الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف كان بدء نبوته وبعثه
عن أبي ذر الغفاري قال: قلت يا رسول الله، كيف علمت أنك نبي أول ما علمت حتى علمت ذلك واستيقنت؟ قال:" يا أبا ذر، أتاني ملكان وأن ببعض بطحاء مكة فوقع أحدهما بالأرض وكان الآخر بين السماء والأرض، فقال أحدهما لصاحبه: أه هو؟ قال: هو هو. فقال: زنه برجل، فوزنت برجل فرجحته، ثم قال: زنه بعشرة، فوزنوني بعشرة فوزنتهم، ثم قال: زنه بمئة، فوزنوني بمئة فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف، فوزنوني بألفٍ، فرجحتهم، فجعلوا ينتشرون علي من كفة الميزان، فقال أحدهما للآخر: لو وزنته بأمته لرجحها، ثم قال أحدهما لصاحبه: شق بطنه فشق بطني ثم قال أحدهما لصاحبه: أخرج قلبه، أو قال: شق قلبه، فشق قلبي فأخرج منه مغمز الشيطان وعلق الدم فطرحها، ثم قال أحدهما للآخر: اغسل بطنه غسل الإناء، واغسل قلبه غسل الملاءة، ثم دعا بسكينة كأنها درهرهة بيضاء فأدخلت قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه: خط بطنه، فخاط بطني فجعلا خاتم النبوة بين كتفي، فما هو إلا أن وليا عني، فكأنما أعاين الأمر معاينة ". عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن إلهي جل وعز اختارني في ثلاثة من أهل بيتي على جميع أمتي، أنا سيد الثلاثة وسيد ولد آدم ولا فخر. اختارني وعلي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب، كنا رقوداً بالأبطح ليس منا إلا مسجى بثوبه، علي عن يميني، وجعفر عن يساري، وحمزه عند رجلي، فما نبهني من رقدتي غير حفيف أجنحة الملائكة وبرد ذراع علي عليه السلام تحت خدي، فانتبهت من رقدتي، وجبريل في ثلاثة أملاك، فقال له بعض الأملاك الثلاثة: يا جبريل إلى أي هؤلاء الأربعة أرسلت؟ فضربني برجله
وقال: إلى هذا، وهو سيد ولد آدم، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال: محمد بن عبد الله سيد النبيين، وهذا علي بن أبي طالب، وهذا حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء، وهذا جعفر له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء ".
وعن عائشة رضي الله عنها قال: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان أول شأنه يرى في المنام، فكان أول ما رئي جبريل عليه السلام بأجياد، وإنه خرج لبعض حاجته فصرخ به يا محمد يا محمد فنظر يميناً وشمالاً فلم ير شيئاً، ثم نظر فلم ير شيئاً، فرفع بصره فإذا هو يراه ثانياً، إحدى رجليه على الأخرى على أفق السماء، فقال: يا محمد، جبريل جبريل، فهرب محمد صلى الله عليه وسلم حتى دخل في الناس، فنظر فلم ير شيئاً، ثم خرج من الناس ثم نظر فرآه فدخل في الناس فلم ير شيئاً ثم خرج فنظر فرآه فذلك قوله تبارك وتعالى:" والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى ". وعن عائشة رضي الله عناه قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغارٍ يتحنث فيه وهو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله، ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجأه الحق، وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ فقال: ما أنا بقارئ قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال:" اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم "، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتى دخل على خديجة
فقال: زملوني. فزملوه حتى ذهب عنه الروع ثم قال لخديجة: أي خديجة مالي؟ وأخبرها الخبر، فقال: لقد خشيت على نفسي، فقالت له خديجة: كلا، أبشر والله لا يخزيك الله أبداً، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي: ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة بن نوفل: يا بن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما أرى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى. يا ليتني فيها جذع. يا ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ فقال ورقة بن نوفل: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني قومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب ورقة أن توفي. وفتر الوحي فترة، حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمل بلغنا، فغدا من أهله مراراً لكي يتردى من رؤوس شواهق الحرم، فكلما أوفى ذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه ويرجع، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى على ذروة جبل تبدى له جبريل فقال له: مثل ذلك. قال جابر بن عبد الله قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي قال في حديثه: فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالساً على كرسي بين السماء والأرض. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت منه فرقاً، فرجعت
فقلت: زملوني زملوني، فدثروني، فانزل الله تعالى:" يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر " وهي الأوثان. قال: ثم تتابع الوحي. قال عروة بن الزبير: وقد كانت خديجة توفيت قبل أن تفرض الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أريت لخديجة بيتاً من قصب لا سخب فيه ولا نصب وهو قصب اللؤلؤ ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما أنا رحمة مهداة ". وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله بعثني رحمة مهداة، بعثت برفع قوم وخفض آخرين ". وعن ابن عباس في قول الله تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين " قال: من آمن بالله ورسوله كتب له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عوفي من تعجيل ما كان يصيب الأمم قبل ذلك من العذاب والفتن والخسف والقذف.