الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر عروجه إلى السماء واجتماعه بالأنبياء
حدث أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة وكان من قومه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتيت وأنا عند البيت بين النائم واليقظان فسمعت يقال: أحد الثلاثة بين الرجلين، فانطلق بي فشرح ما بين صدري إلى كذا وكذا. قال قتادة الراوي: فقلت للذي معي: ما يعني؟ قال يقول: إلى أسفل بطنه، أشار أنس بيده إلى أسفل بطنه، فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب فيها من ماء زمزم فغسل ثم أعيد مكانه وحشي أو كنز إيماناً وحكمة، ثم أتيت بدابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يقال له البراق، يقع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه، ثم انطلقت ومعي جبريل عليه السلام حتى انتهينا إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال:
جبريل.
قيل ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم. قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. ففتح لنا، وقالوا: مرحباً به، ولنعم المجيء جاء، قال: فأتيت على آدم عليه السلام، فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك آدم، فسلمت عليه، فقال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح. ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الثانية، فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من هذا؟ قال: جبريل، قال: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، ففتحوا لنا، وقالوا: مرحباً ولنعم المجيء جاء. قال: فأتيت على عيسى ويحيى ابني الخالة عليهما السلام فقلت يا جبريل، من هذان؟ قال: هذان عيسى ويحيى، فسلمت عليهما فقالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. قال: ثم انطلقنا حتى أتيا السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، ففتحوا لنا، وقالوا: مرحباً ولنعم المجيء جاء. قال: فأتيت على يوسف عليه السلام. فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف أو هذا يوسف، قال: فسلمت عليه فقال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. قال: ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الرابعة فاستفتح جبريل علي السلام، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، ففتحوا لنا وقالوا: مرحباً به ولنعم المجيء جاء. قال: فأتيت على إدريس عليه السلام فقلت يا جبريل، من هذا؟ قال: هذا إدريس فسلمت عليه، فقال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. قال: ثم انطلقنا حتى أتينا السماء الخامسة فاستفتح جبريل قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم ففتح لنا، وقالوا مرحباً به، ولنعم المجيء جاء، فأتيت على هارون عليه السلام، فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا هارون، فسلمت عليه فقال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. قال: ثم انطلقنا حتى أتينا السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل: من هذا؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، ففتح لنا وقالوا: مرحباً به، ولنعم المجيء جاء، فأتيت على موسى عليه السلام، فقلت يا جبريل من هذا؟ قال: هذا موسى، أو أخوك موسى، فسلمت عليه فقال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح. قال: فلما جاوز به بكى، قال فنودي: ما يبكيك؟ فقال: ربي هذا غلام بعثته بعدي يدخل من أمته الجنة أكثر مما يدخل من أمتي.
ثم انطلقنا حتى أتينا السماء السابعة فاستفتح جبريل عليه السلام قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قال: ففتح لنا، وقالوا: مرحباً به ولنعم المجيء جاء. قال: فأتيت على إبراهيم عليه السلام فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا إبراهيم أو قال: أبوك إبراهيم. فسلمت عليه فقال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح. قال: ثم رفعت لنا سدرة المنتهى فحدث نبي الله صلى الله عليه وسلم أن نبقها مثل قلال هجر، وإن ورقها مثل آذان الفيل. وحدث نبي الله صلى الله عليه وسلم أو قال:
رأيت أربعة أنهار يخرجن من أصلها. قلت: يا جبريل ما هذه الأنهار؟ قال: أما النهران الباطنان فنهران في الجنة وأما النهران الظاهران فالنيل والفرات قال: وأوتيت بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن فعرضا علي، فاخترت اللبن فقيل لي: أصبت أصاب الله بك أمتك على الفطرة، وأمرت بخمسين صلاة كل يوم أو فرضت علي خمسون صلاة كل يوم، فأقبلت حتى أتيت موسى عليه السلام فقال: بم أمرت؟ قلت: بخمسين صلاة، قال: فقال: إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لا يطيقون ذلك، فارجع إلى ربك فاسأل التخفيف لأمتك. قال: فرجعت إلى ربي عز وجل فحط عني خمساً فأقبلت حتى أتيت على موسى عليه السلام فقال: بما أمرت؟ قلت: بخمس وأربعين صلاة كل يوم، قال: فقال: إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك. فما زلت بين ربي عز وجل وبين موسى عليه السلام يحط عني خمساً خمساًحتى رجعت بخمس صلوات كل يوم فأتيت على موسى فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بخمس صلوات كل يوم فقال: إني قد بلوت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال: فقلت: لقد رجعت إلى ربي عز وجل حتى لقد استحييت منه، ولكن أرضى وأسلم. قال: فنوديت أني قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي، وجعلت كل حسنة عشرة أمثالها. وفي حديث آخر: فلما علونا السماء الدنيا إذا رجل عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة فإذا نظر قبل يمينه تبسم، وإذا نظر قبل يساره بكى. قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح قال: قلت لجبريل عليه السلام: من هذا؟ قال: هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم بنيه فأهل اليمين هم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى. وفي آخر الحديث: ثم انطلق بي حتى أتى بي سدرة المنتهى قال: فغشيها ألوان ما أدري ما هي. قال: ثم
أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك. وفي رواية أخرى قال: فركبته يعني البراق فسار بي حتى أتيت على بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت، فأتاني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فأخذت اللبن فقال: اخترت الفطرة، قال: ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا. وذكر باقي الحديث. وفي آخره: ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت عشراً، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب شيء وإن عملها كتبت سيئة واحدة. وفي حديث آخر عند قوله في مراجعة الصلاة: قد استحييت من ربي مما أختلف إليه.
