المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر من حضر غسله ومن غسله وما كفن فيه وصفة قبره - مختصر تاريخ دمشق - جـ ٢

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌حرف الألف

- ‌ذكر من اسمه أحمد

- ‌أحمد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر قدومه صلى الله عليه وسلم بصرى

- ‌ذكر معرفة أسمائه وأنه خاتم رسل الله

- ‌ذكر معرفة كنيتهونهيه أن يجمع بينها وبين اسمه

- ‌ذكر نسبه والاختلاف فيه

- ‌معرفة أمه وجداته وعمومته ووعماته

- ‌ذكر طهارة مولده وطيب أصله

- ‌ذكر مولده صلى الله عليه وسلمومعرفة من كفله وما كان من أمره قبل أن يوحى إليه

- ‌ما جاء في الكتاب من صفته وبشرت به الأنبياء من بعثته

- ‌إخبار الأحبار والرهبان والكهان بنبوته

- ‌باب صفة خَلقه ومعرفة خُلقه

- ‌باب تطهير قلبه من الغل

- ‌باب عصمة الله بالرسالة عما كان يرتكبه أهل الجهالة

- ‌كيف كان بدء نبوته وبعثه

- ‌ذكر الوقت الذي أوحي فيه إليه ومعرفة أول ما نزل من الوحي

- ‌ذكر ما قاسى رسول الله من التعذيب والتكذيب

- ‌ذكر بعض ما ورد في فضله من القرآن

- ‌ما ورد في اصطفائه على العالمين وانتخابه من المرسلين

- ‌ذكر عروجه إلى السماء واجتماعه بالأنبياء

- ‌باب مختصر من دلائل نبوتهوما طهر من بركته

- ‌ذكر إثبات شفاعته لأهل الكبائر من أمته

- ‌ما ضرب لنفسه من المثل وما ظهر من الإكمال للدين ببعثه

- ‌ذكر إعزازه بالهجرة إلى المدينة

- ‌ذكر حروبه وغزواته وسراياه

- ‌ما ذكر من شجاعته وشدته

- ‌ما روي في فصاحة لسانه ومنطقه وبيانه

- ‌ما عرف من جوده وسخائه وبذله وعطائه

- ‌ما عرف من حسن بشره ووصف من طيب نشره

- ‌ما ذكر من حيائه وظهر من عهده ووفائه

- ‌ما ورد من مزاجه وسعة صدره

- ‌باب جامع في صفة أحواله وأفعاله وأقواله

- ‌ما ورد في شعره وشيبه وخضابه وثيابه

- ‌ذكر تواضعه لربه ورحمته لأمته ورأفته بصحبه

- ‌ذكر تقلله وزهده وتبتله في العبادة

- ‌ذكر بنيه وبناته وأزواجه وسُرَياته

- ‌معرفة عبيده وإمائه وخدمه وكتابه وأمنائه

- ‌أسامة بن زيد بن حارثة

- ‌أسلم ويقال إبراهيم أبو رافع القبطي

- ‌أنسة أبو مسرح

- ‌أيمن بن عبيد بن زيد

- ‌باذام يذكر مع طهمانثوبان بن يجدد أبو عبد الكريم الألهاني

- ‌حنين مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكوان يذكر مع طهمان رافع ويقال أبو رافع

- ‌رباح الأسود

- ‌رويفع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو أسامة زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي

- ‌زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌سفينة أبو عبد الرحمن ويقال أبو البختري

- ‌سلمان أبو عبد الله الفارسي

- ‌شقران الحبشي واسمه صالح بن عدي

- ‌ضميرة بن أبي ضميرة الحميري

- ‌طهمان مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فضالة مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌قفيز مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كركرة مولىً للنبي

- ‌كيسان مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌مابورا القبطي الخصي

- ‌مدعم من مولدي حسمى

- ‌مهران مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ميمون مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌نافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌نُفيع ويقال مسروح أبو بكرة

- ‌واقد ويقال له أبو واقد

- ‌هرمز أبو كيسان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌هشام مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌يسار مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو الحمراء واسمه هلال بن الحارث السلمي

- ‌أبو سلمى راعي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو صفيةّ مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو ضميرة والد ضميرة وزوج أم ضميرة مولى النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو كبشة يقال اسمه سليم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌إماؤه صلى الله عليه وسلم

