المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول في مملكة الهند والسند - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٣

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الثالث]

- ‌مقدمة المحقق

- ‌أ- المؤلف:

- ‌ب- المخطوط:

- ‌ج- منهج المؤلف في تأليف الكتاب

- ‌د- التأريخ والمؤرخون في عصر المؤلف:

- ‌هـ- منهج المحقق في تحقيق المخطوط:

- ‌النّوع الثّاني في ذكر ممالك الإسلام جملة

- ‌الباب الأول في مملكة الهند والسّند

- ‌الباب الثاني في ممالك بيت جنكيز خان

- ‌الفصل الأول في الكلام عليهم جمليا

- ‌نبذة من عقيدته وياسته وقاعدته وسيرته

- ‌الفصل الثاني في مملكة القان الكبير

- ‌الفصل الثالث في التورانيين وهم فرقتان

- ‌الفرقة الثانية في خوارزم والقبجاق

- ‌الفصل الرابع في مملكة الإيرانيين

- ‌الباب الثالث في مملكة الجيل

- ‌الفصل الأول في بومن

- ‌الفصل الثاني في صاحب توليم

- ‌الفصل الثالث في كسكر

- ‌الفصل الرابع في رسفت

- ‌الباب الرابع في مملكة الجبال

- ‌الفصل الأول في الأكراد

- ‌الفصل الثاني في اللر

- ‌الفصل الثالث في الشول

- ‌الفصل الرابع في شنكاره

- ‌الباب الخامس في مملكة الأتراك بالروم

- ‌الفصل الأول في مملكة كرمينان

- ‌الفصل الثاني في مملكة طغرلو

- ‌الفصل الثالث في مملكة توازا

- ‌فصل الرابع في مملكة عبدلي

- ‌الفصل الخامس في مملكة كصطمونية

- ‌الفصل السادس في مملكة فاويا

- ‌الفصل السابع في مملكة برسا

- ‌الفصل الثامن في مملكة اكيرا

- ‌الفصل التاسع في مملكة مرمرا

- ‌الفصل العاشر في مملكة نيف

- ‌الفصل الحادي عشر في مملكة مغنيسيا

- ‌الفصل الثاني عشر في مملكة بركي

- ‌الفصل الثالث عشر في مملكة فوكه

- ‌الفصل الرابع عشر في مملكة إنطاليا

- ‌الفصل الخامس عشر في مملكة قراصار

- ‌الفصل السادس عشر في مملكة أزمناك

- ‌الباب السادس في مملكة مصر والشام والحجاز

- ‌[ذكر مملكة المصر]

- ‌ذكر هيئة جلوسه للمظالم

- ‌ذكر هيئة في بقية الأيام

- ‌ذكر هيئته في الأسفار

- ‌ذكر انتهاء الأخبار إليه

- ‌فصل

- ‌زي ذوي العمائم المدورة

- ‌الكلام على أرباب الوظائف في هذه المملكة

- ‌ذكر الوظائف

- ‌فصل

- ‌ذكر عادة هذه المملكة في الخلع ومراتبها

- ‌ذكر العيدين

- ‌فصل

- ‌القاهرة

- ‌الاسكندرية

- ‌دمياط

- ‌ومما يتعلق بذيل هذه المملكة

- ‌ذكر برقة

- ‌ذكر المملكة الثانية وهي مملكة الشام

- ‌ذكر دمشق وبنائها

- ‌أسماء بعض جهاتها

- ‌جملة أعمال دمشق

- ‌بعلبك

- ‌حمص

- ‌حماة

- ‌حلب

- ‌طرابلس

- ‌صفد

- ‌القدس

- ‌الكرك

- ‌الشوبك

- ‌غزة

- ‌فائدة جليلة تتعلق بذكر غزة

- ‌(تتمة في ذكر سبب سفرهم الموجب لموت من مات منهم غريبا)

- ‌تنبيه

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌الباب الأول في مملكة الهند والسند

‌الباب الأول في مملكة الهند والسّند

ص: 37

(المخطوط ص 9) .

هذه مملكة عظيمة الشأن، لا تقاس في الأرض بمملكة سواها لاتساع أقطارها، وكثرة أموالها وعساكرها، وأبهة سلطانها في ركوبه ونزوله ودست [1] ملكه، وفي صيتها وسمعتها كفاية، ولقد كنت أسمع من الأخبار الطائحة والكتب المصنفة ما يملأ العين والسمع، وكنت لا أقف على حقيقة أخبارها، لبعدها منا، وتنائى ديارها عنا، فلما شرعت في تأليف هذا الكتاب، وتتبعت ثقاة الرواة «1» ، وجدت أكثر مما كنت أسمع، وأجل مما كنت أظن، وحسبك ببلاد في بحرها الدر، وفي برها الذهب، وفي جبالها الياقوت والماس، وفي شعابها العود [2] والكافور [3] ، وفي مدتها أسرة الملوك، ومن وحوشها الفيل والكركدن [4] ، ومن حديدها سيوف الهند، وبها معادن الحديد والزئبق والرصاص، ومن بعض منابتها الزعفران [5] ، وفي بعض أوديتها البلور، خيراتها موفورة «2» ، واسعارها رخية، وعساكرها لا تعد،

[1] دست ملكة: قاعدة ملكة، وكلمة دست فارسية بمعنى قاعدة ومقر (فرهنگ عميد 1/1945 فرهنگ جديد فارسي رازي، محمود سعيدي بور آذينفر- انتشارات خرد ص 332) .

[2]

العود: شجر ينبت في الهند، ذو رائحة ذكية- أحسن أنواع البخور منه (فرهنگ عميد 2/1459) .

[3]

الكافور نبات يزرع بالهند وإيران، أوراقه بيضاء اللون معطرة (فرهنگ رازي 681/فرهنگ عميد 2/1611- معجم الألفاظ العامية- أنيس فريحة بيروت 1973 ص 148- معجم الألفاظ الفارسية المعربة- آدي شير بيروت 1980 ص 136- الدخيل في لهجة أهل الخليج- أحمد الشاذلي- القاهرة 1992 ص 94) .

[4]

الفيل والكركدن: حيوانان مستأنسان- الفيل من بيل بهلوية الأصل (فرهنگ عميد 2/1559) .

[5]

الزعفران نبات منه الأصفر والأحمر، تستخدم زهوره في الأطعمة بالإضافة إلى رائحتها الذكية (فرهنگ عميد 2/1107) .

ص: 39

وممالكها لا تحد، لأهلها الحكمة ووفور العقل، أملك الأمم لشهواتهم، وأبذلهم للنفوس فيما يظن به الزلفى.

قال محمد بن عبد الرحيم الأقليني الغرناطي [1] في تحفة الألباب [2] :

والملك العظيم والعدل الكبير «1» والنعمة الجزيلة والسياسة الحسنة والرخاء الدائم والأمن الذي لا خوف معه في بلاد الهند والصين، وأهل الهند أعلم الناس بأنواع الحكمة والطب والهندسة والصناعات العجيبة؛ التي لا يقدر على منالها «2» ، وفي جبالهم وجزائرهم ينبت شجر العود والكافور وجميع أنواع الطيب كالقرنفل وجوزبوا [3] والسنبل [4] والدار صيني [5] والقرفة والسليخة [6]

[1] محمد بن عبد الرحيم الإقليني الغرناطي هو محمد بن عبد الرحيم بن سليمان بن ربيع المازني القيسي الأندلسي الغرناطي عالم وأديب وحافظ ورحالة ولد بغرناطة 473 هـ ومات بدمشق 565 هـ (انظر:

الصفدي في الوافي 3/245- الزركلي الأعلام 7/71 المقرئ في نفح الطيب 7/303- معجم المؤلفين لعمر كحالة 10/158) .

[2]

تحفة الألباب: وهي رحلة ورد اسمها تحفة الأحباب ونخبة الأعجاب (معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة بيروت 10/158) .

[3]

جوزبوا: جوز الطيب، شجر ينمو في الهند، قشرته تسمى بسباسه وجوزبوا هو تمر الشجرة التي تشبه البلوط- والكلمة فارسية من جوز وبو بمعنى رائحة (فرهنگ عميد 1/711) .

[4]

السنبل: نبات له أوراق طويلة وورود بلون البنفسج يباع للزينة ويستخدم في أعياد النوروز (فرهنگ عميد 2/1233) .

[5]

الدار صيني: نوع من الأفاوية شبيه بالقرنفل، استعمله العرب قديما على أنه البهارات، شجرته بالهند والصين ويسمى دار جين (انظر: الدخيل في لهجة أهل الخليج للمحقق- معجم الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية طوبيا العنبسي- القاهرة 64- 1965 ص 19- معجم آدى شير 60- معجم الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة فالح حنظل أبو ظبي 977 ص 208) .

[6]

السليخة: دهن ثمرة شجرة البان ولحاء شجرة طيبة الرائحة شبيهة بالدار صيني (فرهنگ عميد 2/1223) .

ص: 40

والقاقلة [1] والكبابة [2] والبسباسة [3] وأنواع العقاقير (المخطوط ص 10) ، وعندهم غزال المسك وقط الزباد، ويخرج من بلادهم أنواع اليواقيت، وأكثرها من جزيرة سرنديب [4] .

وقد حكى ابن عبد ربه [5] في العقد [6] عن نعيم بن حماد قال: بعث ملك الهند إلى عمر بن عبد العزيز [7] كتابا فيه من ملك الأملاك؛ الذي هو ابن ألف ملك وتخته [8] بيت ألف ملك، وفي مربطه ألف فيل، وله نهران ينبتان العود والأكوة [9] والجوز والكافور؛ الذي يوجد ريحه على اثني عشر ميلا، إلى ملك العرب؛ الذي لا يشرك بالله شيئا، أمّا بعد

فإني بعثت بهدية وما هي هديّة

[1] القاقلة: شجرة لها زهور بيضاء شبيهة بالصنوبر تنمو بالهند، تستخدم في الطعام شبيه بالهيل (فرهنگ عميد 2/1566- 2/1973) .

[2]

الكبابة: شجيرة تنمو في الهند وجاوة وسومطرة ثمارها بلون القهوة وأقل حدة من الفلفل الأسود طعمها حار ومر- تستخدم في الطب (فرهنگ عميد 2/1618) .

[3]

البسباسة: لحاء جوز الطيب- يستخدم في الطب (فرهنگ عميد 1/352- 1/711) .

[4]

سرنديب: يفتح أوله وثانيه وسكون النون، والدال مهملة مكسورة وياء وباء وهي المنطقة التي هبط عليها آدم (انظر حاشية ابن الأثير 7/258) .

[5]

ابن عبد ربه هو أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب القرطبي عالم وأديب وشاعر، ولد وتوفي بقرطبة عاش ما بين 246 هـ 328 هـ له عدة مؤلفات (انظر الذهبي: سير النبلاء 10/69) ابن خلكان: وفيات الأعيان 1/39- معجم الأدباء لياقوت 4/211 نفح الطيب للمقرىء 4/217) .

[6]

العقد الفريد: أهم مؤلفات ابن عبد ربه، وقد رتبه على عدة فصول تشكل عقدا، وهو كتاب في الأدب (انظر البداية والنهاية لابن كثير 11/193- مصادر الأدب العربي للطاهر مكي القاهرة 1986) .

[7]

عمر بن عبد العزيز بن مروان (682- 719 م) أحد خلفاء بني أمية، ولى الخلافة بعهد من الخليفة سليمان بن عبد الملك لم يأخذ من بيت المال شيئا، وأبطل سب علي، واشتهر بالتقوى (الموسوعة 1237) .

[8]

التخت: هو العرش، وكرسي الحكم (فرهنگ عميد 1/548) وهو أيضا السرير (انظر الدخيل في لهجة أهل الخليج للمحقق ص 31) .

[9]

الألو: فاكهة شبيهة بالطماطم- تستخدم كفاكهة وفي الطب، وهي أنواع، أسود وأصفر (انظر فرهنگ عميد 1/49) .

ص: 41

ولكنها «1» تحية، وقد أحببت أن تبعث إليّ رجلا يعلّمني ويفهّمني الإسلام والسّلام، يعني بالهدية الكتاب «2» .

حدثني الشيخ العارف المبارك بقية السلف الكرام مبارك بن محمود الأنبائي من ولد مجدشاه أن حاجب خاصي [1] نفع الله ببركاته، وهو الثقة الثبت، وله الأطلاع على كل ما يحكيه لمكانته ومكانة أسلافه من ملوك هذه البلاد، قال: إن هذه المملكة متسعة غاية الاتساع، يكون طولها ثلاث [2] سنين «3» ، وعرضها «4» ما بين سومنات [3] وسرنديب [4] إلى غزنة وطولها من العرصة المقابلة لعدن إلى سد الإسكندر، عند مخرج البحر الهندي من البحر المحيط [5] ، متصلة المدن ذوات المنابر والأسرة والأعمال والقرى والضياع والرساتيق [6] والأسواق، لا يقطع بينها «5» ولا يفصل بينها خراب.

[1] الحاجب الخاص: وهي وظيفة بالبلاط السلطان.

[2]

وردت بالمخطوط ثلث، وكذلك ترد ثلثمائة وثلثين وثلثون

وقد صححتها بالرسم الحديث ثلاث وثلاثة وثلاثمائة وثلاثين وثلاثون

الخ.

[3]

سومنات: موضع على المحيط الهندي في شبه جزيرة كاثباوار بالكجرات، وصل إليها السلطان محمود الغزنوى وفتحها أوائل القرن الخامس الهجري، كان بهار صنم كبير يتوجه إليه الهندوس (انظر: روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفاء لميرخواند ترجمة د. أحمد الشاذلي القاهرة 1988 ص 152- آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 95- 96- ابن الأثير 7/320- طبقات أكبرى لنظام الدين أحمد ترجمة المحقق في رسالة دكتوراه بجامعة القاهرة 1/12- تاريخ گزيدة لحمد الله المستوفى 82) .

