الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب عصمة الله بالرسالة عما كان يرتكبه أهل الجهالة
عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ماهممت بقبيحٍ مما يهم أهل الجاهلية إلا مرتين من الدهر كلتاهما عصمني الله منهما: قلت ليلةً لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة في غنم لأهلها يرعاها: أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان، قال: نعم، فخرجت. فلما جئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناءً وصوت دفوفٍ ومزامير فقلت: ما هذا؟ قالوا: فلان تزوج فلانة، لرجل من قريش تزوج امرأة من قريش، فلهوت بدلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس. فرجعت إلى صاحبي فقال: ما فعلت؟ فأخبرته، ثم فعلت الليلة الأخرى مثل ذلك، فخرجت فسمعت مثل ذلك فقيل لي مثل ما قيل لي فسمعت كما سمعت حتى غلبتني عيني فنمت، فما أيقظني إلا مس الشمس، ثم رجعت إلى صاحبي، فقال: ما فعلت؟ فقلت: ما فعلت شيئاً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فو الله ما هممت بعدها بسوء مما يعمله أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته ". وفي حديث آخر: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من نبي إلا ورعى الغنم قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا ". وعن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد مع المشركين مشاهدهم، فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه: ألا تقوم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فلم يعد أن يشهد مع المشركين مشاهدهم.
وعن أم أيمن قالت: كانت بوانة صنماً، تحضره قريش، تعظمه، تنسك له النسائك، ويحلقون رؤوسهم
عنده، ويعكفون عنده يوماً إلى الليل، وذلك يوم في السنة، وكان أبو طالب يحضره مع قومه وكان يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحضر ذلك العيد مع قومه، فيأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك حتى رأيت أبا طالب غضب عليه، ورأيت عماته غضبن عليه يومئذ أشد الغضب فجعلن يقلن: إنا لنخاف عليك مما تضع من أحساب آلهتنا، وجعلن يقلن: ما تريد يا محمد أن تحضر لقومك عيداً ولا تكثر لهم جمعاً. قالت: فلم يزالوا به حتى ذهب فغاب عنهم ما شاء الله ثم رجع إلينا مرعوباً فزعاً، فقالت عماته: ما دهاك؟ قال: إني أخشى أم يكون بي لمم، فقلن: ما كان الله ليبتليك بالشيطان، وفيك من خصال الخير ما فيك، فما الذي رأيته؟ قال: إني كلما دنوت من صنم منها تمثل لي رجل أبيض طويل يصيح: وراءك يا محمد لا تمسه، قالت: فما عاد إلى عيد لهم حتى نبئ. وعن علي رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: هل عبدت وثناً قط؟ قال: لا، قالوا: هل شربت خمراً قط؟ قال: لا، وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر، وما كنت أدري ما الكتاب وما الإيمان؟ وكذلك أنزل في القرآن:" ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ". قال ابن عباس: كان محمد صلى الله عليه وسلم يقوم مع بني عمته عند الصنم الذي عند زمزم واسم الصنم إساف. قال: فرفع رأسه يوماً إلى ظهر الكعبة ثم ولى ذاهباً. قال: فقال له بنو عمته: ما لك يا محمد؟ قال: إني نهيت أن أقوم عند هذا الصنم. وعن بريدة قال: دخل جبريل عليه السلام مسجد الحرام فطفق يتقلب فبصر بالنبي صلى الله عليه وسلم نائماً في ظل الكعبة. فأيقظه فقام ينفض رأسه ولحيته من التراب. فانطلق به نحو باب بني شيبة، فلقيهما ميكائيل، فقال جبريل لميكائيل: ما يمنعك أن تصافح النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أجد من يده ريح النحاس، فكأن جبريل أنكر ذلك، قال: أوقد فعلت؟ وكان النبي صلى الله عليه وسلم نسي ثم ذكر فقال: صدق أخي، مررت أول أمس على إساف ونائلة فوضعت يدي على أحدهما
فقلت: إن قومي رضوا بكما إلهاً مع الله لقوم سوء. قال: وإساف ونائلة كانا شابين من قريش يطوفان بالكعبة فأصابا خلوة فأراد أحدهما صاحبه، فنكسهما الله نحاساً، فجاءتهما قريش فقالوا: لولا أن الله رضي أن يعبد هذان الإنسانان لما نكسهما نحاساً. قال ابن بريدة: أما إساف فرجل من وأما نائلة فامرأة من بني عبد الدار بن قصي. وعن ابن عباس قال: أول شيء رأى النبي صلى الله عليه وسلم من النبوة أن قيل استتر، وهو غلام. قال: فما رأيت عورته منذ يومئذٍ. وعن العباس قال: كنا ننقل الحجارة إلى البيت حين بنت قريش، فكانت الرجال تنقل الحجارة والنساء تنقل الشيد؛ والشيد ما يجعل بين الصخر. قال العباس: كنت أنقل أنا وابن أخي محمد صلى الله عليه وسلم، فكنا ننقل على رقابنا، ونجعل أزرنا تحت الصخرة، فإذا غشينا الناس اتزرنا فبينا أنا ومحمد صلى الله عليه وسلم بين يدي، إذ وقع فانبطح فجئت أسعى وألقيت الحجر فإذا هو ينظر إلى السماء فقلت له: ما شأنك؟ فقام فاتزر فقال: نهيت أن أمشي عرياناً، قال العباس: فكتمت ذلك عن الناس خيفة أن يروه جنوناً.