- ‌بركة وتكنى أم أيمن

- ‌خضرة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رزينة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رضوى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌سلمى وهي أم رافع مولاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌شيرين أخت مارية القبطية

- ‌ميمونة بنت سعد مولاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أم ضميرة زوج أبي ضميرة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أم عياش خادم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌خدمه صلى الله عليه وسلم

- ‌أنس بن مالك أبو حمزة الأنصاري

- ‌الأسلع بن شريك بن عوف الأعرجي

- ‌أسماء بن حارثة الأسلمي أخو هند بن حارثة

- ‌بلال بن رباح المؤذن أبو عبد الله مولى أبي بكر الصديق

- ‌بكير بن شداخ الليثي ويقال بكر

- ‌ذو مخمر ويقال ذو مخيمر الحبشي

- ‌ربيعة بن كعب أبو فراس الأسلمي

- ‌سعد مولى أبي بكر الصديق

- ‌عبد الله بن مسعود أبو عبد الرحمن الهذلي

- ‌مهاجر مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌أبو السمح خادم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌كتابه صلى الله عليه وسلم

- ‌أبان بن سعيد بن العاص الأموي

- ‌أبي بن كعب

- ‌أرقم بن أبي الأرقم المخزومي

- ‌ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري

- ‌حنظلة بن الربيع التميمي الأٌسيدي الكاتب

- ‌خالد بن سعيد بن العاص الأموي

- ‌خالد بن الوليد أبو سليمان المخزومي

- ‌الزبير بن العوام أبو عبد الله الأسدي القرشي

- ‌زيد بن ثابت أبو سعيد الأنصاري الخزرجي

- ‌سجل الكاتب

- ‌سعد بن أبي سرح والمحظوظ عبد الله بن سعد القرشي العامري

- ‌أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان القرشي التيمي

- ‌عبد الله بن أرقم بن أبي الأرقم المخزومي

- ‌عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري

- ‌عبد الله بن زيد بن عبد ربه أبو محمد الأنصاري الخزرجي

- ‌عامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق

- ‌عمر بن الخطاب أبو حفص القرشي العدوي أمير المؤمنين

- ‌عثمان بن عفان بن أبي العاص أبو عمرو الأموي أمير المؤمنين

- ‌علي بن أبي طالب أبو الحسن الهاشمي أمير المؤمنين

- ‌العلاء بن الحضرمي واسم الحضرمي عباد ويقال عبد الله بن عباد

- ‌العلاء بن عقبة

- ‌محمد بن مسلمة الأنصاري

- ‌معاوية بن أبي سفيان أبو عبد الرحمن القرشي الأموي

- ‌المغيرة بن شعبة أبو عيسى الثقفي

- ‌أمناؤه صلى الله عليه وسلم

- ‌عامر بن عبد الله بن الجراح أبو عبيدة القرشي الفهري

- ‌عبد الرحمن بن عوف أبو محمد الزهري

- ‌معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي

- ‌ذكر سلاحه ومركوبه ومعرفة مطعومه ومشروبه

- ‌باب إعلام الله نبيه بتوفيه

- ‌ذكر مرضه وتوفيه وتسمية اليوم الذي قبض فيه

- ‌تاريخ وفاته والخلاف في قدر حياته

- ‌ذكر من حضر غسله ومن غسله وما كفن فيه وصفة قبره

- ‌ذكر موضع قبره واختلافهم في أمره

- ‌باب من زار قبره بعد وفاته كمن زار حضرته قبل وفاته

- ‌ذكر كيفية الصلاة عليه

- ‌ذكر ما أعده الله من الثواب لمن صلى عليه

الفصل: ‌ذكر من حضر غسله ومن غسله وما كفن فيه وصفة قبره

‌ذكر من حضر غسله ومن غسله وما كفن فيه وصفة قبره

وعن ابن عباس قال: لما أجتمع القوم لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في البيت إلا أهله: عمه العباس بن عبد المطلب، وعلي ابن عمه أبي طالب، والفضل بن عباس، وقثم بن عباس، وأسامة بن زيد بن حارثة، وصالح مولاه. فلما اجتمعوا لغسله نادى من وراء الباب أوس بن خوري الأنصاري، ثم أحد بني عوف بن الخزرج، وكان بدرياً - علي بن أبي طالب فقال: يا علي ننشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقال له علي: أدخل، فدخل فحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يل من غسله شيئاً. قال: فاسنده علي إلى صدره وعليه قميصه، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي، وكان أسامة بن زيد وصالح مولاه هما يصبان الماء. وجهل علي يغسله ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يراه من الميت. وهو يقول: بأبي وأمي، ما أطيبك حياً وميتاً. حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يغسل بالماء والسدر جففوه، ثم صنع فيه ما