الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر حروبه وغزواته وسراياه
قال علي بن حسين: كنا نُعلم مغازي النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه كما نعلم السورة من القرآن. وعن إسماعيل بن محمد بن سعد قال: كان أبي يعلمنا مغازي النبي صلى الله عليه وسلم ويعدها علينا، وسراياه ويقول: يا بني، هذه مآثر آبائكم، فلا تضيعوا ذكرها. وكان الزهري يقول في علم المغازي: علم الآخرة والدنيا. وعن قتادة قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة: واقع فيها يوم بدر. وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ثلاث مئة وتسع عشرة، والمشركون يومئذ ألف غير خمسين، وكانت بدر في رمضان صبيحة سابع عشرة خلت من رمضان يوم الجمعة بعد هجرته بثمانية عشر شهراً أو ما شاء الله من ذلك وواقع نبي الله يوم أحد. فكان أحد من العام المقبل في شوال يوم السبت لإحدى عشرة ليلة مضت من شوال، وكان أصحابه يومئذ سبع مئة والمشركون ألفين، وما شاء الله من ذلك. وواقع يوم الأحزاب. وكانت بعد أحد بسنتين من هجرته، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيما
بلغنا ألف، والمشركون أربعة آلاف وما شاء الله من ذلك. وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لن يغزوكم المشركون بعد اليوم ". ثم كانت غزوة المريسيع، وقديد. واقع فيها نبي الله صلى الله عليه وسلم في عام واحد سنة خمس من هجرته. وأما المريسيع فلقي عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم خزاعة بني المصطلق. وأما قديد فكان لهذيل. وواقع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، وذلك في سنة ست من هجرته في ذي القعدة، مرجعه من الحديبية. وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة مئة. وواقع يوم الفتح سنة ثمان في رمضان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار عشرة آلاف أو قريب من ذلك. وواقع نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وذلك والفتح في عام واحد في شوال، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ اثنا عشر ألفاً من المهاجرين والأنصار وألفان من الطلقاء من أهل مكة. وغزا نبي الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة. وواقع فيها ثماني غزوات، وهي الثمان التي ذكرناها. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين سرية، فجميع غزو نبي الله صلى الله عليه وسلم وسراياه ثلاث وأربعون غزوة. قال قتادة: مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه ثلاث وأربعون. أربعٌ وعشرون سرية بعثها، وتسع عشرة غزوة خرج فيها. لقي منها ثمانية بنفسه: ببدر والأحزاب والمريسيع وقديد وخيبر وفتح مكة وحنين، والحديبية سنة ست. وبها كانت المتعة، وصده المشركون ومنعوه أن يدخل المسجد الحرام. فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي مكانه، وحلقوا وقصر بعضهم، فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين مرة واحدة، وصالح المشركين أن يعتمروا من العام المقبل، فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لسنة سبع، وكان الفتح سنة ثمان.
وحج أبو بكر الصديق سنة تسع. وقرأ علي بن أبي طالب على الناس: " براءةٌ من الله ورسوله "" إلى الناس يوم الحج الأكبر " وكان مع أبي بكر. وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر، ثم صدر إلى المدينة وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول. وكان فتح مكة في رمضان سنة ثمان. وقال ابن شهاب: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً والكدر بني سليم. وغزا غطفان بنخل، ثم غزا قريشاً وبني سليم ببحران، ثم غزا يوم أحد، ثم طلب العدو حتى بلغ حمراء الأسد. ثم غزا قريشاً لموعدهم، فأخلفوه، ثم غزا بني النضير الغزوة التي أجلاهم فيها إلى خيبر، ثم غزا تلقاء نجد يريد محارباً وبني ثعلبة، وهي غزوة ذات الرقاع، ثم غزوة دومة، ثم غزوة الخندق، ثم غزوة بني قريظة، ثم غزوة بني المصطلق بالمريسيع، وسبى فيها جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، ثم غزوة ذات السلاسل، ثم كانت غزوة قطن قتل فيها مسعود بن عروة، وغزوة ثنية القردة أصاب فيها عيراً لقريش، وغزوة الجموم تلقاء أرض بني سليم، وغزوة حسمى وغزوة الطرف، وغزوة وادي القرى. وعن جماعة والسياق للبيهقي قال: هذه مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قاتل فيها: بدر في رمضان سنة اثنتين، ثم قاتل يوم أحد في شوال سنة ثلاث، ثم قاتل يوم الخندق وهو يوم الأحزاب، وبني قريظة في شوال من سنة أربع، ثم قاتل بني المصطلق وبني لحيان في شعبان من سنة خمس، ثم قاتل يوم خيبرمن سنة ست، ثم قاتل يوم الفتح في رمضان سنة ثمان، وقاتل يوم حنين،
