الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَلِيفَةً عَلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْسَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَنَةَ تِسْعٍ مَعَ أَبِي بَكْرٍ لِنَبْذِ الْعُهُودِ، وأمَّر عَلَيْهِ أَبَا بَكْرٍ. ثُمَّ بَعْدَ رُجُوعِهِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ أَرْسَلَهُ إِلَى الْيَمَنِ، كما أرسل معاذاً وأبا موسى.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الْخَامِسُ: مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال لأمير المؤمنين: أنت أَخِي وَوَصِيِّي وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي وَقَاضِي دَيْني، وَهُوَ نصٌّ فِي الْبَابِ)) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي تَقُومُ الْحُجَّةُ بِمُجَرَّدِ إِسْنَادِهِ إِلَيْهَا، وَلَا صَحَّحَهُ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.
وَقَوْلُهُ: ((رَوَاهُ الْجُمْهُورُ)) : إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ عُلَمَاءَ الْحَدِيثِ رَوَوْهُ فِي الْكُتُبِ الَّتِي يُحتج بِمَا فِيهَا، مِثْلِ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَنَحْوِهِمَا، وَقَالُوا: إِنَّهُ صَحِيحٌ - فَهَذَا كَذِبٌ عَلَيْهِمْ. وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا يَرْوِيهِ مِثْلُ أَبِي نُعيم فِي ((الْفَضَائِلِ)) وَالْمَغَازِلِيُّ وَخَطِيبُ خُوَارَزْمَ وَنَحْوُهُمْ، أَوْ يُروى فِي كُتُبِ الْفَضَائِلِ، فَمُجَرَّدُ هَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَسْأَلَةِ فُرُوعٍ، فَكَيْفَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامَةِ، الَّتِي قَدْ أَقَمْتُمْ عَلَيْهَا الْقِيَامَةَ؟!
الثاني: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ حَزْمٍ أَنَّ سَائِرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَوْضُوعَةٌ، يَعْلَمُ ذَلِكَ مَنْ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ بِالْأَخْبَارِ وَنَقَلَتِهَا. وَقَدْ صَدَقَ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِصَحِيحِ الْحَدِيثِ وَضَعِيفِهِ، لَيَعْلَمُ أَنَّ هذا الحديث ومثله ضعيف، بل كذب موضوع.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ دَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لم يقضه عليّ بَلْ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَاتَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ عَلَى ثَلَاثِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ ابْتَاعَهَا لِأَهْلِهِ (1) . فَهَذَا الدَّيْنُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ يُقْضَى مِنَ الرَّهْنِ الَّذِي رَهَنَهُ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَيْن آخَرُ.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ((لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ
(1) انظر البخاري ج4 ص 141 وغيره.