[4]

سرنديب: سيلان وسيرلانكا الحالية، وهي جزيرة في بحر هركند بأقصى بلاد الهند (مراصد الاطلاع 2/710) .

[5]

يقصد بحر العرب المؤدي إلى المحيط الهندي.

[6]

الرستانيق جمع مفرده رستاق والرستاق معرب رستا وروستا وتعني القرية والريف وتأتي بالعربية رستاق ورزداق ورسداق، وأصل الكلمة يهلوي من) Rostak انظر: الدخيل في لهجة أهل الخليج 62،-

ص: 42

قلت وفيما ذكره من هذه المسافة طولا وعرضا نظرا إذ لا يفي جميع المعمورة بهذه المسافة، اللهم إلا إن كان مراده أن هذه مسافة من يتنقل فيها حتى يحيط بجميعها مكانا فيحتمل على ما فيه.

قال: وفي طاعة هذا السلطان؛ أهل قراجل [1] ، لهم منه هدية وأمان، على قطائع تحمل إليه منهم، يتحصّل منها مال، وهذا جبل قراجل به معادن «1» ذهبا، يحصل منها ما لا يحصى، وجميع هذه البلاد برا وبحرا مجموعة [2] لسلطانها القائم الآن، إلا الجزائر الموغلة «2» في البحر، فأما الساحل فلم يبق به قيد فتر [3] إلا بيده، فتح مغالقه (مخطوط ص 11) ، وملك معاقله، وله الآن السكة [4] والخطبة في جميع هذه البلاد، لا يشاركه فيها مشارك.

قال: ولقد حضرت معه من الفتوحات العظيمة ما أقوله عن المشاهدة والعيان على الجملة لا على التفصيل خوفا من إطالة الشرح، فأول ما فتح مملكة تلنك، وهي واسعة البلاد، كثيرة القرى «3» ، عدة قراها تسعمائة ألف قرية، وتسعمائة قرية، ثم

- القاموس المحيط للفيروزآبادى 3/243، واژهـ هاى فارسي در زبان عربي، محمد علي إمام شوشتري تهران 1346 هـ ش ض 287، فقه اللغة وسر العربية للثعالبي تحقيق سليمان سليم البواب، دمشق 1984 ص 68، الكتاب لسبيويه 4/304، فرهنگ عميد 2/1041، لسان العرب لابن منظور القاهرة دار الشعب 2/1640- 1641) .

[1]

أهل قراجل: قراجل جبل كبير بالهند، بينه وبين دهلى مسيرة عشرة أيام، وأهله كفار (رحلة ابن بطوطة، تحقيق د. جمال الدين الرمادي، دار الكتاب اللبناني ص 322) .

[2]

وردت بالمخطوط المغلفة.

[3]

فتر مقياس يعادل الشبر، وردت شبر في نسخة ب 65.

[4]

السكة: ضرب العملة والسكة والخطبة دليلان على سيطرته واستيلائه على البلاد.

ص: 43

فتح بلاد جاجنكز، وبها سبعون قرية جليلة كلها بنادر على البحر [1] ، دخلها من الجواهر والفيلة والقماش المنوع والطيب والأفاوية، ثم فتح بلاد لكنوتى [2] وهي كرسي [3] تسعة [4] ملوك، ثم فتح بلاد دواكير، ولها أربع وثمانون قلعة، كلها جليلات المقدار.

قال الشيخ برهان الدين «1» ابن الخلال البزي [5] : وبها ألف ألف قرية ومائتا ألف قرية.

عدنا إلى حديث الشيخ مبارك «2» ، قال الشيخ مبارك: ثم فتح بلاد سمند، وكان بها السلطان بلال الديوا وخمسة ملوك [6] كفار، ثم فتح بلاد المعبر [7] ، وهو إقليم جليل، له تسعون مدينة، بنادر على البحر، يجيء من دخلها الطيب واللانس والقماش المنوع ولطائف الأفاق.

وحدثني الفقيه العلامة سراج الدين أبو الصفاء عمر بن إسحاق بن أحمد

[1] بنادر وردت بالمخطوط بيادر وصوابها بنادر لوقوعها على البحر، والبنادر جمع مفرده بندر والبندر هو الميناء (الدخيل في لهجة أهل الخليج للمحقق 23، فرهنگ عميد 1/377 لسان العرب 1/358، تفسير الألفاظ الدخيلة 13) .

[2]

وهي لكهنوتي: إحدى الولايات الهندية الواقعة شرق أيوديا وغرب بهار ذكرها ابن بطوطة لكنوتي (الرحلة 292) وردت في نسخة ب 65 النوتي.

[3]

مقر حكم.

[4]

وردت بالمخطوط تسع ملوك.

[5]

برهان الدين بن الخلال البزي: ورد أكثر من شخص قريب من هذا الاسم إلا أن المعاصر لمؤلفنا هو محمد الخلال المتوفى 735 هـ وهو رجل فاضل من آثاره الجفر الكبير (معجم المؤلفين كحاله 10/16) .

[6]

وردت بالمخطوط خمس ملوك في أ 11 وب 65.

[7]

بلاد المعير هي أقصى بلاد الهند ناحية سيلان وأظنها المليبار (انظر رحلة ابن بطوطة 399) .

ص: 44

الشبلي العوضي من إقليم عوض [1] من الهند، وهو من أعيان الفقهاء؛ الذين يحضرون حضرة السلطان بدهلى [2] : أن أمهات الأقاليم التي في مملكة هذا السلطان ثلاثة وعشرون إقليما وهي: إقليم دهلى، وإقليم الدواكير، وإقليم الملتان [3] وإقليم كهران، وإقليم سامانا [4] ، وإقليم سيوستان، وإقليم وجا، وإقليم هاسى [5] ، وإقليم سرستى، وإقليم المعبر، وإقليم تلنك، وإقليم كجرات، وإقليم بدوان، وإقليم عوض، وإقليم القنوج [6] ، وإقليم لكنوتى، وإقليم بهار، وإقليم كره، وإقليم ملاوه [7] ، وإقليم نهاور، وإقليم كلانور، وإقليم حاجنكز، وإقليم تلنج، وإقليم دور سمند، وهذه الأقاليم «1» تشتمل على ألف مدينة ومائتي مدينة، كلها مدن ذوات بنايات (المخطوط 12) كبار أو صغار، إذ بجميعها الأعمال والقرى العامرة الآهلة، ولا أعرف ما عدد قراها، وإنما أعرف أن إقليم القنوج [8] مائة وعشرون لكا [9] كل لك مائة ألف قرية، فيكون اثني عشر ألف ألف قرية، وإقليم

[1] أظنه أوده التي هي الآن ايوديا وكانت من قبل الله باس ثم الله آباد.

[2]

دهلي: مدينة بشمال الهند، اتخذها أسر كثيرة مقرا للحكم بها القلعة الحمراء وقطب منار، تقع على نهر جمنة (الموسوعة العربية المسيرة 800) وهي أربعة مدن هي: دهلي وسيري وتغلق آباد وجهان پناه (رحلة ابن بطوطة 276) .

[3]

الملتان من بلاد السند أوردها العماد الحنبلي في تقويم البلدان المولتان وأن أهلها المطان، وذكره ابن حوقل بأنها أكبر من المنصورة (انظر روضة الصفا حاشية ص 176) .

[4]

ويقصد ساماته: (انظر طبقات أكبرى لنظام الدين أحمد) .

[5]

هاتس: (انظر منتخب التواريخ لعبد القادر بداوني) .

[6]

قنوج: (انظر أكبرنامة لابي الفضل بن المبارك) .

[7]

مالوه: (انظر تاريخ فرشته لمحمد قاسم فرشته) .

[8]

وردت بالمخطوط الفتوح وهو قنوج.

[9]

لك: كلمة هندية تعني مائة ألف، ويكتب لاكي ولكى وقد دخل اللفظ الأردية والفارسية والعربية، ويجمع بالعربية الكاك أو لكاك (انظر الدخيل في لهجة أهل الخليج 101- فرهنگ عميد 2/172- 2/1721.

ص: 45

تلنك، وهو ستة وثلاثون لكا، فيكون ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف قرية، وإقليم مالوه أكبر من القنوج، ولكني لم «1» أحرّر كم عدده، وأما المعبر فيشتمل على عدة جزائر كبار، كل واحدة منها مملكة جليلة مثل كولم وفتن والسيلان ومليبار.

وقال الشيخ مبارك: وعلى لكنوتي مائتا ألف مركب صغارا خفافا للسّير، إذا رمى الرامي في آخرها سهما «2» [1] وقع في وسطها لسرعة جريانها، هذا غير الكبار، ولا تبلغ بعض هذا العدد، ومنها ما فيه الطواحين والأفران والأسواق «3» ، وربما لا يتعرف بعض سكانه ببعض إلا بعد مدة، لاتساعها وعظمها، وجردت من جغرافيا «4» تحقيقا طولها وهو من الواق واق [2] إلى قبالة عدن، وعرضها من سرنديب إلى بوارو الواقعة غربي قراقرم [3] ، وأقوله بعبارة البسط من هذا وأوضح لمن تأمل لوح الرسم في الجغرافيا الكاملة فنقول طولها من مخرج البحر الهندي من المحيط في نهاية الصين في المشرق دون جزيرة الجوهر والواق واق المائلة إلى الجنوبي آخذا في البحر إلى حيث ينعطف مغربا على جزيرة الموجه أم جزائر الصين مع طول البحر حتى ينتهي إلى فرصة المغرب، ثم يمتد من هناك برا وبحرا

[1] وردت بالمخطوط سهم.

[2]

واق الواق: جبال بنواحي الصين.

[3]

قراقرم: عاصمة القاآن الكبير للمغول، أنشئت سنة 1235 وبنى اگداي بها أردوباليق واسكنها من الخطا والتركستان والفرس والمستعمرين (انظر: تركستان من الفتح العربي إلى الفتح المغولي، ف، ف، بارتولد ترجمه عن الروسية صلاح الدين عثمان هاشم، الكويت 1981 ص 650- 655) .

ص: 46

آخذا في الشمال إلى بوارو غربي قراقرم على حد بلاد كاشغر [1] إلى حد بلاد مكران [2] ممتدا على نهر مكران إلى أن يدخل السّند في حدة قريب كرمان [3] ، ثم ينتهي هناك إقليم الهند في البر «1» وآخره المنصورة [4] ، وتتصل جزائره في البحر إلى قبالة عدن، وأمّا عرضه فمن سرنديب، وما هو في سمتها في الجنوب، إلى بوارو وما هو في سمتها إلى الشمال، وحدود هذه المملكة من الجنوب البحر وما يمتد معه من كورة [5] قراجل ومن الشرق لها ور [6] وكلاور، ومن الشمال بلاد الترك، ومن الغرب سيالكوت «2» [7] والمفازة.

(المخطوط ص 13) ومدينة دهلى [8] هي قاعدة الملك، ثم بعدها قبة الإسلام، وهي مدينة الدواكير، جددها هذا السلطان، وسماها قبة الإسلام «3» ، قال: ودهلى في الإقليم الرابع، قلت: وهكذا قال الملك المؤيد صاحب حماه رحمة الله في تقويم

[1] وردت بالمخطوط كشتغد وهي كاشغر وهي وسط بلاد الترك، وهي مدينة وقرى ورساتيق (مراصد الاطلاع 3/1143) .

[2]

مكران، إقليم من الأقاليم الإيرانية المجاورة لباكستان الحالية، ولاية واسعة غربيها كرمان وسجستان شمالها والبحر جنوبيها (مراصد الاطلاع 3/1302) .

[3]

كرمان: إقليم إيراني مجاور لمكران، ولاية مشهورة بين فارس ومكران وسجستان وخراسان (مراصد الاطلاع 3/1160- 1161) .

[4]

المدينة التي بناها محمد بن القاسم الثقفي فاتح السند سنة 96 هـ وقيل كان اسمها وهفافا، فسميت المنصورة على اسم لما حلها منصور بن جمهور (مراصد الاطلاع 3/1321) .

[5]

كورة بمعنى ناحية أو منطقة (فرهنگ عميد 2/1662) .

[6]

لهاور وهي لوهور مدينة عظيمة من بلاد الهند (مراصد الاطلاع 3/1212) .

[7]

وردت بالمخطوط سايكوت.

[8]

وردت بالمخطوط دهلا أ 13.

ص: 47

البلدان [1] ، ونقله عمن يوثق به من أهل هذا الشأن.

قال الشيخ مبارك: وأما قبة الإسلام فتكون في الثالث، وفارقتها وما تكاملت، ولي الآن عنها ست سنين «1» ، وما أظنها تكون قد تكملت، لعظم ما حصل الشروع فيه من اتساع خطة المدينة، وعظم البناء، وإن هذا السلطان كان قد قسمها على أن تبنى محلات، لأهل كل طائفة محلة، الجند في محلة، والوزراء والكتاب في محلة، والقضاة والعلماء في محلة، والمشايخ والفقراء في محلة، والتجار والكساب في محلة، وفي كل محلة «2» ما يحتاج إليه من المساجد والمآذن [2] والأسواق والحمامات والطواحين والأفران وأرباب الصنايع من كل نوع حتى الصبّاغ والصباغين «3» ، والدباغين، حتى لا تحتاج أهل محلة إلى أخرى في بيع ولا شراء، ولا أخذ ولا عطاء، لتكون في محلة كأنها مدينة مفردة قائمة بذاتها، غير مفتقرة في شيء إلى سواها، وليس في هذه المملكة خراب، إلا تقدير عشرين يوما مما يلي غزنة [3] لتجاذب صاحب الهند وصاحب تركستان [4] وما وراء النهر [5] بأطراف

[1] تقويم البلدان لعماد الدين إسماعيل بن محمد بن عمر، أبو الفداء متوفى سنة 732 هـ.

