الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر بنيه وبناته وأزواجه وسُرَياته
عن عطاء وعمرو بن دينار قالا: ما علمنا ولدت للنبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه إلا خديجة. وعن ابن عباس قال: كان أكبر ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم ثم زينب ثم عبد الله ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية. فمات القاسم وهو أول ميت من ولده بمكة، ثم مات عبد الله. فقال العاص بن وائل السهمي: قد انقطع نسله فهو أبتر، فأنزل الله عز وجل " إن شانئك هو الأبتر " ثم ولدت له مارية بالمدينة إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة فمات ابن ثمانية عشر شهراً. قال هشام بن الكلبي: فتزوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو العاصي بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف. فولدت له علياً وأمامة. وكان يقال لأبي العاص: جرو البطحاء، يعني أنه كان متلداً بها. وخرج أبو العاصي بن الربيع في بعض أسفاره إلى الشام فقال: البسيط
ذكرت زينب وركت إرما
…
فقلت سقيا لشخصٍ يسكن الحرما
بنت الأمين جزاها الله صالحة
…
وكل بعلٍ سيثني بالذي علما
وتوفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثمان من الهجرة. وتزوج رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة بن أبي لهب. وتزوج أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عتيبة بن أبي لهب، فلم يبنيا بهما حتى بُعث النبي صلى الله عليه وسلم. فلما أنزل الله تعالى:" تبت يد أبي لهب " قال لهما أبوهما: رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا ابنتيه، ففارقاهما، ولم يكونا دخلا بهما. فتزوج عثمان بن عفان رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فولدت له عبد الله بن عثمان الذي تكنى به، وبلغ ست سنين فنقره ديك على عينه فمات. وتوفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر. فقدم زيد بن حارثة المدينة بشيراً بما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ببدر، فجاء حين سوي التراب على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت بدر صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من رمضان من السنة الثانية للهجرة. وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان أيضاً ابنته أم كلثوم فماتت عنده في شعبان سنة تسع من الهجرة، ولم تلد له شيئاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ":لو كانت عندي ثالثة لزوجتها عثمان ". وتزوج علي بن أبي طالب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لليالٍ بقين من صفر في السنة الثانية من الهجرة. فولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، بني علي. وتوفيت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر. قال: وهذا أثبت الأقاويل، وصلى عليها العباس بن عبد المطلب، ونزل في حفرتها هو وعلي والفضل بن العباس. وعن ابن عباس قال: ولدت خديجة من النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن محمد. ثم أبطأ عليه الولد من بعده. فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم رجلاً والعاص بن وائل ينظر إليه إذ قال له رجل: من هذا؟ قال:
هذا الأبتر. يعني: النبي صلى الله عليه وسلم.
وكانت قريش إذا ولد الرجل ثم أبطأ عليه الولد من بعده قالوا: هذا الأبتر. فأنزل الله عز وجل: " إن شانئك هو الأبتر " إن مبغضك هو الأبتر الذي بتر من كل خير. ثم ولدت له زينب، ثم ولدت له رقية، ثم ولدت له القاسم، ثم ولدت الطاهر، ثم ولدت المطهر، ثم ولدت الطيب، ثم ولدت المطيب، ثم ولدت أم كلثوم، ثم ولدت فاطمة وكانت أصغرهم. وكانت خديجة إذا ولدت ولداً دفعته إلى من يرضعه. فلما ولدت فاطمة لم يرضعها أحد غيرها. ثم ولدت مارية بنت شمعون إبراهيم، وهي القبطية التي أهداها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المقوقس صاحب اسكندرية وأهدى معها أختها سيرين وخصياً يقال له مابور، فوهب رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرين لحسان بن ثابت الشاعر، ولدت له عبد الرحمن بن حسان وقد انقرض ولد حسان بن ثابت. وأم بني رسول الله صلى الله عليه وسلم غير إبراهيم خديجة وكانت تدعى في الجاهلية الطاهرة بنت خويلد بن أسد بن العزى ابن قصي وأمها فاطمة بنت زائدة بن جندب، وهو الأصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن مغيص بن عامر بن لؤي. ويقال إن الطاهر هو الطيب، وهو عبد الله، والله أعلم.
ويقال إن الطيب والمطيب ولدا في بطن، والطاهر والمطهر في بطن. قال الزهري: تزوجها في الجاهلية وأنكحه إياها أبوها خويلد بن أسد، فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم القاسم وبه كان يكنى، وطاهر وزينب ورقية وأم كلثوم، وفاطمة رضوان الله عليهم. فأما زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها أبو العاصي بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف في الجاهلية، فولدت لأبي العاصي جارية اسمها أمامة فتزوجها علي بن أبي طالب بعدما توفيت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل علي وعنده أمامة. فخلف على أمامة بعد علي
المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، فتوفيت عنده. وأم أبي العاص بن الربيع هالة بنت خويلد بن أسد. وخديجة خالته أخت أمه. وهلك أبو طالب وخديجة في عام واحد قبل مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين. وعن أنس بن مالك قال: لما ولد للنبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم كأنه وقع في نفسه منه شيء، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: السلام عليك أبا إبراهيم. وعن عبد الرحمن بن زياد قال: لما حُبِل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بإبراهيم عليه السلام أتى جبريل فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم، إن الله تعالى وهب لك غلاماً من أم ولدك مارية، وأمرك أن تسميه إبراهيم، فبارك الله لك في إبراهيم، وجعله قرة عين لك في الدنيا والآخرة. وكان مولد إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة. ومات وهو ابن ثمانية عشر شهراً.
وعن السدي قال: سألت أنس بن مالك قال: قلت: كم كان بلغ إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد كان ملأ مهده، ولو بقي لكان نبياً، ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء. وعنه قال: توفي إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستة عشر شهراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ادفنوه بالبقيع فإن له مرضعاً تتم رضاعته في الجنة ". وعن إسماعيل قال: سألت ابن أبي أوفى أو سمعته يسأل عن إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مات وهو صغير، ولو قضي أن يكون بعد النبي صلى الله عليه وسلم نبي لعاش. وعن أنس بن مالك قال: لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدرجوه في أكفانه حتى أنظر إليه، فجاء فانكب عليه وبكى حتى اضطرب لحياه وجنباه صلى الله عليه وسلم.
وعن أنس بن مالك قال: ما رأيت أحداً أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان إبراهيم مسترضعاً في عوالي المدينة، فكان ينطلق ونحن معه فيدخل إلى البيت. وإنه ليدجن وكان ظئره فينا، فيأخذه فيقبله ثم يرجع. قال عمرو: فلما توفي إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن إبراهيم ابني، وإنه مات في الثدي وإن الظئرين يكملان رضاعه في الجنة ". وعن أسماء بنت يزيد حدثت: أنه لما توفي إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر وعمر: أنت أحق من علم لله حقه! فقال: " تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب، فلولا أنه وعدٌ صادق وموعود جامع وأن الآخر منا يتبع الأول لوجدنا عليك يا إبراهيم وجداً أشد مما وجدنا. وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون ". وعن ابن أبي أوفى قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه وصليت خلفه، وكبر عليه أربعاً.
