الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} فَنَزَّهَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَنِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ، وَالضَّلَالُ عدم العلم، والغي اتباع الهوى كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَحَمَلَهَا الإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً} (1) فَالظَّلُومُ غَاوٍ، وَالْجَهُولُ ضَالٌّ، إِلَّا مَنْ تَابَ الله عليه.
وَهَذَا حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ، فَفِيهِمْ جَهْلٌ وَظُلْمٌ، لَا سِيَّمَا الرَّافِضَةِ، فَإِنَّهُمْ أَعْظَمُ ذَوِي الْأَهْوَاءِ جَهْلًا وَظُلْمًا، يُعَادُونَ خِيَارَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى - مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّينَ، مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحسان رضي الله عنه م وَرَضُوا عَنْهُ، وَيُوَالُونَ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ وَأَصْنَافِ الْمُلْحِدِينَ، كَالنُّصَيْرِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الضَّالِّينَ، فَتَجِدُهُمْ أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ إِذَا اخْتَصَمَ خَصْمَانِ فِي رَبِّهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ، سَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، كَالْحُرُوبِ الَّتِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ.
تَجِدُهُمْ يُعَاوِنُونَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْقُرْآنِ، كَمَا قَدْ جَرَّبَهُ النَّاسُ مِنْهُمْ غَيْرَ مَرَّةٍ، فِي مِثْلِ إِعَانَتِهِمْ لِلْمُشْرِكِينَ مِنَ التُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَالْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِعَانَتِهِمْ لِلنَّصَارَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالشَّامِ، وَمِصْرَ وغير ذلك في وقائع متعددة.
من أعظم الْحَوَادِثُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ، فِي الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ وَالسَّابِعَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَدِمَ كُفَّارُ التُّرْكِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا لَا يُحْصِي
عَدَدَهُ إِلَّا رَبُّ الْأَنَامِ، كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُعَاوَنَةً لِلْكَافِرِينَ، وَهَكَذَا مُعَاوَنَتُهُمْ لِلْيَهُودِ أَمْرٌ شَهِيرٌ، حَتَّى جَعَلَهُمُ الناس لهم كالحمير.
(فصل)
مشابهة الرافضة لليهود والنصارى من وجوه كثيرة
وَهَذَا الْمُصَنِّفُ سَمَّى كِتَابَهُ: مِنْهَاجَ الْكَرَامَةِ فِي مَعْرِفَةِ الْإِمَامَةِ، وَهُوَ خَلِيقٌ بِأَنْ يُسَمَّى: مِنْهَاجَ النَّدَامَةِ، كَمَا أَنَّ مَنِ ادَّعَى الطَّهَارَةَ، وَهُوَ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قلوبهم، بل من
(1) الاية 72 من سورة الأحزاب.
أَهْلِ الْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَالنِّفَاقِ، كَانَ وَصْفُهُ بِالنَّجَاسَةِ والتكدير، أولى من وصفه بالتطهير.
وَمِنْ أَعْظَمِ خَبَثِ الْقُلُوبِ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ غِلٌّ لِخِيَارِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَادَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ، وَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْفَيْءِ نَصِيبًا لِمَنْ بَعْدَهُمْ، إِلَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيم} .
وَلِهَذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْيَهُودِ مِنَ الْمُشَابَهَةِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ الْيَهُودِ.
وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّصَارَى مِنَ الْمُشَابَهَةِ فِي الْغُلُوِّ والجهل، واتباع الهوى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّصَارَى، مَا أَشْبَهُوا بِهِ هَؤُلَاءِ مِنْ وَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ مِنْ وَجْهٍ، وَمَا زَالَ النَّاسُ يَصِفُونَهُمْ بِذَلِكَ.
وَمِنْ أَخْبَرِ النَّاسِ بِهِمُ الشَّعْبِيُّ، وَأَمْثَالُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحْمَقَ مِنَ الْخَشَبِيَّةِ، لَوْ كَانُوا مِنَ الطَّيْرِ لَكَانُوا رَخَمًا، وَلَوْ كَانُوا مِنَ الْبَهَائِمِ لَكَانُوا حُمُرًا، وَاللَّهِ لَوْ طَلَبْتُ مِنْهُمْ أَنْ يملؤا هَذَا الْبَيْتَ ذَهَبًا عَلَى أَنْ أَكْذِبَ عَلَى علي لأعطوني، والله مَا أَكْذِبُ عَلَيْهِ أَبَدًا، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الكلام عنه مبسوطا لَكِنَّ، الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَبْسُوطَ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ.
