الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مرضه وتوفيه وتسمية اليوم الذي قبض فيه
عن عائشة قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع - وفي رواية: من جنازة من البقيع - فدخل فوجدني وأنا أحد صداعاً في رأسي وأنا أقول: وارسأاه. قال: بل أنا والله يا عائشة وارأساه. ثم قال: ومايضرك لومت قبلي فقمت عليك فكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك؟ قالت: والله لكأني بك لو فعلت ذلك قد رجعت إلى بيتي، فأعرست فيه ببعض نسائك. قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وتتام به وجعه حتى استعز به، وهو في بيت ميمونة، فدعا نساءه فسأبهن أن يأذن له أن يمرض في بيتي، فأذن له، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن عباس ورجل آخر، تحط قدماه، عاصباً رأسه حتى جاء بيتي. قال عبيد الله: فحدثت هذا الحديث عبد الله بن عباس قال: تدري من الرجل الآخر؟ قال: قلت: لا. قال: علي. ثم غمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه ثم أفاق. قال: أهريقوا علي سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم. قالت: فأقعدناه في مخضب لحفصة بنت عمر، فصببنا عليه الماء حتى طفق يقول بيده: حسبكم حسبكم. قال: ثم خرج عاصباً رأسه، فجلس على المنبر، فكان أول ما تكلم به أن صلى على أصحاب أحد، فأكثر الصلاة عليهم ثم قال: إن عبداً من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده الله فأختار ما عند الله. قال: ففهما أبو بكر فبكى، وعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يريد. قال: على رسلك يا أبا بكر.
انظروا هذه الأبواب الشارعة في المسجد فسدوها إلا ما كان من بيت أبي بكر، فإني لا أعلم أحداً كان أفضل عندي في الصحبة منه. وروى ابن إسحاق عن الزهري ويزيد بن رومان وأبي بكر بن عبد الله أن الذي كان ابتدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجعه الذي لزمه أن دخل على عائشة وهو يجد صداعاً، فوجدها تصدع وتقول: وارأساه فقال: بل أنا والله ياعائشة وارأساه،
فو الله لطار عني ما أجد وكدت أن استطار فسكنني بالمزاح على تجشم منه. فقال: وما ضرك يا عائشة لو مت قبلي، فأقوم عليك وأليك وأصلي عليك فقالت له: فما نجاني مما خشيت الحذر فقلت: أجل والله، لكأني بك لو قد فعلت قد أعرست ببعض نسائك في بيتي من آخر ذلك اليوم، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تمادى به وجعه وهو في ذلك يدور على نسائه حتى استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم هو في بيت ميمونة. قالت فلما زاد ما به أجمع رأي من في البيت على أن يلدوه، وتخوفو أن يكون به ذات الجنب ففعلوا، ثم فرج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لدوه فقال: من صنع هذا فهبنه واعتللن بالعباس، فاتخذ جميع من في البيت العباس سبباً، ولم يكن له في ذلك رأي فقالوا: يا رسول الله، عمك العباس أمر بذلك وتخوفنا أن يكون بك ذات الجنب، فقال: إنها من الشيطان، ولم يكن الله ليسلطه علي ولا يرميني بها. ولكن هذا عمل النساء لا يبقى في البيت أحد إلا لد إلا عمي العباس، فإن يميني لا يناله، فلدوا كلهم ولدت ميمونة وكانت صائمة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج رسول صلى الله عليه وسلم الله إلى بيت عائشة - وكان يومها بين العباس وعلي، والفضل ممسك بظهره، ورجلاه تحطان الأرض، حتى دخل على عائشة. فلم يزل عندها مغلوباً لا يقدر على الخروج وغير مغلوب وهو يقدر على الخروج من بيتها إلى غيره. وعن عبد الله بن مسعود قال: كان أحب العراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذراع الشاة. وكنا نرى أنه سم في ذراع شاة. وكنا نرى أن اليهود سموه. عن عبيد الله بن عبد الله قال: دخات على عائشة فقلنا: أخبرينا عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: اشتكى فكان ينفث نفث آكل الزبيب، وكان يدور على نسائه. فلما اشتد شكوه استأذنهن أن يكون في بيت عائشة، ويدرن عليه، فأذن له. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بين نفسين أحدهما العباس ورجلاه تحطاه في الأرض. قال ابن عباس فما أخبرتك من الآخر؟ قال: لا. قال: هو علي عليه السلام. وعن عبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على عائشة فقلت: ألا تحديثني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: بلى، ثقل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقال: صلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله. قال: ضعوا لي ما في المخطب. ففعلنا فأغتسل ثم ذهب لينوء فإغمي عليه ثم أفاق: فقال أصلى الناس فقلت: لا. هم ينتظرونك يا رسول الله. قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس. وكان أبو بكر رجلاً رقيقاً فقال: يا عمر صلي بالناس فقال: أنت أحق بذلك فصلى بهم أبو بكر بدل الإمام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأوما إليه أن لا تتأخر، وأمرهما فأجلساه إلى جنبه، فجعل أبو بكر يصلي قائماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً. فدخلت على ابن عباس فقلت: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هات، فحدثته، فما أنكر منه شيئاً. غير أنه قال: سمت لك الرجل الذي كان مع العباس. قلت لا قال هو علي. وعن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ مرضه الذي مات فيه في بيت ميمونة، فخرج عاصباً رأسه، فدخل بين رجلين تحط رجلاه الأرض، عن يمينه العباس بن عبد المطلب، وعن يساره رجل لا أبالي ألا أذكره - قال عبيد الله: أخبرني ابن عباس أن الذي علي يساره علي بن أبي طالب - قالت عائشة: قلما رأيته قلت: وارأساه، أنا والله أموت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله لوددت أنك تموتين فأكفنك وأصلي عليك. قالت: فغضبت من قوله وقلت: أما والله إذاً لتعرس ببعض نسائك فبل أن تمسي. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم وارأساه، ألا
أرسلي إلى ابن أبي قحافةو ابنه، فلا يطمع في الأمر طامع ثم قال: كلا يدفع الله ويدفع بالمؤمنين.
قال موسى بن يعقوب: أنه يعني بقوله: وابنه: عبد الرحمن. وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على نفسه بالمعوذات. فلما مرض وثقل كنت أقرأ بهما في يديه، وأمسح بها جسده، ألتمس بذلك بركة يديه، فدخلت عليه في مرضه أم البشير بن البراء بن معرور فقالت: يا رسول الله، ما وجدت مثل هذه الحمىالتي عليك على أحد، فقال: إنا يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر. ما يقول الناس؟ قالت: يقولون يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الجنب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان الله ليسلطها على رسوله، إنها همزة من الشيطان. ولكنها من الأكلة التي أكلت أنا وأبيك بخيبرمن الشاة. كان نصيبي منها عداد مرةٍ بعد مرة. فكان هذا أوان انقطع أبهري فمات رسول اللهم شهيداً. وعن أبي هريرة أن جبريل أتى النبي في مرضه الذي قبض فيه فقال: إن الله غز وجل يقرئك السلام ويقول: كيف تجدك؟ قال: أجدني وجعاً يا أمين الله. ثم جاءه من الغد فقال: يا محمد، إن الله يقرأك السلام ويقول: كيف تجدك قال: يا أمين الله. أجدني وجعاً، ثم جاءه يوم الثالث ومعه ملك الموت فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام ويقول: كيف تجدك؟ فقال: أجدني يا أمين الله وجعاً. من هذا معك؟ قال: هذا ملك الموت، وهذا آخر عهدي بالدنيا وآخر عهدك بها، ولن آسى على هالك من ولد آدم من بعدك. ولن أهبط إلى الأرض إلى أحد بعدك أبداً. فوجد النبي صلى الله عليه وسلم سكرة الموت وعنده قدح فيه ماء. فكلما وجد سكرة أخذ من ذلك الماء فمس به وجهه ويقول: اللهم، أعني على سكرة الموت. وعن عائشة قالت: كان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه كليوم وليلة، فيسلم عليه ويقول: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: كيف تجدك يامحمد؟ - وهو أعم بالذي تجد منك، ولكنه أراد أن يزيدك كرامة وشرفاً، وإن يتمم كرامتك وشرفك على الخلق وأن يكون سنة في أمتك - فيحدثه بقدر الذي يجدمن شدة أو رخاء. فإذا قال: أجدني شاكياً قال جبريل: يامحمد، إن الله لم يشدد عليك أن يكون من خلقه أحد هو أكرم عليه منك، ولكن أحب أن تدعوه وتضرع إليه ولا تكف عن ذلك حتى تلقاه للذي أعد لك في ذلك من الثواب والفضيلة علىالخلق. سلي إلى ابن أبي قحافةو ابنه، فلا يطمع في الأمر طامع ثم قال: كلا يدفع الله ويدفع بالمؤمنين. قال موسى بن يعقوب: أنه يعني بقوله: وابنه: عبد الرحمن. وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على نفسه بالمعوذات. فلما مرض وثقل كنت أقرأ بهما في يديه، وأمسح بها جسده، ألتمس بذلك بركة يديه، فدخلت عليه في مرضه أم البشير بن البراء بن معرور فقالت: يا رسول الله، ما وجدت مثل هذه الحمىالتي عليك على أحد، فقال: إنا يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر. ما يقول الناس؟ قالت: يقولون يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الجنب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كان الله ليسلطها على رسوله، إنها همزة من الشيطان. ولكنها من الأكلة التي أكلت أنا وأبيك بخيبرمن الشاة. كان نصيبي منها عداد مرةٍ بعد مرة. فكان هذا أوان انقطع أبهري فمات رسول اللهم شهيداً. وعن أبي هريرة أن جبريل أتى النبي في مرضه الذي قبض فيه فقال: إن الله غز وجل يقرئك السلام ويقول: كيف تجدك؟ قال: أجدني وجعاً يا أمين الله. ثم جاءه من الغد فقال: يا محمد، إن الله يقرأك السلام ويقول: كيف تجدك قال: يا أمين الله. أجدني وجعاً، ثم جاءه يوم الثالث ومعه ملك الموت فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام ويقول: كيف تجدك؟ فقال: أجدني يا أمين الله وجعاً. من هذا معك؟ قال: هذا ملك الموت، وهذا آخر عهدي بالدنيا وآخر عهدك بها، ولن آسى على هالك من ولد آدم من بعدك. ولن أهبط إلى الأرض إلى أحد بعدك أبداً. فوجد النبي صلى الله عليه وسلم سكرة الموت وعنده قدح فيه ماء. فكلما وجد سكرة أخذ من ذلك الماء فمس به وجهه ويقول: اللهم، أعني على سكرة الموت. وعن عائشة قالت: كان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في وجعه كليوم وليلة، فيسلم عليه ويقول: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول: كيف تجدك يامحمد؟ - وهو أعم بالذي تجد منك، ولكنه أراد أن يزيدك كرامة وشرفاً، وإن يتمم كرامتك وشرفك على الخلق وأن يكون سنة في أمتك - فيحدثه بقدر الذي يجدمن شدة أو رخاء. فإذا قال: أجدني شاكياً قال جبريل: يامحمد، إن الله لم يشدد عليك أن يكون من خلقه أحد هو أكرم عليه منك، ولكن أحب أن تدعوه وتضرع إليه ولا تكف عن ذلك حتى تلقاه للذي أعد لك في ذلك من الثواب والفضيلة على
الخلق.
وإذا قال: أجدني مريحاً قال: أحمد الله وأشكره. فإن ربك يحب أن يحمد ويشكر، ليزيدك إلى ما أعطاك. وعن عائشة قالت: إن مما أنعم الله علي به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في بيتي ويومي وبين سحري ونحري، وجمع الله بين ريقي وريقه عند الموت: دخل علي أخي عبد الرحمن وأنا مسند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدري وبيده سواك، فجعل ينظر إليه، وكنت أعلم أنه يعجبه السواك ويؤلفه فقلت آخذه لك؟ فأومأ برأسه أن نعم. فناولته إياه، فأدخله في فيه. فاشتد عليه فتناولته وقلت ألينه لك؟ فأومأ برأسه أن نعم فلينته له فأمره، وبين يديه ركوة - أو قالت علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده فيها ويمسح بها وجهه ويقول: لا إله إلا الله إن للموت سكرات ثم نصب يده - وشار أين أبني حسين - بأصبعه يقول الرفيق الأعلى، الرفيق الأعلى حتى فبض ومالت يده. وعن عائشة قالت: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه بين ثديي ونحري فسمعته يقول: أف من كرب الموت. أف من غم الموت، ورأيته يدخل يده في الركوة وينضح على وجهه الماء. قال: قلت: يا نبي الله، تقول كذا وأنت نبي الله! فلم يزل يرددها حتى قبض. وعن عائشة قالت: حتى إذا كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم رأو منه في أول النهار خفة، فتقرق عنه الرجال إلى منازلهم وحوائجهم مستشبرين، وأخلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء. فبينا نحن على ذلك، لم نكن على مثل حالنا في الرجاء والهزج قبل ذلك، قال الرسول صلى الله عليه وسلم اخرجن عني هذا الملك يستأذن علي، فخرج من في البيت غيري ورأسه في حجري، فجلس وتنحيت في ناحية البيت فناجى الملك طويلاً، ثم إنه دعاني فأعاد رأسه في حجري وقال للنسوة: ادخلن فقلت: ما هذا بحس جبريل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل يا عائشة. هذا
