه الأوهام حقائق في نظرهم. ومن هنا كان سر متاعبهم، وسر إتعابهم لمن حولهم.