الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:((إِنَّهُ لَيْسَ أحدٌ مِنَ النَّاسِ آمَنَ عَلَيَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ)) (1) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُهُ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ)) .
وفي رواية: ((ولكن أخي وصاحبي)) .
فَهَذِهِ النُّصُوصُ كُلُّهَا مِمَّا تُبَيِّنُ اخْتِصَاصَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ فَضَائِلِ الصُّحْبَةِ وَمَنَاقِبِهَا وَالْقِيَامِ بِهَا وَبِحُقُوقِهَا بِمَا لَمْ يَشْرَكْهُ فِيهِ أَحَدٌ، حَتَّى اسْتَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ خَلِيلُهُ دُونَ الْخَلْقِ، لَوْ كَانَتِ الْمُخَالَّةُ مُمْكِنَةً.
وَهَذِهِ النُّصُوصُ صَرِيحَةٌ بِأَنَّهُ أَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ. كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، قَالَ:((فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: ((عَائِشَةُ)) . قُلْتُ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: ((أَبُوهَا)) . قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عمر وعدّ رجالً)) ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ ((قَالَ: فَسكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يجعلني آخرهم)) (2)
(فَصْلٌ)
وَمِمَّا يُبَيِّنُ مِنَ الْقُرْآنِ فَضِيلَةَ أَبِي بكر في الغار أن الله تعالى ذكر نَصْرَهُ لِرَسُولِهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي يُخذل فِيهَا عَامَّةُ الْخَلْقِ إِلَّا مَنْ نَصَرَهُ اللَّهُ: ( {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ (} (3) . أَيْ أَخْرَجُوهُ فِي هَذِهِ الْقِلَّةِ مِنَ الْعَدَدِ، لم يصحبه إلا الواحد،
(1) انظر البخاري - الجمعة - الباب الثامن والعشرون ((من قال في الخطبة أما بعد)) ، انظر الفتح ج2 ص 404.
(2)
انظر البخاري ج5 ص 5 و136 ومسلم ج4 ص 1856.
(3)
الآية40 من سورة التوبة.