الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظَالِمَانِ مُعْتَدِيَانِ أَوْ كَافِرَانِ، فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ أَحَدِهِمْ، وَإِنَّهُ كَانَ مُقِرًّا بِإِمَامَتِهِمْ وَفَضْلِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا لَا هُوَ ولا هم ولا كان منصوصا على إِمَامَتِهِ، تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُحِبُّونَ عَلِيًّا، بَلْ هُمْ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ بُغْضًا لعلي ّ رضي الله عنه فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّهُمْ يُبْغِضُونَ مَنِ اتَّصَفَ بِالصِّفَاتِ الَّتِي كَانَتْ فِي عَلِيٍّ أَكْمَلَ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ: مِنْ إِثْبَاتِ إِمَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَتَفْضِيلِهِمْ، فَإِنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ يُفَضِّلُهُمْ ويقرُّ بِإِمَامَتِهِمْ. فتبيَّن أَنَّهُمْ مُبْغِضُونَ لِعَلِيٍّ قَطْعًا.
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ إِلَيَّ أَنَّهُ ((لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يبغضني إلامنافق)) (1) إِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا ثَابِتًا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ الرَّافِضَةَ لَا تُحِبُّهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، بَلْ مَحَبَّتُهُمْ مِنْ جِنْسِ مَحَبَّةِ الْيَهُودِ لِمُوسَى وَالنَّصَارَى لِعِيسَى، بَلِ الرَّافِضَةُ تُبْغِضُ نُعُوتَ عَلِيٍّ وَصِفَاتِهِ، كَمَا تُبْغِضُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نُعُوتَ مُوسَى وَعِيسَى، فَإِنَّهُمْ يُبْغِضُونَ مَنْ أَقَرَّ نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَا مُقِرَّيْنِ بِهَا صَلَّى اللَّهُ عليهم أجمعين.
(فصل)
قال الرافضي: ((وَأَعْظَمُوا أَمْرَ عَائِشَةَ عَلَى بَاقِي نِسْوَانِهِ، مَعَ أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّكَ تُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِهَا، وَقَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا بُدِّلت بِهَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا؛ صدَّقتني إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَآوَتْنِي إِذْ طَرَدَنِي النَّاسُ، وَأَسْعَدَتْنِي بِمَالِهَا، وَرَزَقَنِي اللَّهُ الْوَلَدَ مِنْهَا، وَلَمْ أُرْزَقْ مِنْ غَيْرِهَا)) .
والجواب أولا: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَيْسُوا مُجْمِعِينَ على أن عائشة أَفْضَلُ نِسَائِهِ، بَلْ قَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ)) (2) .
وَالثَّرِيدُ هُوَ أَفْضَلُ الأطعمة لأنه خبز ولحم، كما قال الشعر:
إِذَا مَا الْخُبْزُ تَأَدَّمُهُ بِلَحْمٍ
…
فَذَاكَ أَمَانَةُ الله الثريد
(1) انظر مسلم: ج1 ص 86.
(2)
انظر البخاري: ج5 ص 29، ومسلم: ج4 ص5 189.