ملك الموت جاءني فقال: إن الله عز وجل أرسلني إليك وأمرني ألا أدخل عليك إلا بإذن، فإن لم تأذن لي أرجع، وإن أذنت لي دخلت، وأمر ألا اقبضك حتلى تأمرني، فمرني أمرك. فقلت أكفف عني حتى يأتني جبريل فهذه ساعة جبريل فخرج. فاستقبلنا بأمر لم يكن عندنا جواب ولا رأي فوجمنا وكأنما ضربنا بصاخة ما نحير إليه شيئأً، ولا يتكلم أحد من أهل البيت إعظاماً لذلك الأمرو هيبة ملأت أجوافنا. قالت عائشة: وجاء جبريل في ساعة فسلم، فعرفنا حسه، فخرج أهل البيت فدخل فقال: إن. الله عز وجل يقرأك عليك السلام يا محمد ويقول: كيف تجدك؟ وهو أعلم بالذي تجد منك. ولكنه أراد أن يزيدك كرامة وشرفاً، وأن يتم كرامتك وشرفك على الخلق، وأن تكون سنة في أمتك: فقال: أجدني وجعاً فقال: أبشر فإن الله أراد أن يبلغك ما أعد لك، قال: يا جبريل، إن ملك الموت ليستأذن علي وأخبره الخبر. فقال جبريل: يا محمد، إن ربك إليك مشتاق. أعلمك الذي يريد بك. لا والله ما استأذن ملك الموت على أحد قط ولااستأذن عليه أبداًإلا أن ربك متتم شرفك وهو إليك مشتاق. قال: فلا تبرح إذاً حتى يجيء، واذن للنساء فقال: ادني يا فاطمة، فأكبت عليه فناجاها، فرفعت رأسها وعيناها بأربع، وما تطيق الكلام، ثم قال: ادني مني رأسك، فأكبت عليه فناجاها، فرفعت رأسها وهي تضحك وما تطيق الكلام. فكان الذي رأينا منها عجباً، فسألناها بعد فقالت: أخبرني أنه قال: إني ميت اليوم فبكيت، ثم قال: إني دعوت الله أن يلحقك بي في أول أهلي وأن يجعلك معي، وادنت ابنيها منه فشمهما. وفي حديث آخر عن عائشة قالت: وخرج جبريل عليه السلام وقال: عليك السلام يا رسول الله. هذا آخر ما أنزل فيه إلى الأرض أبداً، طوي الوحي وطويت الدنيا، وما كانت لي في الأرض حاجة غيرك، ومالي قيها حاجة غيرك إلا حضورك ثم لزوم موقفي، ولا والذي بعث محمداً بالحق ما في البيت أحد يستطيع أن يحير إليه في ذلك كلمة ولا يبعث إلى أحد من رجاله أعظم ما يسمع من حديثه ووجدنا وإشفاقنا.
وعن محمد بن عمرو الواقدي قال: قالوا ولما كان قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام هبط إليه جبريل فقال: يا محمد إن الله أرسلني إليك إكراماًو تفضيلاً لك وخاصة لك، أسألك عما هو أعلم به منك: كيف تجدك؟ قال: أجدني يا جبريل مغموماً، وأجدني يا جبريل مكروباً، فلما كان الغد أتاه جبريل فقال: يا محمد إن الله أرسلني إليك إكراماً لك وتفضيلاً لك وخاصةً لك، أسألك عما هو أعلم به منك يقول: كيف تجدك فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجدني يا جبريل مغموماً، وأجدني يا جبريل مكروباً، فلما كان اليوم الثالث هبط جبريل ومعه ملك الموت، فهبط معهما ملك يكون في الهواء يقال له اسماعيل على سبعين ألف ملك، ليس منهم ملك إلا على سبعين ألف ملك فسبقهم جبريل فقال: يا محمد، إن الله أرسلني إليك وخاصة إليك إكراماً لك وتفضيلاً لك وخاصة لك. أسألك عما هو أعلم به منك: فكيف تجدك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أجدني يا جبريل مغموماً، وأجدني يا جبريل مكروباً. واستأذن ملك الموت على الباب فقال له جبريل: يا محمد، هذا ملك الموت يستأذن عليك، ما استأذن على آدمي قبلك ولا يستأذن على آدمي بعدك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ائذن له فأذن له جبريل، فأقبل من حيث وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إن الله أرسلني إليك. وأمرني أن أطيعك فيما أمرتني، إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها، وإن كرهت تركتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتفعل ذلك يا ملك الموت؟ قال: نعم بذلك أمرت أن أطيعك فيما أمرتني فقال جبريل: يا محمد، إن الله قد اشتاق إلى لقائك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا ملك الموت امض لما أمرت به فقال جبريل: هذا آخر موطئي في الأرض، إنما كانت حاجتي في الدنيا، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية - جاءت تسمع حسه، ولا ترى شخصه - فقالت: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله. " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة " إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك. ودركاً من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، إنما المصاب من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله، فقال علي: أتدرون من هذا؟ قالوا: لا، قال: هذا الخضر عليه السلام.
