الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل
كان معاوية، فقال له ليلة: ألا أخبرك عن زوجتي؟ قال: بلى. قال: ولدت إحداهما غلاماً، والأخرى جارية، فخرجت أم الغلام ترقصه وتقول: من الرجز
يا ليته قد راح في الغزي
…
على جواد مشرف علي
فآب بالمغنم والسبي
…
فألحق الفقير بالغني
فرددت ذلك حتى أغضبت أم الجارية، فخرجت بابنتها تر قصها وتقول: من الرجز
وما علي أن تكوني جاريه
…
تمشط رأسي وتكون الفاليه
وترفع الفاضل من ردائيه
…
حتى إذا ما بلغت ثمانية
زوجتها عتبة أو معاويه
…
أصهار صدق ومهور غاليه
فضحك معاوية وقال: وأبيها، إن عتبة ومعاوية عنها لمشغولان. وأمر لها بأربعة آلاف.
رجل من بني عذرة
أذن معاوية للناس يوماً فدخل فيهم فتى من بني عذرة، فوقف بين السماطين وقال: من الطويل
معاوي يا ذا الفضل والحلم والعقل
…
وذا البر والإحسان والجود والبذل
أتيتك لما ضاق في الأرض مذهبي
…
وأنكرت مما قد أصبت به عقلي
ففرج كلأك الله عني فإنني
…
لقيت الذي لم يلقه أحد قبلي
وخذ لي هداك الله حقي من الذي
…
رماني بسهم كان أهونه قتلي
وكنت أرجي عدله إذ أتيته
…
فأكثر تردادي مع الحبس والكبل
فطلقتها من جهد ما قد أصابني
…
فهذا أمير المؤمنين من العدل
فقال معاوية: ما خطبك؟ فقال: تزوجت ابنة عم لي، وكانت لي صرمة من إبل وشويهات فأنفقت ذلك عليها، فلما أصابتني نائبة الزمان رغب عني أبوها، وكانت جارية فيها الحياء والكرم فكرهت مخالفة أبيها، فأتيت عاملك ابن أم الحكم فذكرت ذلك له، وبلغه جمالها، فأعطى أباها عشرة آلاف درهم، فتزوجها وأخذني فحبسني وضيق علي، فلما أصابني مس الحديد وألم العذاب طلقتها، وقد أتيتك يا أمير المؤمنين وأنت غياث المحروب، وسند المسلوب، فهل من فرج؟ ثم بكى وقال في بكائه: من المجتث
وفي القلب مني نار
…
والنار فيها شنار
وفي فؤادي جمر
…
والجمر فيه شرار
والجسم مني نحيل
…
واللون فيه اصفرار
والعين تبكي بشجو
…
فدمعها مدرار
والحب داء عسير
…
فيه الطبيب يحار
حملت منه عظيماً
…
فما عليه اصطبار
فليس ليلي ليلاً
…
ولا نهاري نهار
فرق له معاوية، وكتب له إلى ابن أم الحكم كتاباً عظيماً، وكتب في آخره: من البسيط
ركبت أمراً عظيماً لست أعرفه
…
أستغفر الله من جور امرئ زاني
قد كنت تشبه صوفياً له كتب
…
من الفرائض أو آيات فرقان
حتى أتاني الفتى العذري منتحباً
…
يشكو إلي بحق غير بهتان
أعطي الإله عهوداً لا أخيس بها
…
أولا قربت من دين وإيمان
إن أنت راجعتني فيما كتبت به
…
لأجعلنك لحماً بين عقبان
طلق سعاد وفارقها بمجتمع
…
أشهد على ذاك نصراً وابن ظبيان
فما سمعت كما بلغت من عجب
…
ولا فعالك حقاً فعل إنسان
فلما ورد كتاب معاوية على ابن أم الحكم، تنفس الصعداء وقال: وددت أن أمير
المؤمنين خلى بيني وبينها سنة ثم عرضني على السيف، وجعل يؤامر نفسه في طلاقها فلا يقدر، فلما أزعجه الوفد طلقها. ثم قال: يا سعاد اخرجي، فخرجت شكلة غنجة ذات هيئة وجمال، فلما رآها الوفد قالوا: ما تصلح هذه إلا لأمير المؤمنين لا لأعرابي. وكتب جواب كتابه: من البسيط
لا تحنثن أمير المؤمنين فقد
…
أوفى بعهدك في رفق وإحسان
وما ركبت حراماً حين أعجبني
…
فكيف سميت باسم الخائن الزاني
وسوف تأتيك شمس لا خفاء بها
…
أبهى البرية من إنس ومن جان
حوراء يقصر عنها الوصف إن وصفت
…
أقول ذلك في سري وإعلاني
فلما ورد الكتاب على معاوية قال: إن كانت أعطيت حسن النغمة مع هذه الصفة فهي أكمل البرية، فاستنطقها فإذا هي أحسن الناس كلاماً، وأكملهم شكلاً ودلاً. فقال: يا أعرابي، هل من سلو عنها بأفضل الرغبة؟ قال: نعم، إذا فرقت بين رأسي وجسدي. ثم أنشأ الأعرابي يقول: من البسيط
لا تجعلني والأمثال تضرب لي
…
كالمستغيث من الرمضاء بالنار
اردد سعاد على حيران مكتئب
…
يمسي ويصبح في هم وتذكار
قد شفه قلق ما مثله قلق
…
وأسعر القلب منه أي إسعار
والله والله لا أنسى محبتها
…
حتى أغيب في رمس وأحجار
كيف السلو وقد هام الفؤاد بها
…
وأصبح القلب عنها غير صبار
فغضب معاوية غضباً شديداً، ثم قال لها: اختاري إن شئت أنا، وإن شئت ابن أم الحكم، وإن شئت الأعرابي. فأنشأت سعاد تقول: من الرجز
هذا، وإن أصبح في أطمار
…
وكان في نقص من اليسار
أكبر عندي من أبي وجاري
…
وصاحب الدرهم والدينار
أخشى إذا غدرت حر النار