وحاصر أهل الطائف في شوال سنة ثمان. ثم حج أبو بكر سنة تسع. ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع لتمام سنة عشر. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة، ولم يكن فيها قتال، فكانت أول غزوة غزاها الأبواء، وغزوة ذي العشيرة من قبل ينبع يريد كرز بن جابر، وكانت معه قريش. وغزوة بدر الآخرة، وغزوة غطفان، وغزوة الخندق يوم الأحزاب، وغزوة بني سليم بالكُدر، وغزوة بُواط، وغزوة بُحران، وغزوة الطائف، وغزوة الحديبية، وغزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعوثاً، فكان أول بعثٍ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعث عبيدة بن الحارث بن المطلب نحو قريش، فلقوا بعثاً عظيماً على ماء يدعى أحياء وهو بالأبواء.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن جحش نحو مكة فلقيه عمرو بن الحضرمي بنخلة، فقتله واقد بن عبد الله، وأسروا رجلين من بني مخزوم: عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، ففديا بعدما قدما المدينة. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب في ثلاثين راكباً حتى بلغوا قريباً من سيف البحر من الجار إلى جهينة. فلقوا أبا جهل بن هشام في ثلاثين ومئة راكب من قريش، فحجز بينهم مجديّ بن عمرو الجهني. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة الجراح نحو ذي القصة من طريق العراق. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أعنق ليموت إلى بئر معونة، فاستشهدوا جميعاً ومن معه. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة أربع مرات: مرة نحو بني قرد من
هذيل، ومرة نحو جذام من نحو الوادي، ومرة نحو مؤتة، وغزوة الجموم من بني سليم. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب نحو أهل تربة.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد الأنصاري أخا بني الحارث بن الخزرج نحو بني مرة بفدك. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أنيس، وأبا قتادة ومسعود بن سنان وأسود بن الخزاعي فقتلوا رافع بن أبي الحَقيق وفي رواية: أبا رافع بن أبي الحقيق وهو الصواب بخيبر. وأمرهم عبد الله بن عتيك فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، وهو على المنبر، فلما رآهم قال: أفلحت الوجوه. قالوا: أفلح وجهك يا رسول الله. قال: أقتلتموه؟ قالوا: نعم. فدعا بالسيف الذي قتل به فسله وهو قائم على المنبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل هذا طعامه في ذباب السيف. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عُمير نحو ذات أطلاح من البلقاء فأصيب كعب ومن معه. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص نحو السلال من مشارف الشام. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد نحو وادي القرى يوم قتل مسعود بن عروة. وليس هو الثقفي. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً كرم الله وجهه فأصيب بنو بكر بالكديد. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القرطاء من هوزان. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبي العوجاء قبل بني سليم فقتل بها ابن أبي العوجاء.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن نحو الغمرة. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصم بن الأفلح نحو هُذيل. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص إلى الحجاز وهو الخرّار.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عُمر: اعتمر من الجحفة عام الحديبية وفي رواية: من ذي الحليفة عام الحديبية فصده الذين كفروا في ذي القعدة سنة ستٍ، واعتمر العام المقبل في ذي القعدة سنة سبع آمناً هو وأصحابه، ثم اعتمر الثالثة في ذي القعدة سنة ثمان يوم أقبل من الطائف من الجِعرانة. قال عبيد الله بن أبي زياد: هذا كتاب ما ذكرنا لنا محمد بن مسلم الزهري مما سألناه عنه من أول مخرج النبي صلى الله عليه وسلم. فذكر صدراً من الحديث وقال: فكان أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ورئيس المشركين يومئذ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. فالتقوا ببدر يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ثلاث مئة وبضعة عشر رجلاً، والمشركون بين الألف والتسع مئة، فكان ذلك يوم الفرقان يوم فرق الله بين الحق والباطل، فكان أول قتيل قتل يومئذ من المسلمين مهجع مولى عمر بن الخطاب. ثم كانت غزوة بني النَّضير، وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم بناحية المدينة. فحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أنّ لهم ما أقلت الإبل من الأموال والأمتعة إلا الحلقة وهو السلاح. فأجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الشام. فأنزل الله عز وجل فيهم من أول سورة الحشر إلى قوله:" وليُخزي الفاسقين ".
