الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ قُدِّر ثُبُوتُ أَفْضَلِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ قدَّرنا أَفْضَلِيَّتَهُ، لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِمَامٌ مَعْصُومٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، بل كثير من الشيعة الزيدية وَمُتَأَخِّرِي الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ يَعْتَقِدُونَ أَفْضَلِيَّتَهُ، وَأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ، وَتَجُوزُ عِنْدَهُمْ وِلَايَةُ الْمَفْضُولِ.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الثَّامِنُ: خَبَرُ الطَّائِرِ. رَوَى الْجُمْهُورُ كَافَّةً أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بطائر، فقال: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ، فَدَقَّ الْبَابَ، فَقَالَ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَاجَةٍ، فَرَجَعَ. ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلًا، فَدَقَّ الْبَابَ، فَقَالَ أَنَسٌ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَاجَةٍ؟ فَانْصَرَفَ، فَعَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَعَادَ عَلِيٌّ فَدَقَّ الْبَابَ أَشَدَّ مِنَ الْأَوَّلَيْنِ، فَسَمِعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ، وَقَالَ: مَا أَبْطَأَكَ عني؟ قال: جئتك فَرَدَّنِي أَنَسٌ، ثُمَّ جِئْتُ فَرَدَّنِي أَنَسٌ، ثُمَّ جِئْتُ فَرَدَّنِي الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ فَقَالَ: رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ أوفي الأنصار خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ؟ أَوَ فِي الْأَنْصَارِ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ؟ فَإِذَا كَانَ أَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ)) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ النَّقْلِ. وَقَوْلُهُ: ((رَوَى الْجُمْهُورُ كَافَّةً)) كَذِبٌ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنَّ حَدِيثَ الطَّيْرِ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الصَّحِيحِ، وَلَا صَحَّحَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ، وَلَكِنْ هُوَ مِمَّا رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ، كَمَا رَوَوْا أَمْثَالَهُ فِي فَضْلِ غَيْرِ عَلِيٍّ، بَلْ قَدْ رُوى فِي فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وصُنِّف فِي ذَلِكَ مصنفات. وأهل العلم بالحديث لا يصححون هَذَا وَلَا هَذَا.
الثَّانِي: أَنَّ حَدِيثَ الطَّائِرِ مِنَ الْمَكْذُوبَاتِ الْمَوْضُوعَاتِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِحَقَائِقِ النَّقْلِ. قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: ((قَدْ جمع غير وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ طُرُقَ أَحَادِيثِ الطَّيْرِ لِلِاعْتِبَارِ وَالْمَعْرِفَةِ كَالْحَاكِمِ النَّيْسَابُورِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ، وَسُئِلَ الْحَاكِمُ عَنْ حَدِيثِ الطَّيْرِ