الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر تواضعه لربه ورحمته لأمته ورأفته بصحبه
عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبده. فقولوا: عبد الله ورسوله ". وعن أنس قال: إن رجلاً قال لنبي الله صلى الله عليه وسلم: يا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس، قولوا بقولكم ولا تستهوينكم الشياطين، أنزلوني حيث أنزلني الله. أنا عبد الله ورسول الله ". وفي رواية عنه: ولا يستخزينكم الشيطان. أنا محمد بن عبد الله، رسول الله. ووالله ما أحب. إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة. فلما نزل قال: يا محمد، أرسلني إليك ربك: أملكاً نبياً نجعلك أو عبداً رسولاً؟ قال جبريل: تواضع لربك يا محمد. قال: بل عبداً رسولاً. وعن عائشة قالت: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام فقلت: ألا تأكل وأنت متكىء، فإنه أهون عليك؟
قالت: فأصغى بجبهته حتى كاد يمسح بها الأرض قال: آكل كما يأكل العبيد، وأنا جالس. فما رأيته أكل متكئاً حتى مضى لسبيله. وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أتاني ملك جرمة يساوي الكعبة. فقال اختر أن تكون نبياً ملكاً أو نبياً عبداً. فأومأ إليه جبريل عليه السلام أن تواضع لله تعالى فقال: بل أحب أن أكون عبداً نبياً، فشكر ربي عز وجل ذلك فقال: أنت أول من تنشق عنه الأرض وأول شافع ". وفي حديث آخر عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة، لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني ملك إن حجزته لتساوي الكعبة.
وذكر بقية الحديث ". وعن حبيب بن أبي ثابت قال: قلت لأنس بن مالك: حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تحدثنا عن غيره قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف، ويركب الحمار، ويجلس على الأرض وثيابه عليها. ويجيب دعوة الكهول، ويعتقل العنز ويحلبها. وسمعته صلى الله عليه وسلم يقول: " لو دعيت إلى كراع لأجبت ". قال: كذا قال: وثيابه عليها. قال: وأحسبه: وينام عليها. وعن أنس قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يأكل متكئاً فقال: التُكأة من النعمة فاستوى قاعداً. فما رُئي بعد ذلك متكئاً. وقال: " إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد ".
وعن علي بن حسين قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لو اتخذنا لك شيئاً ترتفع عليه تُكلم الناس. فقال: " لا أزال بينكم تطوون عقبى حتى يكون الله يرفعني. ثم قال: لا ترفعوني فوق حقي فإن الله اتخذني عبداً قبل أن يتخذني رسولاً ". وعن أبي موسى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف، ويركب الحمار ويأتي مدعاة الضعيف. وعن أبي أيوب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويخصف النعل، ويرقع القميص، ويقول:" من رغب عن سنتي فليس مني ". وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويركب الحمار ويردف معه، ويجيب دعوة المسكين. وعن أنس: يجيب دعوة العبد. وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة الكهول، ويركب الحمار. وكان يوم خيبر ويوم قريظة والنضير على حمار مخطوم، بجبل من ليف، وتحته إكاف من ليف. وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لبس الصوف، وانتعل المخصوف، وركب حماره، وحلب شاته، وأكل معه عياله فقد نحى الله منه الكبر، أنا عبد ابن عبد، أجلس جلسة العبد وآكل أكل العبد وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطرف طعاماً قط إلا وهو جاث على ركبتيه إني قد أوحي إلي أن تواضعوا، ولا يبغي أحد على أحد. إن يد الله عز وجل مبسوطة في خلقه. فمن رفع نفسه وضعه الله، ومن وضع نفسه رفعه الله وما يمشي امرؤ على الأرض شبراً يبتغي فيها سلطان الله إلا أكبه الله ".
وعن أبي هريرة قال: كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث خلال ليست في الجبارين: كان يركب الحمار، وكان لا يدعوه أسود ولا أحمر إلا أجابه، وكان يجد التمرة ملقاة فيلقيها في فيه. وعن أنس قال: لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة استشرفه الناس، فوضع رأسه على رحله تخشعاً. وقال أنس بن مالك: كان لا يشاء العبد الأسود أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ بيده فيمضي به حيث سأله إلا أقعى لحاجته.