قال: فاهبط باسم الله فاستيقظ وهو في المسجد الحرام. وعن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: لما جاء جبريل عليه السلام بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكأنها صرت أذنيها فقال لها جبريل عليه السلام مه يا براق، فو الله إن ركبك مثله، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو بعجوز تانٍ وقيل: تانىء على جانب الطريق، فقال: ما هذه يا جبريل؟ قال: سر يا محمد، قال: فسار ما شاء الله أن يسير فإذا ثم شيء يدعوه فتنحى عن الطريق، هلم يا محمد فقال له جبريل: سر يا محمد، فسار ما شاء الله أن يسير قال: ثم لقي خلقاً من الخلق فقال: السلام عليك يا أول، السلام عليك يا آخر، والسلام عليك يا حاشر، فقال له جبريل: اردد السلام يا محمد، قال: فرد السلام، ثم لقيه الثاني فقال له مثل مقالة الأول، ثم لقيه الثالث قال له مقالة الأولين، حتى انتهى إلى بيت المقدس فعرض عليه الماء والخمر
واللبن فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن، فقال له جبريل عليه السلام: أصبت الفطرة ولو شربت الماء لغرقت وغرقت أمتك، ولو شربت الخمر لغويت وغوت أمتك. ثم بعث له آدم عليه السلام ومن دونه من الأنبياء فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة.
ثم قال له جبريل: أما العجوز التي تانٍ أو تانىء على جانب الطريق، فلم يبق من الدنيا إلا ما بقي من تلك العجوز، وأما الذي أراد أن تميل إليه فذلك عدو الله إبليس أراد أن تميل إليه، وأما الذين سلموا عليك فذلك إبراهيم وموسى وعيسى صلى الله عليهم وسلم. وفي حديث عند انتهائه إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال: فأوحي إلي اختر إن شئت نبياً عبداً، قال: نبياً عبداً. حدث أبو عبيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل بدابة فوق الحمار ودون البغل فحملني عليه ثم انطلق يهوي بنا. كلما صعد عقبه استوت رجلاه كذلك مع يديه وإذا هبط استوت يداه مع رجليه حتى إذا مررنا برجل طوال سبط آدم كأنه من رجال أزد شنوءة وهو يقول ويرفع صوته ويقول: أكرمته وفضله، فدفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام فقال: من هذا معك يا جبريل؟ قال: هذا أحمد صلى الله عليه وسلم. فقال: مرحباً بالنبي الأمي العربي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته. قال: ثم اندفعنا فقلت: من هذا يا جبريل؟ فقال: هذا موسى بن عمران قال: إن الله قد عرف له حدته. قال: يعاتب ربه فيك قال: قلت: ويرفع صوته على ربه!!؟ قال: إن الله قد عرف له حدته.
قال: ثم اندفعنا حتى مررنا بشجرة كأن ثمرها السرح تحتها شيخ وعياله. قال: فقال لي جبريل: اغد إلى أبيك إبراهيم عليه السلام. قال: فدفعنا إليه فسلمنا عليه فرد السلام وقال إبراهيم عليه السلام: يا جبريل من هذا معك؟ قال: هذا ابنك أحمد صلى الله عليه وسلم، قال: فقال: مرحباً بالنبي الأمي الذي بغل رسالة ربه ونصح أمته، يا بني إنك لاقٍ ربك الليلة وإن أمتك آخر الأمم وأضعفهم، فإن استطعت أن تكون حاجتك أوجلها في أمتك فافعل. قال: ثم اندفعنا حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى فنزلت وربطت الدابة بالحلقة التي في باب المسجد التي كانت الأنبياء تربط بها ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين قائم وراكع
وساجد، قال: ثم أتيت بكأسين من عسل ولبن، فأخذت اللبن فشربته فضرب جبريل عليه السلام منكبي وقال: أصبت الفطرة ورب محمد. قال: ثم أقيمت الصلاة فأممتهم ثم انصرفنا فأقبلنا. وعن عبد الله قال: لما أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السابعة أو السادسة، إليها ينتهي ما يخرج من تحتها فيقبض منها، وإليها ما هبط من فوقها فيقبض منها " إذ يغشى السدرة ما يغشى " قال: فراش من ذهب، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته شيئاً المقحمات. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال له أصحابه: يا رسول الله، أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها قال: قال الله عز وجل: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله " الآية. قال: فأخبرهم قال: بينما أنا نائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آتٍ فأيقظني فاستيقظت فلم أر شيئاً ثم عدت في النوم، ثم أيقظني فاستيقظت، فلم أر شيئاً، ثم عدت في النوم، ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئاً، فإذا أنا بكهيئة خيال فاتبعته ببصرى حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى شبهة بدوابكم هذه، بغالكم هذه مضطرب الأذنين، يقال له البراق، وكانت الأنبياء صلوات الله عليهم تركبه قبلي يقع حافره مد بصره فركبته،
فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داعٍ عن يميني: يا محمد انظرني أسألك، يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه ولم أقم عليه. فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يساري: يا محمد انظرني أسألك، يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه. فبينما أنا أسير عليه إذا أنا بامرأة حاسر عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله، فقالت: يا محمد انظرني أسألك، فلم ألتفت إليها، ولم أقم عليها.