[2]

وردت بالمخطوط المواذن أ 13، ب 66.

[3]

غزنة: مدينة عامرة بأفغانستان الحالية، كانت قاعدة لملك السلطان محمود الغزنوي في النصف الثاني من القرن الرابع وأوائل الخامس الهجريين.

[4]

تركستان: اسم جامع لجميع الترك وأول حدهم من جهة المسلمين فاراب، ومدائنهم المشهورة ستة عشر، مدينة (انظر مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع تأليف صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي (م 739) تحقيق علي محمد البجاوي ط أولى، القاهرة 54- 1955 ج 1/259- وانظر تركستان، الفتح العربي حتى الغزو المغولي فاسيلي فلاديميروفتش بارتولد نقله عن الروسية صلاح الدين هاشم الكويت 1981 ج 1) .

[5]

ما وراء النهر وهي البلاد الواقعة بعد نهر جيحون المعروف بآمودريا وهي ضمن بلاد التركستان وفيها بخارى وسمرقند وخوارزم وفرغانة.

ص: 48

المنازعة أو جبال معطلة أو شعراء، مشتبكة، ومتحصلات تلك من نبات العطر والأفاويه والعقاقير الداخلة في أدوية الطب أعوّد نفعا من الغلات المزدرعة [1] بما لا يقاس.

قلت: وقد أوقفني الفاضل نظام الدين يحيى بن الحكيم «1» علي تأليف قديم في البلاد، وذكر فيه أن قرى جميع الملتان مائة ألف قرية وستة عشرون ألف قرية مثبتة في الديوان، وهو ودهلى في الرابع، ومعظم المملكة في الثاني والثالث، وكلها فسيحة، وبلادها صحيحة، إلا مزارع الأرز، فإنها وخيمة، وبقاعها ذميمة.

وحكى في ذلك التأليف أن محمد بن يوسف الثقفي [2] ، أصاب بالسند أربعين بهارا من الذهب، كل بهار ثلاثمائة (المخطوط ص 14)، وثلاثة وثلاثون منا [3] قال: ومن بلاد غزنة والقندهار آخر حده، وسألت الشيخ مبارك: كيف بر الهند وضواحيه «2» ؟ فقال لي أن به أنهارا ممتدة، تقارب ألف نهر كبارا وصغارا، منها ما، يضاهي «3» النيل عظما، ومنها ما هو دونه، ومنها ما هو دون هذا المقدار، وما هو مثل بقية الأنهار، وعلى ضفاف «4» الأنهار، القرى والمدن، وبه الأشجار الكثيفة، والمروج الفيّح، وهي بلاد معتدلة «5» ، كل أوقاتها ربيع، وتهب بها الأهوية، ويتنسم النسيم «6» اللطيف، وتتوالى بها الأمطار مدة أربعة أشهر وأكثرها

[1] يقصد المزروعة وقد استخدم أزدرع ومزدرع كثيرا.

[2]

محمد بن يوسف الثقفي هو محمد بن القاسم الثقفي أول من فتح السند سنة 96 هـ.

[3]

المن: نوع من الوزن، يختلف من بلد لآخر وهو يعادل الآن 3 كيلو في إيران و 4 كيلو في الإمارات و 14 رطلا في الكويت (فرهنگ عميد 2/1851، الدخيل في لهجة أهل الخليج 106) .

ص: 49

في أخريات الربيع، إلى ما يليه من الصيف، وبها أنواع من الحبوب والحنطة والأرز والشعير والحمص والقدس، والماش [1] واللوبيا والسمسم وأمّا الفول فلا يكاد يوجد فيها.

قلت: أظن عدم وجود «1» الفول بها لأنها بلاد حكماء وعندهم أن الفول يفسد جوهر العقل، ولهذا حرّمته الصابئة [2]، قال: وبها من الفواكه شيء من التين والعنب والرمان الكثير الحلو والمر والحامض والموز والخوخ والأترج [3] ، والليمون واللبم والنارنج والجميز والتوت الأسود المسمى بالفرصاد والبطيخ الأصفر والأخضر والخيار والقثاء والعجور والتين، والعنب هو أقل ما يوجد من بقية هذه الأنواع، وأمّا السفرجل فيوجد بها ويجلب إليها، وأمّ الكمثرى والتفاح فهما أقل وجدا من السفرجل، وبها فواكه أخر لا تعهد في مصر والشام والعراق وهي العنبا والمهوا واللكح والكريكا وايجلى والفكي والنغزك وغير ذلك من الفواكه الفائقة اللذيذة، فأما النارجيل وهو المسمى بالجوز هندي، (لا يعادله شيء، وهو أخضر مملوء بدهنه، وأما الحمر وهو المسمى بالتمر هندي)[4] فهو شجر بري يلو الجبال، والنارجيل والموز بدهلى أقل مما حولها من بلادها على أنه الموجود الكثير، وأما

[1] الماش: نوع من الحبوب يشبه العدس، يطبخ، أبيض من الداخل وأخضر من الخارج (فرهنگ عميد 2/1737، الدخيل في لهجة أهل الخليج 104) .

[2]

الصابئة: فرقة دينية عقائدها خليط بين اليهودية والمسيحية، عدها القرآن الكريم ضمن أهل الكتاب، ومنهم عبدة أصنام في حران (فرهنگ عميد 2/1348) .

[3]

أترج: ضرب من الحمضيات بين البرتقال والليمون وهو يسمى ترنج وأترنج وترج وأترج وفي لهجة الخليج ترني (انظر: الدخيل في لهجة أهل الخليج 31- 32/لسان العرب 1/425 معجم الألفاظ الفارسية الدخيلة 34/معجم تيمور الكبير 2/312- 313.

[4]

ورد بهامش المخطوط أ 14 العبارة التي بين القوسين وهي مكملة للمتن ووضعتها في موضعها، ومثبتة في ب 67.

ص: 50

قصب السكر فإنه بجميع هذه البلاد كثير ممتهن، ومنه نوع أسود جف «1» صلب (المخطوط ص 15) العيدان، وهو أجوده للامتصاص لا للإعتصار، وهو مما لا يوجد في سواها، ويعمل من بقية أنواعه السكر الكثير العظيم الرخيص من السكر النبات والسكر المعتاد، ولكنه لا يجمد بل يكون كالسميد الأبيض، وبها الأرز؛ على ما حدثني الشيخ مبارك بن مجد شاذان؛ على أحد وعشرين نوعا، وعندهم اللفت والجزر والقرع والبادنجان والهليون «2» [1] والزنجبيل، وهم يطبخونه إذا كان أخضر، كما يطبخ الجزر، وله طعم طيب لا يعادله شيء، وبها السلق والبصل والفوم والشمار [2] والصعتر «3» [3] وأنواع الرياحين من الورد والنيلوفر [4] والبنفسج والبان وهو الخلاف، والنرجس، وهو العبهر [5] ، وثامر الحناء «4» ، وهو الفاغية، وكذلك الشيرج [6] ، ومنه وقيدهم [7] ، وأمّا «5» الزيت فلا يأتيهم إلا جلبا، وأما العسل فأكثر من الكثير، وأمّا الشمع فلا يوجد إلا في دور السلطان، ولا يسمح فيه لأحد،

[1] الهليون: نوع من العشب يفسد سم الثعبان ولدغات الهوام (فرهنگ عميد 2/1974، قاموس الفارسية عبد النعيم حسنين بيروت القاهرة 1982 ص 607) .

[2]

الفوم: الثوم، والشمار: الشمر.

[3]

الصعتر هو الزعتر، وهو نبات صحراوي له أوراق ذات نكهة طيبة، يستخدم كعلاج لأمراض الرئة والمعدة (فرهنگ عميد 2/1206) .

[4]

وردت بالمخطوط اللينوفر، والنيلوفر هو عشب ذات ألوان مختلفة يستخدم للزينة من الكلمة البهلوية) NiloPar فرهنگ عميد 2/1933) .

[5]

العبهر: هو النرجس والياسمين (فرهنگ عميد 2/1425) .

[6]

الشيرج: زيت السمسم معرب شيره الفارسية (الدخيل في لهجة أهل الخليج 77) .

[7]

وقيد يعني وقود، وردت وقودهم ب 68.

ص: 51

وما لا يحصى من الدواب السائمة من الجواميس والأبقار والأغنام والمعز، ودواجن الطير من الدجاج والحمام البلدي والأوز، وهو أقل أنواعه، فأما الدجاج الهندي فيكاد أن يكون كالأوز في عظم المقدار، وكل هذا يباع بأرخص الأسعار، وأقل الأثمان، وأما السمن واللبن على اختلاف أنواعه فكثير لا يعبأ به ولا له قيمة، ويباع بأسواقها من الأطعمة المنوعة كالشواء والأرز والمطجّن والمقلى والمنوع والحلوى [1] المنوعة [2] على خمسة وستين نوعا، والفقاع والأشربة ما لا يكاد يرى في مدينة سواها، وبها من أصحاب الصنائع للسيوف والقسى والرماح وأنواع الرماح والزردا، والصواغ «1» والزراكش [3] والسراجين وغير ذلك من أرباب كل صنف «2» مما يختص بالرجال والنساء وذوي السيوف والأقلام وعامة الناس ما لا يحصى لهم عدد، وأمّا الجمال فقليلة لا تكون إلا للسلطان ومن عنده من الخانات [4] والأمراء والوزراء وأكابر أرباب الدولة، وأما الخيل فكثيرة وهي نوعان (المخطوط ص 16) : عرّاب [5] وبراذين [6] ، وأكثرها مما لا يحمد فعله، ولهذا

[1] وردت بالمخطوط الحلوا وهو عادة يكتب الألف المقصورة ألفا مثل أحلى، أعلى، أسمى، وقد كتبتها على الرسم المستعمل الآن، وذلك في نسخة أ، ب.

[2]

انظر الزردخانة فيما بعد.

[3]

الزراكش جمع مفرده زركش وتعني وضع خطوط ذهبية على الثوب ويسمى ذلك تذهيبا والثوب مذهبا وهو من الفعل الفارسي زركشيدن ويعني التذهيب ومنه في العربية مزركش ويزركش وزركشة (انظر الدخيل في لهجة أهل الخليج 66 فرهنگ عميد 2/1104، قاموس الفارسية 320) .

[4]

الخانات جمع مفرده خان وهي كلمة تركية الأصل بمعنى رئيس وأمير وتطلق على رؤساء الترك والتاتار (انظر فرهنگ عميد 1/828، تفسير الألفاظ الدخيلة 23/معجم أنيس فريحة 42/معجم آدى شير 58، الدخيل في لهجة أهل الخليج 43) .

[5]

العرّاب: الخيول العربية ذات الأصول الكريمة.

[6]

براذين جمع مفرده برذون وهو الحصان التاتاري والبغل والحصان غير الأصيل (فرهنگ عميد 1/336) .

ص: 52

تجلب إلى الهند من جميع ما جاورها من بلاد الترك، وتقاد إليها العرّاب من البحرين وبلاد اليمن والعراق على أن في دواخل الهند خيلا عرابا كريمة الأحساب، يتغالى في أثمانها، ولكنها «1» قليلة، ومتى طال مكث الخيل بها انحلت، وأما البغال والحمر «2» فما يعاب عندهم ركوبها، ولا يستحسن فقيه ولا ذو علم «3» ركوب بغلة، فأما الحمار فإن ركوبه عندهم مذلة كبرى «4» ، وعار عظيم، بل ركوب الكل الخيل، وأمّا الأثقال فخاصتهم يحمل على الخيل، وعامتهم يحمل على البقر، يحمل عليها الأكفاء، فيحمل عليها، وهي سريعة المشي، ممتدة الخطا.

وسألت الشيخ مبارك عن مدينة دهلى، وما هي عليه «5» ، فحدثني أن دهلى مدائن جمعت مدينة، ولكل واحدة اسم معروف، وإنما دهلى واحدة منها، وقد صار يطلق على الجميع اسمها، وهي ممتدة طولا وعرضا، يكون دور عمرانها [1] أربعين ميلا، بناؤها بالحجر والآجر، وسقوفها بالأخشاب، وأرضها مفروشة بحجر أبيض شبيه بالرخام، ولا يبنى بها أكثر من طبقتين، وفي بعضها طبقة واحدة، ولا يفرش بالرخام إلا السلطان.

قال الشيخ أبو بكر بن الخلال: هذه دور دهلى [2] العتيقة، فأما ما أضيف إليها فغير ذلك «6» ، قال: وجملة ما يطلق عليه الآن اسم دلى () أحد وعشرون مدينة،

[1] دور عمرانها أي محيط عمراها، وليست جمع مفرد دار.

[2]

يقصد دهلي، ودلي هو النطق الصواب للكلمة لأن د هـ حرف واحد في الأردية، ودهلي أو دلي هي العاصمة وحاضرة الدول الإسلامية التي حكمت الهند.