يصنع بالميت، ثم أدرج في ثلاثة أثواب: ثوبين أبيضين وثوب حبرة. قال: ثم دعا العباس رجلين فقال: ليذهب أحدكم إلى أبي عبيدة بن الجراح، وكان أبو عبيدة يضرح لأهل مكة، وليذهب الآخر إلى أبي طلحة بن سهل الأنصاري، وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة. قال: ثم قال العباس لهما: حين سرهما: اللهم خر لرسولك. قال: فذهبا فلم يجد صاحب أبي عبيدة أبا عبيدة، ووجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن العباس قال: لما أخذنا في جهازه أمر أبي بالباب فغلق دون الناس، فنادت الأنصار: نحن أخوالك، ومكاننا من الإسلام مكاننا، وهو ابن أختنا، فنادت قريش نحن عصبته،

ص: 391

فصاح أبو بكر: يا معشر المسلمين، كل قوم أحق بجنازتهم من غيرهم، فانطلقوا إلى العباس، فكلموه وكلمته الأنصار، فأدخلوا أوس بن خولي فكان في ناحية البيت. قال ابن العباس: فبينا هم يختلفون في غسله، وقد أحضروا الماء من بئر غرس، وأحضروا سدراً وكافوراً أرسل الله عليهم النوم، فما منهم رجل إلا واضع لحيته على صدره، وقائل يقول ما يدرى من هو: اغسلوا نبيكم وعليه قميصه. فغسل في القميص، وغسل الأولى بالماء القراح، والثانية بالماء والسدر، والثالثة بالماء والكافور، وغسله علي والفضل بن عباس،، وكان الفضل رجلاً أيداً، فكان يقلبه شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان العباس بن عبد المطلب بالباب. لم يمنعني أن أحضر غسله إلا أني كنت أراه يستحيي أن أراه حاسراص. وفي رواية: وكات أوس بن خولي رجلاً شديداً بحمل جرة الماء بيده. وعن جابر بن عبد الله أن كعب الأحبار قدم زمن عمر فقال: ونحن جلوس عند عمر: يا أمير المؤمنين، ما كان آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: سل علياً. قال: أين هو؟ قال: هو ها هنا، فسأله فقال علي: أسندته إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي فقال: الصلاة الصلاة، فقال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أمروا وعليه يقضون. قال: فمن غسله يا أمير المؤمنين؟ قال: سل علياً: قال: فسأله فقال: كنت أنا أغسله، وكان عباس جالساً، وكان أسامة وشقران يختلفان إلي بالماء.

وعن أبي غطفان قال: سالت ابن عباس: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي ورأسه في حجر أحد؟ قال: توفي وهو إلى صدر علي. قالت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري. فقال ابن عباس: أيعقل! والله لتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه لمسند إلى صدر علي، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن عباس وأبي أبى أن يحضر، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند الستر.

ص: 392

قال علي عليه السلام: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ألا يغسله غيري، فإنه لا يرى عورتي إلا طمست عيناه. قال علي: فكان الفضل وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر، وهما معصوبان العين. قال علي: فما تناولت عضواً إلا كأنما يقليه معي ثلاثون رجلاً، حتى فرغت من غسله. وعن عائشة قالت: لما أدرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ماندري كيف نغسله: أنجرده من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وثيابه عليه؟ فبينا هم كذلك ألقى الله عليهم النوم، حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، فقاموا إلى النبي فغسلوه وعليه قميصه، يصبون الماء من فوق القميص، ويدلكونه بالقميص دون أيديهم، وكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه. وعن عبد الله بن الحارث في حديثه قال: فغسله علي يدخل يده تحت القميص، والفضل يمد الثوب عليه، والأنصاري ينقل الماء، وعلى يد علي خرقة يدخل يده وعليه القميص. قال عبد الله بن قيس: فما كنا نريد رفع عضواً منه إلا رفع لنا، حتى أنتهينا إلى عورته، فسمعنا من جابني البيت صوتاً: لا تكشفوا عن عورة نبيكم صلى الله عليه وسلم. وفي حديث العلباء بن أحمر قال: كان علي والفضل والعباس يغسلان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودي: علي، ارفع طرفك إلى السماء. وفي حديث ابن عباس فتنبهوا لقائل يقول: لا يدرون من هو: اغسلوا نبيكم وعليه قميصه فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه. وعن محمد بن علي أبي جعفر قال: إن رسول الله غسل ثلاثا: بماء وسدر، وغسل من بئر يقال لها: بئر غرس، كانت

