الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر طهارة مولده وطيب أصله
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء، ما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ولدتني بغي قط مذ خرجت من صلب آدم. ولم تزل تنازعني الأمم كابراً عن كابر حتى خرجت من أفضل حيين من العرب: هاشم وزهرة.
وعن ابن عباس: (وتقلب في الساجدين) قال: من نبي إلى نبي حتى أخرجت نبياً.
وقال عطاء بن أبي رباح قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب النساء حتى ولدته أمه.
وعن الكلبي قال: كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم خمس مئة أم، فما وجدت فيهن سفاحاً ولا شيئاً مما كان من أمر الجاهلية.
وعن محمد بن جعفر العلوي قال: أشهد على أبي يحدثني عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، ما أصابني من سفاح الجاهلية شيء.
وروى جعفر بن محمد عن أبيه: في قوله تبارك وتعالى: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " قال: لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية. وروى ابن عباس قال: كانت امرأة الجاهلية من خثعم تعرض نفسها في مواسم الحج، وكانت ذات جمال وكان معها أدم أن تطوف بها كأنها تبيعها، فأتت على عبد الله بن عبد المطلب فأظن أنه أعجبها فقالت: إني والله، ما أطوف بهذا الأدم، ومالي بها وإلى ثمنها حاجة، وإنما أتوسم هل أجد كفؤاً، فإن كانت لك إلي حاجة فقم، فقال لها: مكانك أرجع إليك، فانطلق إلى رحله فبدأ فواقع أهله فحملت بالنبي صلى الله عليه وسلم. فلما رجع إليها قال: ألا أراك ها هنا؟ قالت: ومن أنت؟ قال: الذي واعدتك. قالت: لا ما أنت هو، ولئن كنت هو لقد رأيت بين عينيك نوراً ما أراه الآن.
وفي رواية قالت: هل أتيت امرأة بعدي؟ قال: نعم، امرأتي آمنة بنت وهب. قال: فلا حاجة لي فيك. إنك مررت وبين عينيك نور ساطع إلى السماء، فلما وقعت عليها ذهب. فأخبرها أنها قد حملت خير أهل الأرض.
وقال ابن العباس: لما انطلق عبد المطلب بابنه عبد الله ليزوجه مر به على كاهنة من أهل تبالة متهودة، قد قرأت الكتب يقال لها فاطمة بنت مر الخثعمية، فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقالت: يا فتى هل لك أن تقع علي الآن وأعطيك ئة من الإبل؟ فقال عبد الله:
أما الحرام فالممات دونه
…
والحل لا حل فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه؟
فزوجه آمنة بنت وهب، فأقام عندها ثلاثاً، ثم إن نفسه دعته إلى ما دعته إليه
الكاهنة فأتاها فقالت: يا فتى، ما صنعت بعدي؟ فأخبرها، فقالت: والله ما أنا بصاحبة ريبة، ولكني رأيت في وجهك نوراً فأردت أن يكون في، وأبى الله تعالى أن يصيره إلا حيث أراد، وقالت في ذلك شعراً.
وقال ابن عباس: إن المرأة التي عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطلب ما عرضت امرأة من بني أسد بن عبد العزى، وهي أخت ورقة بن نوفل، قتيلة، وكانت تنظر وتعتاف، وقيل إنها قالت: مررت وبين عينيك غرة مثل غرة الفرس ورجعت وهو ليس في وجهك.
وقد روي أن التي عرضت نفسها على عبد الله لم تك بغياً، وإنما كانت زوجة لعبد الله مع آمنة، فمر بها وقد أصابه أثر من طين عمل به، فدعاها إلى نفسه فأبطأت عليه لما رأت به من أثر الطين، فدخل وغسل عنه أثر الطين ثم دخل عامداً إلى آمنة، ثم دعته صاحبته التي كان أراد إلى نفسه فأبى للذي صنعت به أول مرة، فدخل على آمنة فأصابها ثم خرج قد غشاها إلى نفسه فقالت: لا حاجة لي بك، مررت وبين عينيك غرة فرجوت أن أصيبها منك، فلما دخلت على آمنة ذهبت بها منك.
قال ابن عباس: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: فداك أبي وأمي: أين كنت وآدم في الجنة؟ قال: فتبسم حتى بدت نواجذه ثم قال: كنت في صلبه وركب بي السفينة في صلب أبي نوح، وقذف بي في صلب أبي إبراهيم، لم يلتق أبواي قط على سفاح. لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الحسنة إلى الأرحام الطاهرة صفي مهدي لا يتشعب شعبان إلا كنت في خيرهما، وقد أخذ الله بالنبوة ميثاقي وبالإسلام عهدي، ونشر في التوراة والإنجيل ذكري، وبين كل نبي صفتي، تشرق الأرض بنوري، والغمام لوجهي وعلمني كتابه وروى بي سحابه، وشق لي اسماً من أسمائه. فذو العرش محمود، وأنا محمد وعدني أن يحبوني بالحوض والكوثر، وأن يجعلني وأول مشفع، ثم أخرجني من خير قرن لأمتي وهم الحمادون،
يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر. فقال حسان بن ثابت في النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأبيات من المنسرح:
من قبلها طبت في الظلال وفي
…
مستودع يوم يخصف الورق
فقال النبي صلى الله عليه وسلم رحم الله حسان، فقال علي بن أبي طالب: وجبت الجنة لحسان ورب الكعبة.
قال: هذا حديث غريب. والمحفوظ أن هذه الأبيات للعباس رضي الله عنه.
كما روي عن خريم بن أوس بن جارية قال:
هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمت عليه منصرفه من تبوك فأسلمت فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول الله، إني أريد أن أمتدحك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل، لايفضض الله فاك، فأنشأ يقول:
من قبلها طبت في الظلال وفي
…
مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشرٌ
…
أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطفةٌ تركب السفين وقد
…
ألجم نسراً وأهله الغرق
تنقل من صالبٍ إلى رحمٍ
…
إذا مضى عالم بدا طبق
حتى احتولى بيتك المهين من
…
خندف علياء تحتها النطق
وأنت لما ولدت أشرقت
…
الأرض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي الن
…
ور وسبل الرشاد نخترق
قوله: لا يفضض الله فاك: أي لا يسقط ثغرك، والعوام تقول: لا يفضض. وهو خطأ. إنما هو بفتح الياء وضم الضاد الأولى. يقال: سقط فم فلان، فلم يبق له حاكم، إذا سقطت أسنانه.
وقول العباس: من قبلها طبت في الظلال يعني: ظلال الجنة. وأراد أنه كان
طيباً في صلب آدم في الجنة قبل أن يهبط إلى الأرض، والجنة كلها ظل لا شمس فيها.
وقوله في مستودع يحتمل معنيين: أحدها أن يكون أراد بالمستودع: الموضع الذي جعل به آدم وحواء عليهما السلام من الجنة، واستودعاه. والآخر أن يكون أراد الرحم أو النطفة فيه.
قال أبو عبيدة: في قوله تعالى: " فمستقر ومستودع " قال: فمستقر في الصلب ومستودع في الرحم.
وقوله: حيث يخصف الورق أي في الجنة، حيث خصف آدم وحواء عليهما من ورق الجنة. والخصف هو أن تضم الشيء إلى الشيء وتشكه معه أو تلصقه به. وكأنهما كانا يضمان الورق إلى بعض ليكون لهما لبساً وستراً.
وقوله: ثم هبطت البلاد يريد أنه لما هبط آدم إلى الأرض هبطت إليه في صلبه، وهو إذ ذاك لا بشر ولا لحم ولا دم. يريد أنه نطفة لم ينتقل في هذه المراتب التي ينتقل فيها الجنين إلا نزله، يقول: بل نطفة تركب السفين: يريد ركوب نوح السفينة في وقت الطوفان، وهو في صلبه، وليس أحد الأصنام التي كانت لقوم نوح.
وقوله: تنقل من صالب يعني: الصلب. قال: ولم أسمعه بهذه اللغة إلا في هذا الحديث.
وقوله: إذا مضى عالم بدا طبق يريد: إذا مضى قرن بدا قرن. وإنما قيل للقرن طبق، لأنهم طبق الأرض ثم ينقرضون، ويأتي طبق آخر، أي ينقل من حال الشباب إلى الهرم.
والنطق: جمع نطاق وهو ما انتطقت به المرأة أي شدته في وسطها، وانتطق به
الرجل أيضاً، ومنه سميت المنطقة. وضرب هذا مثلاً له في ارتفاعه وتوسطه في عشيرته ونجره، فجعله في علياء وجعلهم تحته نطاقاً له.
وقوله: وضاءت: أي أضاءت.
وعن أبي بكرة: أن جبريل عليه السلام ختن النبي صلى الله عليه وسلم حين طهر قلبه.
وعن العباس بن عبد المطلب قال: ولد النبي صلى الله عليه وسلم مختوناً مسروراً، قال: وأعجب ذلك عبد المطلب وحظي عنده. وقال: ليكونن لابني هذا شأن. فكان له شأن.
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كرامتي على الله أني ولدت مختوناً، ولم ير سوأتي أحد.