كَمَا رَوَى أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ (1) فِي كتاب اللطف فِي السُّنَّةِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ نُصَيْرٍ الطُّوسِيُّ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أبيه، قال. قال الشعبي: أحذركم أهل هَذِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُضِلَّةَ، وَشَرُّهَا الرَّافِضَةُ، لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ رَغْبَةً وَلَا رَهْبَةً، وَلَكِنْ مَقْتًا لأهل الاسلام وبغيا عليهم، وقد حرقهم علي رضي الله عنه ونفاهم إلى البلدان.
ومنهم عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء، نفاه إلى سباباط، وعبد الله بن يسار نفاه إلى خاذر، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ مِحْنَةَ الرَّافِضَةِ، مِحْنَةُ الْيَهُودِ. قَالَتِ الْيَهُودُ: لَا يَصْلُحُ الْمُلْكُ إِلَّا فِي آلِ دَاوُدَ، وَقَالَتِ الرَّافِضَةُ لَا تَصْلُحُ الْإِمَامَةُ إِلَّا فِي وَلَدِ عَلِيٍّ، وَقَالَتِ الْيَهُودُ: لَا جهاد في
(1) هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عثمان البغدادي توفي سنة385 انظر تذكرة الحفاظ ج3ص183.
سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ، وَيَنْزِلَ سَيْفٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَقَالَتِ الرَّافِضَةُ: لَا جِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَهْدِيُّ، وَيُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ.
وَالْيَهُودُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ إِلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ يُؤَخِّرُونَ الْمَغْرِبَ إِلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ، وَالْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:((لَا تَزَالُ أُمَّتِي على الفطرة مالم يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ)) (1) .
وَالْيَهُودُ تَزُولُ عَنِ الْقِبْلَةِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ تَنُودُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ تُسْدِلُ أَثْوَابَهَا فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
وَالْيَهُودُ لَا يَرَوْنَ عَلَى النِّسَاءِ عِدَّةً، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ حَرَّفُوا التَّوْرَاةَ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ حَرَّفُوا الْقُرْآنَ. وَالْيَهُودُ قَالُوا: افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا خَمْسِينَ صَلَاةً، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
واليهود لا يخلصون السلام على الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا يَقُولُونَ: السَّامُ عَلَيْكُمْ _ وَالسَّامُ الْمَوْتُ _ وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ لَا يَأْكُلُونَ الْجِرِّيَّ (2) وَالْمَرْمَاهَى. وَالذِّنَابَ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
وَالْيَهُودُ لَا يَرَوْنَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
وَالْيَهُودُ يَسْتَحِلُّونَ أَمْوَالَ النَّاسِ كُلِّهِمْ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ. وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ عنهم فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُمْ:{قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِيِّينَ سَبِيل} (3) وكذلك الرافضة.
واليهود تسجد على قُرُونِهَا فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ لَا تسجد حتى تخفق برؤوسها مِرَارًا شِبْهَ الرُّكُوعِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
وَالْيَهُودُ تُبْغِضُ جِبْرِيلَ، وَيَقُولُونَ هُوَ عَدُوُّنَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، يَقُولُونَ غَلِطَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ عَلَى مُحَمَّدٍ.
(1) رواه أبو داود في السنن ج1ص169وابن ماجه ج1ص225وأحمد في المسند ج4ص147وج5ص422
(2)
نوع من السمك زعموا أن السمك خاطب عليا إلا هذين النوعين منه.
(3)
الآية 75 من سورة آل عمران.
وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ وَافَقُوا النَّصَارَى فِي خَصْلَةِ: النَّصَارَى لَيْسَ لِنِسَائِهِمْ صَدَاقٌ إِنَّمَا يَتَمَتَّعُونَ بِهِنَّ تَمَتُّعًا، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ يَتَزَوَّجُونَ بِالْمُتْعَةِ، وَيَسْتَحِلُّونَ الْمُتْعَةَ، وَفُضِّلَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى عَلَى الرَّافِضَةِ بِخَصْلَتَيْنِ، سُئِلَتِ الْيَهُودُ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ مُوسَى، وَسُئِلَتِ النَّصَارَى مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: حَوَارِيُّ عِيسَى. وَسُئِلَتِ الرَّافِضَةُ مَنْ شَرُّ أَهْلِ ملتكم؟ قالوا أصحاب محمد.