وعن ابن عباس قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن له مرضعاً في الجنة تتم رضاعته. ولو عاش لكان نبياً. ولو عاش لأعتقت أخواله من القبط. وفي حديث آخر: ولو بقي لأعتقت كل قبطي. وذكر الواقدي: أن إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات يوم الثلاثاء لعشر ليالٍ خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر ودفن بالبقيع، وكانت وفاته في بني مازن عند أم برزة بنت المنذر من بني النجار، ومات وهو ابن ثمانية عشر شهراً.
وعن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة خرجت ابنته زينب من مكة معهم كنانة أو ابن كنانة فخرجوا في أثرها، فأدركها هبار بن الأسود، فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتى صرعها، وألقت ما في بطنها وأهريقت دماً، فحُملت فاشتجر فيها بنو هاشم وبنو أمية، فقال بنو أمية: نحن أحق بها، وكانت تحت ابن عمهم أبي العاص فكانت عند هند بنت ربيعة، وكانت تقول لها هند: هذا في سبب أبيك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة: ألا تنطلق فتجيء بزينب؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: خذ خاتمي فأعطها إياه، فانطلق مرة، وقال مرة، فبرك بعيره، فلم يزل يتلطف حتى لقي راعياً فقال: لمن ترعى؟ قال: لأبي العاص. قال: فلمن هذه الغنم؟ قال: لزينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم فسار معه شيئاً ثم قال له: هل لك أن أعطيك شيئاً تعطيها إياه ولا تذكره لأحد؟ قال: نعم. فأعطاه الخاتم، فانطلق الراعي وأدخل غنمه، وأعطاها الخاتم فعرفته فقالت: من أعطاك هذا؟ قال: رجل. قالت: وأين تركته؟ قال: بمكان كذا وكذا قال: فسكتت حتى إذا كان الليل خرجت إليه. فلما جاءته قال لها: اركبي بين يديه بعيره. قالت: لا ولكن، اركب أنت بين يدي، فركب وركبت وراءه حتى أتت، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هي أفضل بناتي أصيبت فيّ، فبلغ ذلك علي بن الحسين. فانطلق إلى عروة فقال: ما حديث بلغني عنك تحدث به تنتقص فيه حق فاطمة؟ قال: فقال عروة: والله إني لا أحب أن لي ما بين المشرق والمغرب إني أنتقص فاطمة حقاً لها. وأما بعد ذلك فلك ألا أحدث به أبداً. وتوفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول سنة ثمان من الهجرة. وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: كنت أحمل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، وهما في الغار. قالت: فجاء عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أسمع من المشركين من اللغى فيك ما لا صبر لي عليه، فوجهني وجهاً أتوجهه، فلأهجرنهم في ذات الله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أزمعت بذاك
يا عثمان؟ قال: نعم. قال: فليكن وجهك إلى هذا الرجل بالحبشة يعني: النجاشي فإنه ذو وفاء، واحمل معك رقية فلا تخلفها، ومن رأى معك من المسلمين مثل رأيك فليتوجهوا هناك، وليحملوا معهم نساءهم، ولا تخلفوهم. قال: فودع عثمان نبي الله صلى الله عليه وسلم وقبل يديه. قال: فبلّغ عثمان المسلمين رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: إني خارج من تحت ليلتي فمقيمٌ لكم بجدة ليلة أو ليلتين فإن أبطأتم فوجهتي إلى باضع جزيرة في البحر. قالت: فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل عثمان ورقية؟ قلت: قد سارا فذهبا. قالت: فقال: قد سارا فذهبا؟ قلت: نعم. فالتقت إلى أبي بكر فقال: زعمت أسماء أن عثمان ورقية قد سارا فذهبا، والذي نفسي بيده إنه لأول من هاجر بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام.
وعن ابن عباس قال: لما عزي رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته رقية امرأة عثمان بن عفان قال: " الحمد لله، دفن البنات من المكرمات ". وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تزوج عثمان أم كلثوم على مثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها ". وعن أبي أمامة قال: لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى " ثم قال: بسم الله وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله، فطفق يطرح إليهم الجبوب ويقول: سدوا خلال القبر، ثم قال: إلا أن هذا ليس بشيء، ولكن يطيب بنفس الحيّ. وفي سنة تسع ماتت أم كلثوم ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي جعفر قال: دخل العباس على علي بن أبي طالب وفاطمة وهي تقول: أنا أسن منك. فقال العباس: أما أنت يا فاطمة فولدت وقريش تبني الكعبة والنبي صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثين سنة. وأما أنت يا علي قبل ذلك بسنوات. وتزوج علي فاطمة في رجب بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة لخمسة اشهر. وبنى بها مرجعه من بدر، وفاطمة يوم بنى بها علي بنت ثمان عشرة سنة. قال جعفر بن سليمان: ولدت فاطمة سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم. وماتت فاطمة وهي ابنة إحدى وعشرين سنة. وكانت كنية فاطمة عليها السلام أم أبيها. وعن عائشة قالت: اجتمع نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تغادر منهن امرأة. فجاءت فاطمة تمشي، ما تخطىء مشيتها مشية أبيها صلوات الله عليه فقال: مرحباً يا بنتي، فأقعدها عن يمينه أو عن شماله فسارّها بشيء فبكت، ثم سارّها بشيء فضحكت، فقلت لها: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بينا بالسِّرار فتبكين؟ فلما قام قلت لها: أخبريني بما سارك؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره. فلما توفي قلت لها: أسألك بما لي عليك من حق لما أخبرتني. فقالت: أما الآن فنعم. قالت: سارني فقال: " إن جبريل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أرى ذلك إلا عند اقتراب الأجل، فاتقي الله واصبري، فنعم السلف أنا لك. فبكيت، ثم سارني فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو قال: سيدة نساء هذه الأمة "؟ وعن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها ".
وعن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: " يا فاطمة، إن الله ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك ".
وعن أبي الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: " أنت أول أهل يلحق بي "، فلم تمكث بعده إلا شهرين. وعن أبي جعفر قال: ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر. وعن عمرو بن دينار: بثمانية اشهر. وقال المدائني: ماتت ليلة الثلاثاء لثلاثٍ خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة، وهي ابنة تسع وعشرين سنة. ولدت قبل النبوة بخمس سنين. قالت عائشة: ودفنت ليلاً. وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض عن تسع، وكان يقسم لثمان. وعن أنس بن مالك وابن عباس قالا: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة نساء فوافى ذلك تخيير النبي صلى الله عليه وسلم نساءه وقصره الله على أزواجه اللاتي خيرهن وآتاهن أجورهن وكان اللاتي حرم منهن حراماً بيناً، ودخل بهن دخولاً ثابتاً خمس عشرة، دخل بثلاث عشرة واجتمع عنده إحدى عشرة، وتوفي عن تسع. فأما اللتان كملتا النسوة خمس عشرة فهما عمرة والشنباء. فأما عمرة بنت يزيد الغفارية فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أُدخلت عليه وجردها للباءة رأى بها وضحاً فردها، وقد أوجب لها المهر وحرمت على من بعده، وصارت سُنة، فيمن أُدخلت عليه امرأة فأغلق باباً أو أرخى ستراً أو جرد ثوباً أو خلا للباءة أفضى أو لم يفض فقد وجب عليه الصداق.