ص: 53

وبساتينها على استقامة، كل خط اثنا عشر ميلا من ثلاث جهاتها، فأمّا الغربي فعاطل لمقاربة جبل لها به، وفي دهلى ألف مدرسة، وبها مدرسة واحدة للشافعية، وسائرها للحنفية، ونحو سبعين مارستانا [1] ، وتسمى بها دور الشفاء [2] ، وفيها وفي بلادها من الخوانق [3] والربط [4] عدة ألفين مكانا، وبها الديارات [5] العظيمة، والأسواق الممتدة، والحمامات الكثيرة، وجميع مياها من آبار محتفرة قريبة المستقى، أعمق ما يكون سبعة أذرع، عليها السواقي، وأمّا مشرب أهلها فمن ماء المطر في أحواض وسيعة تجتمع (المخطوط ص 17) فيها الأمطار، كل حوض يكون قنطرة، علوه سهم وأزيد، وبها الجامع المشهور المئذنة [6] ، التي قال أنه ما على بسيط الأرض لها شبيه في سمكها وارتفاعها [7] ، وقال الشيخ برهان الدين بن الخلال البزي الصوفي أن علوها ستمائة ذراع في الهواء.

قال الشيخ مبارك: وأما قصور السلطان ومنازله بدهلى فإنها خاصّة

[1] مارستان: دار الشفاء، المستشفى، وهي بيمارستان ومارستان بالفارسية، وتأتي في العربية مارستان وبيمارستان وبيمارستان من بيمار بمعنى مرض وستان لاحقة تفيد المكان والكلمة فارسية (انظر الدخيل في لهجة أهل الخليج 104، معجم الألفاظ العامية لأنيس فريحة 166، معجم آدى شير 33- 145، فرهنگ عميد 1/409- 2/1734) .

[2]

وردت بالمخطوط دو الشفا.

[3]

الخوانق جمع مفرده خانقاه وهي مكان تجمع الصوفية، وهي الأماكن التي يأوي إليها رجال التصوف لعقد مجالس الذكر والعبادة (انظر فرهنگ عميد 1/829- فرهنگ أدبيات فارسي 191) .

[4]

الربط جمع مفرده رباط، وتجمع أيضا رباطات وهي تماثل الخانقاه في وظيفتها بالإضافة إلى كونها أماكن على الطرق للتجار والمسافرين كما أنها أماكن متقدمة للقتال (انظر فرهنگ رازي 388) .

[5]

الديارات جمع الجمع ديار.

[6]

وردت بالمخطوط الأذنة أ، ب.

[7]

أظنه يقصد مئذنة قطب منار المنسوب لقطب الدين أيبك أحد ملوك المماليك الغورية في الهند.

ص: 54

بسكونه «1» وسكن حريمه ومقاصير جواريه [1] وحظاياه [2] ، وبيوت خدمه ومماليكه، لا يسكن معه أحد من الخانات، ولا من الأمراء، ولا يكون به أحد منهم إلا إذا حضروا للخدمة، ثم ينصرف كل واحد إلى بيته، وخدمتهم مرتين في كل نهار في بكرة كل يوم وبعد العصر منه، ورتب الأمراء على هذه الأنواع، أعلاهم قدرا الخانات ثم الملوك ثم الأمراء، ثم الأصبهلاريه [3] ثم الجند، وفي خدمته ثمانون خانا أو أزيد، وعسكره تسعمائة ألف فارس من هؤلاء، منهم من هو بحضرته، ومنهم في سائر البلاد، يجرى عليهم كلهم ديوانه [4] ، ويشتملهم إحسانه، وعساكره من الأتراك والخطا والفرس والهند، ومنهم البهالوين [5] والشكار [6] ، ومن بقية الأنواع والأجناس، كلهم بالخيل المسومة، والسلاح الفائق والتجمل الظاهر الزائد، وغالب الأمراء والجند تشتغل بالفقه،

[1] وردت بالمخطوط جواره أ، جواريه ب 69.

[2]

حظاياه جمع مفرده حظية وهن الجواري أصحاب فنون الغناء والموسيقى (انظر حظية فرهنگ عميد 1/798) .

[3]

وردت بالمخطوط الأصفهسلايه وصوابها السبهسلارية وهي من سيه سالار، كلمة فارسية تعني قائد الجيش مأخوذ عن الپهلوية) SPah SalAx فرهنگ عميد 2/1168) .

[4]

الديوان: الكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية، وأول من وضعه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وأخذه عن الفرس وكان كسرى أنوشيروان ملك فارس قد أطلق اسم ديوان أو ديوانه على الموظفين الحكوميين (انظر: الدلالات اللفظية للكلمات الفارسية في كتاب سيبويه د. أحمد الشاذلي، المنوفية 1987 ص 28- واژهـ هاي فارسي در زبان عربي 273/275) .

[5]

البهالوين: جمع مفرده بهلوان، والباء مثلثة، ومعربها فهوي، واللفظ فارسي بمعنى البطل والشجاع (انظر الدخيل في لهجة أهل الخليج ص 91، فرهنگ عميد 1/496) .

[6]

الشطار جمع مفرده شاطر وهم جماعة تماثل العيارين والفتوة، وكانوا في القديم عبارة عن مشاة يسيرون أمام موكب السلاطين والأمراء في زمن خاص (فرهنگ عميد 2/1277- 1305) .

ص: 55

ويتمذهبون [1] خاصة وأهل الهند عامة لأبي حنيفة رضي الله عنه، وله [2] ثلاثة آلاف فيل محققة، تلبس في الحروب البركصطوانات [3] الحديد المذهب، وأمّا في أوقات السلم فتلبس جلال الديباج [4] والوشى وأنواع الحرير، وتزين بالقصور والأسرة المصفحة، وتشد عليها البروج من الخشب المسمرة، ويتبوأ بها رجال الهند مقاعد القتال، ويكون على الفيل من عشرة رجال إلى ستة رجال على قدر احتمال الفيل، وله عشرون ألف مملوك أتراك.

قال البرس «1» وعشرة آلاف خادم خصى، وألف خزندار [5] وألف بشمقدار [6] وله مائتا ألف عند ركابيه [7] ، تلبس السلاح (المخطوط ص 18) ، وتمشي في ركاب السلطان، وتقاتل رجّالة بين يديه، وليس يستخدم أحد من الخانات والملوك والأمراء والأصفهلاريه «2» أجنادا، يقطع لهم الإقطاعات من قبلهم، كما هو في مصر والشام، بل ليس يتكلف الواحد منهم إلا نفسه وعدته من الجند، استخدامهم

[1] أي يعتنق كل منهم مذهبا، ويتعمق فيه كالمالكية والشافعية والحنابلة.

[2]

أي للسلطان.

[3]

البركصطوانات: من الكلمة الفارسية برگستوان وتعني غطاء مخصوص من الصلب يضعونه أثناء الحرب على الجسم أو على الجياد والأفيال وهي من برگستوان وبرگستان (فرهنگ عميد 1/342) .

[4]

الديباج: هو من اللفظ الفارسي ديبا بمعنى حرير وعربت ديباج ومنها الفعل ديج ويديج، والديباج حزب من الحرير، واللفظ الفارسي مأخوذ من الپهلوية (انظر لسان العرب 2/1316، قاموس شتايجس فارسي/ إنجليزي 551، فقه اللغة للثعالبي 325، واژهـ هاي فارس لشوشترى 268) .

[5]

خزندار: الخازن من الكلمة العربية خزانة واللاحقة الفارسية دار، وخزندار من خزانة دار أي القائم بأعمال الخزانة (فرهنگ عميد 1/820) .

[6]

بشمقدار من باشماق دار وباشماق تركية بمعنى حذاء وباشماقدار حامل الحذاء (فرهنگ عميد 1/306) .

[7]

قواد الجيش.

ص: 56

للسلطان، وأرزاقهم من ديوانه، ويبقى كلما تعين لذلك الخان أو الملك أو الأمير أو الأصفهلار خاص لنفسه والحجاب وأرباب الوظائف وأصحاب الأشغال من أرباب السيوف من الخانات والملوك والأمراء، لكل رتبة من يناسبها على مقدارها، فأمّا الأصفهلارية فلا يؤهل منهم أحد لقرب السلطان، وإنما يكون منهم نوع الولاة «1» ، ومن يجري مجراهم، والخان يكون له عشرة آلاف فارس، والملك ألف فارس، والأمير مائة فارس، والأصفهلارية دون ذلك.

وأما أرزاقهم فيكون للخانات والملوك والأمراء والأصفهلارية بلاد مقررة عليهم من الديوان، إن كانت لا تزيد، فإنها لا تنقص، والغالب أن تجيء أضعاف ما عبرت به.

ولكل خان لكان [1] ، كل لك مائة ألف تنكة [2] كل تنكة ثمانية دراهم، هذا خاص له، لا يخرج منه لجندي من أجناده شيء، ولكل ملك ستين ألف تنكة إلى خمسين ألف تنكة، ولكل أمير منه «2» أربعين ألف تنكة إلى ثلاثين ألف تنكة، والأصفهلارية من عشرين ألف تنكة وما حولها، وأما الجند فكل جندي من عشرة آلاف تنكة إلى ألف تنكة، وأما المماليك السلطانية، فكل مملوك من خمسة آلاف تنكة إلى ألف تنكة، وطعامهم وكساويهم وعليقهم [3] والجند والمماليك ليس لهم بلاد، وإنما يأخذون أموالهم نقدا من الخزانة، وأما أولئك «3» فبلاد تلك غيرها.

[1] لكان: مثنى لك، والك مائة ألف (الدخيل في لهجة أهل الخليج 101) .

[2]

تنگه: هي عملة فضية وذهبية، ولكنها في الغالب فضية (انظر معجم فريحة 23، فرهنگ عميد 1/628، الدخيل في لهجة أهل الخليج 35) .

[3]

ما يقدم للحيوانات التي يستخدمها الأمراء وأرباب الوظائف من خيل وإبل وبغال وخلافه.

ص: 57

قال: والآن إن لم يزد متحصلات البلاد المقتطعة لهم عن المعبر [1] وإلا فما تنقص، ومنهم من يحصل له قد عبرته مرتين وأكثر.

وأما العبيد فكل عبد منهم في كل شهر منان [2] من الحنطة والأرز طعاما لهم وفي كل يوم (المخطوط ص 19) . ثلاثة أسيار [3] لحم مما يحتاج إليه، وفي كل شهر عشر تنكات بيضا، وفي كل سنة أربع كساوي.

ولهذا السلطان دار طراز [4] ، فيها أربعة آلاف قزاز [5] تعمل الأقمشة المنوعة للخليع «1» [6] والكساوى والإطلاقات، مع ما يحمل له من قماش الصين والعراق والإسكندرية، وهو يفرق كل سنة مائتي ألف كسوة كاملة، مائة ألف كسوة في الربيع، ومائة ألف كسوة في الخريف.

فأما كسوة الربيع فغالبها من القماش الإسكندري، عمل الإسكندرية، وأما كساوى الخريف فكلها حرير من عمل دار السلطان الطراز بدهلى، وقماش الصين والعراق، ويفرق على الخوانق والربط الكساوى، وله أربعة آلاف

[1] العير ما هو محدد ومقرر، الأراضي المحددة لكل صاحب وظيفة، تعادل كلمة اقطاع، وتعني خراج أيضا (فرهنگ عميد 2/1424) .

[2]

منان مثنى من، نوع من الوزن (انظر الدخيل في لهجة أهل الخليج 106) .

[3]

أسيار جمع مفرده سير، وهو وزن يعادل 16 مثقالا، ويأتي أيضا ستير من اللفظ الپهلوي) Ster انظر فرهنگ عميد 2/1241) .

[4]

دار طراز: أي الدار التي يتم تطريز ونسج الملابس فيها، وتعني دار النقش والتطريز (فرهنگ عميد 2/1395) .

[5]

قزّاز: وهو صانع القز، والقز والخز واحد وهو الحرير الخام (واژهـ هاي فارسي در زبان عربي 260) .

[6]

الخليع: الملابس التي تخلع على الأمراء وأصحاب الوظائف وتسمى خلعا، وهي لفظة غير الخلع المعروف عند القبائل العربية.

ص: 58

زركشي [1] ، يعمل الزراكش لباقي الحريم، ويعمل في مستعملاته، ولما يخلعه على أرباب دولته، ويعطى لنسائهم.

ويفرق في كل سنة عشرة آلاف فرس عربي من الخيل العراب المسومة منها ما هو مسرج ملجم، ومنها ما هو عربي بلا سرج ولا لجام، والمسرجات والملجمات على أنواع منها ما هو ملبس، ومنها ما هو محلى، ثم إن تلك الملبسات والملجمات.

منها ما هو بالذهب، ومنها ما هو بالفضة، فأمّا ما يعطى من الخيل والبراذين، فإنه بلا حساب، يعطى جسارات جسارات، ويفرق مئينا مئينا [2] .

وهو على كثرة الخيل ببلاد، وكثرة ما يجلب إليه يتطلبها من كل قطر، ويبذل فيها أكثر الأثمان، لكثرة ما يعطى ويطلق، وهي مع هذا غالية الثمن، مربحة المكاسب، لمن يتاجر فيها، لكثرة المكاسب والعساكر وجمهرة الخلق.

وحدثني علي بن منصور العقيلي «1» من أمراء عرب البحرين، وهم ممن يجلبون من البحرين، الخيل، إلى هذا السلطان؛ أن لأهل هذه البلاد علامة في الفريس، يعرفونها بينهم، متى ما رأوها «2» في فرس اشتروه بما عسى يبلغ ثمنه.

ولهذا السلطان نائب من الخانات يسمى أميرت «3» أقطاعه يكون قدر إقليم عظيم نحو العراق، ووزير؛ أقطاعه يكون قدر إقليم «4» العراق وله أربعة (المخطوط

[1] الزركشي: مذهب، القائم بصناعة الملابس الموشاة بالذهب (الدخيل في لهجة أهل الخليج 66) .

[2]

مئات مئات.

ص: 59

ص 20) نواب، يسمى كل واحد منهم شق [1] ، ولكل «1» منهم أربعين ألف تنكة إلى عشرين ألف تنكة، وله أربعة دبيران [2] أي كتاب سر، لكل واحد مدينة من المدن البنادر العظيمة الدخل، ولكل واحد منهم بقدر ثلاثمائة كاتب أصغر من فيهم وأضيق رزقا له عشرة تنكة «2» .

وأما أكابرهم فله قرى وضياع، وفيهم من له خمسون قرية، ولصدر جهان [3] ، وهو اسم قاضي القضاة، وهو في وقتنا كمال الدين بن البرهان، عشرة قرى، يكون متحصلها قريب من ستين ألف تنكة «3» ويسمى صدر الإسلام، وهو أكبر نواب الحكم بالقضاء، ولشيخ الإسلام وهو شيخ الشيوخ مثله، وللمحتسب قرية، يكون متحصلها قريب «4» ثمانية آلاف تنكة.

وله ألف طبيب، ومائتا طبيب وعشرة آلاف بزدار [4] تركب الخيل، وتحمل الطيور المعلمة للصيد، وثلاثة آلاف سواق، تسوق لتحصيل الصيد، وخمسمائة نديم، وألف «5» ومائتان نفرا من الملاهي، غير مماليك الملاهي، وهم ألف مملوك، برسم تعليم الغناء خاصة، وألف شاعر من اللغات الثلاثة العربية والفارسية [5] والهندية [6]

[1] شق كلمة عربية بمعنى ناحية، وجاءت منها شقدار أي صاحب الناحية.

[2]

دبيران جمع مفرده دبير، وقد استخدم المؤلف الكلمة جمعا فارسيا وليس عربيا، وهي من الپهلوية DaPir ومعناها كاتب (فرهنگ عميد 1/926) .

[3]

صدر جهان: قاضي القضاة.

[4]

بزدار: بز رداء كتاني أو قطني وبزدار صاحب القماش (فرهنگ عميد 1/349) .

[5]

كانت الفارسية هي اللغة المستعملة في بلاد سلاطين الهند المسلمين لأنها لغة الجيش.

[6]

اللغة الهندية ليست هي الأردية، فالأردية هي لغة المسلمين واللغة الهندية هي اللغة المأخوذة عن السنسكريتية.

ص: 60

من ذوي الذوق اللطيف، يجرى على هؤلاء كلهم ديوانه، وتدر عليهم مواهبه، ومتى بلغه أن أحدا من ملاهيه غنى لأحد، قتله، وساءلته عما لهؤلاء من الأرزاق، فقال: لا أعلم من أرزاق هؤلاء إلا ما للندماء، فإن لبعضهم قريتين، ولبعضهم قرية، ولكل واحد منهم من أربعين ألف تنكة إلى ثلاثين ألف تنكة إلى عشرين ألف تنكة، على مقاديرهم من الخلع والكساوى والافتقادات «1» .

(قال الشيخ أبو بكر بن الخلال البزي الصوفي: وله مائتا تبع تسافر بأمواله في البلاد تبتاع له ولكل واحد منهم في كل مدينة ألف تنكة)«2» قال الشيخ مبارك:

ويمد لهذا السلطان السماط أوقات الحزم في طرفي النهار مرتين، في كل يوم، ويطعم منه عشرون ألف نفر مثل الخانات والملوك والأمراء والأصفهلارية وأعيان الجند، وأما طعامه الخاص، فيحضر معه عليه الفقهاء، مائتا فقيه في الغداء والعشاء، ليأكلوا معه ويجثوا بين يديه.

قال الشيخ أبو بكر بن الخلال البزي: سألت طباخ السلطان كم يذبح في مطابخة «3» كل يوم؟ فقال: يذبح ألفين وخمسمائة رأس من البقر، وألفين رأس من الغنم غير الخيل (المخطوط ص 21) المسمنة، وأنواع الطير.

قال الشيخ مبارك: ولا يحضر مجلس هذا السلطان من الجند إلا الأعيان ومن دعته ضرورة الحضور لكثرة عددهم، وكذلك مجالسه الخاصة لا يحضر بها جميع أرباب الخدم من الندماء والمغاني إلا بالنوب، وكذلك أرباب الوظائف مثل الدبيران [1] والأطباء، ومن يجرى مجراهم لا يحضرون إلا بالنوب «4» ، وأما الشعراء

[1] دبيران جمع مفرده دبير: وتعني الكاتب.

ص: 61

فلحضورهم أوقات مخصوصة في السنة مثل العيدين والمواسم ودخول شهر رمضان وعند ما تتجدد نصره على أعداء أو فتح «1» من الفتوحات أو غير ذلك مما تهنىء «2» به السلاطين، أو يتعرض إلى مدحهم فيه.

وأمور الجند خاصة بل الناس عامة إلى آمريت [1] وأمور الفقهاء والعلماء والقاطنين والواردين كلها إلى صدر جهان وأمور الفقهاء القاطنين والواردين إلى شيخ الإسلام، وأمور عامة الواردين والوافدين والأدباء والشعراء القاطنين والواردين إلى الدبيران، وهم كتاب السر.

وحدثني قاضي القضاة أبو محمد الحسن بن محمد الغوري الحنفي أن السلطان محمد بن طغلقشاة «3» [2] كان قد جهّز مغصان؛ أحد كتاب سره إلى جهة السلطان أبي سعيد [3]«4» ، وبعث معه ألف ألف تنكة ليتصدق بها في المشاهد [4] بالكوفة والعراق وتلك الآفاق، وكان هذا مغصان مخبث النية، فجمع أحواله عازما

[1] نائب السلطان.

[2]

السلطان محمد بن تغلقشاه هو ابن السلطان تغلقشاه تولى حكم دهلي بعد وفاة أبيه، وهو أحد سلاطين المماليك القطبية الغورية (انظر: صفته عن ابن بطوطة 292- 310- طبقات أكبري لنظام الدين أحمد، ترجمة المحقق ج 2) .

[3]

السلطان أبو سعيد بهادر آخر سلاطين الإيلخانيين (م 736 هـ) وهو ابن السلطان أولجايتو، حكم العراق وخراسان وآذربيجان والروم والجزيرة (انظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني بيروت ج 2/137- كتابنا عبيد زاكاني ومنظومته موش وگربه القاهرة 1990 ص 1- 10- تاريخ مفصل إيران لعباس إقبال تهران 1312 ش 1/38.

[4]

المشاهد جمع مشهد وهي أماكن مدافن الأئمة الشيعة وأشهرها مشهد الإمام علي بن أبي طالب في النجف الأشرف ومشهد الإمام حسين بن علي في كربلاء ومشهد موسى الكاظم في الكاظمية ببغداد، ومشهد علي موسى الرضا في مدينة مشهد.

ص: 62

على أنه لا يرجع إلى حضرة مرسله، وصادف وصوله وفاة أبي سعيد، فتمكن مما قصده، وحضر إلى بغداد ومعه نحو خمسمائة فرس له ولأصحابه، ثم توجه إلى دمشق، قال: ثم بلغني أنه عاد منها إلى العراق، وأقام ببغداد، واستوطنها.

قلت وقد حدثني بحال هذا، الفاضل نظام الدين أبو الفضائل يحيى بن الحكيم، وقال لي أنه رآه [1] بدمشق، لكنه «1» لم يذكر مبلغ هذه الصدقة، وكذا حكى لي عنه السبكي والملتاني والبزي، وإنما تخالفت ألفاظهم، فمعناها واحد، وقال كل منهم أن هذا مغصان من الفضلاء والأعيان والزينة الأخيار.

قال الشيخ أبو بكر «2» البزي: وهذا السلطان ترعد الفرائص لمهابته، وتزلزل الأرض لموكبه، وهو كثير التصدي (المخطوط ص 22) لأمور مملكته «3» (و) لأمور ملكه [2] ، وهو يجلس بنفسه لإنصاف رعيته «4» .

قال خواجه [3] أحمد بن خواجه عمر بن مسافر فيما حكاه عنه أنه يجلس لقراءة قصص [4] الناس عليه جلوسا عاما، ولا يدخل عليه من معه شيء من السلاح حتى ولا السكين، إلا كاتب السر لا غير.

والسلطان عنده سلاح كامل حتى التركاش [5]«5» والقوس والنشاب، حيث

[1] وردت بالمخطوط رواه.

[2]

ما بين القوسين إضافة المحقق لإتمام المعنى.

[3]

وردت بالمخطوط خواجا وصوابها خواجه وتعني بالفارسية السيد، وهو لقب يحظى به أصحاب العلم والأدب (فرهنگ عميد 1/882 قاموس الفارسية 223) .

[4]

القصص هي الشكاوى.

[5]

التركاش هي تركش أو تيركش بفتح تاء وكاف كلمة فارسية تعني جعبة السهام (فرهنگ رازي 141) .

ص: 63

قعد، لا يفارقه سلاحه، قال: وهذا دأبه دائما أبدا.

وأما ركوب هذا السلطان فإنه يختلف، تارة يكون للحرب، وتارة يكون للانتقال في دهلى من مكان إلى مكان، وتارة يكون في قصوره، وأما إذا ركب إلى حرب، فالجبال سائرة، والرمال سائلة، والبحار تتدفق، والبحور والبروق تلمع، وأمور يعتقد كذبها العيان، ويعتقل عن وصفها اللسان، وعلى الفيلة من الأبراج مدينة أو قلعة حصينة، ولا يرى الطرف إلّا النقع المثار، ودجى ليل ممتد على النهار، وشعار ولا يحمل أحد في الأعلام سواد إلّا له خاصة، وفي الميمنة له أعلام سود، وفي الميسرة أعلام حصر، وفيها التنينات الذهب، السلطان أعلام سود [1] ، في أوساطها تنين عظيم من الذهب، وأمّا بقية الأمراء فكل واحد يحمل ما يناسبه، وأما ما يدق للسلطان من الرهجيات [2] في الإقامة والسفر فإنه يدق له مثل الإسكندر ذي القرنين وهي مائتا جمل نقارات [3] ، وأربعون جملا من الكوسات [4] وعشرون بوقا، وعشرة صنوج [5] ، وتدق له النوب الخمس أيضا، ويحمل معه ما لا يحصى من الخزائن، وغير ذلك ما لا يكاد يعد من الجنائب.

وأمّا في «1» الصيد فإنه يخرج من خف، لا يكون معه أكثر من مائة ألف فارس،

[1] الأعلام السود شعار الدولة العباسية.

[2]

الرهجيات جمع مفرده رهج والرهج من الكلمة الفارسية ره گو وتعني المغني والمغنية والرهجيات المغنيات (فرهنگ عميد 2/1078) مركب من ره بمعنى نغمه أو لحن وگوى (گوينده) أي المغني (فرهنگ رازي 411.

[3]

النقارات جمع مفرده نقاره والنقارة نوع من الطبل يضرب بعصاتين (فرهنگ عميد 2/19114) .

[4]

الكوسات جمع مفرده كوس وهو الطبل الكبير ويسمى أيضا كوست وهو طبل الحرب، وهو عالي وشديد الإيقاع (فرهنگ رازي 732- عميد 2/1663) .

[5]

الصنوج جمع مفرده صنج، من الآلات الموسيقية مكون من قطعتين تقرعان ببعضهما وهي في العربية صنج وسنج (الدخيل في لهجة أهل الخليج 75- فرهنگ عميد 2/1369) .

ص: 64

ومائتي فيل، ويحمل معه أربعة قصور خشب على ثمانمائة جمل، كل قصر على مائتي جمل ملبسة جميعها ستور حرير سود مذهبة، وكل قصر طبقتان غير الخيم والخركاوات [1] .

وأمّا في الانتقال من مكان إلى مكان للتنزه أو ما هذا سبيله فيكون معه نحو ثلاثين ألف فارس، وهذه العدة من الفيلة وألف جنيب [2] مسرجة ملجمة ما بين ملبس بالذهب ومحلا «1» (المخطوط 23) ومطوق، ومنها المرصع بالجواهر واليواقيت.

وأما ركوبه في قصوره، فقال لي الشيخ محمد الخجندي، وكان ممن دخل دهلى، واستخدم في الجند بها، أنه رآه قد خرج من قصر إلى آخر «2» وهو راكب وعلى رأسه الجتر [3] والسلاح داريه [4] ، ورآه محمولا بأيديهم السلاح «3» ، وحوله قريب اثني عشر ألف مملوك، جميعهم مشاة؛ ليس فيهم راكب إلا حامل الجتر والسلاح داريه والجمداريه [5] حملة القماش.

[1] الخركاوات جمع خركاه، والخرگاه بالكاف الفارسية خيمة كبيرة أو سرادق سلطاني وأميري (فرهنگ عميد 1/850- فرهنگ رازي 272) .

[2]

جنيب مفرد وجمعه جنائب وهي الجياد السلطانية المزينة التي تقف أمام البلاط السلطاني (فرهنگ عميد 1/708) .

[3]

جتر: كلمة فارسية بالجيم المثلثة وهي المظلة التي ترفع فوق السلطان (فرهنگ عميد 1/730 فرهنگ عميد رازي 215) .

[4]

السلاح داريه: مفرده سلاح دار، وتعني حامل السلاح- لفظ عربي وفارسي (فرهنگ عميد 2/1220) .

[5]

الجمدارية: مفرده جمدار من اللفظ الفارسي جامه دار وتعني المسؤول عن الملابس والقماش السلطاني (فرهنگ رازي 391) .

ص: 65

وقال لي الشيخ مبارك أن هذا السلطان يحمل على رأسه «1» سبعة جتورة [1] منها اثنان مرصعان ليس لهما قيمة [2] ولدسته [3] من الفخامة والعظمة والقوانين الشاهنشاهيه [4] ، والأوضاع السلطانية، ما لم يكن فعله إلا للإسكندر ذي القرنين أو لملكشاه بن ألب أرسلان [5] .

وأما الخانات والملوك والأمراء، فإنه لا يركب أحد منهم في السفر والحضر إلا بأعلام، وأكثر ما يحمل الخان تسعة أعلام، وأقل ما يحمل الأمير ثلاثة، وأكثر ما يجرى الخان في الحضر عشرة جنايب، وأكثر ما يجرى الأمير في الحضر جنيبات.

فأمّا في الأسفار فمهما وصلت قدرة كل واحد منهم ووسعة صدره وكرمه «2» مع أنهم إذا حضروا باب السلطان، تضاءلوا لطمس شمسه كواكبهم، ولطم بحره سحابيهم، وهذا السلطان مع هذا ذو بر وإحسان وتواضع لله تعالى «3» .

حدثني أبو الصفاء عمر بن إسحاق السبكي [6] أنه رآه وقد نزل إلى جنازة فقير [7] صالح، ومات، وحمل نعشه على عنقه، وله فضيلة جمّة يحفظ كتاب الله

[1] جتوره: جمع جتر.

[2]

أي لا يقدران بمال، غالية الثمن.

[3]

مجموعة من كلمة دستة الفارسية.

[4]

الشاهنشاهية: السلطانية من اللفظ الفارسي شاهنشاه أي ملك الملوك.

[5]

وردت بالمخطوط الملك شاه بن ألب أرسلان ويعني ملكشاه.

[6]

أبو الصفا عمر بن إسحاق السبكي المتوفى 750 هـ (الدرر الكامنة 4/15) .

[7]

الفقير هو المتصوف (فرهنگ رازي 643- عميد 2/1545) .

ص: 66

تعالى «1» وكتاب الهداية [1] على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، ويجيد في المعقول، ويكتب خطا حسنا، وله يد ممتدة في الرياضة، وتأديب النفس، والأدب، ويقول الشعر، وينظمه، ويستنشده، ويفهم معانيه، ويباحث عنها «2» العلماء، ويناظر الفضلاء، ويؤاخذ خصوص الشعراء بالفارسية، فإنه عالق بأهدابها، عارف بشعابها.

قال «3» : ولقد سمعته يبحث في معنى تقدم الأمس على اليوم، من أي قبيل هو، لأنهم قالوا إنما التقدم إما أن يكون بالزمان أو بالرتبة أو بالذات، وهذا لا يجوز أن يكون واحد من هذه الأقسام، وقرر أن (المخطوط ص 24) قولهم انتقض بهذا، لأن الأمس متقدم لا بشيء من هذا.

قال: ولقد رأيته يأخذ بأطراف الكلام على كل من حضر على كثرة العلماء.

قال: والعلماء تحضر مجلسه، وتفطر في شهر رمضان عنده، ويأمر صدر جهان كل ليلة واحدا ممن يحضر بأن يذكر نكتة [2] ثم تتجاذب الجماعة أطراف البحث فيها بحضرة السلطان، وهو كواحد منهم، يتكلم معهم، ويبحث بينهم، ويرد عليه [3] ، وهو ممن لا يرخص في محذور، ولا يقر أحدا على منكر، ولا يتجاسر

[1] كتاب الهداية في فقه الحنابلة لعبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد الحلواني البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 546 هـ (انظر: إيضاح المكنون في الذيل في كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لإسماعيل باشا بن محمد أمين مير سليم الباباني أصلا البغدادي مولدا ومسكنا- بغداد ج 2/351) .

[2]

النكتة هي المسألة الدقيقة في الأمور العلمية والفقهية والدينية.

[3]

وردت بالمخطوط يورد عليه أ 24، ب 73.

ص: 67

أحد أن يتظاهر في بلاد بمحرم، وأشد ما ينكر على الخمر، ويقيم الحد فيه، ويبالغ في تأديب من يتعاطاه من المقربين إليه.

حدثني السيد الشريف تاج الدين ابن أبي المجاهد الحسن السمرقندي أن بعض الخانات [1] الأكابر بدهلى، كان يشرب الخمرة، ويدمنها، ويصر عليها، وكان ينهى فلا ينتهى، فغضب عليه هذا السلطان غضبا شديدا، وأمسكه، وأخذ أمواله، فكان بحمله ما وجد له أربعمائة ألف ألف مثقال، وسبعة وثلاثون ألف مثقال ذهبا أحمرا، وفي هذه الحكاية كفاية في مبالغته في إنكار المنكر، وفي سعة أموال هذه البلاد، فإن هذا المال إذا حسب «1» بالقناطير المصرية كان ثلاثة وأربعين ألف قنطار أو سبعمائة قنطار ذهبا، وهذا مما لا يكاد يدخل تحت حصر ولا إحصاء.

وحكى لي هذا الشريف حسن السمرقندي، وهو ممن جال الأرض وجاب الآفاق، عن أموال هذه البلاد وما تحار العقول فيه من مثل هذا أو أشباهه، وله من وجوه البر، والصدقات ما تسطره الدنيا في صحائف حسناتها، وترقمه الأيام في غرر حياتها، سمعت منه أحاديث جملتها ما علمت تفصيلها حتى حدثني الشيخ المبارك «2» مبارك أن هذا السلطان يتصدق في كل يوم بلكين [2] لا أقل منهما، يكون عنهما من نقد مصر والشام ألف ألف وستمائة ألف درهم في كل يوم، وربما بلغت صدقته في بعض الأيام خمسين لكا، ويتصدق عند رؤية كل هلال من كل شهر بكلين، عادة دائمة لا يقطعها، وعليه راتب مستمر لأربعين ألف فقير () ، لكل واحد منهم في كل يوم درهم واحد وخمسة (المخطوط ص 25) أرطال خبز قمح أو أرز، وقرر ألف فقيه في مكاتب أرزاقهم على ديوانه، تعلم الأيتام وأولاد الناس

[1] الأمراء الكبار.

[2]

بلكين مثنى لك، والك مائة ألف (انظر الدخيل في لهجة أهل الخليج 101) .

ص: 68

القراءة والكتابة، ولا يدع بدهلى سائلا يستعطى الناس، بل كل من استعطى منع من هذا، وأجرى عليه ما يجرى على أمثاله من الفقراء.

فأما إحسانه إلى الغرباء، ومن يؤمله، فما يكاد يخرج عن حد التصديق.

حدثني الفاضل نظام الدين أبو الفضائل يحيى بن الحكيم الطياري قال: كان عندنا بالأردو [1] في خدمة السلطان أبي سعيد [2] ، رجل اسمه عضد بن قاضي يزد، يروم الوزارة، ولا يؤهل لها، ولا يعد من أكفائها، فلا يزال «1» يشغب على الوزراء، ويفتن بين أهل الأردو، فاتفق رأيهم على إبعاده، فبعثوه رسولا إلى دهلى برسالة مضمونها السلام والوداد والسؤال والافتقاد، وعملوا هذه صورة ظاهرة لإبعاده، وكان قصدهم أن لا يعود، فلما حصل «2» في دهلى، وحضر في «3» حضرة هذا السلطان، وأدى الرسالة له، أقبل عليه، وشرفه بالخلع والعطاء، وأحله من كنفه في محل الرحب والسعة، وأطلق له حملا من المال، ثم لما أراد الانصراف عائدا إلى مرسله، قال له: أدخل الخزانة، وخذ مما شئت، وكان هذا السيد عضد رجلا داهية، فلما دخل الخزانة لم يأخذ سوى مصحف واحد، فسمع السلطان بهذا، فأعجبه، وقال له لأي شيء ما أخذت إلا هذا المصحف؟ فقال: لأن السلطان قد أغناني بفضله، ولم أجد أشرف من كتاب الله، فازداد إعجابه بفعله وبكلامه، ووقع منه

[1] الأردو لفظ مغولي تعني المعسكر، وإنما سميت اللغة الأردية بذلك لأنها نشأت نتيجة لتعامل أهالي البلاد مع أهل الأردو (فرهنگ عميد 1/111) .

[2]

أبو سعيد بهادر آخر سلاطين الإيلخانيين العظام تولى الحكم وهو شاب، ونشأ على الخير، وكان معه بلاد العراق وخراسان وآذربيجان والروم والجزيرة ومات سنة 736 (انظر: الشرق الإسلامي في عهد الإيلخانيين د. فؤاد عبد المعطي الصياد الدوحة 1987 ص 346- تذكرة الشعراء لدولتشاه السمرقندي لاهور 317) .

ص: 69

موقع الاستحسان، وأعطاه مالا جما، منه ما هو خاص بنفسه، ومنه ما هو معه لأبي سعيد على سبيل المهاداة، وكان جملة ما اتصل إليه منه ما هو لأبي سعيد «1» وما هو له ثمانمائة، تومان [1] التومان عشرة آلاف دينار رايجا، الدينار ستة دراهم، فيكون هذا المبلغ ثمانية آلاف ألف دينار رايجا، عنها ثمانية وأربعون ألف ألف درهم، فلما عاد بهذا المال الممدود، خشى أن يؤخذ في الأردو ومنه، ففرقه أقساما، وغيبه عن العيون، وكان أمير أحمد بن خواجه [2](المخطوط ص 26) رشيد، وهو أخو الوزير قد وقع له أمر أقتضى إخراجه من الأردو، وروعى لمكان أخيه الوزير غياث الدين محمد، فكتب له بأن يكون أمير الايلكاه [3] ، ومعنى هذا أنه يحكم حيث حل من المملكة حتى على حكامها، فصادف في طريقه هذا السيد عضد، فأخذ منه شيئا كثيرا، احتمل إنه عمل منه عدة حمول من أواني الذهب والفضة، ليقدمها إلى أبي سعيد والخواتين [4]«2» وأحسبه سبله له إلى العود إلى الأردو «3» ، فعاجله الموت، ثم مات أبو سعيد، والسيد عضد، وتصرمت تلك الأيام، وذهب الذهب، ولم يغن أحدا ما كسب [5] .

[1] تومان: هو رقم عشرة ويستخدمونه على أنه عشرة آلاف، ويعني قائد ألف في العصر المغولي ومن متحصلات الأمير قائد الألف بالتومان- والتومان الآن عملة في إيران تعادل عشرة ريالات (انظر: فرهنگ عميد 1/234 فرهنگ رازي 179) .

[2]

وردت بالمخطوط خواجا.

[3]

أيلكاه: أيل كلمة تركية تعني قوم أو قبيلة وگاه لاحقة تفيد المكان، وايلگاه موطن القوم (فرهنگ عميد 1/277) .

[4]

الخواتين جمع مفرده خاتون وهي زوجة وبنات الأمراء، اللفظ تركي مغولي يعني النساء ذوات النسب الرفيع (فرهنگ عميد 1/816) .

[5]

إشارة إلى قوله تعالى: ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ

[سورة المسد، الآية: 2] .

ص: 70

قال ابن الحكيم: وهذا السلطان صاحب دهلى، كرمه خارق، وإحسانه إلي الغرباء عظيم، قصده بعض الفضلاء من بلاد فارس، وقدم إليه كتبا حكيمة، منها الشفاء لابن سينا [1] ، واتفق أنه لما مثل بين يديه، وقدمه له، أحضر إليه حمل جليل من الجواهر الثمينة فحثا له منه ملء يده «1» ، وأعطاه له، وكان بعشرين ألف مثقال من الذهب، هذا غير بقية ما وصله به.

وحدثني الشريف السمرقندي، أن أهل بخاري [2] يقصدونه بالبطيخ الأصفر المبقى عندهم في زمن الشتاء، فيعطيهم عطاء جزيلا.

قال [3] : ومنهم واحد أعرفه، حمل إليه حملين من البطيخ، فتلف غالبه، ولم يصل معه إلا اثنتان وعشرون «2» بطيخة، فأعطاه ثلاثة آلاف مثقال من الذهب.

قال الشيخ أبو بكر بن أبي الحسن الملتاني المعروف بابن التاج الحافظ [4] : الذي بلغنا بالملتان، واستقاض عندنا «3» بها، ثم أنى سافرت إلى دهلي، وأقمت بها،

[1] الشفاء: أحد كتب الشيخ الرئيس ابن سينا الطبيب والفيلسوف والأديب، الذي عمل في بلاط نوح الساماتي وخوارزم شاه علي بن مأمون وشمس الدين الديلمي وعلاء الدين كاكويه، له 240 كتابا ورسالة أهمها الشفاء والقانون والإشارات، مات سنة 428 هـ (فرهنگ أدبيات فارسي- زهرا خانلرى كيا 25) .

[2]

بخارى أشهر مدن بلاد ما وراء النهر، سكنها العرب، منها أعظم رواة الحديث على رأسهم البخاري (انظر مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي (م 739 هـ) تحقيق علي محمد البجاوي ط 1 القاهرة 54- 1955 ج 1/169- تاريخ بخارى للنرشخي ترجمة د.

أحمد الساداتي القاهرة) .

[3]

يقصد السمرقندي.

[4]

ابن التاج الحافظ: هو إسحاق بن علي بن علي بن أبي بكر بن سعيد الصوفي البكري الملتاني مفسر وفقيه من آثاره: خلاصة جواهر القرآن في بيان معاني لغات الفرقان، خلاصة الأحكام بشريعة الإسلام والحج ومناسكه (معجم المؤلفين- كحالة 2/235) .