ثم كانت وقعة أحد في شوال على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير، ورئيس المشركين يومئذ أبو سفيان بن حرب. فلما نزل أبو سفيان بالمشركين أحداً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إني رأيت الليلة أني في درع حصينة. وإني أوّلتها المدينة، فاجلسوا في صنعكم وقاتلوا من ورائه، وكانوا قد سكّوا أزقة المدينة بالبنيان، فقال رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا شهدوا بدراً: يا رسول الله، اخرج بنا إليهم. فلم يزالوا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دعا بلأمته فلبسها، فلما لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته قال: أما إني أظن الصرعى ستكثر منكم ومنهم اليوم. إني رأيت في النوم بقراً منحّرة فأراني أقول: بقرٌ والله خير، فتقدم الذين يدعونه إلى الخروج فقالوا: يا رسول الله، امكث.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لا ينبغي لنبيّ أن يلبس لأمته ثم ينثني حتى يأتي الناس. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى التقوا هم والمشركون بأحد، والمسلمون يومئذٍ قريب من أربع مئة، والمشركون قريب من ثلاثة آلاف، فاقتتلوا. قال الله تعالى:" ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم باذنه " إلى قوله: " والله خبير بما تعملون " وكان فيمن قتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير من بني عبد الدار، وهو أول من جمّع الجمعة بالمدينة قبل أن يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم نجم النفاق، وسموا المنافقين، وهم الذين حدثوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهض إلى المشركين بأحد، وكانوا قريباً من ثلث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا بلغوا الجبّابة وبرزوا من دور المدينة انصرفوا إلى أهلهم، ورأسهم يومئذ عبد الله بن أبيّ، وكان عظيم تلك البحيرة في الجاهلية.
ثم كانت وقعة الأحزاب لسنتين، وذلك يوم خندق رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون الخندق بجبّانة المدينة، ورئيس الكفار يومئذ أبو سفيان بن حرب، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بضع عشرة ليلة فخاض إلى المسلمين الكرب والأزل حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
أخبر سعيد بن المسيب: اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إنك إن تشأ لا تعبد. وأرسلت بنو قريظة إلى أبي سفيان ومن معه من الأحزاب أن اثبتوا، فإنا سنغير على قبضة المسلمين من ورائهم، فسمع نعيم بن عمرو الأشجعي وهو موادع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان نعيم رجلاً لا يكتم الحديث.
فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره وبعث الله عليهم الريح حتى يكاد أحدٌ منهم يهتدي لموضع رجله. فارتحلوا وولوا منهزمين فأنزل الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ " إلى قوله: " وما تلبثوا بها إلا يسيرا ". فلما ولى الكفار طلبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين حتى بلغوا جبلاً يقال له حمراء الأسد. فأنزل الله تعالى: " وكفى الله المؤمنين القتال " إلى: " وكان الله على كل شيءٍ قديرا " فأنزل الله هذا في طلبهم، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه إلى بني قريظة، فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ. ثم كانت غزوة الحديبية وأهل النبي صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة بعمرة، ومن معه يومئذ بضع عشرة مئة من المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لم نأت لقتال أحد، ولكنا جئنا لنطوف بالبيت فمن صدنا عنه قاتلناه، ورئيسهم يومئذ أبو سفيان بن حرب، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه وحلق رأسه، ثم انصرف إلى المدينة على أن يخلوا بينه وبين البيت عاماً قابلاً، فيطوف به ثلاث ليالٍ. ونزل بخيبر وأنزل الله تعالى ذكره:" وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها " الآية. فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتحها، وقسم فيها لمن بايعه بالحديبية تحت الشجرة، من غائبٍ أو شاهد من أجل أن الله كان وعدهم إياها.