وأما الشنباء فإنها لما أُدخلت عليه لم تكن بالمسيرة، فانتظر بها اليسر. ومات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تفئة ذلك، فقالت: لو كان نبياً ما مات أحب الناس إليه وأعزه عليه فطلقها، وأوجب لها المهر، وحرمت على الأزواج. وأما الثلاث عشرة اللاتي بنى بهن فخديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى. وكانت قبله عند أبي هالة زرارة بن النباش بن زرارة بن حبيب أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم، وقبل عند عتيق بن عائذ.
وسودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ين لؤي. وكانت قبله تحت السكران بن عمرو بن عبد شمس، ابن عمها. وعائشة بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة. لم يتزوج بكراً غيرها. وحفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب. وكانت قبله تحت خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم. وأم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وكانت قبله عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وأم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. وكانت قبله تحت عبيد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن الحارث بن مالك بن المصطلق بن سعد بن
عمرو الخزاعي. وكانت قبله تحت مالك بن صفوان بن تولب بن ذي الشفر بن أبي سرح بن مالك بن المصطلق. وزينب بنت جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة.
كانت قبله تحت زيد بن حارثة بن شراحيل. وزينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة، وهي أم المساكين. وكانت قبله تحت الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف. وصفية بنت حيي بن أخطب بن سقية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير. وكانت قبله عند سلام بن مشكم بن الحكم بن حارثة بن الخزرج بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب. ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب. وميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن عبد الله بن روبية بن هلال بن عامر بن صعصعة. وكانت قبله تحت عمير بن عمرو أحد عقدة بن غيرة من ثقيف. وأم شريك بنت جابر بن عكيم أحد بني عويص بن عامر بن لؤي. وكانت قبله تحت أبي العكير الأزدي، وكان بنو عكيم في الأزد. ثم انقرضوا فلم يبق منهم أحد. والشاة بنت رفاعة. وبنو رفاعة هؤلاء من بني كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وكانوا حلفاء في بني قريظة في بني رفاعة من بني قريظة، فأصيبوا معهم يوم أصيبوا فانقرضوا. فأما خديجة بنت خويلد فماتت قبل أن يجامع أحداً من نساء النبي صلى الله عليه وسلم. وأما الشاه حين خير نساءه بين الدنيا والآخرة فاختارت أن تزوج بعده فطلقها. وأما المجتمعات عنده فسودة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وأم حبيبة، وجويرية، وصفية، وزينب بنت جحش، وزينب بنت خزيمة، وميمونة، وأم شريك.
وأما اللواتي توفي عنهن فعائشة، وحفصة، وأم سليم، وأم حبيبة، وجويرية، وصفية، وزينب، وزينب والصواب: وسودة وميمونة. وكانت له صلى الله عليه وسلم سريتان يقسم لهما مع أزواجه: مارية القبطية، أم إبراهيم، وريحانة بنت شمعون الخنافية، إحدى بني النضير. قال ابن أبي مُليكة: فسألت عائشة عن قسمة النبي صلى الله عليه وسلم لأُمي ولده فقالت: كان يقسم لهما مرة ويدعهما مرة، فإذا قسم أضعف قسمنا، فلإحداهن يوم ولنا يومان، وعلى ذلك قسم للمرأة المملوكة النصف مما قسم للحرة، وأجمع عمر والمسلمون أن أم الولد كالمدبرة، إنها مملوكة حية مولاها، ثم هي حرة بعد مولاها حفظاً للفروج. وروى سهل بن حُنيف في حديث قال: ثم أعتق ريحانة من بني قريظة فلحقت بأهلها، واحتجبت وهي عند أهلها. وطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم العالية بنت ظبيان، وفارق أخت عمرو بن كلاب، وفارق أخت بني الجون الكندية من أجل بياضٍ كان بها. وتوفيت زينب بنت خزيمة الهلالية ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيّ. قال: وبلغنا أن العالية بنت ظبيان تزوجت قبل أن يحرم الله عز وجل نساءه. فنكحت ابن عمٍ لها من قومها وولدت فيهم. وزيد بن حارثة التي عنده زينب بنت جحش هو الذي أنعم الله عليه ورسوله صلى الله عليه وسلم وفيها نزلت الآية لأنها وقعت في نفسه. فقالت عائشة: وقال لها أناس من أهل العراق إنه يقال إنه عندكم شيئاً من كتاب الله عز وجل لم تُظهروه فقالت: لو كتم محمد صلى الله عليه وسلم مما أنزل الله عز وجل عليه لكتم هذه الآية: " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه " إلى آخر الآية.
وقسم عمر بن الخطاب في خلافته لنساء رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألف درهم لكل
امرأة، وقسم لجويرية وصفية ستة آلاف لأنهما كانتا سبياً. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قسم لهما وحجبهما. وقال ابن منده: وحج بهما. وفي حديث آخر: وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أخت بني الجون الكندي، وهم حلفاء في بني فزازة، فاستعاذت منه فقال: لقد عذت بعظيم. الحقي بأهلك، فطلقها ولم يدخل عليها. قال أبو جعفر: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي فزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وساق عنه أربع مائة دينار. كان عمار بن ياسر إذا سمع ما يتحدث به الناس عن تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة وما يكثرون فيه يقول: أنا أعلم بتزويجه إياها. إني كنت له إلفاً وخدناً، وإني خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم حتى إذا كنا بالحزورة أجزنا على أخت خديجة وهي جالسة على أدم تبيعها فنادتني فانصرفت إليها. ووقف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أما لصاحبك من حاجة في تزويج خديجة؟ قال عمار: فرجعت إليه فأخبرته، فقال: بلى لعمري، فذكرت لها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: اغدوا علينا إذا أصبحنا. فغدونا عليهم. قال: فوجدناهم قد ذبحوا بقرة وألبسوا أبا خديجة حلة وصفرت لحيته، وكلمت أخاها فكلم أباه وقد سقي خمراً فذكرت له رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه، وسأله أن يزوجه فزوجه خديجة، وصنعوا من البقرة طعاماً، فأكلنا منه ونام أبوها ثم استيقظ صاحياً فقال: ما هذه الحلة، وهذه النقيعة، وهذا الطعام؟ فقالت له ابنته التي كلمت عماراً: هذه حلة كساكها محمد بن عبد الله ختنك، وبقرة أهداها لك فذبحناها حين زوجته خديجة. فأنكر أن يكون زوجه، وخرج يصيح حتى جاء
الحجر، وخرجت بنو هاشم برسول الله صلى الله عليه وسلم فجاؤوه فكلموه فقال: أين صاحبكم الذي يزعمون أني زوجته، فبرز له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نظر إليه قال: إن كنت زوجته فسبيل ذلك، وإن لم أكن فعلت فقد زوجته. قال المؤملي: والمجتمع أن عمها عمرو بن أسد الذي زوجها. وتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة قبل أن يبعثه الله عز وجل نبياً بخمس عشرة سنة، ولم يتزوج عليها حتى ماتت. وقيل: أنه تزوجها وهو ابن ثلاثين سنة. وقال الواقدي: إنها كانت لما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت خمس وأربعين سنة.
وروي عن ابن عباس قال: كانت خديجة يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة ثمان وعشرين سنة. ومهرها ثنتي عشرة أوقية. وكذلك مهور نسائه. وقال حكيم بن حزام: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة وهي ابنة أربعين سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة. وكانت أسن مني بسنتين. ولدت قبل الفيل بخمس عشرة. وولدت أنا قبل الفيل بثلاث عشرة سنة. وتوفيت خديجة في شهر رمضان سنة عشر من النبوة وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة. فخرجنا بها من منزلها حتى دفناها بالحجون. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حفرتها. ولم تكن يومئذ سنة الجنازة والصلاة عليها. قيل: ومتى ذلك يا أبا خالد، قال: قبل الهجرة بسنوات ثلاث أو نحوها، وبعد خروج بني هاشم من الشعب بيسير. قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناءٍ عليها واستغفار. فذكرها ذات يوم، فاحتملتني الغيرة فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن، قال: فرأيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم غضب غضباً أُسقطت في جلدي وقلت في نفسي: اللهم إنك إن أذهبت غضب رسول الله عني لم أعد أذكرها بسوء ما بقيت. فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما لقيت قال: كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس ورزقت مني الولد إذ حرمتموه مني. قالت: فغدا وراح علي بها شهراً.
ولما هلكت خديجة جاءت خولة بنة حكيم امرأة عثمان بن مظعون قالت: يا رسول الله ألا تزوج؟ قال: من؟ قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً. قال: فمن البكر؟ قالت: ابنة أحب خلق الله إليك، عائشة بنة أبي بكر. قال: وممن الثيب؟ قالت: سودة بنت زمعة قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول. قال: فاذهبي فاذكريها علي. فدخلت بيت أبي بكر فقالت: يا أم رومان، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة. قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي. فجاء أبو بكر قالت: يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟! قال: وماذا؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة. قال: وهل تصلح له، إنما هي بنت أخيه، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له. فقال: ارجعي إليه فقولي له: أنا أخوك في الإسلام، وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي، فرجعت فذكرت ذلك له. قال: انتظري، وخرج. قالت أم رومان: إن مُطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه؛ فوالله ما وعد وعداً قط فأخلفه لأبي بكر.
فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أم الفتى فقالت: يا بن أبي قحافة، لعلك مصبىء صاحبنا فمدخله في دينك الذي أنت عليه إن تروّح إليك، قال أبو بكر للمطعم بن عدي: أقولٌ هذه تقول؟ قال: إنها تقول ذلك. فخرج من عنده، وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عدته التي وعده، فرجع فقال لخولة: ادعي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعته فزوجها إياه، وعائشة يومئذ ست سنين. ثم خرجت، فدخلت على سودة بنة زمعة فقالت: ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة؟! قالت: وما ذلك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطبك عليه. قالت: وددت. ادخلي إلى أبي فاذكري ذلك له وكان شيخاً كبيراً قد أدركته السن قد تخلف عن الحج فدخلت عليه فحيته بتحية الجاهلية فقال: من هذه؟ فقالت: خولة بنة حكيم.
قال: فما شأنك؟ قالت: أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه سودة. قال: كفوٌ كريم. ماذا تقول صاحبتك؟ قالت: تحب ذلك. قال: ادعيها لي فدعتها. قال: أي بنية إن هذه تزعم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد أرسل يخطبك، وهو كفوء كريم. أتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: ادعيه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فزوجها إياه، فجاء أخوها عبد بن زمعة من الحج فجعل يحثي في رأسه التراب، فقال بعد أن أسلم: لعمرك إني لسفيهٌ يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعه. قالت عائشة: فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج في السنُح. قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيتنا، واجتمع إليه رجال من الأنصار، ونساء، فجاءت إليّ أمي، وإني لفي أرجوحة بين عذقين ترجح بي، فأنزلتني من الأرجوحة ولي جُميمة، ففرقتها ومسحت وجهي بشيء من ماء ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب وإني لأنهج حتى سكن من نفسي، ثم دخلت بي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير في بيتنا، وعنده رجال ونساء من الأنصار فأجلسني في حجره، ثم قالت: هؤلاء أهلك بارك الله لك فيهم وبارك لهم فيك. فوثب الرجال والنساء فخرجوا وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا ما نُحرت عليّ جزور ولا ذُبحت علي شاة، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا دار إلى نسائه. وأنا يومئذ ابنة تسع سنين. وعن عائشة قالت: ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة. قال: فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة. قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومين: يومها ويوم سودة. وتوفيت سودة في شوال سنة أربع وخمسين بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان. قال: وهو الثبت عندنا. وقيل: توفيت في زمن عمر.
قال أبو عثمان النهدي: كان عمرو بن العاص يحدث الناس عن جيش السلاسل قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة: قلت: من الرجال؟ قال: أبوها أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر بن الخطاب. قلت: ثم من؟ قال: فعد لي رجالاً. قال الهيثم بن عدي: توفيت عائشة سنة سبع وخمسين. وقال أبو عبيد: سنة ثمان وخمسين في شهر رمضان. وصلى عليها أبو هريرة بالمدينة، وكان استخلفه الوليد بن عتبة ومروان بن الحكم عليها. وتوفي في تلك السنة أيضاً: الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص. وكانت وفاتها ليلة سبع عشرة من رمضان بعد الوتر، فأمرت أن تدفن من ليلتها. فاجتمع الناس وحفروا فلم تر ليلة أكثر ناساً منها. نزل أهل العوالي فدفنت بالبقيع. وهي يومئذ ابنة ست وستين سنة. قال عمر: ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين.
وعن حسين بن أبي حسين قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهراً قبل أحد. قال المدائني: تزوجها سنة ثلاث من الهجرة. وقيل عن أبي عبيدة: تزوجها سنة اثنتين.
وعن عمار بن ياسر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يطلق حفصة فجاءه جبريل فقال: لا تطلقها، فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجنة. وذكر ابن وهب: أن حفصة توفيت عام فتحت إفريقية. وفتحت إفريقية سنة سبع وعشرين، وفتحت أيضاً سنة خمس وثلاثين. وفتحت أيضاً سنة ثلاث وخمسين. ويقال إنها توفيت سنة خمس وأربعين، في شعبان في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وهي يومئذ ابنة ستين سنة. وقال مالك بن أنس: توفيت حفصة عام فتحت إفريقية. قال أبو زرعة: فنرى والله أعلم أن وجه قول مالك بن أنس: توفيت حفصة عام فتحت إفريقية، أنه سنة خمسين في إمرة مروان على المدينة. وفي سنة ثلاث تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة من بني عامر بن صعصعة، وهي أم المساكين. خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أمرها إليه، فتزوجها وأصدقها اثنتي عشرة أوقية ونشّاً، في رمضان على رأس إحدى وثلاثين شهراً من الهجرة. فمكثت عنده ثمانية أشهر. وتوفيت في آخر شهر ربيع الآخر، على رأس تسعة وثلاثين شهراً. وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع. قال محمد بن عمر: سألت عبد الله بن جعفر: من نزل في حفرتها؟ فقال: إخوة لها ثلاثة. قلت: كم كان سنها يوم ماتت؟ قال: ثلاثين سنة أو نحوها.