ص: 393

لسعد بن خثيمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب منها. وولي غسل سفلته علي، والفضل محتضنه والعباس يصب الماء إن شاء الله أرحني قطعت وتيني إني لأجد شيئاً يتنزل. وكفن في ثلاثة أثواب، ثوبين صحاريين وبرد حبرة. وعن عمر بن الحكم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم الئر بئر غرس، هي من عيون الجنة، وماؤها أطيب المياه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعذب له منها، وغسل من بئر غرس. وعن ماها ن الحنفي عن ابن عباس قال: قلت كيف كان غسل النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ضرب عليه العباس كلة له من يمانيةصفاق، فصارت سنة هنا، وفي كثير من صالحي الناس، ثمن أذن لرجال من بني هاشم فقعدوا بين الحيطان والكلة، وسأله الأنصار أن يدخل لهم رجلاً، فأدخل أوس بن خولي ثم دخل العباس الكلة ودعا علياً والفضل وأبا سفيان وأسامة. فلما أجتمعوا في الكلة ألقي عليهم النعاس، وعلى من وراء الكلة في البيت حتى ما منهم أحد إلا وذقنه في صدره يغطّ، فناداهم مناد أن أنتبهوا وهو يقول: ألا لا تغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان طاهراً. فقال العباس: ألا بلى. وقال أهل البيت؛ صدق فلا تغسلوه، فقال العباس: لا ندع سنة لصوت لا ندري ما هو، وغشيهم النعاس ثانية فناداهم مناد فانتبهوا وهو يقول: اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه. فقال أهل البيت: ألا، لا، فقال العباس: ألا نعم. وفدكان العباس حين دخل قعد متربعاً، وأقعد علي متربعاً فتواجها وأقعد النبي صلى الله عليه وسلم على حجرهما فنودوا أن أضجعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره. ثم أغسلوه، وأستروا، فبازوا عن الصفيح وأضجعاه، فغربا رجل الصفيح وشرقا رأسه، وثم أخذوا في غسله وما يريان أنه ينبغي لهما أن يأتيا على شيء إلا قلب لهما ورفع لهما، وعليه قميص ومجول مفتوح الشق، ولم يغسل

ص: 394

إلا بالماء القراح، وطيبوا بالكافور ثم اعتصر قميصه ومجوله، وحنطوا مساجده ومفاصله، ووضؤوا به ذراعيه ووجهه وكفيه ثم أدرجوا أكفانه على قميصه ومجوله وجمروه عوداً ونداً، ثم أحتملوه

حتىوضعوه على سريره وسجوه. وعن علي في حديث آخر قال: وإن معنا لخفيف في البيت كالريح الرخاء ويصوت بنا: ارفعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنكم ستكفون. وعن علي رضي الله عنه قال: غسلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت أنظر ما يكون من الميت فلم أر شيئاً، وكان طيباً حياً وميتاً. ولي دفنه وإجنانه دون الناس أربع: علي بن أبي طالب، والعباس، والفضل بن العباس، وصالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وألحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحد ونصب عليه اللبن نصباً. وعن جابر قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في برد. قال جابر ذلك الثوب نمرة. وعن ابن عباس قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين سحوليين. أبيضين وذاد في رواية وبرد أحمر. وفي رواية عنه قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: قميصه الذي مات فيه، وحلة حمراء نجراتية، وإزار. وعنه قال: كفن في حلة حمراء كان يلبسها وقميص. وعن علي قال: كفن في ثلاثة أثواب: ثوبيين سحوليين وبرد حبرة.