حتى أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء توثقها به، فأتاني جبريل عليه السلام بإناءين أحدهما خمر والآخر لبن، فشربت اللبن وتركت الخمر فقال جبريل أصبت الفطرة، فقلت الله أكبر الله أكبر، فقال جبريل: ما رأيت في وجهك هذا؟ قال: فقلت: بينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يميني، يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه، ولم أقم عليه فقال: ذلك داعي اليهود أما إنك لو أجبته أو وقفت عليه لتهودت أمتك. قال: وبينما أنا أسير إذ دعاني داعٍ عن يساري فقال: يا محمد انظرني أسألك، فلم ألتفت إليه، ولم أقم عليه، قال: ذاك داعي النصارى، أما لو أنك أجبته لتنصرت أمتك. قال: فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول: يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبها، ولم أقم عليها قال: تلك الدنيا، أما إنك لو أجبتها أو أقمت عليها لاخترت أمتك الدنيا على الآخرة. قال: ثم دخلت أنا وجبريل عليه السلام بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين، ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم فلم ير الخلائق أحسن من المعراج، ما رأيتم الميت حين يشق بصره طامحاً إلى السماء، فإنما يشق بصره طامحاً إلى السماء عجبه بالمعراج. قال: فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك، مع كل ملك جنده مئة ألف ملك، قال: وقال الله عز وجل: " وما يعلم جنود ربك إلا هو " فاستفتح جبريل باب السماء قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: أو قد بعث إليه؟ قال: نعم. فإذا
أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته تعرض عليه أرواح ذرينه المؤمنين فيقول: روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين، ثم عرض عليه أرواح ذريته الفجار فيقول: روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين. ثم مضت هنية فإذا أنا بأخونه يعني بالخوان المائدة التي يؤكل عليها عليها لحم مشرح ليس يقربها أحد وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح ونتن، عندها أناس يأكلون منها قلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام. قال: ثم مضت هنية فإذا بأقوام بطونهم أمثال البيوت. كلما نهض أحدهم خر يقول: اللهم لا تقم الساعة، قال: وهم على سابلة آل فرعون، قال: فتجيء السابلة فتطأهم. قال: فسمعتهم يضجون إلى الله عز وجل، وقلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا " لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ". قال: ثم مضت هنية فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل قال: ينفخ على أفواههم ويلقمون ذلك الحجر ثم يخرج من أسافلهم، فسمعتهم يضجون إلى الله فقال: قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء أمتك " الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً ". قال: ثم مضيت هنية فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن، فسمعتهن يضجون إلى الله عز وجل قلت: يا جبريل من هؤلاء النساء؟ قال: هؤلاء الزناة من أمتك. قال: ثم مضيت هنية فإذا أنا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم فيلقون فيقال له: كل ما كنت تأكل من لحم أخيك. قلت: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون. ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل على الناس
بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف عليه السلام ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعدت إلى السماء الثالثة فإذا أنا بيحيى وعيسى عليهما السلام ومعهما نفر من قومهما فسلمت عليهما وسلما علي.
ثم صعدت إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس عليه السلام قد رفعه الله مكاناً علياً فسلمت عليه وسلم علي. قال: ثم صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون عليه السلام ونصف لحيته بيضاء ونصفها أسود تكاد لحيته تضرب سوءته من طولها. قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا المحبب في قومه هذا هارون بن عمران، ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعد بي إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران رجل آدم كثير الشعر لو كان عليه قمصان لنفذ شعره دون القميص، فإذا هو يقول: يزعم الناس أني أكرم على الله من هذا. بل هو أكرم على الله مني قال: قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران قال: ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعدت السماء السابعة فإذا أنا بأبينا إبراهيم خليل الرحمن سانده ظهره إلى بيت المعمور كأحسن الرجال فقلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم خليل الرحمن ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي. وإذا أنا بأمتي شطرين، شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس، وشطر عليهم ثياب رمد، قال: فدخلت البيت المعمور ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد، وهم على خير. فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور ثم خرجت أنا ومعي. قال: والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة.
ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا كل ورقة فيها تكاد أن تغطي هذه الأمة، وإذا فيها عين تجري يقال لها سلسبيل فينشق منها نهران أحدهما الكوثر والآخر يقال له نهر الرحمة،
فاغتسلت فيه فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر. ثم إني رفعت إلى الجنة فاستقبلتني جارية، فقلت: لمن أنت؟ قالت: لزيد بن حارثة، وإذا أنا بأنهار " من ماءٍ غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى " وإذا رمانها كأنه الدلاء عظماً، وإذا أنا بطيرها كأنها بختكم هذه.