وفي حديث آخر: إنهم سمعوا التعزية مرتين فقال أبو بكر: هذا الخضرو اليسع، حضرا النبي صلى الله عليه وسلم. وعن عائشة قالت: قمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أضع رأسه بين يدي، وأمسكت بصدره، وجعل يغمى عليه حتى يغلب، وجبهته ترشح عرقاً ما رأيته من إنسان قط، فجعلت أسلت ذلك العرق، وما وجدت رائحة شيء قط أطيب منه، فكنت أقول له إذا أفاق: بأبي وأمي ونفسي وأهلي ما تلقى جبهتك من الرشح فقال: يا عائشة، إن نفس المؤمن تخرج بالرشح والكافر تخرج من شدقه كنفس الحمار، فعند ذلك ارتبنا وبعثنا إلى أهلينا، فكان أول رجل جاءنا ولم يشهده، أخي، بعثته إلى أبي فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يجيئنا أحد، وإنما صدهم الله عنه لأنه ولاه جبريل وميكائيل صلى الله عليهما. قال أنس بن مالك: دخلت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أغمي عليه فقالت: واكرباه لكربك يا أبتاه. قال: فرفع رأسه ونظر إليها وقال: يا بنية، لا كرب على أبيك بعد اليوم، لقد حضر من أبيك ما ليس الله بمؤخر عنه أحداً لموافاة يوم القيامة. قال: ثم أغمي عليه، فأتاه آت فقال: السلام عليك أأدخل؟ فقال من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت من المهاجرين أو من الأنصار فارجع فإن رسول الله عنك مشغول، فرفع رأسه فقال: من تطردون؟ تطردون داعي ربي عز وجل، ادخل يا ملك الموت. قال: وكان أمر ألا يدخل عليه إلا باذن فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت أقبض روحك. قال: جئت تقبض روحي؟ ولم ألق حبيبي يا ملك الموت؟ انظرني حتى ألق حبيبي جبريل: قال: ذلك لك يا محمد. قال: وكان أمره بذلك. فخرج ملك الموت، فلقيه جبريل فقال: إين يا ملك الموت، قال: إنه سألني ألا أقبض روحه حتى يلقاك. قال: يا ملك الموت، أما ترى أبواب السماوات قد فتحت لجيئة محمد صلى الله عليه وسلم. أما ترى أبواب الجنان قد فتحت لجيئة محمد صلى الله عليه وسلم. أما ترى الملائكة قد نزلوا لجيئة محمد صلى الله عليه وسلم؟
قال: فأقبلا جميعاً حتى دخلا عليه، فسلما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، ما بد من الموت؟ قال:
يا محمد " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت " قال: يا جبريل فمن لأمتي؟ قال: يا محمد " كل نفس ذائقة الموت وإنما نوفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " قال: فقبضه ملك الموت، وإن رأسه لفي حجر جبريل عليه السلام. فلما قبضه قالت فاطمة: واأبتاه، إلى جبريل ننعاه، من ربه أدناه، أهل السموات بالبشرى تلقاه، والرسل به تحظى وفي الجنان مأواه. ثم إنها قعدت فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون ثم إنا لله وإنا إليه راجعون. انقطع الخبر من السماء، وما جبريل بنازل علينا أبداً أبداً. وروى أبو سعيد بن عبد الله عن أبيه قال: لما رأت الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يزداد ثقلاً أطافوا بالمسجد، فدخل العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه بمكانهم وإشفاقهم، ثم دخل عليه الفضل فأعلمه بمثل ذلك ثم دخل عليه علي فأخبره بمثل ذلك فمد يده وقال: ها فتناوله فقال: ما يقولون؟ قالوا: يقولون: نخشى أن يموت، وتصايح نساؤهم لإجتماع رجالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فثار النبي صلى الله عليه وسلم فخرج متوكئاً على علي والفضل، والعباس أمامه، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوب الرأس يحط برجليه، حتى جلس على أسفل مرقاة من المنبر وثاب الناس إليه. فحمد الله واثنى عليه.: فأقبلا جميعاً حتى دخلا عليه، فسلما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، ما بد من الموت؟ قال: يا محمد " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت " قال: يا جبريل فمن لأمتي؟ قال: يا محمد " كل نفس ذائقة الموت وإنما نوفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " قال: فقبضه ملك الموت، وإن رأسه لفي حجر جبريل عليه السلام. فلما قبضه قالت فاطمة: واأبتاه، إلى جبريل ننعاه، من ربه أدناه، أهل السموات بالبشرى تلقاه، والرسل به تحظى وفي الجنان مأواه. ثم إنها قعدت فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون ثم إنا لله وإنا إليه راجعون. انقطع الخبر من السماء، وما جبريل بنازل علينا أبداً أبداً. وروى أبو سعيد بن عبد الله عن أبيه قال: لما رأت الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يزداد ثقلاً أطافوا بالمسجد، فدخل العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه بمكانهم وإشفاقهم، ثم دخل عليه الفضل فأعلمه بمثل ذلك ثم دخل عليه علي فأخبره بمثل ذلك فمد يده وقال: ها فتناوله فقال: ما يقولون؟ قالوا: يقولون: نخشى أن يموت، وتصايح نساؤهم لإجتماع رجالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فثار النبي صلى الله عليه وسلم فخرج متوكئاً على علي والفضل، والعباس أمامه، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوب الرأس يحط برجليه، حتى جلس على أسفل مرقاة من المنبر وثاب الناس إليه. فحمد الله واثنى عليه.
