الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صفة خَلقه ومعرفة خُلقه
عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس، عظيم العنق، مشرب العينين من حمرة، هدب الأشفار، كث اللحية، شثن الكفين والقدمين، أزهر اللون، إذا مشى تكفأ كأنما يمشي في صعد، وإذا التفت التفت جميعاً. وعن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فإني لأخطب يوماً على الناس، وحبر من أحبار يهود واقف، في يده سفر ينظر فيه، فناداني فقال: صف لنا أبا القاسم فقال علي: رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالقصير ولا الطويل البائن، وليس بالجعد القطط ولا بالسبط، هو رجل الشعر، أسود، ضخم الرأس، مشرب لونه حمرةً، عظيم الكراديس، شثن الكفين والقدمين، طويل المسربة، وهو الشعر الذي يكون في النحر إلى السرة، هدب الأشفار، مقرون الحاجبين، صلت الجبين، بعيد ما بين المنكبي، إذا مشى يتكفأ كأنما ينزل من صبب، لم أرى قبله مثله، ولم أر بعده مثله. قال علي: ثم سكت، فقال لي الحبر: وماذا؟ قال علي: هذا ما يحضرني. قال الحبر: في عينيه حمرة، حسن اللحية، حسن الفم، تام الأذنين، يقبل جميعاً ويدبر جميعاً. فقال علي: هذه والله صفته، قال
الحبر: وشيء آخر قال علي: ما هو؟ قال الحبر: وفيه جنأ. قال علي: هو الذي قلت لك كأنما ينزل من صبب. قال الحبر: فإني أجد هذه الصفة في سفر آبائي، ونجده يبعث من حرم الله وأمنه وموضع بيته، ثم يهاجر إلى حرم يحرمه هو، وتكون له حرمة الحرم الذي حرم الله، ونجد أنصاره الذين هاجر إليهم قوماً من ولد عمرو بن عامر أهل نخل وأهل الأرض، قبلهم يهود. قال: قال علي: هو هو رسول الله. فقال الحبر: فإني أشهد أنه نبي وأنه رسول الله إلى الناس كافةً، فعلى ذلك أحيا، وعليه أموت، وعليه أبعث إن شاء الله. قال: فكان يأتي علياً فيعلمه القرآن، ويخبره بشرائع الإسلام، ثم خرج عليٌ والحبر هناك حتى مات في خلافة أبي بكر، وهو مؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم مصدق به. وفي حديث آخر: أسود الحدقة: وعن رجل من الأنصار قال: سألت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو محتب بحمالة سيفه في مسجد الكوفة، عن نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض اللون مشرباً حمرة، أدعج العينين، سبط الشعر دقيق المسربة، سهل الخد، كث اللحية، ذا وفرة كأن عنقه إبريق فضة، له شعر يجري من لبته إلى سرته كالقضيب ليس في بطنه ولا في صدره شعر غيره، شثن الكفين والقدم، إذا مشى كأنما ينحدر من صبب، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر، وإذا التفت التفت جميعاً، ليس بالطويل ولا القصير، ولا الفاجر ولا اللئيم، كأن عرقه في وجهه اللؤلؤ، ولريح عرقه أطيب من المسك الأذفر، لم أر مثله قبله ولا بعده.
وفي رواية: كان ليس بالذاهب طولاً، وفوق الربعة، إذا جاء مع القوم غمرهم، أبيض شديد الوضح، ضخم الهامة، أغر أبلج. وفي حديث: ولم يكن بالمطهم ولا المكلثم، وكان في الوجه تدوير.
وفي رواية: جليل المشاش والكتد. وفي حديث: بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم بذمة، وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، من رآه بداهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله. وفي حديث: كان أزهر ليس بالأبيض الأبهق. وفي حديث: في عينيه شكلةٌ. وفي حديث آخر: كان شبح الذراعين. وعن زياد مولى سعد قال: سألت سعد بي أبي وقاص: هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، ولا هم به. قال: كان شيبه في غنفقته وناصيته، لو شاء أعدها لعددتها. قلت: فما صفته؟ قال: كان رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصير ولا بالأبيض الأبهق ولا بالأدم ولا بالسبط ولا بالقطط، وكانت لحيته حسنة وجبينه صلتاً. مشرب بحمرة، شثن الأصابع، شديد سواد الرأس واللحية.