أمروا بالاستغفار لهم، فسبوهم والسيف عَلَيْهِمْ مَسْلُولٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا تَقُومُ لَهُمْ رَايَةٌ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ قَدَمٌ وَلَا تَجْتَمِعُ لَهُمْ كَلِمَةٌ، وَلَا تُجَابُ لَهُمْ دَعْوَةٌ، دَعْوَتُهُمْ مَدْحُوضَةٌ، وَكَلِمَتُهُمْ مُخْتَلِفَةٌ، وَجَمْعُهُمْ مُتَفَرِّقٌ، كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ.
(قُلْتُ) : هَذَا الْكَلَامُ بَعْضُهُ ثَابِتٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ كَقَوْلِهِ: لَوْ كَانَتِ الشِّيعَةُ مِنَ الْبَهَائِمِ لَكَانُوا حُمُرًا، وَلَوْ كَانَتْ مِنَ الطَّيْرِ لَكَانُوا رَخَمًا، فَإِنَّ هَذَا ثَابِتٌ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ شَاهِينَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ النَّحْوِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، فَذَكَرَهُ وَأَمَّا السِّيَاقُ الْمَذْكُورُ، فَهُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
وَرَوَى أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ (1) فِي كتابه ورواه من طرقه أَبُو عَمْرٍو الطَّلَمَنْكِيُّ، فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ، قال. حدثنا ابن جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ قُلْتُ لِعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ: مَا رَدُّكَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، وَقَدْ كُنْتَ فِيهِمْ رَأْسًا، قَالَ رَأَيْتُهُمْ يَأْخُذُونَ بِأَعْجَازٍ لَا صُدُورَ لَهَا.
ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مَالِكُ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ يُعْطُونِي رِقَابَهُمْ عَبِيدًا، أو يملؤا لِي بَيْتِي ذَهَبًا، أَوْ يَحُجُّوا إِلَى بَيْتِي هَذَا، عَلَى أَنْ أَكْذِبَ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه لفعلوا، ولا. والله أَكْذِبُ عَلَيْهِ أَبَدًا، يَا مَالِكُ إِنِّي قَدْ درست أهل الأهواء فلم أر فيهم أَحْمَقَ مِنَ الْخَشَبِيَّةِ، فَلَوْ كَانُوا مِنَ الطَّيْرِ لَكَانُوا رَخَمًا، وَلَوْ كَانُوا مِنَ الدَّوَابِّ لَكَانُوا حُمُرًا، يَا مَالِكُ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ رَغْبَةً فِيهِ لِلَّهِ وَلَا رَهْبَةً مِنَ اللَّهِ، وَلَكِنْ مَقْتًا مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَبَغْيًا مِنْهُمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ.
يُرِيدُونَ أَنْ يَغْمِصُوا دِينَ الْإِسْلَامِ، كَمَا غَمِصَ بُولِصُ بْنُ يُوشَعَ مَلِكُ اليهود دين
(1) هو خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَبُو عَاصِمٍ، النسائي توفي سنة 253، وأنظر تهذيب التهذيب ج3ص142
النصرانية، ولا تتجاوز صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ.
قَدْ حَرَّقَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بِالنَّارِ، وَنَفَاهُمْ مِنَ الْبِلَادِ.
مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبَأٍ، يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ صَنْعَاءَ، نَفَاهُ إِلَى سَابَاطِ وَأَبُو بَكْرٍ الْكَرَوَّسُ، نَفَاهُ إِلَى الْجَابِيَةِ، وَحَرَّقَ مِنْهُمْ قَوْمًا، أَتَوْهُ فَقَالُوا: أَنْتَ هُوَ. فَقَالَ: مَنْ أَنَا. فَقَالُوا: أَنْتَ رَبُّنَا. فَأَمَرَ بِنَارٍ فَأُجِّجَتْ، فَأُلْقَوْا فِيهَا، وَفِيهِمْ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه:
لَمَّا رَأَيْتُ الْأَمْرَ أَمْرًا مُنْكَرًا
…
أَجَّجْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا
يَا مَالِكُ إِنَّ مِحْنَتَهُمْ مِحْنَةُ الْيَهُودِ، قَالَتِ الْيَهُودُ: لَا يَصْلُحُ الْمُلْكُ إِلَّا فِي آلِ دَاوُدَ، وَكَذَلِكَ قَالَتِ الرَّافِضَةُ: لَا تَصْلُحُ الْإِمَامَةُ إِلَّا فِي وَلَدِ عَلِيٍّ.