وقال: أيها الناس بلغني أنكم تخافون علي الموت، كأنه استنكار منكم للموت، وما تنكرون من موت نبيكم ألم أنع إليكم؟ وينعى لكم أنفسكم؟ هل خلد نبي قبلي فيمن بعث إليه؟ فأخلد فيكم؟ ألا أني لاحق بربي وإنكم لاحقون به. وإني أوصيكم بالمهاجرين الأولين خيراً وأوصي المهاجرين فيما بينكم فإن الله تعالى يقول:" والعصر إن الأنسان لفي خسر " إلى آخرها - وإن الأمور تجري بأمر الله. فلا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله، فإن الله لا يعجل لعجله أحد. ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه " فهل عسيتم إن
توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " أوصيكم بالأنصار خيراً، فإنهم الذين تبوؤا الدار والإيمان؟ من قبلكم أن يحسنوا إليكم، ألم يشاطروكم الثمار؟ ألم يوسعوا عليكم في الديار؟ ألم يؤثروكم على أنفسكم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم. ألا ولا تستأثروا عليهم. ألا وإني فرط لكم وأنت لاحقون بي. ألا وإن موعدكم الحوض. حوض أعرض مما بين بصرى الشام وصنعاء اليمن يصب فيه ميزاب الكعبة ماء أشد بياضاً من اللبن وألين من الزبد، وأحلى من الشهد. من شرب منه لم يظمأ أبداً، حصباؤه اللؤلؤ، وبطحاؤه في مسك، من حرمه في الموقف غداً حرم الخير كله ألا فمن أحب أن يرده علي عداً فليكفف يده ولسانه إلا مما ينبغي. فقال العباس: يا بني الله أوص بقريش، فقال: إني إنما أوصي بهذا الأمر قريشاً، الناس تبع لقريش برهم لبرهم، وفاجرهم لفاجرهم، فاستوصوا آل قريش بالناس خيراً. يا أيها الناس، إن الذنوب تغير النعم، وتبدل القسم، فإذا بر الناس برهم أئمتهم، وإذا فجر الناس عقوهم. قال الله تعالى: " وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون " وعن عائشة قالت: فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم باباً بينه وبين الناس - أو كشف ستراً - فرأى أبو بكر والناس يصلون خلفه، فحمد الله على ما رأى من حسن حالهم، ورجا أن يخلفه فيهم بالذي رأى فيهم فقال: أيها الناس أيما أحد من أمتي أصيب من المؤمنين بمصيبة من بعدي فليتعز ببمصيبتي عن المصيبة التي تصيبه بعدي، فإن أحداً من أمتي لم يصب كمصيبته بي. وعن أنس بن مالك في حديث قال: فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم دفناه، قال: قال أنس: مرت بفاطمة. قال: فقالت: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟ وعن أنس قال: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه أتاه بلال، فأذن بالصلاة فقال:
يا بلال قد بلغت فمن شاء فليصل ومن شاء فليدع. قال: يا رسول الله، فمن يصلي بالناس. قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. فلما تقدم أبو بكر رفعت الستور عن رسول صلى الله عليه وسلم، فنظرنا إليه كأنه صفيحة بيضاء عليه خميصة سوداء، فظن أبو بكر أنه يريد الخروج فتأخر، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صل مكانك، فصلى أبو بكر، وما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات من يومه. وفي حديث آخر عن أنس بن مالك قال: لما كان يوم الإثنين كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة، فرأى أبا بكر وهو يصلي بالناس. قال: فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة مصحف، وهو يبتسم فكدنا أن نفتتن في صلاتنا فرحاًبرؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأراد أبو بكر أن ينكص، قال: فأشار إليه أن كما أنت، ثم أرخى الستر فقبض من يومه، فقام عمر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت، ولكن ربه أرسل إله كما أرسل إلى موسى، فمكث عن قومه أربعين ليلة. والله أني لأرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدي رجال من المنافقين وألسنتهم يزعمون - أو قال: يقولون - إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات. وعن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفي مرضه: أدعوا إلي أخي قال: فدعي له علي فقال: أدن مني فدنوت منه، فاستند إلي فلم يزل يستند إلي، وإنه ليكلمني حتى إن بعض ريق النبي صلى الله عليه وسلم ليصيبني، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل في حجري فصحت يا عباس، أدركني فإني هالك. فجاء العباس، فكان جهدهما جميعاً أن أضجعاه. وعن عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وأصغت إليه قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها يقول: اللهم
أغفر لي، وارحمني وألحقني بالرفيق. وفي روايه: وألحقني بالرفيق الأعلى. وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض إنسان من أهله مسحه بيده اليمنى ثم يقول أذهب
الباس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً. قالت فلما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه أخذت يده، فجعلت أمسح بها وأقولها قال: فنزع يده مني وقال: رب أغفر لي وأحقني بالرفيق الأعلى. قالت: فكان هذا آخر ما سمعته من كلامه. وعن عائشة أن أبا بكر أقبل على فرس ومسكنه بالسنح حتى نزل، فدخل وأكب عليه، فقبله وبكى. قال: بأبي أنت. والله لا يجمع الله عليك موتتين أبداً، أما الموتتة التي عليك فقد متها. وعن ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس، وابى عمر أن يجلس فقال: اجلس، فأبى أن يجلس، فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا عمر فقال: أيها الناس، من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات. ومن منكم ييعبد الله فإن الله حي لا يموت. غفر لي، وارحمني وألحقني بالرفيق. وفي روايه: وألحقني بالرفيق الأعلى. وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض إنسان من أهله مسحه بيده اليمنى ثم يقول أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً. قالت فلما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه أخذت يده، فجعلت أمسح بها وأقولها قال: فنزع يده مني وقال: رب أغفر لي وأحقني بالرفيق الأعلى. قالت: فكان هذا آخر ما سمعته من كلامه. وعن عائشة أن أبا بكر أقبل على فرس ومسكنه بالسنح حتى نزل، فدخل وأكب عليه، فقبله وبكى. قال: بأبي أنت. والله لا يجمع الله عليك موتتين أبداً، أما الموتتة التي عليك فقد متها. وعن ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس، وابى عمر أن يجلس فقال: اجلس، فأبى أن يجلس، فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا عمر فقال: أيها الناس، من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً قد مات. ومن منكم ييعبد الله فإن الله حي لا يموت.
قال تعالى " وما محمد إلا رسول خد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاًو سيجزي الله الشاكرين: " قال: والله لكأن الناس لو يكونوا يعلمون أن الله أنزل الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها الناس كلهم، فما سمع بشر إلا يتلوها، قال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها عقرت، حتى ما تلتقي رجلاي، فأهويت إلى الأرض، وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات. قال: وإن أبا بكر لما توفي دفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما حضر عمر بن الخطاب الموت أوصى قال: إذا أنا مت فأحملوني إلى بيت عائشة فقولوا لها: هذا عمر بن الخطاب يقرئك السلام ويقول: أدخل أم أخرج. قال: فسكتت ساعة ثم قالت: أدخلوه فدفنوه معه، أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره. قالت: فلما دفن عمر أخذت الجلباب
فتجلببت. قال: فقيل لها مالك والجلباب؟! قالت: كان هذا زوجي وهذا أبي فلما دفن عمر تجلببت. وفي حديث عائشة فاقتحم الناس حيث ارتفعت الرنة وسجى رسول الله صلى الله عليه وسلم الملائكة بثوبه، وكذب بعض بموته، وأحرج بعض فما تكلم، وأقعد البعض وخلط آخرون فلاثوا الكلام بغير بيان، وبقي آخرون ومعهم عقولهم وأقعد آخرون، فكان عمر بن الخطاب ممن كذب بموته، وعلي ممن أقعد، وو عثمان فيمن أخرس. فخرج من في البيت على الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجىً فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت. ويرجعه الله عز وجل وليقطعن أيدي وأرجل رجال من المنافقين يتمنون لرسول الله الموت، إنما واعده ربه عز وجل كما واعد موسى وهو آتيكم. وتوفي يوم الإثنين لثنتي عشرة من ربيع الأول، وأما علي فأقعد ولم يبرح الباب، وأما عثمان فجعل لا يكلم أحداً، يؤخذ بيده فيجاء به، ويذهب به. وفي موضع آخر: لم يكن أحد من المسلمين في مثل جلد أبي بكر والعباس قال الله عز وجل " "
وعن سالم بن عبيد، وكان من أصحاب الصفة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد مرضه أغمي عليه. فلما أفاق قال: مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس، ثم أغمي عليه فقالت عائشة: إن أبي رجل أسيف، فلو أمرت غيره. قال: إنكن صواحبات يوسف، مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس. فأرسل إلى بلال يؤذن، وأرسل إلى أبي بكر يصلي بالناس.
قال: ثم أفاق فقال: أقيمت الصلاة؟ قالوا: نعم. قال: ادعوا لي إنساناً أعتمد عليه، فجاءت بريرة وإنسان آخر فانطلقوا يمشون به وإن رجليه تحطان في الأرض قال: فاجلسوه إلى جنب أبي بكر، فذهب أبو بكر يتأخر فحبسه حتى فرغ الناس من الصلاة. فلما توفي قال: كانوا قوماً آمنين، لم يكن فيهم نبي قبله، فقال عمر: لا يتكلم أحد بموته إلا ضربته بسيفي هذا. قال: فقالوا
لي اذهب إلى صاحب نبي الله فادعه، يعني أبا بكر. قال: فذهبت أمشي فوجدته في المسجد. قال: فأجهشت أبكي فقال: لعل نبي الله صلى الله عليه وسلم توفي. قلت: إن عمر قال: لا يتكلم أحد بموته إلا ضربته بسيفي هذا. قال: فأخذ بساعدي، ثم أقبل يمشي حتى دخل، فأوسعوا له، فأكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كاد وجهه يمس وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر بنفسه يخبره حتى استبان له أنه توفي، فقال:" إنك ميت وإنهم ميتون " قالوا: يا صاحب رسول الله، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: فعلموا أنه كما قال. قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: يجيء نفر منكم فيكبرون، ويدعون، ويذهبون، حتى يفرغ الناس. قال: فعلموا أنه كما قال. قالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل يدفن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نعم. قالوا أين يدفن؟ قال: حيث قبض الله روحه، فإنه لم يقبض إلا في موضع طيب. قال: فعرفوا أنه كما قال. ثم قال: عندكم صاحبكم، ثم خرج فاجتمع إليه المهاجرون، أو من اجتمع إليه منهم فقال: انطلقوا إلى أخواننا من الأنصار، فإن لهم في هذا الحق نصيباً. قال: فذهبوا حتى أتوا الأنصار. قال: فإنهم ليتآمرون إذ قال رجل من الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، وقال عمر: وأخذ بيد أبي بكر فقال: سيفان في غمد إذ لا يصطلحان ثم قال: من الذي له هذه الثلاثة " إذا هما في الغار إذ يقول لصاحبه " فمن صاحبه " لا تحزن إن الله معنا " مع من؟ قال: وبسط يد أبي بكر فضرب عليها، ثم قال الناس: بايعوا فبايع الناس أحسن بيعة.
وفي حديث عكرمة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين فحبس بقية يومه وليلته والغد، حتى دفن ليلة الثلاثاء. وقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت، ولكنه عرج بروحه كما عرج بروح موسى. والله لا يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدي أقوام وألسنتهم، فلم يزل عمر يتكلم حتى أزبد شدقاه مما توعد ويقول، فقام العباس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، وإنه لبشر وإنه يأسن كما يأسن البشر. أي قوم، فادفنوا صاحبكم فإنه أكرم على الله من أن يميته إماتتين،
أيميت أحدكم إماتة ويموته اثنتين؟! هو أكرم على الله من ذلك. أي أقوم، فادفنوا صاحبكم، فإن يك كما تقولون فليس يعذب على الله أن ينجث عنه التراب. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات حتى ترك السبيل مهجاً واضحاً، فأحل الحلال، وحرم الحرام، ونكح وطلق، وحارب وسالم، ما كان راعي غنم يتبع بها صاحبها روؤس الجبال، يخبط عليها بعصاه بمخبطها ويمدر حوضها بيده بأدأب ولا أنصب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيكم. أي قوم، فادفنوا صاحبكم. قال: وجعلت أم أيمن تبكي فقيل لها: يا أم أيمن، تبكين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أي والله، ما أبكي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أكون أعلم أنه قد ذهب إلى ما هو خير له من الدنيا، ولكن أبكي على خبر السماء انقطع.
قال أنس: لما كان اليوم الذي أحل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء. فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلم منها كل شيء. قال: وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا.