الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيث يسمعه الصوت ناداه بأعلى صوته: أي أبا عبد الله، اركب فقد حملك الله. فعرف جابر الذي أراد، فأجابه فرفع صوته فقال: أصلح دابتي، وأستغني عن قومي، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله، حرمه الله على النار. فتواثب الناس عن دوابهم، فما رأينا يوماً أكثر ماشياً منه. وحدث أبو مصبح، عن شرحبيل بن الشمط، عن عبادة بن الصامت قال: دخلنا على عبد الله بن رواحة نعوده، فأغمي عليه، فقلنا: يرحمك الله، إن كنا لنرجم لك الشهادة، وإن كنت لتحب أن تموت على غير هذا. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نذكر هذا. فقال: ففيم تعدون الشهادة؟ فأرم القوم، وتحرك عبد الله بن رواحة فقال: ألا تجيبون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم أجابه هو فقال: نعد الشهادة القتل في سبيل الله. قال: إن شهداء أمتي إذاً لقليل، القتل شهادة، والبطن شهادة، والطاعون شهادة، والغرق شهادة، والنفساء يقتلها ولدها جمعاً شهادة. المقراء: قرية بدمشق. والنهراء: سكة بالفسطاط.
أبو مصعب مولى بني يزيد
قال أبو مصعب: كنت أرى واثلة بن الأسقع يتغدى ويتعشى بفناء داره، ويدعوا الناس إلى طعامه.
أبو معاوية الأسود الزاهد
مولى بني أمية. قال القاسم بن عثمان الدمشقي: قلت ليمان بن أبي معاوية الأسود العابد:
رأيت إبراهيم بن أدهم؟ فضحك وقال: وأكبر من إبراهيم بن أدهم. قلت: من؟ قال: سفيان
الثوري، ثم قال: سمعت أخي سفيان الثوري يقول: ما كان الله لينعم على عبد في الدنيا فيفضحه في الآخرة، وحق على المنعم أن يتم على من أنعم عليه. قال يحيى بن يحيى: إن كان أحد قد بقي من الأبدال فحسين الجعفي منهم، وأبو معاوية الأسود. قال يحيى بن معين: رأيت أبا معاوية الأسود وهو يلتقط الخرق من المزابل ويغسلها ويلفقها ويلبسها فقيل له: يا أبا معاوية، إنك تكسى خيراً من هذا. فقال: ما ضرهم ما أصابهم في الدنيا إذا جبر الله لهم بالجنة كل مصيبة. وقال: كان أبو معاوية يخرج فيلتقط أسفل جزرة أو شيئاً مطروحاً، لقمة أو عدداً، فيجمع من هذا ثم يطبخه فيأكله. وكان رجل صدق، وكان يقول: ما ضرهم ما أصابهم في الدنيا إذا جبر الله لهم بالجنة كل مصيبة. ثم قال يحيى بن معين: صدق والله، ما ضر رجلاً أتقى الله على ما أصبح وأمسى من أمر الدنيا، وما الدنيا إلا كحلم. لقد حججت وأنا ابن أربع وعشرين سنة. خرجت راجلاً من بغداد إلى مكة، هذا منذ خمسين سنة، كأنما كان أمس. أغلظ رجل لأبي معاوية بالكلام وهو لا يعرفه فقال له أبو معاوية: أستغفر الله من ذنبٍ سلطك به علي. كان أبو معاوية ذهب بصرة، فإذا أراد أن يقرأ نشر المصحف فيرد الله عليه بصره، فإذا أطبق المصحف ذهب بصره. قال أبو الزاهرية: قدمت طرطوس، فدخلت على أبي معاوية الأسود وهو مكفوف البصر، وفي منزله مصحف معلق. فقلت: رحمك الله، مصحف وأنت لا تبصر؟ قال: تكتم علي يا أخي حتى أموت؟ قلت: نعم. قال: إني إذا أردت أن أقرأ فتح بصري. قال أحمد بن أبي الحوري: قلت لأبي معاوية الأسود: ما أعظم النعمة علينا في التوحيد، نسأل الله ألا يسلبناه. قال: يحق على المنعم أن يتم على من أنعم عليه.