الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في حالة له خالياً، قضيت الحاجة أم لم تقض. فقال له سليمان: هاته. فجاء به، وقام سليمان يصلي، ثم قعد يخطر بأصبعه ويدعو. فقال الرجل حين نظر إلى سليمان في تلك الحال: أواه، أواه، أخطأت موضع حاجتي. ورجع خارجاً، وانصرف سليمان. فقال للخصي: أين صاحبك؟ فطلبه فوجده خرج وقال: ادفعوا الدنانير للخادم فإنه وفى بما ضمن. فطلبه الخادم فلم يجده، فرجع إلى سليمان فأخبره. فقال سليمان للخادم: بساطي عليك محرم أو تجيئني بهذا الرجل. فخرج الخادم وثقاته فتفرقوا في طلبه حتى ظفروا به يقود راحلته خارجاً من باب من أبواب دمشق، فقال له الخادم: ارجع إلى أمير المؤمنين فقد طلبك. فقال: لا حاجة لي به، وقد أمرت أن تدفع إليك الدنانير. فقال له الخصي: لا بد من الرجوع إلى أمير المؤمنين. فرده على كره منه إلى سليمان فقال له سليمان: ألم أخبر أنك جعلت لهذا مئتي دينار على أن يدخلك إلي؟ فقال الرجل: قد كان ذلك. قال سليمان: أفلم أرك؟ قال: بلى. قال: فما أخرجك؟ والله إن لك لخبراً. قال: أجل، خبر ضخم العنق، إن فلاناً ظلمني في أرض بالحجاز لي، فاستعديت عليه الوالي على ناحيتنا، فمال علي له، فلم أرض بذلك، واستعديت عليه الوالي الأكبر، فمال علي، فلم أرض بذلك، وقدمت إليك فلم أجد أحداً إلا يميل له علي، فجعلت لخادمك هذا الذي جعلت له على أن يوصلني إليك، فلما أوصلني إليك رأيتك تخطر بأصبعك إلى السماء تطلب من الله حاجتك وتضرع إليه، فعقلت بفعلك موضع حاجتي، وعلمت أني أخطأت في طلبها، ولم آتها من الموضع الذي ينبغي، فرجعت أطلبها من الموضع الذي تطلب أنت حاجتك. فبكى سليمان ثم قال: إن الذي طلبت إليه حاجتك قد قضاها، وكتب إلى الأموي بكل ما أحب، وأمره برد ما يدعي عليه، وأعطاه أيضاً ما يصلح به ضيعته وذلك بعد ما وصله سليمان وكساه، وأمر له بفرائض.
رجل أجابه سليمان
وطلبه ليقتله فهرب، فجعلت رسله تختلف إلى منزله يطلبونه، فلم يظفر به، وجعل الرجل لا يأتي بلدة إلا قيل له: كنت تطلب ها هنا. فلما طال عليه
الأمر، وخشي ألا يفلت قال: ما أجد شيئاً خيراً من أن أذهب إلى بلاد ليس فيها له مملكة. فأقبل إلى أهله فطرقهم ليلاً فدق الباب. فقالت المرأة: من هذا؟ قال: افتحي، أنا فلان. قالت: ويحك، وما جاء بك؟ فوالله ما نأمن ولا يأمن جيراننا، ولكن الحين جاء بك. ففتحت له، وأسرجت سريعاً، ونبهت له عياله وجاءته بعشاء فتعشى، وأرادها على نفسها، فلم تمتنع عليه فواقعها وقالت: يا جارية، ضعي لمولاك في المتوضأ سراجاً، وصبي له ماء، واذهبي إلى فلان وفلان: أربعة من جيرانها، ولا يعلم الرجل. فأتت أبوابهم فطرقتها، فقالوا ما لكم، أطرقكم الليلة أحد؟ قالت: لا. قالوا: فلأي شيء بعثتك؟ قالت: ما لي علم. فدق هذا على هذا، وأتوها، ودخلوا البيت فقام إليهم، واعتنقهم، وقالوا: ما جاء بك؟ فإنا ما نأمن منازلنا، ولكن الحين جاء بك. فقال:
يا قوم، لم آت بلدة إلا وجدتني أطلب فيها، فرأيت أن أدخل بلدة ليس له عليها مملكة، وجئت لأوصي هذه المرأة وصية الموت، لأني إن دخلت بلاداً غير بلاد الإسلام لم أقدر أن أخرج منها، فأوصيت إلها، وأشهدكم على ذلك. ثم ودعهم، وقاموا يخرجون. فقالوا: أيتها المرأة لأي شيء بعثت إلينا؟ فقالت: أليس تعرفون الرجل أنه زوجي؟ قالوا: بلى. قالت: فإنه قد كان منه الليلة ما يكون من الرجل إلى أهله، فاشهدوا على هذه الليلة، فإنه لا أدري ما يكون ها هنا وأشارت إلى بطنها فيقول الناس: من أين جاءت بهذا وزوجها غائب؟ فخرج القوم وهم يقولون: ما رأينا كاليوم امرأة أحسن عقلاً، ولا أقرب مذهباً. وودعوه، وخرج الرجل، ترفعه أرض وتضعه أخرى حتى ظن أنه قد خرج من مملكته. فبينا هو في صحراء ليس فيها شجر ولا ماء، إذا هو برجل يصلي. فقال: فخفته وقلت: هذا يطلبني، ثم رجعت إلى نفسي فقلت: ما معه راحلة ولا دابة. فقصدت نحوه، فلما صرت بين كتفيه ركع ثم سجد ثم التفت إلي فقال: لعل هذا الطاغي أخافك؟ قلت: أجل، رحمك الله. قال: فما يمنعك من السبع؟ قلت: وما