الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الوظائف
أما النيابة فقد تقدم قولنا أنه سلطان مختصر في ما هو ناء عن الحضرة، وأن النائب هو المتصرف المطلق التصرف في كل أمر يراجع في الجيش والمال والخبر، وهو البريد وكل ذي وظيفة في نيابته، لا يتصرف إلا بأمره، ولا يفصل أمرا معضلا إلا بمراجعته، وهو يستخدم الجند، ويرتب في الوظائف، وأما ما هو جليل منها كالوزارة والقضاء وكتابة السر والجيش، فإنه ربما عرض على السلطان من يصلح، وقل أن لا «1» يجاب، وربما سمى أكابر هؤلاء النواب ملك الأمراء، وإن حصلت المناقشة لا يستحقها إلا من هو بدمشق لأنه «2» ليس بالشام قاعدة الملك سواها.
وأما النيابة العظمى فهي نيابة الحضرة ويسمى هذا النائب، كافل الملك، وقد نبهنا فيما تقدم على كبير محله، وهو السلطان الثاني، وجميع نواب الممالك تكاتبه في غالب ما يكاتب فيه السلطان، ويراجعونه فيه كما يراجع السلطان، وهو يستخدم الجند من غير مشاورة، ويعين الإمرة، ولكنه بمشاورة السلطان وعادته أن يركب بالعسكر في أيام المواكب، وينزل الجميع في خدمته، فإذا مثل في حضرة السلطان وقف في ركن الإيوان، فإذا انقضت الخدمة مضى «3» إلى داره والأمراء معه، ومدلهم السباط [1]«4» كما يمد السلطان، ويجلس جلوسا عاما للناس، ويحضره أرباب الوظائف، ويقف قدامه الحجاب، وتقرأ عليه القصص، فيقدم إليه الشكاة، ثم يصرف الناس، ولما كانت النيابة قائمة على هذه الصورة،
[1] السماط.
لم يكن السلطان يتصدى بنفسه لقراءة القصص [1](المخطوط ص 222) عليه، وسماع الشكوى بل كان يكتفى بالنائب ثم أن النائب إذا قرئت عليه القصص «1» فما كان يكفي فيها مرسومه، أصدره عنه، وما لم يكن فيه بد من صدور مرسوم سلطاني فيه أمر بكتابته عن السلطان وإصداره، فيكتب وينبه فيما يكتب أنه بإشارته، ثم يصدر ما كان من الأمور المعضلة التي لا بد له من إحاطة علم السلطان بها، يعلمه تارة منه إليه وقت اجتماعه به، وتارة يرسل من يعلمه بها ويأخذ أمره فيها.
وكان ديوان الأقطاع، وهو الجيش في زمان النيابة ليس لهم خدمة إلا عنده ولا اجتماع إلا به ولا اجتماع «2» لهم بالسلطان «3» في أمر من الأمور.
وأما الوزير وكاتب السر فقد يراجعانه في بعض الأمور دون بعض، ثم اضمحلت النيابة بالحضرة وتقهقرت [2] أوضاعها، وأما الآن فقد بطلت.
وأما الحجبة فهي موضوعة لأن صاحبها ينصف من الأمراء والجند تارة بنفسه وتارة بمشاورة السلطان وتارة بمشاورة النائب إن كان، وإليه تقديم من يعرض، ومن يرد، وعروض الجند وما ناسب ذلك، وأما مع عدم النيابة فهو المشار إليه في الباب والقائم مقام النواب في كثير من الأمور، وأما إمرة جاندار فصاحبها كالمتسلم للباب، وله به البردداريه [3] وطوائف الركابية
[1] الشكاوى.
[2]
وردت بالمخطوط تقهرقهرت.
[3]
البرددارية: مفرده برده دار وهو الحاجب، أو الشخص الذي يرعى بلاط السلطان (فرهنگ عميد 1/449) .
والحريسانية [1] والجاندارية وهو يقدم البريد مع الدوادار، وكاتب السر على ما قدمنا ذكره.
وإذا أراد السلطان تقرير أحد أو قتله، كان على يد صاحب هذه الوظيفة، وهو المتسلم الزردخانة [2]«1» ، التي هي أرفع قدرا في الاعتقالات من السجن المطلق، ولا تطول مدة المعتقل بها بل إما أن يعمل تخليه سبيله أو تلاف نفسه.
وقد قدمنا القول أن صاحب هذه الوظيفة يدور بالزفة حول السلطان في سفره مساء وصباحا.
وأما الأستاذدار [3] فإليه أمر بيوت السلطان كلها من المطابخ والشرابخاناه [4]«2» والحاشية والغلمان، وهو الذي يمشي بطلب السلطان والحكم في غلمانه وباب داره [5](المخطوط ص 223) وإليه أمور الجاشنكيريه [6] وإن كان كبيرهم نظيره في الإمرة من ذوي المئين، وله حديث مطلق وتصرف تام في استدعاء ما يحتاجه كل من في بيت السلطان من النفقات والكساوى، وما يجري مجرى [7] ذلك.
[1] الحريسانية: هم حراس جدار يعمل للحفاظ على الغنم (فرهنگ عميد 1/789) .
[2]
الزردخانة: الزرّاد خانه مصنع لصناعة الأسلحة ومخزن الأسلحة (انظر: فرهنگ عميد 2/1100) .
[3]
المسؤول عن نفقات القصور السلطانية.
[4]
الشرابخانه: بيت الشراب.
[5]
بابدار: المسؤول عن الباب، البوّاب.
[6]
الجاشنكيرية: مفرده جاشنكير وهو الشخص المرتدي للدرع من الكلمة الفارسية جوشن گير (فرهنگ عميد 1/713) .
[7]
وردت بالمخطوط مجرا.
وإما إمرة سلاح فهو مقدم السلاح داريه، والمتولى لحمل سلاح السلطان في المجامع الجامعة، وهو المتحدث في السلاح خاناه [1] ، وما يستعمل لها، وما يقدم إليها، ويطلق منها وهو من أمراء المئين.
وأما الدواداريه فهم لتبليغ الرسائل عن السلطان، وإبلاغ عادة الأمور، وتقديم القصص إليه والمشاورة على من يحضر إلى الباب «1» وتقديم البريد هو وأمير جاندار وكاتب السر كما تقدم، ويأخذ خط السلطان على عموم المناشير والتواقيع والكتب، وإذا خرج عن السلطان بمرسوم يكتب «2» وتعين رسالته.
«3» وأما نقابة الجيوش فهذا كأحد الحجاب الصغار، وله تخلية الجند في عرضهم، ومعه يمشي النقباء، وإذا طلب السلطان أو النائب أو الحاجب أميرا أو خدما قالوا له أرسل إليه وأحضره، وإذا أمروا بالترسيم على أحد من هؤلاء «4» أمروه فرسم عليه وهو بمن يطلب بالخزانة في الموكب وفي السفر.
وأما الولاية فهم أصحاب الشرطة وطبقتهم معروفة معلومة وأما وظائف أرباب الأقلام فأجلها الوزارة لأن ربها ثاني السلطان إذا أنصف وعرف حقه، ولكن في هذه المدد حدث عليها النيابة، وتأخرت الوزارة حتى قعد بها مكانها، وقد تقدم قولنا على أنه وليها أناس من أرباب السيوف والأقلام بأرزاق على قدر الإنفاق، ووظيفة الوزارة أشهر من أن يذكر وضع مباشرها، لنفاذ كلمته، وتمام تصرفه، ولكنها في أخريات هذه الأيام تقهقرت [2] حتى كان المتحدث فيه
[1] بيت السلاح.
[2]
وردت بالمخطوط تقهقهرت.
كناظر المال، لا يتعدى الحديث في المال، ولا يتسع له في التصرف بمجال ولا تمتد يده في الولاية والعزل لتطلع السلطان إلى الإحاطة بجزئيات [1] الأحوال، ثم أن السلطان أبطل هذه الوظيفة، وعطل جيد الدولة من عقودها (المخطوط ص 224) وصار ما كان إلى الوزير منقسما إلى ثلاثة؛ إلى ناظر المال إرشاد الدواوين أمر تحصيل المال، وصرف النفقات والكلف، وإلى ناظر الخاص تدبير جملة الأمور وتعيين المباشرين، وإلى كاتب السر التوقيع في دار العدل مما كان يوقع فيه الوزير بمشاورة واستقلال ثم أن كلا من المتحدثين الثلاثة لا يقدر على الاستقلال بأمر إلا بمراجعة السلطان، ومراجعته عليه.
وأما كتابة السر فقراءة الكتب الواردة على السلطان وكتابة أجوبتها وأخذ خط السلطان عليها، وتسفيرها، وتصريف المراسم ورودا وصدرا والجلوس لقراءة القصص بدار العدل والتوقيع عليها، وقد صار يوقع فيما كان يوقع عليه بقلم الوزارة على حسب ما يرسم له به السلطان.
وأما نظر الجيوش فقد تقدم في ذكر الإقطاعات وعند ذكر النيابة ما يدل على حال صاحب هذه الوظيفة مما فيه كفاية «1» وهذا الناظر معه من المستوفيين [2] من يحرر كليات المملكة وجزئياتها فرأسهم هو مستوفى الصحبة، وهو يتحدث في جميع المملكة مصرا وشاقا، ويكتب مراسيم يعلم عليها السلطان تارة تكون بما يعمل في البلاد؛ بإطلاقات، وتارة باستخدامات كتاب في صغار الأعمال، ومن هذا، وما يجرى مجراه، وهي وظيفة جليلة تلي النظر.
وأما بقية المستوفين فكل منهم حديثه مقيد لا مطلق، فإنه لا يتعدى حديثه
[1] وردت بالمخطوط بجزئيات.
[2]
مفرده مستوفى وهو المحصل وجامع الأموال المستحقة.
قطرا من أقطار المملكة، وهذا الديوان هو أرفع ديوان الأموال «1» ، هو فرع هذا الديوان وإليه يرفع حسابه وتتناهى أسبابه.
وأما نظر الخزانة فكانت الخزانة أولا كبيرة الوضع لأنها مستودع أموال المملكة، فلما استحدثت وظيفة الخاص ضعف أمر هذه المسماة بالخزانة، وصارت تسمى بالخزانة الكبرى، وهو اسم أزيد من مسماه، ولم يبق بها الآن إلا خلع تخلع منها، ولا يحضر عليها ويصرف أولا فأولا، وفي غالب ما يكون ناظرها من القضاة، أو ممن يلتحق بهم.
وأما نظر البيوت فهو ناظر جليل، وهو منوط بالاستاذداريه (المخطوط ص 225) فكل ما يتحدث فيه استاذدار له فيه مشاركة الحديث، وقد تقدم تفصيل حال وظيفة أستاذدار فيما تقدم.
فأما نظر بيت المال فهي وظيفة جليلة معتبرة وموضوعها حمل حمول المملكة إلى بيت المال، والمتصرف منه تارة بالميزان وتارة بالتسبيب بالأقلام، ولا يلي هذه الوظيفة إلا من ذوي العدالة المبرزة.
وأما نظر الاصطبلات فهو ديوان جليل، مباشرته في اصطبل السلطان، وله الحديث في أنواع الاصطبلات والمناخات [1] وعليقها وأرزاق المستخدمين فيها ومالها من الاستعمالات والإطلاق، وكل ما يبتاع لها أو يبتاع بها «2» .
وأما وظائف ذوي العلم فقد تقدم القول أنها القضاة والخطابة ووكالة بيت المال والحسبة، وهذه وظائف معروفة ومباشرات أربابها معلومة لأنه لا يكاد تخلو مملكة من ممالك الإسلام فيها.
[1] المناخات جمع مفرده مناخ حيث تنيخ الإبل.