ص: 395

وعن أبي هريرة: كفن في ريطتين وبرد نجراني. وعن علي قال: كفن بسبعة أثواب. وعن ابن عمر قال: كفن في ثلاثة أثواب بيض سجي بها. وعن سالم عن أبيه أنه كفن في ثلاثة أثواب: ثوبين صحاريين وبرد حبرة. وعن ابن عمر أنه كفن في ثلاثة أثواب. وعن جابر بن سمرة أنه كفن في ثلاثة أثواب: قميص وإزار ولفافة. على سريره وسجوه. وعن علي في حديث آخر قال: وإن معنا لخفيف في البيت كالريح الرخاء ويصوت بنا: ارفعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنكم ستكفون. وعن علي رضي الله عنه قال: غسلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت أنظر ما يكون من الميت فلم أر شيئاً، وكان طيباً حياً وميتاً. ولي دفنه وإجنانه دون الناس أربع: علي بن أبي طالب، والعباس، والفضل بن العباس، وصالح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وألحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحد ونصب عليه اللبن نصباً. وعن جابر قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في برد. قال جابر ذلك الثوب نمرة. وعن ابن عباس قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين سحوليين. أبيضين وذاد في رواية وبرد أحمر. وفي رواية عنه قال: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب: قميصه الذي مات فيه، وحلة حمراء نجراتية، وإزار. وعنه قال: كفن في حلة حمراء كان يلبسها وقميص. وعن علي قال: كفن في ثلاثة أثواب: ثوبيين سحوليين وبرد حبرة. وعن أبي هريرة: كفن في ريطتين وبرد نجراني. وعن علي قال: كفن بسبعة أثواب. وعن ابن عمر قال: كفن في ثلاثة أثواب بيض سجي بها. وعن سالم عن أبيه أنه كفن في ثلاثة أثواب: ثوبين صحاريين وبرد حبرة. وعن ابن عمر أنه كفن في ثلاثة أثواب. وعن جابر بن سمرة أنه كفن في ثلاثة أثواب: قميص وإزار ولفافة.

وعن عائشة قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب أحدهما برد أحمر. قال الحافظ: ذكر البرد في رواية عائشة وهم، وكل من ذكر البرد في روايته إنما شبه عليه، فإنه كفن فيه ثم نزع عنه، وذلك بين فيما روي عن عائشة قالت: أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بمنة كانت لعبد الله بن أبي بكر ثم نزعت عنه، وكفن في ثلاثة أثواب سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، فرفع عبد اللله الحلة فقال: أكفن فيها، ثم قال: لم يكفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكفن فيها؟ فتصدق بها. وقيل: كان لعبد الرحمن بن أبي بكر.

ص: 396

وفي رواية عن عائشة أنه كفن بثلاثة أثواب بيض سحولية من ثياب اليمن. وعن عائشة قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث أثواب سحولية بيض ليس فيها قميص ولا عمامة، أدرج فها إدراجاً. وعنها أنه كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض كرسف - يعني: قطن - ليس في كفنه قميص ولا عمامة. وفي رواية عنها: فقيل: إنهم يزعمون أنه صلى الله عليه وسلم كفن في ثوب حبرة قالت: قد جاؤوا بثوب حبرة فلم يكفن فيه. وفي رواية عنها أنه كفن في ثلاثة رياط يمانية. وعن ابن إسحاق قال: رفعت على مجلس بني عبد المطلب وهم متوافرون فقلت لهم: في كم كفن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: في ثلاثة أثواب، ليس قيها قميص ولا قباء ولا عمامة فقلت: كم أسر منكم يوم بدر؟ قالوا: العباس ونوفل وعقيل. قال معاذ بن جبل: أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة حتى مضى. وذلك آخر ما حض عليه وتكلم به الصلاة وصية الله ووصية الرسول احفظوا وصية الله ووصية الرسول يحببكم الله ويحببكم إلى خلقه. قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جهزتموني فأمسكوا عني، فإن أول الخلق يصلي علي جبريل والملائكة بأسرها، ثم مسلم والجن والأنس، وصلوا علي أفواجاً، وليبدأ أفواجكم