قال عمر بن أبي سلمة: كان الذي خرج أبي أبا سلمة أبو أسامة الجشمي، ورماه يوم أحد بمعبلة في عضده. فمكث شهراً يداويه فبرأ، فيما يرى. وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهراً إلى قطن، فغاب بضع عشرة ليلة، فلما قدم المدينة انتقص الجرح، فمات لثلاث بقين من جمادى الآخرة. فغسل من اليسيرة بئر بني أمية بين القرنين، وكان اسمها في الجاهلية العثير فسماها اليسيرة، ثم حمل من بئر أمية فدفن بالمدينة. قال عمر بن أبي سلمة: واعتدّت أمي حتى خلت أربع أشهر وعشراً، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ودخل بها في ليال بقين من شوال، فكانت أختي تقول: ما بأس النكاح في شوال والدخول فيه. قال خليفة بن خياط: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة بنت أبي أمية في شوال سنة أربع.
وعن عمرو بن شعيب أنه دخل على زينب بنت أبي سلمة فحدثته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند أم سلمة، فجعل الحسن من شقّ والحسين من شقّ، وفاطمة في حجره. فقال:" رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميدُ مجيد " وأنا وأم سلمة جالستان، فبكت أم سلمة فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما يبكيك فقالت: خصصتهم وتركتني وابنتي، فقال: أنت وابنتك من أهل البيت. وقال أبو عبيد: توفيت أم سلمة سنة تسع وخمسين. قيل: سنة إحدى وستين، وقيل: توفيت سنة إحدى وستين حين جاء نعي الحسين. قال: وهذا هو الصحيح. وصلى عليها أبو هريرة وقيل: صلى عليها ابن أختها عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية.
وقال عمر بن أبي سلمة: نزلت في قبر أم سلمة أنا وأخي سلمة، وعبد الله بن عبد الله بن أبي أمية وعبد الله بن وهب بن زمعة الأسدي، وكان لها يوم ماتت أربع وثمانون سنة. وفي سنة ثلاث تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، وذلك في سنة خمس في هلال ذي القعدة، وهي يومئذ بنت خمس وثلاثين سنة. وذكرت أم سلمة زينب بنت جحش فترحمت عليها، وذكرت بعض ما يكون بينها وبين عائشة، فقالت زينب: إني والله ما أنا كأحد من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنهن زوجن بالمهور وزوجهن الأولياء، وزوجني الله ورسوله وأنزل الله في الكتاب يقرأه المسلمون لا يغير ولا يبدل " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه " الآية. قالت أم سلمة: وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم معجبة. وكان يستكثر منها. وكانت امرأة صالحة، صوامة قوامة، صنعاً، تصدق بذلك كله على المساكين. وعن عائشة قالت: يرحم الله زينب بنت جحش، لقد نالت في هذه الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف، إن الله زوجها نبيه في الدنيا، ونطق به القرآن، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ونحن حوله: أسرعكن لحوقاً بي وأطولكن باعا، فبشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرعة لحوقها به. وهي زوجته في الجنة. وسئلت أم عكاشة بنت محصن: كم بلغت زينب بنت جحش يوم توفيت؟ فقالت: قدمنا المدينة للهجرة وهي ابنة بضع وثلاثين سنة. وتوفيت سنة عشرين. قال عمر بن عثمان: كان أبي يقول: توفيت زينب بنت جحش وهي ابنة ثلاث وخمسين سنة.
وقال محمد بن المنكدر: توفيت زينب بنت جحش في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكانت أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحاقاً به. وقيل: توفيت سنة إحدى وعشرين. قال الواقدي: غزوة المريسيع في سنة خمس. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان وقدم المدينة لهلال رمضان. وغاب شهراً إلا ليلتين. قالت عائشة: كانت جويرية جارية حلوة وفي رواية: مُلاّحة لا يكاد يراها أحد إلا ذهبت بنفسه. فبينا النبي صلى الله عليه وسلم عندي ونحن على الماء إذ دخلت عليه جويرية تسأله في كتابتها. قالت عائشة: فوالله ما هو إلا أن رأيتها فكرهت دخولها على النبي صلى الله عليه وسلم وعرفت أنه سيرى منها مثل الذي رأيت. فقالت: يا رسول الله، إني امرأة مسلمة أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بنت سيد قومه أصابنا من الأمر ما قد علمت، ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس وابن عم له فتخلصني من ابن عمه بنخلات له من المدينة، فكاتبني ثابت على ما لا طاقة لي به ولا يدان. وما أكرهني على ذلك! ألا وإني رجوتك صلى الله عليك فأعني في مكاتبتي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو خيرٌ من ذلك؟ فقالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أوفي عنك كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله. قد فعلت، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثابت فطلبها منه. فقال ثابت: هي لك يا رسول الله بأبي وأمي. فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان عليها من كتابتها وأعتقها وتزوجها، وخرج الخبر إلى الناس، ورجال بلمُصطلق قد اقتسموا ومُلكوا، ووُطئ نساؤهم، فقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقوا ما بأيديهم من ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. قالت عائشة: فأعتق مئة أهل بيت بتزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها. فلا أعلم بركة على قومها منها. قال عبد الله بن زياد: وأفاء الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام المريسيع في غزوة بني المصطلق جويرية بنة الحارث ابن أبي ضرار وهي كعيبة من بني المصطلق، فسباها رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيما أفاء الله عليه عامئذٍ. فلما كانت بذي الجشير والجشير من المدينة على بريد أمر رجلاً من الأنصار بحفظها كالوديعة عنده حتى يسله عنها. فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأقبل أبوها الحارث
ابن أبي ضرار وكان من أشراف قومه يفدي ابنته، لما قدم فكان بالعقيق نظر إلى إبله التي يفدي بها ابنته، فرغب في بعيرين منها كانا من أفضلها فغيبهما في شعب العقيق ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسائر الإبل فقال: يا محمد، أصبتم ابنتي وهذا فداؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين البعيران اللذان غيبت بالعقيق بشعب كذا وكذا؟ فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ولقد كان ذلك مني في البعيرين. وما اطلع على ذلك إلا الله. فأسلم الحارث بن أبي ضرار مكانه، وأسلم معه ابنان له وأناس من قومه. وأرسل الحارث بن أبي ضرار إلى البعيرين فأتى بهما فدفع الإبل جميعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفع إليه ابنته، فأسلمت جويرية مع أبيها وإخوتها. وحسن إسلامها. وخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بلغنا فنكحها. وكانت جويرية قبل عند ابن عمٍ لها يقال له: عبد الله ذو الشفر. وعن أبي قلابة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سبى جويرية بنت الحارث، فجاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنتي لا يُسبى مثلها، فأنا أكرم من ذلك فخل سبيلها. قال: أرأيت إن خيرناها أليس قد أحسنّا؟ قال: بلى، وأدّيت ما عليك. قال: فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا فقالت: فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قد والله فضحتنا. وتوفيت جويرية في ربيع الأول سنة ست وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وصلى عليها مروان بن الحكم، وهو يومئذ والي المدينة. الله صلى الله عليه وسلم فيما أفاء الله عليه عامئذٍ. فلما كانت بذي الجشير والجشير من المدينة على بريد أمر رجلاً من الأنصار بحفظها كالوديعة عنده حتى يسله عنها. فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأقبل أبوها الحارث ابن أبي ضرار وكان من أشراف قومه يفدي ابنته، لما قدم فكان بالعقيق نظر إلى إبله التي يفدي بها ابنته، فرغب في بعيرين منها كانا من أفضلها فغيبهما في شعب العقيق ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسائر الإبل فقال: يا محمد، أصبتم ابنتي وهذا فداؤها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين البعيران اللذان غيبت بالعقيق بشعب كذا وكذا؟ فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. ولقد كان ذلك مني في البعيرين. وما اطلع على ذلك إلا الله. فأسلم الحارث بن أبي ضرار مكانه، وأسلم معه ابنان له وأناس من قومه. وأرسل الحارث بن أبي ضرار إلى البعيرين فأتى بهما فدفع الإبل جميعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفع إليه ابنته، فأسلمت جويرية مع أبيها وإخوتها. وحسن إسلامها. وخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بلغنا فنكحها. وكانت جويرية قبل عند ابن عمٍ لها يقال له: عبد الله ذو الشفر. وعن أبي قلابة: أن النبي صلى الله عليه وسلم سبى جويرية بنت الحارث، فجاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنتي لا يُسبى مثلها، فأنا أكرم من ذلك فخل سبيلها. قال: أرأيت إن خيرناها أليس قد أحسنّا؟ قال: بلى، وأدّيت ما عليك. قال: فأتاها أبوها فقال: إن هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا فقالت: فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قد والله فضحتنا. وتوفيت جويرية في ربيع الأول سنة ست وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وصلى عليها مروان بن الحكم، وهو يومئذ والي المدينة.