فقال: عندها صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء: إن الله عز وجل قد أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأته ولا أذن سمعته ولا خطر على قلب بشر. قال: عرضت علي النار فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته لو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم أغلقت دوني. ثم إني إلى سدرة المنتهى فتغشى لي، وكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى قال: ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة. قال: وقال: فرضت علي خمسون وقال: لك بكل حسنة عشرة، وإذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة وإذا عملتها كتبت لك عشراً، وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء فإن عملتها كتبت عليك سيئة واحدة. ثم رفعت إلى موسى عليه السلام فقال: ما أمرك ربك؟ قلت بخمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك ومتى لا تطقه تكفر، فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم، فوضع عني عشراً وجعلها أربعين، فما زلت بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته حتى رجعت إليه فقال لي بم أمرت؟ فقلت: أمرت بعشر
صلوات قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت إلى ربي فقلت: أي رب، خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فوضع خمساً وجعلها خمساً.
فنادى ملك عندها: تمت فريضتي وخففت على عبادي فأعطيتهم بكل حسنة عشرة أمثالها ثم رجعت إلى موسى فقال: بم أمرت قلت: بخمس صلوات، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإنه لا يؤوده شيء فسله التخفيف لأمتك فقلت: رجعت إلى ربي حتى استحييت. ثم أصبح بمكة يخبرهم بالعجائب ويقول إني رأيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء ورأيت كذا ورأيت كذا فقال أبو جهل بن هشام: ألا تعجبون مما يقول محمد، يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس ثم أصبح فينا، وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهراً ومنقلبة شهراً فهذا مسيرة شهرين في ليلة واحدة قال: فأخبرهم بعير لقريش: لما كنت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا، وإنها نفرت. فلما رجعت رأيتها عند العقبة، فأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا ومتاعه كذا وكذا، فقال أبو جهل: يخبرنا بأشياء، فقال رجل من المشركين: أنا أعلم الناس ببيت المقدس وكيف بناؤه وكيف هيئته وكيف قربه من الجبل، فإن يكن محمد صادقاً فسأخبركم وإن يك كاذباً فسأخبركم، فجاءه ذلك المشرك فقال: يا محمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس من فأخبرني كيف بناؤه وكيف هيئته وكيف قربه من الجبل؟ قال: فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس من مقعده فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته وجعل يقول: بناؤه كذا وكذا وهيئته كذا وكذا وقربه من الجبل كذا وكذا فقال الآخر: صدقت فرجع إلى أصحابه فقال: صدق محمد فيما قال أو نحواً من هذا الكلام. وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في هذه الآية: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " قال: أتي بفرس فحمل عليه، قال: كان خطوه منتهى أقصى بصره فسار وسار معه جبريل عليه السلام فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد كما كان فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المهاجرون في سبيل الله، يضاعف الله لهم الحسنة بسبع مئة ضعف وما انفصم من شيء فهو يخلفه، وهو خير الرازقين. ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر، كلما رضخت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء فقال: يا جبريل، من هؤلاء؟ قال: قال: هؤلاء الذين تتثاقل
رؤوسهم عن الصلاة. قال: ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع، وعلى أدبارهم رقاع. يسرحون كما تسرح الأنعام، عن الضريع والزقوم. ووصف جهنم وحجارتها قال: ما هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين لا يؤدون الصدقات عن أموالهم وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبد. ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم في قدر نضيج طيب ولحم آخر خبيث، فجعلوا يأكلون من الخبيث ويدعون النضيج الطيب فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هو الرجل يقوم وعنده امرأة حلال فتأتي امرأة خبيثة فتبيت معه حتى يصبح. ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها شيء إلا قصعته يقول الله تعالى " ولا تقعدوا بكل صراطٍ توعدون ". ثم مر على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يريد أن يزيد عليها قال: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا رجل من أمتك عليه أمانة لا يستطيع أداءها وهو يزيد عليها. ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقارض من حديد. كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء قال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء الفتنة.
ثم أتى على حجر صغير يخرج منه نور عظيم، فجعل النور يريد أن يدخل من حيث خرج ولا يستطيع. قال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة فيندم عليها فيريد أن يردها ولا يستطيع. ثم أتى على واد فوجد ريحاً باردة طيبة ريح المسك وسمع صوتاً فقال: يا جبريل ما هذه الريح الطيبة؟ وريح المسك؟ وما هو الصوت؟ قال: هذا صوت الجنة تقول: يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني فقد كثر غرفي وحريري وسندسي واستبرقي وعبقريي ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأباريقي، وقواريري، وعسلي وخمري
ولبني، فائتني بما وعدتني فقال: لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ومن آمن بي ورسلي وعمل صالحاً ولم يشرك بي شيئاً ولم يتخذ من دوني أنداداً، ومن خشي أمنته، ومن سألني أعطيته ومن أقرضني جزيته، ومن توكل علي كفيته، أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد " قد أفلح المؤمنون " إلى قوله " تبارك الله أحسن الخالقين: قالت: قد رضيت. ثم أتى على واد سمع صوتاً منكراً فقال: يا جبريل ما هذا الصوت؟ قال: هذا صوت جهنم تقول: ائتني بأهلي وما وعدتني فقد كثر سلاسلي وأغلالي وسعيري وزقومي وحميمي وحجارتي وغساقي وغسليني، وقد بعد قعري واشتد حري، فائتني بما وعدتني فقال: لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة، وكل خبيث وخبيثة، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب. قالت: قد رضيت. قال: ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى صخرة ثم دخل فصلى مع الملائكة فلما قضيت قالوا: يا جبريل من هذا معك؟ قال: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين قالوا: وقد أرسل؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ والخليفة، ونعم المجيء جاء. قال: ثم أتى أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم. قال: فقال إبراهيم عليه السلام: الحمد لله الذي اتخذ إبراهيم خليلاً، وأعطاني ملكاً عظيماً، وجعلني أمة قانتاً يؤم بي، وأنقذني من النار وجعلها علي برداً وسلاماً.
