المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

دَائِمًا يَقُومَانِ وَلَا يَحْضُرَانِ الْخُطْبَةَ وَلَا الْجُمْعَةَ. وَإِنْ كَانَا يَشْهَدَانِ - مختصر منهاج السنة

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌متى سموا رافضة وكذا الزيدية

- ‌ذكر بعض حماقات الرافضة

- ‌(فصل)

- ‌شرك بعض الصوفية حتى في الربوبية

- ‌لا وجود لإلياس والخضر

- ‌أصول الدين عند الإمامية

- ‌تناقض الرافضة في الإمامة بين القول والتطبيق

- ‌لا يحصل بمعرفة الإمام خير إن لم يعمل صالحا

- ‌ليست الإمامة من واجبات الدين

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌فْصِلُ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌فصِّل

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فصل)

- ‌(فصل)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

الفصل: دَائِمًا يَقُومَانِ وَلَا يَحْضُرَانِ الْخُطْبَةَ وَلَا الْجُمْعَةَ. وَإِنْ كَانَا يَشْهَدَانِ

دَائِمًا يَقُومَانِ وَلَا يَحْضُرَانِ الْخُطْبَةَ وَلَا الْجُمْعَةَ. وَإِنْ كَانَا يَشْهَدَانِ كُلَّ خُطْبَةٍ، فَمَا بَالُهُمَا يَمْتَنِعَانِ مِنْ سَمَاعِ خُطْبَةٍ وَاحِدَةٍ قَبْلَ أَنْ يتكلم بها؟.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((إِنَّهُ بَالَغَ فِي مُحَارَبَةِ عَلِيٍّ)) .

فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ اقْتَتَلَ الْعَسْكَرَانِ: عَسْكَرُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ، وَلَمْ يَكُنْ مُعَاوِيَةُ مِمَّنْ يَخْتَارُ الْحَرْبَ ابْتِدَاءً، بَلْ كَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ حِرْصًا عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ قِتَالٌ، وَكَانَ غيره أحرص على القتال منه.

(فَصْلٌ)

إِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَيُقَالُ: قَوْلُ الرَّافِضَةِ مِنْ أَفْسَدِ الْأَقْوَالِ وَأَشَدِّهَا تَنَاقُضًا؛ فَإِنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ الْأَمْرَ عَلَى مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا، وَيَمْدَحُونَ مَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ، مَعَ أَنَّ الذَّمَّ وَالْإِثْمَ لِمَنْ قَتَلَ عُثْمَانَ أَعْظَمُ مِنَ الذَّمِّ وَالْإِثْمِ لِمَنْ قتل عليًّا، فإن عثمان كَانَ خَلِيفَةً اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقْتُلْ مسلما، وقد قتلوه لِيَنْخَلِعَ مِنْ الْأَمْرِ، فَكَانَ عُذْرُهُ فِي أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى وِلَايَتِهِ أَعْظَمَ مِنْ عُذْرِ عَلِيٍّ فِي طَلَبِهِ لِطَاعَتِهِمْ لَهُ، وصَبَرَ عُثْمَانُ حَتَّى قُتل مَظْلُومًا شَهِيدًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَلِيٌّ بَدَأَ بِالْقِتَالِ أَصْحَابَ مُعَاوِيَةَ، ولم يكونوا يقاتلونه، ولكن امتنع من بيعته.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ عُثْمَانَ فَعَلَ أَشْيَاءَ أَنْكَرُوهَا.

قِيلَ: تِلْكَ الْأَشْيَاءُ لَمْ تُبِحْ خَلْعَهُ وَلَا قَتْلَهُ، وَإِنْ أَبَاحَتْ خَلْعَهُ وَقَتْلَهُ كَانَ مَا نَقَمُوهُ عَلَى عَلِيٍّ أوْلى أَنْ يُبِيحَ تَرْكَ مبايعته.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً)) وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَمْ تَكُنْ مَشْهُورَةً شُهْرَةً

ص: 208

يَعْلَمُهَا مِثْلُ أُولَئِكَ؛ إِنَّمَا هِيَ مِنْ نَقْلِ الْخَاصَّةِ لَا سِيَّمَا وَلَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. وَإِذَا كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ خَفِيَ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: ((لَوْلَا أَنَّ قومك حديثوعهد

بالجاهلية لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، وَلَأَلْصَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ)) (1) وَنَحْوُ ذَلِكَ حَتَّى هَدَمَ مَا فَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِّي وَلَّيْتُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَوَلَّاهُ. مَعَ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ رضي الله عنها ثَابِتٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَلَأَنْ يَخْفَى عَلَى مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابِهِ قَوْلُهُ:((الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا)) بِطَرِيقِ الأوْلى، مَعَ أَنَّ هَذَا فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ علي ّ رضي الله عنه لَا يَدُلُّ عَلَى عَلِيٍّ عَيْنًا، وَإِنَّمَا عُلمت دَلَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ لَمَّا مَاتَ رضي الله عنه، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ نصّاً في إثبات خليفة معيّن. وهم يقولون:

إذا كَانَ لَا يُنْصِفُنَا إِمَّا تَأْوِيلًا مِنْهُ وَإِمَّا عَجْزًا مِنْهُ عَنْ نُصْرَتِنَا، فَلَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نبايع من نُظلم بولايته.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَتَلَ جَمْعًا كَثِيرًا مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ)) .

