الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعُثْمَانَ مَنْ يَجْرِي لَهُمْ أَضْعَافُ هَذَا، وَأَفْضَلُ من هذا
وهذا، وإن كان جَرَى عَلَى يَدِ بَعْضِ الصَّالِحِينَ كَانَ نِعْمَةً من الله وكرامة له، فقد يقع في مِثْلُ ذَلِكَ لِمَنْ لَيْسَ مِنَ الصَّالِحِينَ كَثِيرًا.
وَأَمَّا سَائِرُ مَا فِيهَا، مِثْلَ قَوْلِهِ:((إِنَّ هَذَا الدَّيْرَ بُنِيَ عَلَى طَالِبِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، وَمَخْرَجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِهَا)) .
فَلَيْسَ هَذَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا تُبنى الْكَنَائِسُ وَالدَّيَّارَاتُ وَالصَّوَامِعُ عَلَى أَسْمَاءِ الْمُقْتَدِيَةِ بِسِيَرِ النَّصَارَى، فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَبْنُونَ مَعَابِدَهُمْ - وَهِيَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ - إِلَّا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، لَا عَلَى اسْمِ مَخْلُوقٍ.
وَمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ: ((وَلَكِنِّي وَصِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)) هُوَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَدَّعِ هَذَا قَطُّ لَا فِي خلافة الثلاثة ولالا ليالي صفين.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((الثَّامِنُ: مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، حَيْثُ خَرَجُوا عَنِ الطَّرِيقِ، وَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ، بِقُرْبِ وادٍ وَعْرٍ، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ كُفَّارِ الْجِنِّ قد استنبطوا الْوَادِيَ يُرِيدُونَ كَيْدَهُ وَإِيقَاعَ الشَّرِّ بِأَصْحَابِهِ، فَدَعَا بِعَلِيٍّ وعوَّذه، وَأَمَرَهُ بِنُزُولِ الْوَادِي، فَقَتَلَهُمْ)) .
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: أَوَّلًا: عَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ هَذَا، وَإِهْلَاكُ الْجِنِّ مَوْجُودٌ لِمَنْ هُوَ دُونَ عَلِيٍّ، لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى عَلِيٍّ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَلَمْ يَجْرِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
وَقَوْلُهُ: ((إِنَّ هَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ)) إِنْ أُريد بِذَلِكَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ، أَوْ فِي كِتَابٍ يُعتمد عَلَى مُجَرَّدِ نَقْلِهِ، أَوْ صَحَّحَهُ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى تَصْحِيحِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ رَوَوْهُ، فَهَذَا كَذِبٌ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ رَوَاهُ مَنْ لَا يقوم بروايته حجة؛ فهذا لا يفيد.
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((التَّاسِعُ: رُجُوعُ الشَّمْسِ لَهُ مَرَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَالثَّانِيَةُ: بَعْدَهُ. أَمَّا الْأُولَى فَرَوَى جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ يَوْمًا يُنَاجِيهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا تَغَشَّاهُ الْوَحْيُ تَوَسَّدَ فَخِذَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى عَلِيٌّ الْعَصْرَ بِالْإِيمَاءِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: سَلِ اللَّهَ تَعَالَى يَرُدَّ عَلَيْكَ الشَّمْسَ لِتُصَلِّيَ الْعَصْرَ قَائِمًا، فَدَعَا، فرُدت الشَّمْسُ، فَصَلَّى الْعَصْرَ قَائِمًا.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْبُرَ الْفُرَاتَ بِبَابِلَ اشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِتَعْبِيرِ دَوَابِّهِمْ، وصلَّى لِنَفْسِهِ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أصحابه العصر، وفات كثير مِنْهُمْ، فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ، فَسَأَلَ اللَّهَ رَدَّ الشمس فردت. ونظمه الحميري فقال:
رُدت عَلَيْهِ الشَّمْسُ لَمَّا فاتَهُ
…
وقتُ الصلاةِ وَقَدْ دَنَتْ للمَغْربِ
حَتَّى تبلَّجَ نورُهَا فِي وقتِها
…
لِلْعَصْرِ ثُمَّ هَوَتْ هُوِيَّ الكوكبِ
وَعَلَيْهِ قَدْ رُدَّت بِبَابِلَ مَرَّةً
…
أُخرى وَمَا رُدت لخَلْقٍ مُعْرِبِ
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقال: فَضْلُ عَلِيٍّ وَوِلَايَتُهُ لِلَّهِ وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ أَفَادَتْنَا الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ، لَا يُحتاج مَعَهَا إِلَى كَذِبٍ وَلَا إِلَى مَا لَا يُعلم صِدْقُهُ. وَحَدِيثُ رَدِّ الشَّمْسِ لَهُ قَدْ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ، كَالطَّحَاوِيِّ وَالْقَاضِي عِيَاضٍ وَغَيْرِهِمَا، وعدُّوا ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. لكنْ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ في كتاب ((الموضوعات)) .
قال أبو الفرج هذا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ بِلَا شَكٍّ وَقَدِ اضْطَرَبَ الرُّوَاةُ فيه.
وَأَمَّا الثَّانِي بِبَابِلَ فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ وَإِنْشَادُ الْحِمْيَرِيِّ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لم يشهد ذلك والكذب قديم وقد سَمِعَهُ فَنَظَمَهُ وَأَهْلُ الْغُلُوِّ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ يَنْظِمُونَ مَا لَا تَتَحَقَّقُ صِحَّتُهُ لَا سِيَّمَا والحميري معروف بالغلو فَإِنَّ الَّذِي فَاتَتْهُ الْعَصْرُ. إِنْ كَانَ مُفَرِّطًا لَمْ يَسْقُطْ ذَنْبُهُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ وَمَعَ التَّوْبَةِ لا يحتاج إلى رَدٍّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا كَالنَّائِمِ وَالنَّاسِي فَلَا مَلَامَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْغُرُوبِ.
وَأَيْضًا فَمِثْلُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ مِنَ الْأُمُورِ الْعِظَامِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْعَادَةِ الَّتِي تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا فَإِذَا لَمْ يَنْقُلْهَا إِلَّا الْوَاحِدُ والاثنان علم بيان كذبهم في ذلك.