وخمّس رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، ثم قسم سائرها مغانم بين من شهدها من المسلمين، ومن غاب عنها من أهل الحديبية، ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العام القابل في ذي القعدة في المدة آمناً فخرج كفار قريش من مكة وخلوها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفوا حويطب بن عبد العزى، وأمروه إذا طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة ثلاث ليالٍ أن يأتيه فيسأله أن يرتحل، فأتى
حويطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث فكلمه في الرحيل، فارتحل قافلاً إلى المدينة. ثم كانت غزوة الفتح: فتح مكة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة في رمضان ومعه من المسلمين عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف سنة من مقدمه المدينة، فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة، فافتتح مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد، فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة حتى هزمهم. ثم أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالسلاح فرفع عنهم، ودخلوا في الدين وأنزل الله عز وجل:" إذا جاء نصر الله والفتح " إلى آخرها. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المسلمين وبمن أسلم يوم الفتح من قريش وبني كنانة قِبَل حنين. وحنين وادٍ قبل الطائف ذو مياه، به من المشركين يومئذ العجّز من هوازن، معهم ثقيف، ورئيس المشركين يومئذ مالك بن عوف النصري. فاقتتلوا بحنين فنصر الله نبيه والمسلمين، وكان يوماً شديد البأس. فأنزل الله تعالى:" لقد نصركم الله في مواطن كثيرةٍ " الآية. فسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ستة آلاف سبي من النساء والذراري. وأخذ من الإبل والشاء ما لا يُدرى ما عدده. وخمّس رسول الله صلى الله عليه وسلم السبي والأموال، ثم جاءه وفد هوازن مستأمنين فقالوا: قد اجتحت نساءنا وذرارينا وأموالنا فاردد إلينا ذلك. قال: لست رادّاً إليكم كله، فاختاروا: إن شئتم فالنساء والذراري، وإن شئتم الأموال. قالوا: فإنا نختار نساءنا وذرارينا. فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم نساءهم وذراريهم، وقسم النعم والشاء بين من معه من المسلمين بالجعرانة. ثم أهلّ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمرة، وذلك في ذي القعدة، ثم قفل إلى المدينة، حتى إذا قدمها أمر أبا بكر الصديق رضي الله عنه على الحج. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، وهو يريد الروم وكفار العرب بالشام، حتى إذا بلغ تبوك أقام بها بضع عشرة ليلة، ولقيه وفد أذرح ووفد أيلة فصالحهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
على الجونة، ثم قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ولك يجاوزها فأنزل الله تبارك تعالى:" لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار " الآية " وعلى الثلاثة الذين خلفوا "، وكانوا قد تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة في بضعة وثمانين رجلاً. فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقه أولئك الثلاثة، واعترفوا بذنبهم، وكذب سائرهم، فحلفوا للرسول ما حبسهم إلا عذر، فقيل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووكلهم في سرائرهم إلى الله عز وجل.
ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بعد حتى توفاه الله عز وجل. فكانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة عشر.
ولم يغز رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قط يجلس فيها تحت لواء أو شُهر فيها سيوف إلا ذكر في القرآن. ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وتمتع فيها بعمرة، وساق الهدي معه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع قفل إلى المدينة فلبث شهرين وبعض شهر. ثم اشتكى شكواه الذي توفاه الله عز وجل فيه. وروى الحافظ عن جماعة من المشايخ قالوا: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين لثنتي عشرة مضت من ربيع الأول، ويقال لليلتين خلتا من ربيع الأول والثبت عشرة مضت من ربيع الأول فكان أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان على رأس تسعة أشهر من مهاجر النبي صلى الله عليه وسلم يعترض لعير قريش. ثم لواء عبيدة بن الحارث في شوال على ثمانية أشهر إلى رابغ، وهي على عشرة أميال من الجحفة، وأنت تريد قديداً، وكانت في شوال على رأس تسعة أشهر. ثم سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرّار على رأس تسعة أشهر في ذي القعدة. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر على رأس أحد عشر شهراً حتى بلغ الأبواء، ثم رجع ولم يلق كيداً. وغاب خمس عشرة ليلة.