فَيُقَالُ: الَّذِينَ قُتلوا قُتلوا مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ؛ قَتَلَ هَؤُلَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَأَكْثَرُ الَّذِينَ كَانُوا يَخْتَارُونَ الْقِتَالَ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ لَمْ يَكُونُوا يُطِيعُونَ لَا عَلِيًّا وَلَا مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عنهمما أَطْلَبَ لِكَفِّ الدِّمَاءِ مِنْ أَكْثَرِ الْمُقْتَتِلِينَ، لَكِنْ غُلبا فِيمَا وَقَعَ. وَالْفِتْنَةُ إِذَا ثَارَتْ عَجَزَ الْحُكَمَاءُ عَنْ إِطْفَاءِ نَارِهَا، وَكَانَ فِي الْعَسْكَرَيْنِ مِثْلُ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ، وَهَاشِمِ بْنِ عُتبة الْمِرْقَالِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأَبِي الْأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ، وَنَحْوِهِمْ مِنَ الْمُحَرِّضِينَ عَلَى الْقِتَالِ: قوم ينتصرون لعثمان غَايَةَ الِانْتِصَارِ، وَقَوْمٌ ينفِّرون عَنْهُ، وَقَوْمٌ يَنْتَصِرُونَ لعليّ وقوم ينفِّرون عنه.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ لَعْنِ عَلِيٍّ، فَإِنَّ التَّلَاعُنَ وَقَعَ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ كَمَا وَقَعَتِ الْمُحَارَبَةُ، وكان هؤلاء يلعنون رؤوس هؤلاء في دعائهم، وهؤلاء يلعنون رؤوس هَؤُلَاءِ فِي دُعَائِهِمْ. وَقِيلَ: إِنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ كَانَتْ تَقْنُتُ عَلَى الْأُخْرَى. وَالْقِتَالُ بِالْيَدِ أَعْظَمُ من التلاعن باللسان.

ثُمَّ مِنَ الْعَجَبِ أَنَّ الرَّافِضَةَ تُنْكِرُ سَبَّ عَلِيٍّ، وَهُمْ يَسُبُّونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ ويكفِّرونهم وَمَنْ وَالَاهُمْ. وَمُعَاوِيَةُ رضي الله عنه وَأَصْحَابُهُ مَا كَانُوا يكفِّرون عَلِيًّا، وَإِنَّمَا يكفِّره

(1) الحديث في البخاري ج2 ص 146 ومسلم ج2 ص968.

ص: 209

الخوارج المارقون، والرافضة شر منهم.

وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَبُّ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: لَا عَلِيٍّ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا غَيْرِهِمَا، وَمَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فهو أعظم إثما ممن سب عليًّا، وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا فَتَأْوِيلُهُ أَفْسَدُ مِنْ تَأْوِيلِ من سب عليًّا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((إِنَّ مُعَاوِيَةَ سَمَّ الْحَسَنَ)) .

فَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ ببيِّنة شرعية، أو إقرار معتبر، ولا بنقل يُجزم بِهِ. وَهَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ به، فالقول به قول بلا علم.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَقَتَلَ ابْنُهُ يَزِيدُ مَوْلَانَا الْحُسَيْنَ وَنَهَبَ نِسَاءَهُ)) .

فَيُقَالُ: إِنَّ يَزِيدَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ النَّقْلِ، وَلَكِنْ كَتَبَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ وِلَايَةِ الْعِرَاقِ. وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنه كَانَ يَظُنُّ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَنْصُرُونَهُ وَيَفُونَ لَهُ بِمَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَ عَمِّهِ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ، فَلَمَّا قَتَلُوا مُسْلِمًا وَغَدَرُوا بِهِ وَبَايَعُوا ابْنَ زِيَادٍ، أَرَادَ الرُّجُوعَ فَأَدْرَكَتْهُ السَّرِيَّةُ الظَّالِمَةُ، فَطَلَبَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ، أَوْ يَذْهَبَ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ، فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يستأسر لهم، فامتنع، فقاتلوه حتى قُتل مَظْلُومًا رضي الله عنه، وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ أَظْهَرَ التَّوَجُّعَ عَلَى ذَلِكَ، وَظَهَرَ الْبُكَاءَ فِي دَارِهِ، وَلَمْ يَسْبِ لَهُ حَرِيمًا أَصْلًا، بَلْ أَكْرَمَ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَأَجَازَهُمْ حَتَّى رَدَّهُمْ إلى بلدهم.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَكَسَرَ أَبُوهُ ثَنِيَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَكَلَتْ أُمُّهُ كَبِدَ حَمْزَةَ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)) .

فَلَا رَيْبَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ كَانَ قَائِدَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُد، وكُسرت ذَلِكَ الْيَوْمَ ثَنِيَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَسَرَهَا بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ. لَكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بَاشَرَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَسَرَهَا عُتبة بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَخَذَتْ هِنْدُ كَبِدَ حَمْزَةَ فَلَاكَتْهَا، فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَبْلَعَهَا فَلَفَظَتْهَا.

وَكَانَ هَذَا قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَسْلَمُوا وَحَسُنَ إِسْلَامُهُمْ وَإِسْلَامُ هِنْدٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْرِمُهَا، وَالْإِسْلَامُ يَجُبٌّ مَا قَبْلَهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

{قُلْ ِللذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَر لَهُم مَا قَدْ سَلَفَ} (1) .

(1) الآية 38 من سورة الأنفال.

ص: 210