ص: 397

العباس والإمام، ثم الأفواج على الولاء الأول فالأول فدخل العباس وبنوه وسائر بني هاشم وفيهم أبو بكر. فلما فرغ الرجال جاء النساء. فلما فرغن جاء الصبيان. فلم ير الناس بعد بصلاة النساء على الجنائز بأساً. وكان الآخرون من الأمور هو الناسخ الأول. وفي حديث عائشة: ثم سجوا عليه وادنوا الناس أرسالا وهو في البيت، فجعلوا يصلون عليه حوله على غير إمام، ثم يستغفرون ويصلون، ويسلم ون، ولا يعجلهم أحد، ويدخل قوم، ويخرج آخرون عامة يومه وليلته. وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موضوعاً على سريره من حين زاغت الشمس يوم الثلاثاء، فصلى الناس عليه، وسريره على شفير قبره. فلما أرادوا أن يقبروه نحوا السرير قبل رجليه فأدخل من هناك. ودخل في حفرته العباس بن عبد المطلب، والفضل بن عباس، وقثم بن العباس، وعلي، وشقران. وعن ابن أبي عسيم قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: كيف نصلي - يعني - عليه؟ قال: ادخلوا من هذا الباب أرسالاً أرسالاً، ثم صلوا عليه، وأخرجوا من الباب الآخر. فلما وضع في لحده قال المغيرة ببن شعبة: إنه بقي شيء من قدميه لم يصلح. قال: فادحل فاصلحه. قال: فدخل فمس قدم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أهيلوا علي التراب فأهالوا عليه التراب، حتى بلغ أنصاف ساقيه ثم خرج فقال: أنا أحدثم عهداً برسول صلى الله عليه وسلم الله. وعن سعيد بن المسيب أن المسلمين لما أرادوا الصلاة على نبيهم صلى الله عليه وسلم اجتمع رأيهم على أنه الإمام ولا إمام عليه. فدخل أبو بكر فكبر عليه أربعاً، ثم دخل عمر فكبر عليه أربعاً، ثم دخل عثمان فكبر عليه أربعاً، ثم دخل طلحة بن عبد الله والزبير بن العوام، ثم تتابع الناس أرسالاً، يكبرون عليه ولا إمام لهم عليه.

ص: 398

وقال ابن أبي حبيب: إن علي بن أبي طالب أشار عليهم بذلك فقبلوه من قوله. وفي حديث: فلما صلي عليه نادى عمر: خلوا الجنازة وأهلها. وفي حديث أبي حازم المدني أن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قبضه الله دخل المهاجرون فوجاً فوجاًيصلون عليه ويخرجون، ثم دخل الأنصار على مثل ذلك، ثم دخل أهل المدينة، حتى إذا فرغت الرجال دخلت النساء، فكان منهن صوت وجزع كبعض ما يكون منهن، فسمعن هدة في البيت، ففرقن فسكتن فإذا قائل يقول: في الله عزاء عن كل هالك، وعوض من كل مصيبة، وخلف من كل ما فات، والمحبور من حبره الثواب، والمصاب من لم يحبره الثواب. قال موسى بن محمد بن ابراهيم بن الحارث

التميمي، قال: وجدت هذا في صحيفة خط أبي فيها: لما كفن النبي صلى الله عليه وسلم ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر فقالا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار قدر ما يسع البيت، فسلم وا كما سلم أبو بكر وعمر، وصفوا صفوفاً لا يومئهم عليه أحد، فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنا نشهد أن قد بلغ ما أنزل عليه، ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه، وتمت كلماته، فأومن به وحده لا شريك له، فاجعلنا ياإلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه بنا فإن كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، لا نبغي بالإيمان بدلاً ولا نشتري به ثمناً أبداً فيقول الناس آمين آمين ثم يخرجون، ويدخل آخرون حتى صلوا عليه: الرجال ثم النساء ثم الصبيان. فلما فرغوا من الصلاة تكلموا في موضع قبره. وعن علي قال: لما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السرير قال علي: لا يقوم عليه أحد هو إمامكم حياً وميتاً، فكان يدخل الناس رسلاً رسلاً فيصلون عليه صفاً صفاً ليس لهم إمام، ويكبرون