قال: ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي كلمني تكليماً، واصطفاني برسالته وكلماته، وقربني إليه نجياً ونزل علي التوراة، وجعل هلاك فرعون على يدي، ونجى بني إسرائيل على يدي. قال: ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي خولني ملكاً، وأنزل علي الزبور وألان لي الحديد، وسخر لي الطير والجبال، وآتاني الحكمة وفصل الخطاب.
ثم إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي سخر لي الرياح والجن والإنس، وسخر لي الشياطين يعملون ما شئت " من محاريب وتماثيل ".. إلى آخر الآية. وعلمني منطق الطير، وأسأل لي عين القطر وأعطاني ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي. ثم إن عيسى بن مريم عليهما السلام أثنى على ربه فقال: الحمد لله الذي علمني التوراة والإنجيل وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذنه، ورفعني وطهرني من الذين كفروا فأعادني وأمي من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان علينا سبيل.
ثم أن محمداً عليه السلام أثنى على ربه فقال: كلهم أثنى على ربه وأنا مثن على ربي فقال: الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيراً ونذيراً، وأنزل علي القرآن فيه تبيان لكل شيء، وجعل أمتي خير الأمم، وجعل أمتي أمة وسطاً، وجعل أمتي هم الأولون وهم الآخرون، وشرح صدري ووضع عني وزري، ورفع لي ذكري، وجعلني فاتحاً وخاتماً. فقال إبراهيم عليه السلام: بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم. قال: ثم أتي بآنية ثلاث مغطاة أفواهها فأتي بإناء فيه ماء فقيل له: اشرب فشرب منه يسيراً ثم رفع إليه إناء آخر فيع لبن فشرب منه حتى روي ثم رفع إليه إناء آخر فيه خمر فقال: قد رويت ولا أريده. فقيل له: قد أصبت أما إنه ستحرم على أمتك. ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليل. قال: ثم صعدنا إلى السماء فذكر الحديث بنحو مما تقدم إلى أن قال: ثم صعدنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم قال: وقد أرسل؟ قال: نعم قالوا: حياه الله من أخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء. فإذا برجل شمط جالس على كرسي عند باب الجنة، وعنده قوم بيض الوجوه وقوم سود الوجوه وفي ألوانهم شيء، فأتوا نهراً فاغتسلوا فيه فخرجوا منه وقد خلص من أنوارهم شيء، ثم إنهم أتوا نهراً آخر فاغتسلوا فيه وقد خلص من ألوانهم شيء ثم دخلوا النهر الثالث فخرجوا وقد خلصت ألوانهم مثل ألوان أصحابهم فقال: يا جبريل من هؤلاء
بيض الوجوه وهؤلاء الذين في ألوانهم شيء فدخلوا النهر فخرجوا وقد خلصت ألوانهم؟ فقال: هذا أبوك إبراهيم هو أول رجل شمط على سطح الأرض، وهؤلاء بيض الوجوه قوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم قال: وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء " خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً " فتابوا فتاب الله عليهم، وأما النهر الأول فرحمة الله، وأما النهر الثاني فنعمة الله، وأما النهر الثالث " وسقاهم ربهم شراباً طهوراً ". ثم انتهى إلى سدرة المنتهى. فقيل لي: هي السدرة إليها ينتهي كل أحدٍ من أمتك ويخرج من أصلها: " أنهارٌ من ماء غير آسنٍ وأنهارٌ من لبن لم يتغير طعمه وأنهارٌ من خمرٍ لذة للشاربين وأنهارٌ من عسل مصفى " قال: وهي شجرة يسير الراكب في أصلها مئة عام ما يقطعها.
وإن الورقة منها مغطية الخلق، قال: فغشيها نور الخالق وغشيتها الملائكة فكلمه ربه عند ذلك قال له: سل. قال: إنك اتخذت إبراهيم خليلاً وأعطيته ملكاً عظيماً، وكلمت موسى تكليماً، وأعطيت داود ملكاً عظيماً وألنت له الحديد وسخرت له الجبال، وأعطيت سليمان ملكاً عظيماً لا ينبغي لأحد من بعده، علمت عيسى التوراة والإنجيل وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك وأعذته وأمه من الشيطان فلم يكن له عليهما سبيل.
فقال له ربه: قد اتخذتك خليلاً قال: وهو مكتوب في التوراة خليل الرحمن. وأرسلناك إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً، وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك ورفعت لك ذكرك فلا أذكر إلا ذكرت معي يعني الأذان وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس، وجعلت أمتك وسطاً وجعلت أمتك هم الأولون وهم الآخرون، وجعلت من أمتك أقواماً قلوبهم أناجيلهم لا تجوز عليهم خطيئة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي، وجعلتك أول البشر خلقاً وآخرهم مبعثاً وآتيتك سبعاً من المثاني لم أعطها نبياً قبلك وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطها نبياً قبلك، وجعلتك فاتحاً وخاتماً.
قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم " فضلني ربي: أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيراً ونذيراً وألقى في قلوب عدوي الرعب مني مسيرة شهر، وأحل لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض كلها مسجداً وطهرواً، وأوتيت فواتح الكلام وخواتيمه وجوامعه، وعرضت علي أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع، ورأيتهم أتوا على قوم ينتعلون الشعر، ورأيتهم أتوا على قوم عراض الوجوه صغار الأعين كأنما خزمت أعينهم بالمخيط فلم يخف علي ما هم لاقون ن بعدي، وأمرت بخمسين صلاة فرجعت إلى موسى
…
فذكر الحديث بمعنى ما تقدم غير أنه قال في آخره: قال: فقيل له: اصبر على خمس فإنها تجزئ عنك بخمسين، كل خمس بعشرة أمثالها قال: فكان موسى اشتد عليه حين مر به، وخبرهم حين رجع إليه. وعن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وغيره من رجاله قالوا: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يريه الجنة والنار، فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من شهر رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في بيته ظهراً أتاه جبريل وميكائيل فقالا: انطلق إلى ما سألت إليه، فانطلقنا به إلى ما بين المقام وزمزم فأتي بالمعراج، فإذا هو أحسن شيء منظراً فعرجا به إلى السماوات سماء سماء فلقي فيها الأنبياء، وانتهى إلى سدرة المنتهى وأري الجنة والنار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ولما انتهيت إلى السماء إلى السماء السابعة لم أسمع إلا صريف الأقلام وفرضت علي الصلوات الخمس فنزل جبريل فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات في مواقيتها ". وعن أم هانئ وابن عباس وغيرهم دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة من شعب أبي طالب إلى بيت المقدس.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حملت على دابة بيضاء بين الحمار وبين البغل في فخذيها جناحان تحفز بهما رجليها، فلما دنوت لأركبها شمست فوضع جبريل عليه السلام يده على معرقها ثم قال: ألا تستحين يا براق مما تصنعين، والله ما ركب عليك عبد لله قبل محمد صلى الله عليه وسلم أكرم على الله منه، فاستحيت حتى ارفضت عرقاً ثم أقرت حتى ركبها فعملت بأذنيها وقبضت الأرض حتى كان منتهى وقع حافرها طرفها، وكانت طويلة الظهر طويلة الأذنين، وخرج معي جبريل لا يقويني ولا أقويه حتى انتهى بي إلى بيت المقدس فانتهى البراق إلى موقفه الذي كان يقف فربطه وكان مربط الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: رأيت الأنبياء جمعوا لي فرأيت إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فظننت أنه لا بد من أن يكون لهم إمام فقدمني جبريل حتى صليت بين أيديهم وسألتهم فقالوا: بعثنا بالتوحيد ". وقال بعض الرواة: فقد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فتفرقت بنو عبد المطلب يطلبونه ويلتمسونه، وخرج العباس بن عبد المطلب حتى بلغ ذا طوى، فجعل يصرخ: يا محمد يا محمد، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك، قال: يا بن أخي عنيت قومك منذ الليلة فأين كنت؟ قال: أتيت من بيت المقدس، قال: في ليلتك؟ قال: نعم قال: هل أصابك إلا خير؟ قال: ما أصابني إلا خير. وقالت أم هانئ بنة أبي طالب: ما أسري به إلا من بيتنا، نام عندنا تلك الليلة، صلى العشاء ثم نام. فلما كان الفجر أنبهناه للصبح فقام فلما صلى الصبح قال: يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء كما رأيت بهذا الوادي، ثم قد جئت بيت المقدس فصليت فيه ثم صليت الغداة معكم ثم قام ليخرج فقلت: لا تحدث هذا للناس فيكذبوك ويؤذوك، فقال: والله لأحدثنهم فأخبرهم. فتعجبوا وقالوا: لم نسمع بمثل هذا قط. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: يا جبريل إن قومي لا يصدقوني، قال: يصدقك أبو بكر وهو الصديق، وافتتن ناس كثير كانوا قد وصلوا وأسلموا.
وقمت في الحجر فخيل إلي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن أثاثه وأنا أنظر إليه. فقال بعضهم: كم للمسجد من باب؟ ولم أكن
عددت أبوابه فجعلت أنظر إليها وأعدها باباً باباً وأعلمهم. وأخبرتهم عن عيرات لهم في الطريق وعلامات فيها فوجدوا ذلك كما أخبرتهم. وأنزل الله تعالى: " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنةً للناس " قال: كانت رؤيا عين رآها بعينه. وعن زر بن حبيش قال: أتاني حذيفة وأنا أحدث في بيت المقدس وأنا أقول أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فيه، فقال حذيفة: ما اسمك يا صلع؟ فإني أعرف وجهك ولا أدري ما اسمك، اقرأ القرآن فقرأت:" سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " فلم أجد فيها أنه صلى. قال حذيفة: والله ما صلى فيه، ولو صلى فيه لكتبت عليكم صلاة فيه، كما كتب عليكم الصلاة في البيت العتيق. والله ما زايلا طهر البراق عودهما على بدئهما حتى رجعا. يزعمون ربطه، أو ليس سخره له قادر على أن يحبسه له، فسئل البراق فقال: دابة أبيض فوق الحمار خطوه مد البصر. وعن عبد الله بن سعد بن زرارة ما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسري بي في قفص من لؤلؤ فراشه من ذهب ".
ما خص وشرف به من بين الأنبياء
ذكر ما خص به وشرف به من بين الأنبياء
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما عرج بي إلى السماء الدنيا مررت على نهر عجاج يطرد مثل السهم، أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وحافتاه قباب من در مجوف، فضربت بيدي إلى حمأته فإذا هو مسك، وضربت بيدي إلى رضراضه فإذا هو در فقلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ". وعن أنس بن مالك قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الكوثر الذي أعطاك ربك؟ قال: نهر كمثل ما بين أيلة إلى صنعاء وأيلة من أرض الشام آنيته أكثر من عدد نجوم السماء، يرده طير لها أعناق كأعناق البخت، فقال عمر بن الخطاب: والله يا رسول الله إنها لناعمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلها أنعم منها. وعن عقبة بن عامر قال: آخر ما خطب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى على شهداء أحد ثم رقي المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني لكم فرط وأنا عليكم شهيد، وأنا أنظر إلى حوضي الآن وأنا في مقامي هذا، وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي، ولكني أريت أني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، فأخاف عليكم أن تنافسوا فيها. وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل يدخل من أمتي يوم القيامة سبعين ألفاً بغير حساب، مع كل ألف
سبعون ألفاً وثلاث حثيات، فقال رجل: يا رسول الله، فم سعة حوضك؟ قال: ما بين عدن وعمان. قال: وأشار بيده وأوسع وأوسع، وفيه مثعبان من ذهب وفضة. قيل: يا رسول الله، فم شرابه؟ قال: أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب ريحاً من المسك، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبداً، ولن يسود وجهه أبداً ".
وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لي حوض، طوله ما بين الكعبة إلى بيت المقدس، أشد بياضاً من اللبن، آنيته عدد النجوم، وكل نبي يدعو أمته، ولكل نبي حوض فمنهم من يأتيه الفئام، ومنهم من يأتيه العصبة، ومنهم من يأتيه النفر، ومنهم من يأتيه الرجلان والرجل، ومنهم من لا يأتيه أحد، فيقال: قد بلغت، وإني أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ". وعن ابن عباس قال: الكوثر: الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: فقلت لسعيد بن خيبر: فإن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال: النهر الذي في الجنة من الخير الكثير الذي أعطاه الله وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا أول شفيع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة.
إن من الأنبياء لمن يأتي يوم القيامة وليس معه مصدق غير واحد ". وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ". وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لكل نبي يوم القيامة منبراً من نور، وإني على أطولها وأنورها، فيجيء المنادي
فينادي: أين النبي يعني فيقولون كلنا نبي الله فإلى أينا أرسلت؟ فيرجع فينادي: أين النبي الأمي العربي فينزل محمد صلى الله عليه وسلم حتى يأتي باب الجنة
…
" فذكر حديث الشفاعة بطوله. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت فواتح الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم البارحة إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض حتى وضعت في يدي، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها، وربما قال: تنفلونها. وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضلنا على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء، وجعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وأتيت هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة من بيت كنز تحت العرش، ولم يعط منه أحد قبلي ولا يعطي منه أحد بعدي ".وعن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أعطينا أربعاً لم يعطهن أحدٌ كان قبلنا، وسألت ربي الخامسة فأعطانيها وهي ما هي: كان النبي يبعث إلى قرية لا يعدوها وبعثت كافة للناس، وأرهب مني عدونا مسيرة شهر، وجعلت الأرض لنا طهوراً ومسجداً، وأحل لنا الخمس ولم يحل لأحد قبلنا. وسألت ربي الخامسة فأعطانيها وهي ما هي، سألته عز وجل ألا يلقاه عبد يوحده إلا دخل الجنة، فأعطانيها ". وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطيت خمساً لم يعطها نبي قبلي، ولا فخر؛ بعثت إلى الناس كافة، للأحمر والأسود وكان من قبلي يبعث إلى قومه، وأحل لكم الغنم وأطعمتموه، وكان قبلي يقربونه فتجيء نار فتأكله، ونصرت بالرعب يفرق مني العدو على مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأهل الكتاب لا يصلون إلا في كنائسهم وبيعهم، وأعطيت الشفاعة، فادخرتها لأمتي يوم اليقامة، وهي نائلة منهم من مات لا يشرك بالله شيئاً ".
وفي حديث عن أبي موسى: وأعطيت الشفاعة، وإنه ليس من نبي إلا وقد قدم الشفاعة، وإني أخرت شفاعتي، جعلتها لمن مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أعطيت شيئاً لا أقولهن فخراً، لم يعطهن أحدٌ قبلي: غفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، وجعلت أمتي خير الأمم، وأحلت لي الغنائم ولم تحلل لأحد كان قبلي، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأعطيت الكوثر، ونصرت بالرعب. والذي نفسي بيده إن صاحبكم لصاحب لواء الحمد يوم القيامة ". وفي حديث غيره: وختم بي النبيون. وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق عليه قطيفة من سندس ". وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما أسري بي جبريل سمعت تسبيحاً في السماوات العلا، فرجف فؤادي، فقال جبريل: يا محمد، تقدم ولا تخف، فإن اسمك مكتوب على العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله ".
وعن حذيفة بن اليمان قال: غاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج. فلما خرج سجد سجدة ظننا أن نفسه قبضت فيها. فلما رفع رأسه قال: إن ربي استشارني في أمتي: ماذا أفعل بهم؟ قلت: ما شئت يا رب، هم خلقك وعبادك، فاستشار الثانية فقلت له كذلك. فقال: لم أجزك في أمتك يا محمد، وبشرني أن أول من يدخل الجنة نفر من أمتي سبعون ألفاً، مع كل ألف سبعون ليس علهم حساب، ثم أرسل إلي ربي: ادع تجب، وسل تعطه، فقلت لرسوله: أو يعطي ربي سؤلي؟ فقال: ما أرسل إليك إلا ليعطيك، ولقد أعطاني ربي غير فخر: إنه غفر لي ما تقدم وما تأخر، وشرح صدري، وأنه أعطاني ألا تجوع أمتي، ولا تغلب، وأنه أعطاني الكوثر نهراً في الجنة
يسيل في حوضي، وأعطاني العز والنصر، وأرعب بين أمتي شهراً، وإنه أعطاني بأني أول الأنبياء دخولاً للجنة. وطيب لي لأمتي الغنيمة، وأحل كثيراً مما شدد على من قبلنا، ولم يجعل علينا في الدين من حرج، فلم أجد أن أشكر إلا هذه السجدة. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما أسري بي إلى السماء قربني ربي عز وجل حتى كان بيني وبينه كقاب قوسين أو أدنى لا، بل أدنى، وعلمني السمات. قال: يا حبيبي يا محمد، قلت: لبيك يا رب. قال: هل غمك أن جعلتك آخر النبيين؟ قلت: يا رب، لا. قال: حبيبي، فهل غم أمتك أن جعلتهم آخر الأمم؟ قلت: يا رب، لا. قال: أبلغ أمتك عني السلام، وأخبرهم أني جعلتهم آخر الأمم لأفضح الأمم عندهم، ولا أفضحهم عند الأمم ". وعن سلمان قال: حضرت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فإذا أعرابي جاء في رجل بدوي، قد وقف علينا فسلم فرددنا عليه، فقال: يا قوم، أيكم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا محمد رسول الله، فقال الأعرابي: إني والله لقد آمنت بك قبل أن أراك، وأحببتك قبل أن ألقاك، وصدقتك قبل أن أرى وجهك، ولكني أريد أن أسألك عن خصال. فقال: سل عما بدا لك، فقال: فداك أبي وأمي، أليس الله عز وجل كلم موسى عليه السلام؟ قال: بلى. قال: وخلق عيسى عليه السلام من روح القدس؟ قال: بلى. قال: واتخذ إبراهيم عليه السلام خليلاً واصطفى آدم عليه السلام؟ قال: بلى، قال: بأبي أنت وأمي إيش أعطيت من الفضل، فأطرق النبي صلى الله عليه وسلم وهبط عليه جبريل فقال: الله يقرؤك السلام، وهو يسألك عما هو أعلم به منك، الله يقول: يا حبيبي، لم أطرقت رأسك؟ ارفع رأسك ورد على الأعرابي جوابه. قال: أقول ماذا يا جبريل؟ قال: الله يقول: إن كنت اتخذت إبراهيم عليه السلام خليلاً فقد اتخذتك من قبل حبيباً، وإن كنت كلمت موسى عليه السلام في الأرض فقد كلمتك وأنت معي في السماء والسماء أفضل من الأرض وإن كنت خلقت عيسى عليه السلام من روح القدس فقد خلقت اسمك من قبل أن أخلق الخلق بألفي سنة، ولقد وطئت في السماء موطئاً لم يطأه أحد قبلك، ولا يطؤه أحد بعدك، إن كنت اصطفيت آدم عليه السلام فبك ختمت الأنبياء.
ولقد خلقت مئة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي ما خلقت خلقاً أكرم علي منك. ومن يكون أكرم علي منك؟ وقد أعطيت الحوض والشفاعة والناقة
والقضيب والميزان والوجه الأقمر والجمل الأحمر والتاج والهراوة والحجر والعمرة والقرآن وفضل شهر رمضان والشفاعة. كلها لك حتى ظل عرشي في القيامة على رأسك ممدود، وتاج الحمد على رأسك معقود، ولقد قرنت اسمك مع اسمي، فلا اذكر في موضع حتى تذكر معي، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك علي ومنزلتك عندي، ولولاك يا محمد ما خلقت الدنيا. وعن وهب قال: قرأت في زبور داود عليه السلام ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه يجوز من البحر إلى البحر، من لدن الأنهار إلى منقطع الأرض، وأنه يخر أهل الجزائر بين يديه على ركبهم، ويلحس أعداؤه التراب من تحت قدميه، وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد، لأنه يخلص المضطهد ممن هو أقوى منه، ويرأف بالضعفاء والمساكين ويصلي عليه في كل وقت ويبارك عليه في كل يوم، ويدوم ذكره مع ذكر الله عز وجل إلى الأبد. وعن جابر قال: بين كتفي آدم مكتوب: محمد رسول الله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.