ص: 71

ووجدت أيضا مستفيضا فيها، أن هذا السلطان التزم أنه لا ينطق في اطلاقاته بأقل من ذلك.

وحدثني الخجندي [1] قال: قصدته، واتصلت به، فأنعم عليّ بألف مثقال من الذهب، ثم سأل إن كنت أختار الإقامة أو العود، فقلت: اخترت الإقامة، فأجراني في جملة الجند.

وحدثني الشيخ أبو بكر بن الخلال البزي الصوفي، قال: بعث هذا السلطان مع جماعة أنا (المخطوط ص 27) منهم ثلاث لكوك [2] ذهبا إلى بلاد ما وراء النهر، لتفرق على العلماء لكا منها، ويتصدق على الفقهاء بلك منها، ويبتاع له باللك الثالث [3] .

قال: وقال لنا بلغني أن الشيخ برهان الدين الصاغرجي شيخ سمرقند [4] مزيد في العلوم والزهد، وأنه لا يثبت عنده مالا «1» ، فأعطوه أربعين ألف تنكة يتزود بها إلى الملتان [5] ، ثم إذا دخل بلادنا جدنا عليه بالأموال، ثم قال: وإن لم تجدوه، أعطوا هذا المبلغ لأهله، ليوصلوه إليه إذا جاء، وعرفوه بأننا نطلبه ليتزود إلى الملتان «2» .

قال: فلما وصلنا إلى سمرقند، وجدناه، قد دخل إلى بلاد الصين، فأعطينا المال

[1] نسبة إلى خجند إحدى المدن الإيرانية الشهيرة.

[2]

لكوك جمع لك وهي مائة ألف- انظر: فرهنگ عميد 2/1721) .

[3]

ورد بالمخطوط بالك الثالث.

[4]

سمرقند مدينة مشهورة ببلاد ما وراء النهر عاصمة الصغد (انظر مراصد الاطلاع ص 736) .

[5]

الملتان: إقليم بالسند تقع عند التقاء فرعي نهر السند، مملكة إسلامية (انظر: روضة الصفا في سيرة الأنبياء والملوك والخلفاء ترجمة الشاذلي حاشية 176، وتقويم البلدان للعماد الحنبلي) .

ص: 72

لجاريته، وعرفناها برغبة السلطان فيه، وحثه على طلبه.

وحدثني الفقيه أبو الصفاء عمر بن إسحاق الشبلي أن هذا السلطان لا يفارق العلماء سفرا ولا حضرا [1]، قال: وكنا معه في بعض غزواته، فلما كنا في أثناء الطريق جاءته من مقدمة عساكره كتب البشرى بالفتوح، ونحن بين يديه، فحصل له السرور، وقال: هذا ببركة هؤلاء العلماء، ثم أمر بأن يدخلوا بيت المال، ويحملوا من بيت المال ما قدروا عليه، ومن كان منهم ضعيفا يستنيب من يحمل من ذلك المال عنه، قال: فدخلوا إلى الخزانة، ولم أدخل أنا ولا كثير من أمثالي لأننا لم نكن من تلك الطبقة، وحمل أولئك «1» كل واحد كيسين، كل كيس عشرة آلاف درهم إلا واحدا منهم، فإنه حمل ثلاثة أكياس، اثنين تحت إبطيه، وآخر فوق رأسه، فلما رآهم السلطان ضحك تعجبا من حرص الذي حمل الثلاثة، وسأل عن بقية الجماعة، ممن لم يدخل مثلي، فقيل له إن هؤلاء دون أولئك لأن هؤلاء من المدرسين، وهؤلاء من المعيدين، فأمر لكل واحد منا بعشرة آلاف درهم، ففرقت علينا.

قال: ومنار الشرع عنده قائم، وسوق أهل العلم لديه رائج، يشار إليهم بالتوقير والإجلال، وهم في غاية المحافظة على ما ينقام به ناموسهم من اصطلاح «2» الظاهر والباطن والمداومة على قراءة العلم (المخطوط ص 28) ، وإقرائه، والتحري في كل أمورهم، والاقتصاد في جميع أحوالهم، وهذا السلطان لا يتأنى عن الاجتهاد في الجهاد برا وبحرا، لا يثنى عنه عنانه ولا سنانه، ولا يزال هذا دأبه، نصب عينه، ودبر أذنه، وقد بلغ مبلغا عظيما في إعلاء كلمة الإيمان، ونشر الإسلام في تلك

[1] عكس السفر ويعني الإقامة.

ص: 73

الأقطار، حتى سطع في ذلك السواد ضوء الإسلام، وبرقت في تلك الأنواء بوارق الهدى، وهدم بيوت النيران، وكسر البدود [1] والأصنام، وأخلا البرّ ممن ليس ببر إلا من هو تحت عقد الذمة، واتصل به الإسلام إلي أقصى المشرق، وقابل مطلع الشمس لألاء الصباح المشرق، وأوصل راية الأمة المحمدية كما قال أبو نصر العتبي [2] إلى حيث لم تصل إليه راية ولا تليت به سورة ولا آية، فعمر الجوامع والمساجد، وأبطل التطريب «1» بالآذان، وأسكت المزمزمة بالقرآن، وبوأ أهل هذه الملة قمم «2» الكفار، وأورثهم- بتأييد الله- «3» أموالهم وديارهم وأرضا لم يطأوها [3] ، وهو مع هذا تمد له خافقة مع كل خافقة، ففي البر عقبان الأعلام، وفي البحر غربان السفن الجواري المنشآت كالأعلام [4] حتى أنه لا يخلو في يوم من الأيام من بيع آلاف مؤلفة من الرقيق بأقل الأثمان لكثرة السبى والأخذ.

حدثني كل هؤلاء أن الجارية الخادمة لا يتعدى ثمنها بمدينة دهلى ثمان تنكات، واللواتي يصلحن للخدمة والفراش خمس عشرة تنكة، وأما في غير دهلى فإنهن بأرخص من هذه الأثمان.

[1] البدود جمع ومفرده بد وصوابه بت بضم الباء وسكون التاء وهي كلمة فارسية تعني صنم (فرهنگ عميد 1/317) .

[2]

أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبي من أدباء ومؤرخي القرن الرابع والخامس الهجريين، له كتاب تاريخ يميني باسم السلطان محمود الغزنوي توفي 427 هـ (فرهنگ أدبيات فارسي 339) والعبارة عن محمود الغزنوي أصلا.

[3]

إشارة إلى قوله تعالى: وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً

[سورة الأحزاب، الآية: 27] .

[4]

إشارة إلى قوله تعالى: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ

[سورة الرحمن، الآية: 24] .

ص: 74

وقال لي أبو الصفاء عمر بن أبي إسحاق الشبلي أنه اشترى عبدا مراهقا نفّاعا بأربعة دراهم، وقس على مثل هذا، قال: ومع رخص قيمة الرقيق، وهو أنه يوجد من الجواري الهنديات «1» من يبلغ ثمنها عشرين ألف تنكة وأكثر وهكذا.

قال لي ابن التاج الحافظ الملتاني، قلت: وكيف تبلغ الجارية هذا الثمن مع الرخص؟ قال لي: كل واحد في مجلس على انفراده لحسن خلقها، ولطف خلائقها، ولأن غالب مثل هذه الجوار يحفظن القرآن، ويكتبن (المخطوط ص 29) الخط، ويروين الأشعار والأخبار، ويجدن الغناء وضرب العود، ويلعبن [1] الشطرنج والنرد، وصل هذه الجواري يتفاخرن [2] في مثل هذا، فتقول الواحدة: أنا آخذ قلب سيدي في ثلاثة أيام، فتقول الأخرى: أنا آخذ قلبه في يوم، فتقول الأخرى: أنا آخذ قلبه في ساعة، فتقول الأخرى: أنا آخذ قلبه في طرفة عين.

قالوا: إن ملاح الهنديات أكثر حسنا من الترك والقفجاق مع ما يتميزن به من التخريج العظيم والتفنن الفاتن، وغالبهن ذهبيات الألوان، وفيهن بيض ذوات بياض ساطع مختلطا بالحمرة، وعلى كثرة وجود الترك والقبجاق والروم وسائر الأجناس عندهم، لا يفضل أحد على ملاح الهنديات سواهن لكمال الحسن والحلاوة وأمور أخرى تدق عنها العبارة «2» «3» .

حدثني سراج الدين عمر الشبلي أنه لا يلبس ثياب الكتان المجلوبة إلى هذه

[1] وردت بالمخطوط يلعب.

[2]

وردت بالمخطوط يتفاخرون.

ص: 75

المملكة من الروس [1] ، والإسكندرية إلا من لبسه السلطان منهم وإلا قميصهم وثيابهم من القطن الرفيع، قال: تعمل منه ثياب شبيهات بالمقاطع البغدادية، ولكن أين المقاطع البغدادية والنصافي [2] منها، لرفعتها ولطافة بشرتها، فإن بعضها يوازي اللوانس [3] في رفعتها مع الصنق والمآبية «1» .

وحدثني الشيخ مبارك أنه لا يلبس ولا يركب بالسروج الملبسة أو المحلاة بالذهب إلا من أنعم السلطان عليه بشيء منها، فإذا أنعم عليه بشيء من المحلى بالذهب [4] ، كان إذنا له في اتخاذ ما شاء منه، أمّا عامة ركوبهم ففي الملبس أو المحلى بالفضة.

قال: والسلطان ينعم على من في خدمته على اختلاف أنواعهم من أرباب السيف والقلم والعلم، بكل شيء جليل ونوع نفيس من البلاد [5] والأموال، والجواهر والخيول والسروج المحلاة بالذهب والمناطق الذهبية [6] والأقمشة المختلفة الأنواع والأجناس إلا الفيلة فإنها لا تكون إلا له، لا يشاركه فيها مشارك من جميع الناس، قال: والفيلة لها رواتب كثيرة لعلوفاتها، فإنها لعل هذه الثلاثة آلاف فيل (المخطوط ص 30) لا يكفيها إلا دخل مملكة كبيرة، فسألته: كم لها؟ قال:

[1] الروس: قوم يسكنون روسيا من أصل سلافي وهي مملكة واقعة غربي سيبيريا وشمالي الممالك الإسلامية (انظر: روس فرهنگ عميد 2/1072) وهم أمة من الأمم متاخمة للصقالبة والترك (مراصد الاطلاع 2/460) .

[2]

النصافي نوع من القماش الجيد.

[3]

لوانس قماش جيد.

[4]

وردت بالمخطوط المحلا في أ، ب.

[5]

أي البلاد التي يقطعها السلطان.

[6]

المناطق جمع مفرده نطاق ما يلف حول الوسط.

ص: 76

تختلف أجناسها وأشكالها، وعلى قدر اختلافها، علوفاتها، وأنا أقول لك أكثر ما يريد كل فيل في كل يوم، وأقل ما يريد، أما أكثر ما يريد [1] في كل يوم أربعون رطلا من أرز، وستون رطلا من شعير، وعشرون رطلا من سمن، ونصف حمل حشيش، وأما ما تريده سوّاسها [2] ، والقومة عليها فجملة كثيرة وأمور كثيرة، قال: وشحنه [3] الفيل رطل كبير من أكابر الدولة.

قال الشبلي: يكون أقطاعه قدر إقليم كبير مثل العراق وهيئته، وفوق ملوك هذه المملكة في مواقف الحرب.. أن يقف السلطان في القلب وحوله الأئمة والعلماء والرماة قدامه وخلفه، وتمتد الميمنة والميسرة موصولة بالجناحين، وأمامه الفيول الملبسة بالأركصطوانات الحديد، وعليها الأبراج المسمرة فيها المقاتلة «1» على ما قدمنا القول فيه، وفي الأبراج منافذ لرمي النشاب ومرمى قوارير النفط، وقدام الفيول العبيد المشاة في خفّ من اللباس، بالسيوف والسلاح يفسحون لمجال الفيول، ويعرفون الخيل بالسيوف، الرماة في الأبراج تكشف عليهم من خلفهم من فوق، والخيل في الميمنة والميسرة، تضم أطراف الأرض على الأعداء، وتقاتل من حول الفيول وورائها، فلا يجد الهارب مفرا ولا مدخلا، فلا يكاد ينجو قدامهم، لاحتياط «2» العساكر المحدقة بهم، ومواقع النشاب والنفط من فوقهم، ومخالسة الرجالة لهم من تحتهم، فيأتيهم الموت من كل مكان، ويحيط بهم البلاء من كل جهة.

[1] كرر عبارة «واكثر ما يريد» .

[2]

سواس هو السائس القائم على رعاية الحيوان.

[3]

شحنة الفيل: حارس الفيل وراعيه، والشحنة هو الوالي أو الحاكم أو القيم وصاحب الشرطة (انظر فرهنگ عميد 2/1294- روضة الصفا ترجمة الشاذلي 176) .

ص: 77

ولقد تهيأ لهذا السلطان القائم بها الآن ما لا تهيأ لأحد قبله من ملوك هذه المملكة من النصر والاستظهار وفتوح الممالك، وهدم قواعد الكفار، وحل عقد السحرة، وإبطال ما كانت تتعلل به الهنود من الصور والتماثيل، ولم يبق إلا ما هو داخل البحار من القليل الشاذر والناذر «1» [1] الذي لا حكم له، (ولا معلم لهم عهد هذا السلطات حتى يستكمله، ويغسل بالسيف ما بقي (المخطوط ص 31) منه) «2» ، فتضوعت أندية الهند من ذكره بأطيب من طيبها، وتحلى زمانه بها بأعلى قيمة من جواهرها، وهو اليوم جامع ذويل تلك الأقطار، وماسك نطاق البراري والبحار، وإذا قيل اليوم «3» سلطان الهند لا يطلق على سواه، ولا يصح هذا الاسم الكريم إلا على مسماه.