ص: 399

وعلي قائم حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم أنا نشهد أن قد بلغ ما أنزل إليه، ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته، اللهم فأجعلنا ممن يتبع ما أنزل إليه وثبتنا بعده واجمع بيننا وبينه فيقول الناس: آمين، حتى صلوا عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان. وعن ابن عباس قال: كان الذين نزلوا في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، والفضل بن عباس، وقثم بن العباس، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال أوس بن خولي لعلي بن أبي طالب: يا علي أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: انزل فنزل مع القوم فكانوا خمسة. وقد كان شقران حين وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته أخذ قطيفة قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ويفترشها فدفنها معه في القبر. وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك، فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن عباس: دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل وأسامة، وقيل أنهم أدخلوا عبد الرحمن بن عوف. قال: فكأني أنظر إليهم في القبر أربعة. وقيل: هم العباس وعلي والفضل وعبد الرحمن. قال: وكان بعض الأخوال يدخل مع العمومة القبر. وقيل: هم العباس وعلي والفضل وقثم. وعن سعد أنه قال في مرضه: إذا أنا مت فألحدوا لي لحداً. وفي رواية: وانصبوا علي اللبن نصباً، قال: واصنعوا بي مثلما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن عمر أنه لحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر ولعمر. تميمي، قال: وجدت هذا في صحيفة خط أبي فيها: لما كفن النبي صلى الله عليه وسلم ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر فقالا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار قدر ما يسع البيت، فسلم وا كما سلم أبو بكر وعمر، وصفوا صفوفاً لا يومئهم عليه أحد، فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إنا نشهد أن قد بلغ ما أنزل عليه، ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه، وتمت كلماته، فأومن به وحده لا شريك له، فاجعلنا ياإلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه بنا فإن كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، لا نبغي بالإيمان بدلاً ولا نشتري به ثمناً أبداً فيقول الناس آمين آمين ثم يخرجون، ويدخل آخرون حتى صلوا عليه: الرجال ثم النساء ثم الصبيان. فلما فرغوا من الصلاة تكلموا في موضع قبره. وعن علي قال: لما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السرير قال علي: لا يقوم عليه أحد هو إمامكم حياً وميتاً، فكان يدخل الناس رسلاً رسلاً فيصلون عليه صفاً صفاً ليس لهم إمام، ويكبرون وعلي قائم حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم أنا نشهد أن قد بلغ ما أنزل إليه، ونصح لأمته، وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته، اللهم فأجعلنا ممن يتبع ما أنزل إليه وثبتنا بعده واجمع بيننا وبينه فيقول الناس: آمين، حتى صلوا عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان. وعن ابن عباس قال: كان الذين نزلوا في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، والفضل بن عباس، وقثم بن العباس، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال أوس بن خولي لعلي بن أبي طالب: يا علي أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: انزل فنزل مع القوم فكانوا خمسة. وقد كان شقران حين وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته أخذ قطيفة قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ويفترشها فدفنها معه في القبر. وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك، فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن عباس: دخل قبر النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل وأسامة، وقيل أنهم أدخلوا عبد الرحمن بن عوف. قال: فكأني أنظر إليهم في القبر أربعة. وقيل: هم العباس وعلي والفضل وعبد الرحمن. قال: وكان بعض الأخوال يدخل مع العمومة القبر. وقيل: هم العباس وعلي والفضل وقثم. وعن سعد أنه قال في مرضه: إذا أنا مت فألحدوا لي لحداً. وفي رواية: وانصبوا علي اللبن نصباً، قال: واصنعوا بي مثلما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن عمر أنه لحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر ولعمر.

وعن أبي طلحة قال: اختلفوا في الشق واللحد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال المهاجرون: شقوا كما يحفر أهل مكة.

ص: 400

وقالت الأنصار: ألحدوا كما نحفر بأرضنا، فلما أختلفوا في ذلك قالوا: اللهم خر لنبيك، وبعثوا إلى أبي عبيدة وإلى أبي طلحة فأيهما جاء قبل فليعمل عليه. قال: فجاء أبو طلحة فقال: والله إني لأرجو أن يكون الله قد خار لنبيه صلى الله عليه وسلم. إنه كان يرى اللحد فيعجبه. قال: وأختلفوا فقال قائل: بالبقيع فإنه كان يكثر الإستغفار لأهل البقيع وأصحابه، فادفنوه به، قال قائل: ادفنوه عند قبره، وقال قائل: ادفنوه في مصلاه، قال أبو بكر إن عندي فيما تختلفون فيه علماً: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما مات نبي قط إلا دفن حيث يقبض، فخط حول الفراش ثم حول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفراش في ناحية البيت. وحفر أبو طلحة القبر، فانتهى به إلى أصل الجدار إلى القبلة وجعل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يلي بابه الذي كان يخرج منه للصلاة. وعن الحسن قال: جعل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء كان أصابها في يوم حنين. قال: جعلوها لأن المدينة أرض سبخة. وعن سليمان بن موسى قال: جعلوا في لحد رسول الله صلى الله عليه وسلم تحته قطيفة بيضاء، كان يجعلها على رحله إذا سافر لتقيه سبخة المدينة، وبنوا عليه اللبن بنياناً كبناء القباب، حتى لحق البناء بجدار القبر. وعن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افرشوا لي قطيفتي في لحدي، فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء. قالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف ليلة الأربعاء. وعن أم سلمة قالت: نحن نبكي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوتنا، لم ننم ولم نسكن لرؤيته على السرير، فسمعنا صوت الكرازين في ليلة الثلاثاء. قالت أم سلمة: فصحنا فصاح أهل المسجد،

ص: 401

فارتجت المدينة صيحة واحدة، وأذن بلال بالفجر، فلما بلغ ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى فانتحب فزادنا حزناً، وعالج الناس الدخول إلى قبره. فغلق دونهم، فيا لها مصيبة. فما أصبت بعده بمصيبة إلا هانت علي إذا ذكرت مصيبتنا به عليه السلام. وعن القاسم بن محمد قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أماه أكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء. فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدماً. وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رأسه عند رجل النبي صلى الله عليه وسلم. النبي صلى الله عليه وسلم، أبو بكر رضي الله عنه، عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 0 وعن وردان وكان بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في إمرة عمر بن عبد العزيز على المدينة. قال وردان: كان بيت عاشة سقط شقه الشرقي. قال: فدعيت فجئت إلى عمر بن عبد العزيز. قال وردان: فقلت له: إنا نخاف أن يغلبنا الناس على قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرت بالعمد فأتيت بها، وثم أمرت بالصياصي فجعلت سرادفاً عليه. فكان ذلك السرادق أول سرادق رؤي بالمدينة فسترت عليه. فلما أصبحنا قال لي عمر: ادخل يا وردان فدخلت وحدي وأبناء المهاجرين والأنصار والعرب يتناولون ما أخرج من التراب، حتى وصلت الجدار الذي كان فيه قدم عمر بن الخطاب. فلما رأيتها قلت: أيها الأمير هذه قدم قد بدت لي فارتاع لها وارتاع من معه من قريش والأنصار والعرب فقال له سالم: أيها الأمير لم ترع، هذه قدم أبي وأبيك عمر بن الخطاب. سمعت ابن عمر يقول: كان رجل طوالاً فضاق عنه اللحد فحفروا لقدميه في الجدار. فقال: غيبها رحمك الله يا وردان.

قال وردان: فبنيت طاماً على قدميه. وعن محمد بن قيس قال: انهد الهائط الذي على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت قبره مرتفعاً من الأرض، وقبر أبي بكر وعمر. فقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدم في القبلة. وقبر أبي بكر وراءه من قبل رأس النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر عمر وراء قبر النبي صلى الله عليه وسلم من قبل رجليه بحذاء قبر أبي بكر. كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام وهما خلفه.

ص: 402

وعن سفيان التمار قال: رأيت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر أبي بكر وقبر عمر مسنمة. وعن مالك بن إسماعيل قال: - أظنه - مولى لآل الزبير قال: دخلت مع مصعب من الزبير البيت الذي فيه قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فرأيت قبورهم مستطيلة. وعن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد قال: كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر مسنمة، عليها نقل. وقال القاسم بن محمد: اطلعت وأنا صغير على القبور فرأيت عليها حصباء حمراء. وعن موسى بن طلحة قال: كان قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور أهل أحد مسنمة. وقد كانوا يجمهرون، وكان الجمهور من الناس يسنمون، ثم الذين يلونهم الذين يجمهرون. وكان يربع آخرون. وهم قليل.

ص: 403