وَقَالَتِ الْيَهُودُ: لَا جِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَخْرُجَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ وَيَنْزِلَ سَيْفٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ قَالُوا: لَا جِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَخْرُجَ الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ اتَّبَعُوهُ.
وَقَالَتِ الْيَهُودُ: فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كل يوم وليلة، وكذلك قالت الرَّافِضَةُ.
وَالْيَهُودُ لَا يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ حَتَّى تَشْتَبِكَ النُّجُومُ، وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْإِسْلَامِ مالم تؤخر الْمَغْرِبَ إِلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ)) (1) مُضَاهَاةً لِلْيَهُودِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ، وَالْيَهُودُ إِذَا صَلَّوْا زَالُوا عَنِ الْقِبْلَةِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
وَالْيَهُودُ تَنُودُ فِي صَلَاتِهَا، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ. وَالْيَهُودُ يُسْدِلُونَ أَثْوَابَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، وقد بلغني أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ سَادِلٍ ثَوْبَهُ فَعَطَفَهُ عليه، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
وَالْيَهُودُ حَرَّفُوا التَّوْرَاةَ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ حرفوا القرآن. واليهود يسجدون في صلاة الفجر الْكُنْدُرَةَ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ. وَالْيَهُودُ لَا يُخْلِصُونَ بِالسَّلَامِ إِنَّمَا يَقُولُونَ: سَامٌ عَلَيْكُمْ. وَهُوَ الْمَوْتُ _ وَكَذَلِكَ الرافضة،
(1) تقدم ذكرمن رواه قريبا.
وَالْيَهُودُ عَادَوْا جِبْرِيلَ فَقَالُوا: هُوَ عَدُوُّنَا. وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ قَالُوا: أَخْطَأَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ. وَالْيَهُودُ يَسْتَحِلُّونَ أَمْوَالَ النَّاسِ، وَقَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قالوا {قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِيِّينَ سَبِيل} ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ يَسْتَحِلُّونَ مَالَ كُلِّ مُسْلِمٍ.
وَالْيَهُودُ ليس لنسائهم صداق وإنما يتمتعون متعة، وكذلك الرافضة يستحلون المتعة، وَالْيَهُودُ يَسْتَحِلُّونَ دَمَ كُلِّ مُسْلِمٍ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
واليهود يرون غش الناس، وكذلك الرافضة. وَالْيَهُودُ لَا يَعُدُّونَ الطَّلَاقَ شَيْئًا إِلَّا عِنْدَ كل حيضة، وكذلك الرافضة.
وَالْيَهُودُ لَا يَرَوْنَ الْعَزْلَ عَنِ السَّرَارِي، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ. وَالْيَهُودُ يُحَرِّمُونَ الْجِرِّيَّ وَالْمَرْمَاهَى، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
وَالْيَهُودُ حَرَّمُوا الْأَرْنَبَ وَالطِّحَالَ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ. وَالْيَهُودُ لَا يَرَوْنَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ. وَالْيَهُودُ لَا يُلْحِدُونَ، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ. وَقَدْ أُلْحِدَ لنبينا صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْيَهُودُ يُدْخِلُونَ مَعَ مَوْتَاهُمْ فِي الْكَفَنِ سَعَفَةً رَطْبَةً، وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ.
ثُمَّ قَالَ يا مالك: وفضلهم الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِخَصْلَةٍ، قِيلَ لِلْيَهُودِ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ مُوسَى، وَقِيلَ لِلنَّصَارَى مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: حَوَارِيُّ عِيسَى، وَقِيلَ لِلرَّافِضَةِ مَنْ شَرُّ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: حواري محمد _ يعنون بذلك طلحة والزبير _ أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم، والسيف مسلول عليهم إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَدَعْوَتُهُمْ مَدْحُوضَةٌ، وَرَايَتُهُمْ مَهْزُومَةٌ، وَأَمْرُهُمْ مُتَشَتِّتٌ، كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ، وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرِيُّ (1) فِي شَرْحِ أُصُولِ السُّنَّةَ نَحْوَ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَجَرٍ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَبَعْضُهَا يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ، لَكِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ ضَعِيفٌ، وَذَمُّ الشَّعْبِيِّ لَهُمْ ثَابِتٌ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى، لَكِنَّ لَفْظَ الرَّافِضَةِ إِنَّمَا ظَهَرَ لَمَّا
(1) هو اللا لكائي.