ثم غزا بواط في شهر ربيع الأول على رأس ثلاثة عشر شهراً يعترض لعير قريش فيها أمية بن خلف ومئة رجل من قريش وألفان وخمس مئة بعير. ثم رجع ولم يلق كيداً. وبواط هي من الجحفة قريب. ثم غزا في شهر ربيع الأول عشر شهراً في طلب كُرز بن جابر الفهري حتى بلغ بدراً، ثم رجع. ثم غزا في جمادى الآخرة على رأس ستة عشر شهراً يعترض لعيرات قريش حين بدت إلى الشام، وهي غزوة ذي العشيرة، ثم رجع. فبعث عبد الله بن جحش إلى نخلة في رجب على رأس سبعة عشر شهراً. ثم غزا بدر القتال صبيحة سبع عشرة من رمضان يوم الجمعة على رأس تسعة عشر شهراً. ثم سرية عصماء بنت مروان قتلها عمرو بن عدي بن خرشة. قتلها لخمس ليال بقين من رمضان على رأس تسعة عشر شهراً. ثم سرية سالم بن عميرة قتل أبا عفك في شوال على رأس عشرين شهراً. ثم غزوة قينقاع في النصف من شوال على رأس عشرين شهراً. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة السويق في ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهراً.
ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني سليم بالكدر في المحرم على رأس ثلاثة وعشرين شهراً. ثم سرية قتل ابن الأشراف في ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهراً. ثم غزوة غطفان إلى نجد، وهي ذو أمر في ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهراً.
ثم سرية عبد الله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح الهذلي، قال عبد الله: خرجت من المدينة يوم الاثنين لخمس ليالٍ خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهراً فغبت ثمان عشرة ليلة، وقدمت يوم السبت لتسع بقين من المحرم. ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بني سليم ببجران في جمادى الأولى على رأس سبعة وعشرين شهراً. ثم سرية القردة، أميرها زيد بن حارثة في جمادى الآخرة على رأس ثمانية وعشرين شهراً فيها أبو سفيان بن حرب. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم أحد في شوال على رأس اثنين وثلاثين شهراً. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم حمراء السد في شوال على رأس اثنين وثلاثين شهراً. ثم سرية أميرها أبو سلمة بن عبد الأسد إلى قطن إلى بني أسد على رأس خمسة وثلاثين شهراً في المحرم. ثم غزوة بئر معونة، أميرها المنذر بن عمرو في صفر على رأس ستة وثلاثين شهراً. ثم غزوة الرجيع في صفر على رأس ستة وثلاثين شهراً. أميرها مرثد. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير في ربيع الأول على رأس سبعة وثلاثين شهراً. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم بدر الموعد في ذي القعدة على رأس خمسة وأربعين شهراً. ثم سرية ابن عتيك إلى ابن أبي الحقيق في ذي الحجة على رأس ستة وأربعين شهراً. فلما قتل سلام بن أبي الحقيق فزعت يهود إلى سلام بن مشكم بخيبر فأبى أن يرأسهم، فقام
أسير بن رزام يحزبهم. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم ذات الرقاع في المحرم على رأس سبعة وأربعين شهراً. ثم غزا دومة الجندل في ربيع الأول على رأس تسعة وأربعين شهراً. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم المريسيع في شعبان سنة خمس. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم الخندق في ذي القعدة سنة خمس. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة في ليالٍ من ذي القعدة وليالٍ من ذي الحجة سنة خمس. ثم سرية ابن أنيس إلى سفيان بن خالد بن نبيح في المحرم سنة ست. ثم سرية محمد بن مسلمة في المحرم سنة ست إلى القرطاء. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني لحيان إلى الغابة في ربيع الأول سنة ست. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم الغابة في ربيع الآخر سنة ست. ثم سرية عكاشة بن محصن إلى الغمرة في ربيع الآخر سنة ست. ثم سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة في ربيع الآخر سنة ست. ثم سرية أميرها أبو عبيدة الجراح إلى ذي القصة في ربيع الآخر سنة ست. ثم سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم في شهر ربيع الآخر سنة ست. وكانتا في شهر واحد. الجموم: ما بين بطن نخلة والنقرة.
ثم سرية زيد بن حارثة إلى العرض في جمادى الأولى سنة ست. ثم سرية زيد بن حارثة إلى الطرف في جمادى الآخرة سنة ست.