وعن عبد الله بن مسعود قال: إن أول شيء علمته من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم: قدمت مكة في عمومة لي فأرشدونا إلى العباس بن عبد المطلب فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم، فجلسنا إليه، فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة، له وفرة جعدة إلى أنصاف أذنيه، أقنى الأنف، براق الثنايا، أدعج العينين، كث اللحية، دقيق المسربة، شثن الكفين والقدمين، عليه ثوبان أبيضان، كأنه القمر ليلة البدر يمشي على يمينه غلام أمرد حسن
الوجه مراهق أو محتلم تقفوه امرأة قد سترت محاسنها، حتى قصد نحو الحجر فاستلمه، ثم استلم الغلام، ثم استلمت المرأة، ثم طاف بالبيت سبعاً، والغلام والمرأة يطوفان معه. قلنا: يا أبا الفضل، إن هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم أو شيء حدث؟ قال: هذا ابن أخي محمد بن عبد الله، والغلام علي بن أبي طالب، والمرأة امرأته خديجة، ما على وجه الأرض أحد يعبد الله بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة. وعن أبي هريرة قال: ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحداً أسرع في مشيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الأرض تطوى له، إنا لنجهد أنفسنا، وإنه لغير مكترث. وكان أبو هريرة ينعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: كان شبح الذراعين، بعيد ما بين المنكبين، أهدب أشفار العينين، يقبل جميعاً، ويدبر جميعاً، بأبي وأمي، لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا صخاباً في الأسواق. وعن الزهري قال: سئل أبي هريرة عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسن الصفة وأجملها، كان ربعة إلى الطول ما هو، بعيد ما بين المنكبين، أسيل الخدين، شديد سواد الشعر، أكحل العين، أهدب الأشفار، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها، ليس لها أخمص. إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة، وإذا ضحك كاد يتلألأ في الخدر، لم أر قبله ولا بعده مثله. وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شثن القدمين والكفين، ضخم الساقين، عظيم الساعدين ضخم العضدين ضخم المنكبين، بعيد ما بين المنكبين، رحب الصدر، رجل الرأس، أهدب العينين، حسن الفم، حسن اللحية، تام الأذنين، ربعة من القوم لا طويل ولا قصير أحسن الناس لوناً، يقبل معاً ويدبر معاً، لم أر مثله، ولم أسمع بمثله،
وعنه من حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما صيغ من فضة، رجل الشعر، مفاض البطن. وفي حديث آخر عنه: ما مشى مع أحد إلا طالهومن حديث أنس بعث وهو ابن أربعين، فأقام بمكة عشراً، وبالمدينة عشر، ومات وهو ابن ستين، وفي رواية: ثلاث وستين، وليس في رأسه ولا في لحيته عشرون شعرة بيضاء. وفي حديث أنس: كثير العرق، حسن الوجه. وعن أنس قال: كل ريح طيب قد شممته، فما شممت قط أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل شيء لين قد مسسته، فما مسست شيئاً قط ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل شيء حسن قد رأيت، فما رأيت شيئاً قط أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث آخر: ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فوالله ما قال لي أفٍ قط، ولم يقول لشيء فعلته: لو فعلت كذا، ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا.
وفي حديث عنه أيضاً: إذا مشى كأنه يتوكأ. كان لون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمر. قال: إنما كانت السمرة تعتري وجهه الكريم صلى الله عليه وسلم لكثرة مقابلته للشمس. قال: وفي الحديث الصحيح أنه كان أبيض، وفي حديث آخر: كان أنور المتجرد أي أبيض الجسم.
من حديث آخر عنه: أحسن الناس قواماً، وأحسن الناس وجهاً، واحسن الناس لوناً، وأطيب الناس ريحاً، وألين الناس كفاً. وعن أنس رضي الله عنه قال: أخذت أم سلم بيدي مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقالت: يا رسول الله، هذا غلام كاتب يخدمك، قال: فخدمته تسع سنين، فما قال لشيء صنعت: أسأت ولا بئس ما صنعت. وعنه قال: كان آخر نظرة نظرها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فأشار إليهم أن امكثوا، وألقى السجف، وهلك من آخر يومه، فرأيت وجهه كأنه ورقة مصحف. وفي حديث آخر: الوجه أبيض، كث اللحية، ضخم القامة، أحمر المآقي.