قالت جويرية: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت عشرين سنة في سنة ست. وتوفيت جويرية سنة ستين، وهي يومئذ ابنة خمس وستين سنة. وعن عروة عن أم حبيبة: أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش. وكان رحل إلى النجاشي فمات وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة وإنها لبأرض الحبشة زوجها إياه الحبشي ومهرها أربعة آلاف، وجهزها من عنده وبعث بها مع شرحبيل إلى حسنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهازه كله من عند النجاشي، ولم يرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً. وكان مهر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أربع مئة درهم. قال أبو بكر بن أبي خثيمة: في سنة سبع قدمت أم حبيبة ابنة أبي سفيان المدينة وبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن ابن عباس في هذه الآية " عسى أن يجعل الله بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة " قال فكانت المودة التي جعل الله بينهم تزويج النبي صلى الله عليه وسلم 0 بأم حبيبة بنت أبي سفيان فصارت أم المؤمنين، فصار معاوية خال المؤمنين. وكان لها يوم قدمت المدينة بضع وثلاثون سنة وتوفيت سنة أربع وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان. وعن ابنة أبي القين المزني قالت: كنت آلف صفية من بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تحدثني عن قومها فكانت تسمع منهم. قالت: خرجنا من المدينة حيث أجلانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمنا بخيبر، فتزوجني كنانة بنت أبي الحقيق فأعرس بي قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام وذبح جزوراً، ودعا اليهود وحولني في حضنه بسلالم. فرأيت في النوم كأن قمراً أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لكنانة زوجي، فلطم عيني فاخضرت فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
دخلت عليه فسألني فأخبرته. قالت: وجعلت يهود ذراريها في المدينة، وجردوا حصون النطاة المقابلة. فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وافتتح حصون النطاة دخل علي كنانة فقال: قد فرغ محمد من فتح النطاة ومن هاهنا أحد يقاتل، قد قتلت يهود حيث قتل أهل النضير، وكذبتا الأعراب فحولني إلى حصن المنزار بالشق قالت: وهو أحصن مما عندنا فخرج حتى أدخلني وبنت عمي ونشيآت معنا فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا قبل الكتيبة فسبيت في النزر قبل أن ينتهي النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكتيبة، فأرسل بي إلى رحله، ثم جاءنا حين أمسى فدعاني فجئت وأنا مقنعة حيية فجلست بين يديه فقال: إن تكوني على دينك أكرهك وإن أخترت الإسلام واخترت الله ورسوله فهو خير لك. قالت: أختار الله ورسوله والإسلام. فأعتقني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ0 وتزوجني. وجعل عتقي مهري. فقد أراد أن يخرج إلى المدينة قال أصحابه اليوم نعلم أزوجة أم سرية. فإن كانت امرأة فسيحجبها وإلا فهي سرية. فقد خرج أمر ستر فسترت به، فعرف أي زوجة ثم قدم إلى وقدم فخذه لأضع رجلي عليهفأعضت ذلك ووضعت فخذي على فخذه. ثم ركبت. فكنت ألقى من أزواجه. يفخرن علي يقلن: يا بنت اليهودي وكنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخف بي ويكرهني، فدخل علي يوماً وأنا أبكي فقال: مالك؟! فقلت: أزواجك يفخرن علي ويقلن: بنت اليهودي. قالت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب ثم قال: إذا قالوا لك أو فاخروك فقولي أبي هارون وعمي موسى.
وعن أنس بن مالك قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي: فقال: ما يبكيك؟ فقالت قالت لي حفصة: أي ابنة يهودي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك أبنة عمي وإن عمك لأبي، ولإنك لتحت نبي فيم تفخر عليك؟! ثم قال: اتقي الله يا حفصة. وعن آمنة بنت أبي قيس الغفارية قالت: أنا إحدى النساء الواتي زففن صفية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمعتها تقول ما بلغت
سبع عشرة سنة يوم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وتوفيت صفية سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان وقبرت بالبقيع. وقيل سنة خمسين. وقيل إنها توفيت في خلافة عمر، وصلى عليها عمر. وقال عطاء: كانت صفية آخر من مات بالمدينة. وكانت وفاة ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم سنة إحدى وخمسين، وقيل سنة اثنتين وستين، وقيل سنة ثلاث وستين، وقيل سنة إحدى وستين، في خلافة يزيد بن معاوية وهي آخر من مات من أزواج النبي. وكان لها يوم توفيت ثمانون أو إحدى وثمانون سنة. وكانت جلده. قال يزيد بن الأصم: حضرت قبر ميمونة فنزل فيه 0 ابن عباس وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد وأنا وعبيد الله الخولاني. وصلى عليها ابن عباس. قال ابن عساكر: وفي هذه التواريخ نظر. فإن في الحديث الصحيح الذي في ذكر يزيد بن الأصم عائشة قالت له: ذهبت والله ميمونة، ورمي برسنك على غاربك. وذلك يدل على أن ميمونة توفيت قبل عائشة. وكانت وفاة عائشة سنة سبع وخمسين. وقوله أيضا أن عبد الرحمن بن خالد نزل في قبرها فيه نظر. فإن عبد الرحمن بن خالد مات سنة ست وأربعين في خلافة معاوية، إلا أن يكون لخالد ابن آخرر يسمى عبد الرحمن. فهذه أسماء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن. وقد تزوج بغيرهن ولم يبن عليهن: منهن قتيلة بنت قيس أخت الأشعث. تزوجها فمات قبل أن يخبرها، فبرأها الله.
روى الشعبي أن عكرمة بن أبي جهل تزوج قتيلة بنت قيس فأراد أبي بكر الصديق أن يضرب رقبته، فقال له عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرض لها، ولم يدخل بها، وارتدت مع أخيها، فبرئت من الله ورسوله، فلم يزل به حتى كف عنه. وعن عروة أن الوليد بن عبد الملك كتب إليه يسله: هل تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أخت الأشعث بن قيس، قتيلة، قال: ما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، قط. ولا تزوج كندية إلا أخت بني الجون فملكها، فلما أتى بها وقدمت المدينة نظر إليها، فطلقها، ولم يبن بها، ويقال إنها فاطمة بنت الضحاك.
قال الزهري: هي فاطمة بنت الضحاك بن سفيان فاستعاذت منه فطلقها، فكانت تلتقط البعر وتقول: أنا الشقية. وتزوجها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفي ذي القعدة سنة ثمان من الهجرة. وتوفيت سنة ستين. ومنهن أسماء بنت كعب الجونية، وعمرة بنت يزيد الكلابية ثم من بني الوحيد، ولم يدخل بأسماء حين طلقها، وكانت عمرة قبله عند 0 الفضل بن عباس بن عبد الطلب، فطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بها، ويقال: إنها أسماء بنت النعمان. وعن قتادة قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل اليمن أسماء بنت النعمان من بني الجون، فلما دخل بها دعاها، فقالت: تعال أنت، فطلقها. وعن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: الجونية أستعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل لها أحظى لك عنده. ولم تستعذ منه امرأة غيرها، وإنما خدعت لما رئي من جمالها وهيئتها. ولقد ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حملها على ما قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهن صواحب يوسف وكيدهن.
وهي أسماء بنت أبي نعمان بن أبي الجون.
وقيل هي أمية بنت النعمان بن أبي الجون. قال ابن عباس: لما استعاذت أسماء بنت النعمان من النبي صلى الله عليه وسلم خرج والغضب يعرف في وجهه فقال له الأشعث بن قيس: لا يسوءك الله يا رسول الله، ألا أزوجك من ليس دونها في الجمال والحسب؟ فقال: من؟ فقال: أختي قتيلة. قال: قد تزوجتها. قال: فانصرف الأشعث إلى حضرموت ثم حملها حتى إذا فصل من اليمن بلغه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فردها إلى بلاده. وارتد وارتدت معه فيمن ارتد. فلذلك تزوجت لفساد النكاح بالإرتداد. وكان تزوجها قيس بن مكشوح المرادي. قال ابن أبي عون: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية في شهر ربيع الأول سنة تسع من الهجرة. ومنهن سنا بنت أسماء بن الصلت السلمية. وهي عمة عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت، وأخواها عروة وأسماء لهما صحبة. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فماتت قبل أن يصل إليها. قال ابن سعد: سبا، ويقال سنا بنت الصلت بن حبيب بن جارية بن هلال بن حرام بن سماك بن عوف السلمي. قال ابن عمر: كان في نساء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ0 سنا بنت سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب. وقال ابن عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا أسيد إلى جدي يخطب عليه امرأة من بني عامر يقال لها عمرة بنت يزيد بن عبيد بن كلاب فتزوجها فبلغة أن بها بياضا فطلقها.
ومنهن مليكة بنت كعب الليثي. قال أبة معشر: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم مليكة بنت كعب، وكانت تذكر بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة فقالت: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك؟ فاستعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلقها. فجاء قومها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يارسول الله صلى الله عليه وسلم، إنها صغيرة، وإنها لا رأي لها، وإنها خدعت فارتجعها، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنوه أن يزوجوها قريباً لهامن بني عذرة فأذن لهم. فتزوجها العذري وكان أبوها قتل فتح مكة، قتله خالد بن الوليد. قال محمد بن عمر: ومما يضعف هذا الحديث ذكر عائشة أنها قالت: ألا تستحين. وعائشة لم تكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك السفر. قال عطاء بن يزيد الجندعي: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم مليكة بنت كعب الليثي في شهر رمضان سنة ثمان، ودخل بها فماتت عنده. قال محمد بن عمر: وأصحابنا ينكرون ذلك ويقولون: لم يتزوج كنانية قط. ومنهن العالية بنت ظبيان بن عمرو بن عوف بن كعب بن عبد بن أبي بكر بن كلاب. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمكثت عنده دهراً ثم طلقها. ومهن خولةبنة الهذيل التغلبية، وشراف بنت فضالة الكلبية. قال علي بن مجاهد: نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم خولة بنت الهذيل بن هبيرة التغلبي، وأمها خريق بنت خليفة أخت دحية، فحملت إليه من الشام، فماتت في الطريق، فنكح خالتها شراف بنة فضالة بن خليفة، فحملت إليه من الشام فماتت في الطريق.
ومنهن أمرأة من بني غفار: عن سهل بن زيد الأنصاري قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من غفار فدخل بها، فأمرها فنزعت ثوبها 0 فرأى بها بياضا من برص عند ثدييها، فانماز رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: خذي ثوبك. وأصبح فقال: الحقي بأهلك، فأكمل لها صداقها. فأما سرارية فمنهن: مارية أم ابراهيم عليه السلام: في سنة سبع قدم حاطب بن أبي بلتعة من عند المقوقس بمارية أم أبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبغلته دلدل وحماره يعفور. فأهدى أمير القبط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتيين أختين، وبغلة، فكان يركب على البغلة، واتخذ إحدى الجاريتين، فولدت له ابراهيم ابنه. قال عبد الله بن عبد الرحمن بن صعصعة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجب بمارية القبطية وكانت بيضاء جعدة جميلة، فأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأختها عند أم سليم بنت ملحان، فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام، فأسلمتا هناك، فوطئ مارية بالملك، وحولها إلى مال له بالعالية كان من أموال بني النضير، فكانت فيه في الصيف وفي خرافة النخل، فكان يأتيها هناك وكانت حسنة الدين. ووهب أختها سيرين لحسان بن ثابت الشاعر فولدت له عبد الرحمن.
وولدت مارية لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما فسماه ابراهيم، وعق رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة يوم سابعة، وحلق رأسه فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين، وأمر بشعره فدفن في الأرض وسماه ابراهيم. وكانت قابلتها سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم. فخرجت إلى زوجها أبي رافع فأخبرته أنها ولدت غلاما. فجاء أبو رافع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبشره فوهب له عبداً، وغار نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد عليهن حين رزق منها الولد.
وعن علي بن أبي طالب قال: أكثر على مارية أم ابراهيم في قبطي ابن عم لها، يزورها ويختلف إليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ هذا السيف فانطلق فإن وجدته عندها فاقتله. قال: قلت: يارسول الله، أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة لا يثنيني شيء حتى أمضي لما أمرتني به أم الشاهد يرى مالم يرى الغائب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. فأقبلت متوشحا بالسيف، فوجدته عندها، فاختطت السيف فلما رآني عرف أني أريده فأتى نخلاً فرقا هربا، ثم رمى بنفسه على قفاه ثم شال برجليه، فإذا به أجب أمسح، ماله مما للرجل قيل ولا كثير. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: الحمد لله الذي صرف عنا أهل البيت.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم ابراهيم حين ولدت: أعتقها ولدها. قال محمد بن عمر: توفيت مارية أم ابراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحرم سنة ست عشرة من الهجرة. فرئي عمر بن الخطاب يحشر الناس ليشهدوها، وصلى عليها، وقبرها بالبقيع. ومنهن ريحانة بنت زيد: قال محمد بن عمر الواقدي: قالوا: وكانت ريحانة بنت زيد من بني النضير متزوجة في بني قريظة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذها لنفسه صفياً. وكانت جميلة، فعرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسلم، فأبت إلا اليهودية، فعزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجد في نفسه، فأرسل إلى ابن سعية فذكر له ذلك فقال ابن سعية: فداك أبي وأمي هي تسلم. فخرج حتى جاءها فجعل يقول لها: لا تتبعي قومك، فقد رأيت ما أدخل عليهم حيي بن أخطب، فأسلمي يصطفيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه. فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ سمع وقع نعلين فقال: إن هاتين لنعلا ابن سعية يبشرني بإسلام ريحانة. فجاءه فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أسلمت ريحانة فسر بذلك، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل بها إلى بيت سلمى بنت قيس أم المنذر، فكانت عندها حتى حاضت حيضة ثم طهرت من حيضها، فجاءت أم المنذر فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءها
رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أم المنذر فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحببت أن أعتقك وأتزوجك فعلت، وإن أحببت أن تكوني في أطؤك بالملك فعلت. فقالت يارسول الله، إن أخف عليك وعلي أن أكون في ملكك. فكانت في ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطؤها حتى ماتت عنده. وقال ابن أبي ذئب: سالت الزهري عن ريحانة فقال: كانت أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها وتزوجها، فكانت تحتجب في أهلها. وتقول: لا يراني أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الواقدي: وهذا أثبت الحديثين عندنا. وكان زوج ريحانة قبل النبي صلى الله عليه وسلم: الحكم. وعن عمرو بن الحكم قال: أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة. وكانت عند زوج لها، وكان محباً لها مكرماً فقالت: لا أستخلف بعده أبداً.
وكانت ذات جمال. فلما سبيت بنو قريظة عرض السبي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت فيمن عرض عليه، فأمر بي فعزلت، وكان يكون له صفي في كل غنيمة. فلما عزلت خار الله لي فارتحل بي إلى منزل أم المنذر بنت قيس أياما حتى قتل السرى وفرق السبي، ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجنبت منه حياءً فدعاني فأجلسني بين يديه فقال: إن اخترت الله ورسوله أختارك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه فقلت: إني اختار الله ورسوله. فلما أسلمت أعتقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجني واصدقني اثنتي عشر أوقية ونشاً، كما كان يصدق نساءه، وأعرس بي في بيت أم المنذر، وكان يقسم لي كما كان يقسم لنساءه، وضرب علي الحجاب. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معجباً بها، وكانت لا تسأله يعني شيئاً إلا أعطاها ذلك. وقيل لها: لو كنت سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة لأعتقهم 0 وكانت تقول: لم يخل بي حتى فرق السبي. ولقد كان يخلو بها ويكثر منها. فلم تزل عنده حتى ماتت من حجة الوداع، فدفنها بالبقيع، وكان تزويجه إياها في المحرم سنة ست من الهجرة. وعن ابن شهاب قال: واستسر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَريحانة من بني قريظة، ثم اعتقها فلحقت بأهلها.
وقيل كانت من بني النضير، فكانت تكون في نخلة، نخل الصدقة، وكان يقبل عندهاصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحياناً. وكان سباها في شوال سنة أربع. وقيل كان النخل في العالية.
وزعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتدأه أول وجعه الذي توفي عندهم. وذكر أبو عبيدة أنه كان له صلى الله عليه وسلم أربع ولائد: مارية القبطية، وريحانة من بني قريظة، وكانت له جارية أخرى جميلة أصابها في السبي، فكادها نساؤه وخفن أن تغلبهن عليه، وكانت له جارية نفيسة وهبته لها زينب بنت جحش، وكان حجرها في شأن صفية بنت حيي ذا الحجة المحرم وصفر. فلما كان شهر ربيع الأول الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي عن زينب ودخل عليها: فقالت ما أدري ما أجزيك؛ فوهبتها له. وأما الاتي خطبن ولم يتزوجهن: عن ابن عباس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي طالب بنته أم هانئ في الجاهلية، وخطبها هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم فتزوجها هبيرة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عم زوجت هبيرة وتركتني، فقال: ابن أخي، إنا قد صاهرنا إليهم، والكريم يكافئ الكريم. ثم أسلمت ففرق الإسلام بينها وبين هبيرة، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسها فقالت: والله إن كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام، ولكني امرأة مصبية، وأكره أن يؤؤذوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير نساء ركبن المطايا نساء قريش: أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده، وكان اسم أم هانئ فاختة.
وعن ابن عباس قال: أقبلت ليلى بنت الخطيم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مول ظهره للشمس، فضربت على منكبه. فقال: من هذا أكله الأسود؟ وكان كثيراًما يقولها، فقالت: أنا بنت مطعم الطير، ومباري الريح، أنا ليلى بنت الخطيم. جئتك لأعرض عليك نفسي تزوجني. قال: قد فعلت، فرجعت إلى قومها فقال: قد تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: بئس ما صنعت، أنت
امرأة غيري والنبي صلى الله عليه وسلم صاحب نساء تغارين عليه فيدعو الله عليك، فاستقيليه نفسك. فرجعت فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقلني، قال: قد أقلتك، قال: فتزوجها مسعود بن أوس بن سواد بن ظفر، فولدت له. فبينا هي في حائط من حيطان المدينة تغتسل إذ وثب عليها ذئب لقول النبي فأكل منها بعضها، وأدركت، فماتت. وعن ابن عباس قال: كانت ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن بشر بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة عند هوذة بن علي الحنفي، فهلك عنها فرثته مالاً كثيراً فتزوجها عبد الله بن جدعان التميمي، وكان لا يولد له، فسألته الطلاق، فطلقها، فتزوجها هشام بن المغيرة فولدت له سلمة. كان من خيار المسلمين، فتوفي عنها هشام.
وكانت من أجمل نساء العرب وأعظمه خلقاً، وكانت إذا جلست أخذت من الأرض شيئاً كثيراً، وكان يغطى جسدها بشعرها. فذكر جمالها عند النبي صلى الله عليه وسلم، فخطبها إلى ابنها سلمة بن الهشام بن المغيرة، فقال: حتى أستأمرها، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم قد كبرت، فأتاها ابنها فقال لها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خطبك إلي، فقالت: ما قلت له؟ قال: قلت حتى أستأمرها، وفي النبي صلى الله عليه وسلم تستأمر؟! ارجع فزوجه: فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسكت عنه. وعن ابن عباس قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم صفية بنت بشامة بن نضلة العنبري، وكان أصابها سباء فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن شئت أنا، وإن شئت زوجك، فقالت: بل زوجي، فلعنتها بنو تميم. وعن عامر في قول عز وجل " ترجي من تشاء منهن " قال: كان نساء وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم فدخل ببعضهن، وأرجأ بعضاً فلم ينكحن بعده. منهن أم شريك.
وكانت أم شريك أمرأة من بني عامر بن لؤي بن صعصعة، وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها، فلم تتزوج حتى ماتت. عن علي بن الحسين قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم شريك الدوسية. قال محمد بن عمرو: الثبت عندنا أنها امرأة من دوس من الأزد. قال محمد بن سعد: اسمها غزية بنت جابر بن عكيم. وكانت امرأة صالحة. والله أعلم.