والطرف: على ستة وثلاثين ميلاً من المدينة. ثم سرية زيد بن حارثة إلى حسمى في جمادى الآخرة سنة ست. وحسمى وراء وادي القرى. ثم سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى في رجب سنة ست. ثم غزوة علي عليه السلام إلى فدك في شعبان سنة ست. ثم غزوة زيد بن حارثة إلى أم قرفة في رمضان سنة ست. وكانت أم قرفة ناحية وادي القرى إلى جنبها ثم غزو ابن رواحة إلى أسير بن زارم في شوال سنة ست. ثم سرية كرز بن جابر إلى العرنيين في شوال سنة ست. ثم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة الحديبية في ذي القعدة سنة ست. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم خيبر في جمادى الأولى سنة سبع. ثم انصرف من خيبر إلى وادي القرى في جمادى الآخرة فقاتل بها سنة سبع. ثم سرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى تربة في شعبان سنة سبع. ثم سرية أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه في شعبان إلى نجد سنة سبع. ثم سرية بشير بن سعد إلى فدك في شعبان سنة سبع. ثم سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة في رمضان سنة سبع. والميفعة ناحية نجد. ثم سرية بشير بن سعد فدك في شعبان سنة سبع. ثم سرية بشير بن سعد إلى الجناب في شوال سنة سبع. ثم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة القضيّة في ذي القعدة سنة سبع. ثم غزا ابن أبي العوجاء السلمي في ذي الحجة سنة سبع.
ثم غزوة غالب بن عبد الله إلى الكديد في صفر سنة ثمان. والكديد وراء قديد. ثم سرية شجاع بن وهب في ربيع الأول سنة ثمان إلى بني عامر بن الملوح. ثم غزوة كعب بن عمير الغفاري من سنة ثمان في ربيع الأول إلى ذات أطلاح. ناحية الشام، من البلقاء على ليلة. ثم غزوة زيد بن حارثة إلى مؤتة سنة ثمان. ثم غزوة عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل في جمادى الآخرة سنة ثمان. ثم غزوة الخبط أميرها أبو عبيدة بن الجراح في رجب سنة ثمان. ثم سرية حضرة أميرها أبو قتادة في شعبان سنة ثمان. وحضرت ناحية نجد على عشرين ميلاً عند بستان أبي عامر. ثم سرية أبي قتادة إلى إضم في رمضان سنة ثمان. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في ثلاث عشرة مضت من رمضان سنة ثمان. ثم هدم العزى لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان. هدمها خالد بن الوليد. ثم هدم سواع. هدمه عمرو بن العاص. وكان في رمضان. ثم هدم مناة، هدمها سعد بن زيد الأشهلي في رمضان سنة ثمان. ثم غزوة بني جذيمة غزاها خالد بن الوليد في شوال سنة ثمان. ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم حنيناً في شوال سنة ثمان. ثم غزاة النبي صلى الله عليه وسلم الطائف في شوال سنة ثمان. وحج الناس سنة ثمان.
ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل عتاب بن أسيد على الحج. ويقال حج الناس أوزاعاً بلا أمير. ثم سرية عيينة بن حصن إلى بني تميم في المحرم سنة تسع. ثم سرية قطبة بن عامر إلى خثعم في صفر سنة تسع.
ثم سرية بني كلاب في ربيع الأول سنة تسع. أميرها الضحاك بن سفيان. ثم سرية علقمة بن مجزز إلى الحبشة في ربيع الآخر سنة تسع. ثم سرية علي عليه السلام إلى الفلس في ربيع الآخر سنة تسع. ثم غزوة النبي صلى الله عليه وسلم تبوك في رجب سنة تسع. ثم سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر في رجب سنة تسع. ثم هدم ذي الكفين صنم عمرو بن حممة الدوسي. وحج أبو بكر سنة تسع. ثم غزوة خالد بن الوليد إلى بني عبد المدان في ربيع الأول سنة عشر. وسرية علي عليه السلام إلى اليمن. يقال مرتين، إحداهما في رمضان سنة عشر. وحج النبي صلى الله عليه وسلم بالناس سنة عشر. ورجع من مكة فمرض بضع عشرة ليلة. وعقد لأسامة بن زيد في مرضه إلى الشام. وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يخرج حتى بعثه أبو بكر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وتوفي يوم الاثنين اثنتي عشرة مضت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة. فكانت مغازي النبي صلى الله عليه وسلم التي غزا بنفسه سبعاً وعشرين غزوة. وكان ما قاتل منها تسعاً: بدر القتال، وأحد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف. وكانت السرايا سبعاً وأربعين سرية. واعتمر ثلاث عمر. ويقال: قد قاتل في بني النضير، ولكن الله جعلها له نفلاً خاصة. وقاتل في غزوة وادي القرى منصرفه من خيبر. وقتل بعض أصحابه. وقاتل في الغابة حتى قتل محرز بن نضلة. وقتل من العدو ستة.