وخطب عثمان بن عفان فقال: إنا والله صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر، فكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا، ويواسينا بالقليل والكثير. وإن ناساً يعلموني به وعسى ألا يكون أحدهم رآه قط. وعن سهل بن حنيف قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم. وعن عاصم بن حدرة قال: ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان قط، ولا مشى معه سواد، وما كان له بواب قط. وعن الحسن: أنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا والله، ما كانت تغلق دونه الأبواب، ولا يقوم دونه الحجبة، ولا يغدى عليه بالجفان، ولا يراح عليه بها، ولكنه كان بارزاً، من أراد أن يلقى نبي الله صلى الله عليه وسلم لقيه. وكان والله يجلس بالأرض، ويوضع طعامه بالأرض، ويلبس الغيظ، ويركب الحمار، ويردف معه ويلعق والله يده. وعن ابن مسعود الأنصاري قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كلم رجلاً فأرعد فقال: هون عليك، فإني لست بملك. إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما بعث الله عز وجل نبياً إلا راعي غنم. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط ". وعن أبي سعيد الخدري قال: افتخر أهل الإبل وأهل الغنم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " السكينة والوقار في أهل الغنم، والفخر والخيلاء في أهل الإبل ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بعث موسى وهو يرعى غنماً لأهله. قال: وبعثت أنا، وأنا أرعى غنماً لأهلي بأجياد ". وعن أنس: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي لما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه ". وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالعيال والصبيان. وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق ومعه أناس من أصحابه، فعرضت له امرأة فقالت: يا رسول الله، لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان، اجلسي في أدنى نواحي السكك حتى أجلس إليك، ففعلت فجلس إليها حتى قضت حاجتها.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم، إني اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، إنما أنا بشر، فأي المؤمنين آذيته أو شتمته أو جلدته أو لعنته فاجعلها صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة ". وعن أبي سعيد الخدري قال: غشى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمداد من أهل اليمن وهو في المسجد مسجده، فجعلوا يتمسحون به فلما غشوه قام موئلاً إلى بيته يقول: فاراً وركبوه. قال أبو سعيد: وكنت فيمن
يدفع عنه، وغلبونا عليه حتى انتزعوا رداءه وحتى أصاب منكبه الباب فأوجعه، وقعد في حجرة عائشة منبهراً مما لقي منهم يقول: اللهم العنهم، اللهم العنهم. فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت له عائشة: هلك والله القوم يا رسول الله. قال: وما ذاك يا عائشة. قالت: أولم أسمعك تقول: اللهم العنهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم كلا والله، لقد اشترطت على ربي فقلت:" اللهم، إنما أنا بشر أغضب كما يغضبون وأجد كما يجدون، فأي المسلمين ضربت أو سببت أو لعنت أو آذيت فاجعلها له مغفرة ورحمة وقربة تقربه بها يوم القيامة. كلا والله يا عائشة ". وعن الفضل بن عباس قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه وعلى رأسه عصابة حمراء أو قال: صفراء فقال: ابن عمي، خذ هذه العصابة فاشدد بها رأسي. فشددت بها رأسه. قال: ثم توكأ علي حتى دخلنا المسجد فقال: " يا أيها الناس، إنما أنا بشر مثلكم. ولعله أن يكون قد قرُب مني خفوف من بين أظهركم. فمن كنت أصبت من عرضه أو من شعره أو من بشره أو من ماله شيئاً، هذا عرض محمد وشعره وبشره وماله فليقم فليقتص، ولا يقولن أحد منكم: إني أتخوف من محمد العداوة والشحناء. ألا وإنهما ليسا من طبيعتي وليسا من خلقي ". قال: ثم انصرف. فلما كان من الغد أتيته فقال: " ابن عمي، لا أحسب أن مقامي بالأمس أجزأ عني، خذ هذه العصابة فاشدد بها رأسي ". قال: فشددت بها رأسه. قال: ثم توكأ علي حتى دخلنا المسجد فقال مثل مقالته بالأمس ثم قال: " فإن أحبكم إلينا من اقتص ". قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت يوم أتاك السائل فسألك فقلت: من معه شيء يقرضنا فأقرضتك ثلاث دراهم؟ قال: فقال: " يا فضل أعطه ". قال: فأعطيته. قال: ثم قال: " ومن غلب عليه شيء فليسألنا ندع له ". قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله، إني رجل جبان كثير النوم. قال: فدعا له. قال الفضل: فلقد رأيته أشجعنا وأقلنا نوماً. قال: ثم أتى بيت عائشة فقال للنساء مثلما قال للرجال. ثم قال: " ومن غلب عليه شيء فليسألنا ندع له. قال: فأومأت امرأة إلى لسانها. قال: فدعا لها. قالت: فلربما قالت لي: يا عائشة، أحسني صلاتك.
وعن عبد الله بن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم " ربِّ إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم " وقال عيسى " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " ورفع يديه ثم قال: اللهم، أمتي أمتي وبكى. فقال الله عز وجل: يا جبريل، اذهب إلى محمد وربك أعلم فاسأله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال، وهو أعلم فقال الله عز وجل: يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك. وعن أبى ذر قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى اصبح يرددها. والآية " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ".