الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعجباً، إنك تذكر من أقطع جدك، ومن أقرها في يده، فلا ترحم عليه، وتذكر من نزعها فترحم عليه؟ قم، فإنا قد أمضينا ما صنع عمر، رحم الله عمر.
أعرابي
وفد على هشام بن عبد الملك يتظلم من بعض عماله فقال: إن فلاناً ممن رفعت خسيسته، وأثبت ركنه، وأعليت ذكره، وأمرته بنشر محاسنك، فطواها، وإظهار مكارمك، فأخفاها، وعمد إلى أمورك في رعيتك فتعداها، استخفافاً بالحرمة، وقلة شكر النعمة، قد أخرب البلاد، وأضاع الأجناد، وأظهر الفساد، وأخرج الناس من سعة العدل إلى ضيق الجور، حتى باعوا الطارف والتلاد، وهموا ببيع النسل والأولاد. فقال هشام: يا أعرابي، أحقاً ما تقول؟ قال: نعم، والذي بلغك أعلى مراتب الشرف، والله لو كان على سويقة من أسواق البحرين ما أجزأها، مع أنه يخلط ذلك بلؤم الحسب وذفر النسب وسوء الأدب.
رجل من جلساء هشام
ابن عبد الملك. قال العتبي: كان عند خالد بن عبد الله ذات ليلة فقهاء من أهل الكوفة، فيهم أبو حمزة الثمالي. قال خالد: حدثني حديثاً كحديث عشيق ليس فيه فحش. فقال أبو حمزة: زعموا أنه ذكر عند هشام بن عبد الملك غدر النساء وسرعة تزويجهن فقال هشام: يبلغني من ذلك العجب. فقال بعض جلسائه: أنا أحدثك عما بلغني. كان رجل يقال له غسان بن جهضم بن العذافر، كانت تحته ابنة عم له يقال لها أم عقبة بنت عمرو بن الأبجر، وكان لها محباً، وهي له كذلك، فلما حضره الموت، وظن أنه مفارق الدنيا قال ثلاثة أبيات، ثم قال: يا أم عقبة، اسمعي ما أقول، وأجيبيني بحق، فقد تاقت نفسي إلى مسألتك عن نفسك بعد ما تواريني التراب. فقالت: قل، فوالله لا أجيبك بكذب، ولأجعلنه آخر حظك مني. فقال وهو يبكي بكاء يمنعه من الكلام: من الخفيف
أخبريني ماذا تريدين بعدي
…
والذي تضمرين يا أم عقبه
تحفظيني من بعد موتي لما قد
…
كان مني من حسن خلق وصحبه
أم تريدين ذا جمال ومال
…
وأنا في التراب في سجن غربه
فأجابته ببكاء وانتحاب: من الخفيف
قد سمعنا الذي تقول وما قد
…
خفته يا غسان من أم عقبه
أنا من أحفظ النساء وأرعاه
…
لما قد أوليت من حسن صحبه
سوف أبكيك ما حييت بشجو
…
ومراث أقولها وبندبه
فلما قالت ذلك طابت نفسه، وفي النفس ما فيها فقال: من الخفيف
أنا والله واثق بك لكن
…
ربما خفت منك غدر النساء
بعد موت الأزواج يا خير من عو
…
شر فارعي حقي بحسن الوفاء
إنني قد رجوت أن تحفظي العه
…
د فكوني إن مت عند الرجاء
ثم مات، فلم تلبث بعده إلا قليلاً، وخطبت من كل جانب، ورغب فيها الأزواج لاجتماع الخصال الفاصلة فيها، من العقل والجمال والعفاف والحسب، فأجابتهم: من الطويل
سأحفظ غساناً على بعد داره
…
وأرعاه حتى نلتقي يوم نحشر
وإني لفي شغل عن الناس كلهم
…
فكفوا، فما مثلي بمن مات يغدر
سأبكي عليه ما حييت بعبرة
…
تجول على الخدين مني فتكثر
فأيس الناس من إجابتها، ومرت بها الأيام فنسيت عهده وقالت: من مات فات. فأجابت بعض خطابها، فتزوجها، فلما دخلت عليه جاءها غسان في النوم فقال: من الطويل
غدرت ولم ترعي لبعلك حرمة
…
ولم تعرفي حقاً ولم تحفظي عهدا
ولم تصبري حولاً حفاظا لصاحب
…
حلفت له يوماً ولم تنجزي وعدا