وعن البراء قال: ما رأيت من ذي لمةٍ في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، له شعر يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين ليس بالقصير وليس بالطويل. وقال رجل للبراء: كان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حديداً مثل السيف؟ فقال: لا ولكن كان مثل القمر. وعنه قال: ما رأيت أحسن شعراً، ولا أحسن بشراً في ثوبين أحمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن جابر بن سمرة قال: كان في ساقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حموشة، وكان لا يضحك إلا تبسماً. وكنت إذا
نظرت إليه قلت: أكحل العينين وليس بأكحل. وعن سماك قال: سألت جابر بن سمرة عن صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان أشكل العين، ضليع الفم، منهوس العقب. وفي حديث: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم. قلت: ما أشكل العين؟ قال: طويل شق العين، قلت: ما منهوس العقب؟ قال: قليل لحم العقب. وعن سماك بن حرب أنه سمع جابر بن سمرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته، فإذا ادهن وامتشط لم يتبين وإذا شعث رأسه تبين. وكان كثير شعر الرأس واللحية. وقال رجل: وجهه مثل السيف؟ قال: لا، وجهه كان مثل الشمس والقمر مستديراً. ورأيت عند غضروف كتفه مثل بيضة الحمامة تشبه جسده صلى الله عليه وسلم. وعن جابر بن سمرة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان، وعليه حلة حمراء، فكنت أنظر إليه وإلى القمر فهو كان في عيني أحسن من القمر. وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" هبط علي جبريل فقال: يا محمد، إن الله يقرأ عليك السلام، ويقول لك: حبيبي إني كسوت حسن يوسف من نور الكرسي، وكسوت حسن وجهك من نور عرشي. " وقال رجل من بني عامر بن صعصعة لأبي أمامة الباهلي: صف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض تعلوه حمرة، أدعج العينين، أهدب الأشفار، شثن الأطراف، ذو مسربة، عظيم الهامة، كثير الشعر، كأن
عرقه اللؤلؤ، أعنق الناس، آدم الوجه، لم أرى مثله قبله ولا بعده في الرجال من هو أطول منه، وفي الرجال من هو أقصر منه، إذا مشى تكفأ كأنما يمشي في صعد، وإذا التفت التفت جميعاً، منفتق الخاصرة، لا أخمص له، يطأ على قدمه كلها. عليه سحوليتان، إزاره تحت ركبتيه بأربع أصابع، ورداؤه إذا تعطف به لم يحط به فهو واضعه تحت إبطه، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو أقرب إلى كتفه اليمنى. قال: فقدمت عرفات، قال: فبينا أنا أستقري الرجال إذا أنا بموكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا هو قائم وفي يده سوط طويل، فأخذت بخطام راحلته فاستيقظ فضربني بالسوط ضربة، ونزل العباس فقلت: والذي بعثك بالحق ما جئتك أبغيك سوءاً، قال: آلله؟ فقلت: آلله، فقرع راحلته فبركت، ثم نزل فوضع رداءه بين شعبتي الرحل، ثم أعطاني السوط، وقال: اقتد، قلت: منك، لا والذي بعثك بالحق، ما جئت إلا أسألك أي عمل يدخل الله تعالى به العبد الجنة؟ قال: تقول العدل، وتعطي الفضل. قلت: لا أطيق ذلك.
قال: فأفش السلام، وأطيب الكلام، قلت: ولا هذا أطيق، قال: فهل لك من ذود؟ قلت: نعم، لي ثلاثة ذود، قال: فخذ بعيراً منها، فاسق عليه أهل بيت لا يشربون الماء إلا غباً، قال: فلعلك لا ينضى بعيرك، ولا ينخرق سقاؤك حتى يدخلك الله الجنة. وفي رواية أخرى: فانطلق الرجل وهو يقول: والذي بعثك بالحق لأفعلن. فبلغني أن الرجل فعل ذلك، ثم قتل شهيداً في سبيل الله عز وجل. وعن أبي الطفيل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق على الأرض أحد رآه غيري. قال: قلت: كيف
رأيته؟ قال: رأيته أبيض مليحاً مقصداً إذا مشى كأنه يهوي في صبب. وعن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت أبا جحيفة يقول: رأيت رسول صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن علي يشبهه، قال: وأمر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث عشرة قلوصاً، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن نقبضها، فأبوا أن يعطونا شيئاً، فأتينا أبا بكر رضي الله عنه فأعطاناها. قال إسماعيل: قلت لأبي جحيفة: صفه لي، يريد النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كان أبيض قد شمط. وعن شيخ من بني مالك بن كنانة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز يتخللها يقول: يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا. قال: وأبو جهل يحثي عليه التراب ويقول: يا أيها الناس، لا يغرنكم هذا عن دينكم فإنما يريد لتتركوا آلهتكم، ولتتركوا اللات والعزى. قال: وما يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قلنا: انعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: بين بردين أحمرين، مربوع، كثير اللحم، حسن الوجه، شديد سواد الشعر، أبيض شديد البياض، سابغ الشعر. قال جهضم بن الضحاك: مررنا بالرجيح فرأيت بها شيخاً فقيل لي: هذا العداء بن خالد فقلت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، قلت: صفه لي، فقال: كان حسن السبلة، وكانت العرب وأهل الجاهلية يسمون اللحية السبلة. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت قاعدة أغزل، والنبي صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، فجعل جبينه يعرق، وجعل عرقه يتولد نوراً فبهت، فنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما لك يا عائشة بهت؟ قلت: جعل جبينك يعرق، وجعل عرقك يتولد نوراً. ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره. قال: وما يقول أبو كبير، قالت: قلت: يقول:
ومبرإ من كل غبر حيضةٍ
…
وفساد مرضعةٍ وداءٍ مغيل
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه
…
برقت كبرق العارض المتهلل
فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بين عيني، وقال:" جزاك الله يا عائشة عني خيراً، ما سررت بشيء كسروري منك وفي رواية ما سررت بشيء كسروري بكلامك. " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " استعرت من حفصة بنت رواحة إبرةً، كنت أخيط بها ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت عني الإبرة، فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة بشعاع نور وجهه، فضحكت فقال: يا حميراء لم ضحكت؟ قلت: كان كيت وكيت، فنادى بأعلى صوته، يا عائشة الويل ثم الويل، ثلاثاً، لمن حرم النظر إلى هذا الوجه. ما من مؤمن ولا كافر إلا ويشتهي أن ينظر إلى وجهي. وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت: ما رأيت بطن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم إلا ذكرت القراطيس المثني بعضها على بعض. وعن أبي معبد الخزاعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر رضي الله عنه وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي فمروا بخيمتي أم معبد الخراعية، وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي وتجلس بفناء الخيمة وتطعم وتسقي فسألوها لحماً أو تمراً، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك، وإذا القوم مرملون فقالت: لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر خيمتها. فقال: " ما هذه الشاة يا أم معبد؟ " قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال: " هل بها من لبن " فقالت: هي أجهد من ذلك. فقال: " أتأذنين أن أحلبها؟ " قالت: نعم، بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً فاحلبها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها، وذكر اسم الله وقال: " اللهم بارك لها في شاتها " فتفاجت
ودرت واجترت، فدعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيها ثجاً حتى علته النهال فسقاها فشربت حتى رويت، ثم حلب وسقى أصحابه فشربوا حتى رووا وشرب آخرهم وقال: ساقي القوم آخرهم، فشربوا جميعاً عللاً بعد نهل حتى أراضوا ثم حلب فيها ثانياً عوداً على بدء، فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها فقل ما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً عجافاً هزلاً مخهن قليل لا نقي بهن، فلما رأى اللبن قال: من أين لكم هذا والشاء عارقة؟ قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، قال: والله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب، صفيه لي يا أم معبد. قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة متبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة ولم تزر به صقلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف، وفي صوته صحل، أحور أكحل أزج أقرن، رجل، في عنقه سطع وفي لحيته كثاثة إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، فصل لا نزر ولا هذر، أزهر اللون يعني أجهر الناس وأجمله من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، ربعة لا تشنؤه من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود مشحود، لا عابس ولا مقبح. قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر، ولو كنت وافقته لالتمست أن أصحبه ولأفعلنه إن وجدت إلى ذلك سبيلاً. وأصبح صوتٌ بمكة بين السماء والأرض يسمعونه ولا يدرون من يقوله وهو يقول: من الطويل
جزى الله رب الناس خير جزائه
…
رفيقين حلاً خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به
…
فأفلح من أمسى رفيق محمد
فيال قصي ما زوى الله عنكم
…
به من فعال لا تجارى وسؤدد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
…
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاةٍ حائلٍ فتحلبت
…
له بصريحٍ ضرة الشاة مزبد
فغادره رهناً لديها لحالبٍ
…
لجرتها في مصدرٍ ثم مورد
فأصبح الناس قد فقدوا نبيهم صلى الله عليه وسلم فأخذوا على خيمتي أم معبد لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابه حسان فقال: من الطويل
لقد خاب قومٌ زال عنهم نبيهم
…
وقدس من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فزالت عقولهم
…
وحل على قوم بنورٍ مجدد
وهل يستوي ضلال قومٍ تسفهوا
…
عمىً وهداةٌ يهتدون بمهتد
نبي يرى مالا يرى الناس حوله
…
ويتلو كتاب الله في كل مشهد
وإن قال في قومٍ مقالة غائبٍ
…
فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد
ليهن أبا بكرٍ سعادة جده
…
بصحبته من يسعد الله يسعد
ليهن بني كعبٍ مكان فتاتهم
…
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
قال عبد الملك: بلغني أن أم معبد أسلمت وهاجرت. وعن علي بن الحسين قال: قال الحسن بن علي عليهم السلام: سألت خالي هند بن أبي هالة عن حيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان وصافاً، وأنا أرجو أن يصف لي منه شيئاً أتعلق به، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخماً مفخماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة، رجل الشعرة، إن انفرقت عقيصته فرق وإلا
تجاوز شعره شحمة أذنه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب، سوابغ في غير قرن، بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، أدعج، سهل الخدين، ضليع الفم أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادن متماسك سواء البطن والصدر، فسيح الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، شثن الكفين والقدمين، سابل الأطراف، سبط القصب، خصمان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال تقلعاً، ويخطو تكفياً ويمشي هوناً، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه ويبداً من لقي بالسلام. قلت: صف لي منطقه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلام، فصلاً لا فضول فيه ولا تقصير، دمثاً ليس بالجافي ولا المهين، يعظم النعمة وإن دقت، لايذم منها شيئاً، لم يكن يذم ذواقاً ولا يمدحه. ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها فضرب بإبهامه اليمنى باطن راحته اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام. فكتمتها الحسين بن علي زماناً ثم حدثته بها، فوجدته قد سبقني إليه وسأل أباه عن ترحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخرجه ومجلسه وشكله فلم يدع منه شيئاً.
قال الحسين: سألت أبي عليه السلام عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان دخوله لنفسه مأذوناً له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزَّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزأ لله عز وجل، وجزأً لنفسه، وجزأً لأهله. ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئاً، فكان سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، منهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم، ويشغلهم فيما أصلحهم من مسألته عنهم، ويقول: ليبلغ الشاهد الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة. لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون رواداً عن ذواق، يخرجون أدلة يعني فقهاء قلت: أخبرني عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما يعينهم ويؤلفهم ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق ولا يجاوز إلى غيره، الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.
فسألته عن مجلسه عما كان يصنع فيه؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أباً، وصاروا عنده في الحق متقاربين
يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة، ويرحمون الغريب. فسألته عن سيرته في جلسائه فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يوئس منه.
قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحداً ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم نصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق. ويقول: إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فارفدوه، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه فيقطعه بانتهاء أو قيام. قلت: فكيف كان سكوته؟ قال: كان سكوته صلى الله عليه وسلم على أربع: على الحلم، والحذر، والتقرير، والتفكر. فأما تقريره ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس، وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى. وجمع له الحلم صلى الله عليه وسلم في الصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه. وجمع له في الحذر أربع: أخذه بالحسن ليقتدي به، وتركه للقبيح ليتنهى عنه، واجتهاد الرأي فيما يصلح أمته، والقيام لهم فيما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة. وعن سعيد بن المسيب قال: قال أنس رضي الله عنه: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا يومئذٍ ابن ثماني سنين فذهبت بي أمي إليه فقالت: يا رسول الله، إن رجال الأنصار ونساءهم قد أتحفوك، غيري، وإني لم أجد ما أتحفك به إلا ابني هذا، فتقبله مني يخدمك ما بدا لك. قال: فخدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين لم يضربني مرة قط، ولم يسبني، ولم يعبس في وجهي وفي حديث أنس بن مالك قال: لم
يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سباباً ولا لعاناً ولا فحاشاً كان يقول لأحدنا عند المعاتبة: ما له ترب جبينه. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشر سنين، وشممت العطر كله فلم أشم نكهة أطيب من نكهة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقيه أحد من أصحابه فقام معه قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناولها إياه فلم ينزع يده منه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده منه، وإذا لقي أحداً من أصحابه فتناول أذنه ناولها فلم ينوعها حتى يكون هو الذي ينزعها عنه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وعليه ثوب نجراني غليظ الضفة فأتاه أعرابي من خلفه فأخذ بجانب ردائه حتى أثرت الضفة في صفح عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أعطنا من مال الله عز وجل الذي عندك، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني فتبسم وأمر له. وعن خارجة بن زيد: دخل نفر على زيد بن ثابت رضي الله عنه فقالوا: حدثنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ماذا أحدثكم؟ كنت جاره فكان إذا نزل عليه الوحي أرسل إلي فكتبت له، وكان إذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا. وكل هذا أحدثكم عنه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا نقعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد بالغدوات، فإذا قام إلى بيته لم نزل قياماً حتى يدخل بيته، فقام يوماً، فلما بلغ وسط المسجد أدركه أعرابي فقال: يا محمد، احمل لي بعيري هذين، فإنك لا تحمل من مالك ولا من مال أبيك، وجبذه بردائه حتى أدركه فحمر رقبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا، وأستغفر الله، لا أحمل لك حتى
تقيدني، قالها ثلاث مرات، ثم دعا رجلاً فقال: احمل له على بعيريه: على بعير شعير وعلى بعير تمر. " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب خادماً له ولا امرأة له قط، ولا ضرب بيده شيئاً إلا أن يجاهد في سبيل الله عز وجل، ولا نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن يكون لله، فإن كان لله انتقم، ولا عرض عليه أمران إلا أخذ الذي هو أيسر. حتى يكون إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه. وعنها رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصراً عن ظلامة ظلمها قط إلا أن ينتهك من محارم الله شيء، فإذا انتهك من محارم الله شيء كان أشدهم في ذلك. ما خير بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما. وعن سعد بن هاشم قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: ما كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: قال الله تعالى: " إنك لعلى خلقٍ عظيم " فخلقه القرآن. وفي حديث أبي الرداء قال: سألت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: خلقه القرآن، يرضى الناس لرضاه ويسخط لسخطه. وعن عطية: في قوله تعالى: " وإنك لعلى خلقٍ عظيم " قال: أدب القرآن. وعن عمرة قالت: سألت عائشة رضي الله عنها: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا بنسائه. قالت:
كان كالرجل من رجالكم إلا أنه كان أكرم الناس وأحسن الناس خلقاً، كان ضحاكاً بساماً. وروى الزهري عن بعض آل عمر بن الخطاب رضي الله عنهم: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما كان يوم الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة أرسل إلى صفوان ابن أمية بن خلف وإلى أبي سفيان بن حرب وإلى الحارث بن هشام. قال عمر رضي الله عنه: قد أمكن الله منهم أعرفهم بما صنعوا حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثلي ومثلكم كما قال يوسف لإخوته: " لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ".
قال عمر رضي الله عنه: فانتضحت حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم كراهية أن يكون بدر مني، فقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال. وعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على عجز ناقته ليلاً قالت: فجعلت أنفس فيمسني رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فيقول: " يا هذه يا بني حيي، وجعل يقول: يا صفية، إني أعتذر إليك مما صنعت بقومك إنهم قالوا لي كذا، إنهم قالوا لي كذا ".