الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في أمره في حياته.
وَهَذَا الرَّافِضِيُّ الْكَذَّابُ يَقُولُ: ((وَهَذَا نصٌّ فِي الْبَابِ)) .
فَيُقَالُ لَهُ: يَا دُبَيْر هَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ عَلِيًّا شَرِيكُهُ فِي أَمْرِهِ فِي حياته، كما كان هارون شريكا ً لِمُوسَى. فَهَلْ تَقُولُ بِمُوجَبِ هَذَا النَّصِّ؟ أَمْ تَرْجِعُ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِأَكَاذِيبِ الْمُفْتَرِينَ، وَتُرَّهَاتِ إِخْوَانِكَ المبطلين؟!
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْبُرْهَانُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تعالى: {إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} (1) . مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَهُ، فَذَكَرَ قِصَّةَ مُؤَاخَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ ذَهَبَتْ رُوحِي، وَانْقَطَعَ ظَهْرِي، حِينَ فَعَلْتَ بِأَصْحَابِكَ، فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ سُخْطِ اللَّهِ عليَّ، فَلَكَ الْعُقْبَى وَالْكَرَامَةُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي بعثني بالحق نبيًّا، ما اخترتك إلا لِنَفْسِي، فَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَأَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي، وَأَنْتَ مَعِي فِي قَصْرِي فِي الْجَنَّةِ، وَمَعَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ، فَأَنْتَ أَخِي وَرَفِيقِي. ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ? {إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} ، الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. وَالْمُؤَاخَاةُ تَسْتَدْعِي الْمُنَاسَبَةَ وَالْمُشَاكَلَةَ، فَلَمَّا اخْتُصَّ عَلِيٌّ بِمُؤَاخَاةِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ هُوَ الْإِمَامَ)) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا الْإِسْنَادِ. وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَلَا رَوَاهُ أَحْمَدُ قَطُّ لَا فِي الْمُسْنَدِ وَلَا فِي ((الْفَضَائِلِ)) وَلَا ابْنُهُ. فَقَوْلُ هَذَا الرَّافِضِيِّ:((مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ)) كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ عَلَى الْمُسْنَدِ. وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ زِيَادَاتِ الْقَطِيعِيِّ الَّتِي فِيهَا مِنَ الْكَذِبِ الْمَوْضُوعِ مَا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، رَوَاهُ الْقَطِيعِيُّ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ الْبَغَوِيِّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذَّارِعُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَعْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ زيد بن أبي أوفى (2) .
وَهَذَا الرَّافِضِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ بِتَمَامِهِ فَإِنَّ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي. قَالَ: وَمَا أرث
(1) الآية 47 من سورة الحجر.
(2)
انظر الفضائل ج2 ص 638 - 639.
مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا ورَّث الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِي. قَالَ: وَمَا وُرِثَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِكَ؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِمْ.
وَهَذَا الْإِسْنَادُ مُظْلِمٌ انْفَرَدَ بِهِ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَبَّادٍ أَحَدُ الْمَجْرُوحِينَ، ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَعْنٍ، وَلَا يَدْرِي مَنْ هُوَ، فَلَعَلَّهُ الَّذِي اخْتَلَقَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مَكْذُوبٌ مُفْتَرًى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ أَحَادِيثَ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَالْأَنْصَارِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، كُلُّهَا كَذِبٌ. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤَاخِ عَلِيًّا، وَلَا آخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَا بَيْنَ مُهَاجِرِيٍّ وَمُهَاجِرِيٍّ، لَكِنْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، كَمَا آخَى بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَبَيْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبَيْنَ عَلِيٍّ وسهل بن حنيف.
وَكَانَتِ الْمُؤَاخَاةُ فِي دُورِ بَنِي النَّجَّارِ، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ أَنَسٌ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، لَمْ تَكُنْ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي دَارٍ كَانَ لِبَعْضِ بَنِي النَّجَّارِ، وبناه في محلتهم.
الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي، بَاطِلٌ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ مِيرَاثَ الْمَالِ بَطَلَ قَوْلُهُمْ: إِنَّ فَاطِمَةَ وَرِثَتْهُ. وَكَيْفَ يَرِثُ ابْنُ الْعَمِّ مَعَ وُجُودِ الْعَمِّ وَهُوَ الْعَبَّاسُ؟ وَمَا الَّذِي خَصَّهُ بِالْإِرْثِ دُونَ سَائِرِ بَنِي الْعَمِّ الذين هم في درجة واحدة؟
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَثْبَتَ الْأُخُوَّةَ لِغَيْرِ عَلِيٍّ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ لِزَيْدٍ:((أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا)) (1) . وَقَالَ لَهُ?أَبُو بَكْرٍ لَمَّا خَطَبَ ابْنَتَهُ: أَلَسْتَ أَخِي؟ قَالَ: ((أَنَا أَخُوكَ، وَبِنْتُكَ حلالٌ لي)) (2) .
(1) تقدم هذا الحديث ص 689.
(2)
البخاري ج7 ص 5.