قال الشبلي: وحقيق على مسلم أن يدعو للسلطان هذا في الله جهاده، وذلك معروفه، وتلك سجاياه.

وحكى لي محمد الخجندي: إن لهذا السلطان في كل أسبوع يوما عاما يجلس فيه للناس جلوسا عاما، وهو يوم الثلاثاء «4» ، يجلس في ساحة عظيمة متسعة إلى غاية يضرب له فيها جتر [2] كبير سلطاني، يجلس في صدره على تخت [3] عال مصفح بالذهب مرصع بالجواهر، ويقف أرباب الدولة حوله يمينا ويسارا وخلفه

[1] الشاذر والناذر: الشاذر من شذر وتشذر القوم أي تفرقوا- من نذر ونذروا الجيش جعلوه نذيرة أي طليعة ونذر نذرا به: علمه فحذره (انظر المنجد 379- 800 الشوزر الملحق- قميص دون كمين.

[2]

المظلة التي ترفع على رأس السلطان.

[3]

كرسي الحكم- عرش.

ص: 78

السلاح داريه [1] والجمداريه [2] ، ومن حكمه بين أرباب الأشغال الخاصة حكمهم، وأرباب الوظائف على منازلهم ولا يجلس إلا على الخانات وصدر جهان والدبيران [3] يعني كتاب السر، بين يديه، والحجاب وقوف، وينادى مناداة عامة أنه من كان له شكوى يحضر، فيحضر كل من له شكوى أو حاجة يسأل السلطان فيها، فإذا حضر أو وقف «1» بين يديه، لا يضرب، ولا يمنع حتى ينهى إليه شكواه، ويأمر السلطان فيه بأمره.

وأما بقية الأيام فإنه يجلس في طرقى كل نهار ويركب في الخانات والملوك والأمراء جميعهم إلى بابه ومن رسمه أن أحدا لا يدخل عليه بسلاح كبيرا «2» ولا سكين صغيرة ومن جاء اعتبر قبل دخوله ودون المكان الذي يجلس فيه سبعة أبواب بعضها داخل بعض وعلى الباب الأول البراتي [4] منها رجل منها معه بوق فإذا جاء أحد من الخانات أو الملوك أو اكابر الأمراء نفخ في البوق اعلاما للسطان بأنه قد جاء كبير ليكون دائما على تيقظ واستعداد من أمره ومن جاء بابه كائنا من كان يترجل من الباب الأول البراني ويمشي إلى أن يدخل السبعة الأبواب إلى حضرة السلطان وثم من شرف بالإذن له بأن يعبر راكبا إلى الباب السادس ولا يزال البوق عمالا إلى أن يقارب الداخل الباب السابع ويجلس على ذلك الباب كل من دخل إلى أن يجتمعوا فإذا تكامل المجىء أذن لهم في الدخول إذا دخلوا جلس حوله من له أهلية الجلوس ووقف سائرهم وقعد القضاة والوزراء والدبيران وكتاب السر.

[1] حملة السلاح.

[2]

حملة الملابس والأقمشة.

[3]

الكتاب- وهنا تعني كتاب السر.

[4]

وهي من كلمة برون أو بيرون الفارسية بمعنى خارج، ودخلت العامية العربية، وصار منهابره وبراني.

ص: 79

وهم الموقعون إلى جانب المكان، لا يقع فيه نظر السلطان عليهم، ومدت الأسمطة، وقدمت الحجاب القصص «1» [1] إلي حاجبي صاحبه، وهو الحاجب الخاص المقدم على الكل، فيعرضها على السلطان، ثم إذا قام السلطان، جلس إلى كاتب السر فأدى إليه الرسائل بما رسمه السلطان في ذلك، فينفذها، ثم إذا قام السلطان من المجلس، جلس في مجلس خاص واستدعى العلماء، فيحضر من له عادة فيجالسهم، ويؤانسهم، ويأكل معهم، ويتحدث هو وإياهم وهم بطانته الخاصة، ثم يأمرهم بالإنصراف، ويخلو بالندماء والمغاني، تارة ينادم بالحديث، وتارة يغنى له، وهو على كل حال في المحافل والخلوات، عفيف الخلوة، طاهر الذيل، يحاسب نفسه على الحركات والسكوت، ويراقب الله في السر والعلن، لا يرتكب محرما، ولا يفسح فيه.

قال لي الشبلي: حتى أنه لا يوجد بدهلى خمرا بالجملة الكافية، لا ظاهرا ولا مضمرا، لتشديد هذا الرجل فيه، وإنكاره على من يعانيه، قال: مع أن أهل الهند لا رغبة لهم في الخمر ولا في المسكرات استغناء بالتنبول [2] ، وهو حلال طيب لاشية فيه مع ما فيه من أشياء لا يوجد في الخمر بعضها، وهو أنه يطيب النكهة، ويصرف الأطعمة، ويبسط الأنفس بسطا عظيما، ويورثها سرورا زائدا، مع ثبوت العقل، وتصفية الذهن، ولذاذة الطعم، فأمّا أجزاؤه فهو ورق التنبول والقوقل ونون [3]«2» يعمل خاصة.

[1] القصص هي الشكاوى.

[2]

التنبول: هي تانبول شجيرة تنمو في الهند والصين وماليزيا، أوراقها معطرة (فرهنگ عميد 1/529) والتانبول شجر معظم عند الهنود (رحلة ابن بطوطة 175) .

[3]

القوقل: هو پوپل بالباء المثلثة، شجرة تنمو في الهند والمناطق الحارة طولها يبلغ 15 مترا، طعمها لذيذ مثل طعم التمر (فرهنگ عميد 2/1555) والنون أيضا شجيرة (فرهنگ عميد 2/1927) .

ص: 80

قال: ولا يعد أهل تلك البلاد كرامة أبلغ منه، فإنه إذا ضيف الرجل لآخر وأكرمه (المخطوط ص 33) بما عسى أن يكون من أنواع الأطعمة والأشربة «1» والرياحين والطيب، ولا يحضر معها التنبول لا يعتد له بكرامة، ولا يعد أنه أكرمه، وكذلك إذا أراد الرئيس إكرام أحد ممن يحضره، يناوله التنبول.

قلت: وهذا نظير مسلك الأياق [1] في ممالك أولاد جنكيز خان، والأياق هو قدح خمر أو تمر يمسكه الكبير لمن أراد إكرامه أو الرجل لمن أراد خدمته، وهو أبلغ خدمة عندهم، وسيأتي بمشيئة الله تعالى ذكر هذا في موضعه.

وحدثني العلامة سراج الدين أبو الصفاء عمر الشبلي أن هذا السلطان متطلعا «2» إلى معرفة أخبار ممالكه وبلاده، وأحوال من حوله من جنوده ورعاياه، وأن له ناسا يسمون المنهيين [2] ، وطبقاتهم مختلفة، فمنهم من يخالط الجند والعامة، فإذا علم ما يجب إنهاؤه إلى السلطان أنهاه إلى أعلى «3» طبقة منه، ثم ينهيها ذلك المنتهى، إلى آخر الأعلى فالأعلى إلى السلطان.

فأمّا أخبار البلاد النائية فإن بين حضرة السلطان وبين أمهات الأقاليم أماكن متقاربة، بعضها من بعض شبيهة بمراكز البريد في مصر والشام، ولكن هذه قريبة المدى بين المكا [3] والمكان بقدر أربع علوات نشاب أو دونها، وفي كل مكان عشر سعاة ممن له خفة في الجري، يحمل الكتب بينه وبين تاليه «4» [4] ، إذا أخذ أحدهم

[1] مسك الإياق: الإياق كلمة تركية هي إياق وهي قدح خمر أو تمر يمسكه الرجل لمن أراد خدمته (فرهنگ عميد 1/273) .

[2]

المنهيون جمع مفرده منهي وناه وهو من ينهي الأمر إلى من يعلوه حتى يصل إلى السلطان وقد وردت بالمخطوط المنهين.

[3]

المكا هو الرسول ورجل البريد جمعه مكاكي، وردت في ب 79 المكان.

[4]

وردت بالمخطوط تولية.

ص: 81

الكتاب جرى به جريا قويا بأشد ما يمكنه أن يشتد، وأقوى ما يمكنه أن يجرى إلى أن يوصله إلي الآخر، فيجرى به كالأول إلى المكان الذي يليه، ويرجع حامله إلى مكانه على مهله، فيصل الكتاب من المكان البعيد إلى المكان البعيد في أقرب الأوقات أسرع من البريد والنجابة «1» .

قال: وفي كل مكان من هذه الأماكن المركزة مساجد تقام بها الصلوات، ويأوى إليها السفّار، وبرك ماء للشرب، وأسواق للبيع للمكاكل «2» [1] وعلوفة الدواب، ولا يكاد يحتاج إلى حمل ماء ولا زاد ولا خيمة.

قال: ومن جملة عناية هذا السلطان جعل بين قاعدتي ملكه وهما: دهلى وقبة الإسلام في هذه الأماكن (المخطوط ص 34) المعدة لإبلاغ الأخبار طبول، فحيثما «3» كان في مدينة وفتح باب الأخرى أو غلق يدق الطبل، فإذا سمعه مجاوره دق، فيعلم خبر فتح المدينة التي هو غاب عنها، وغلقه في وقت الحاضر كل يوم بنوبة.

ولهذا السلطان مهابة يسقط لها القلوب مع قربه من الناس، ولينه في كلامه وحديثه، وكل من أراد الوصول إليه وصل إليه، لا يبعده عظم حجاب، ولا عموم حجاب، وقد أدر الله في أيامه الأرزاق، وكثّر المواد، وضاعف النعم، على أن الهند ما زال موصوفا بالرخاء، معروفا بالسخاء.

حدثني الخجندي قال: أكلت أنا وثلاثة نفر رفاقا لي في بعض بلاد دهلى لحما بقريا وخبزا وسمنا حتى شبعنا بكتيل [2]«4» وهو أربع فلوس، وسأذكر معاملاتهم،

[1] الرسل.

[2]

كتيل يعادل 4 فلوس، جيتل ب 79.

ص: 82

ثم ذكر الأسعار عندهم لأنها مرتبة على المعاملة وبها تعرف.

ولقد حدثني الشيخ مبارك قال: اللك الأحمر [1] مائة ألف تنكة، واللك الأبيض مائة ألف تنكة الذهب، وهي المسمى «1» عندهم التنكة الحمراء، ثلاثة مثاقيل، والتنكة النقرة [2] وهي تنكة الفضة، ثمانية دراهم هشتكانه [3] ، وهذا الدرهم الهشتكاني [4] هو وزن الدرهم النقرة معاملة مصر والشام، وجوازه «2» لا يكاد يتفاوت ما بينهما، وهذا الدرهم الهشتكاني هو أربعة دراهم سلطانية، وهي المسماة الدكانية، وهذا الدرهم السلطاني يجيء ثلث درهم ششتكاني، وهو درهم ثالث يتعامل به في الهند، وجوازه بنصف وربع درهم ششتكاني [5] (ولهذا الدرهم السلطاني نصف يسمى يكاني [6] وهو بكتيل واحد، وكلهم «3» درهم آخر اسمه شاتربكاني [7] جوازه بدرهمين، فحينئذ دراهم الهند ستة شاذودكاني ودوازديدكاني [8] هشتكاني [9] ششكاني [10] وسلطاني ويكاني [11] أصغرها

[1] مائة ألف.

[2]

النقرة كلمة فارسية بمعنى الفضة (فرهنگ عميد 2/1915) .

[3]

وردت بالمخطوط فشتكانه.

[4]

هشتكانه كلمة فارسية ومكونه من هشت تعني ثمانية وگانه لاحقة ويعني ثماني.

[5]

ششگاني كلمة فارسية من شش بمعنى ستة وگانه لاحقة وتعني سداسي.

[6]

اليكاني: من يك بمعنى واحد واليكاني يعني الأحادي.

[7]

وردت شاذردگاني من الكلمة الفارسية شانزده أي ستة عشر وگانه لاحقة وتعني المكون من ستة عشر جزءا.

[8]

دوازديدگاني: من الكلمة الفارسية دوازده گاني أي الاثنى عشري.

[9]

الثماني: نوع من العملة.

[10]

السداسي: نوع من العملة.

[11]

الأحادي: نوع من العملة.

ص: 83

السلطاني، وهذه الدراهم الثلاثة الأخيرة كلها مما يتعامل بها.

والمعاملات بينهم بها دائرة والأكثر بالدرهم السلطاني، وهو الذي تقديره ربع درهم من نقد مصر والشام، وهذا الدرهم السلطاني هو بثمانية فلوس، والثمانية فلوس هي جيتلان كل جيتل أربعة فلوس، فيكون الدراهم الهشتكاني، الذي هو مثل درهم النقرة، معاملة مصر والشام (المخطوط ص 35) اثنتين وثلاثين فلسا.

ورطلهم يسمى سير [1] وهو وزن سبعين مثقالا عنها بصنجة [2] الدراهم بمصر وفاته فإنه مائة ودرهمان وثلثان، وكل أربعين سيرا منّ [3] واحد، ولا يعرف عندهم الكيل.

وأما الأسعار فإن أوسطها القمح، كل منّ بدرهم ونصف هشتكاني «1» ، والشعير كل منّ بدرهم واحد منه، والأرز كل منّ بدرهم ونصف وربع منه إلا أنواعا معروفة من الأرز فإنها أغلى من ذلك، والحمص كل منّين [4] بدرهم واحد هشتكاني، ولحم البقر والمعز سعر واحد، ويباع كل ستة أسيار [5] بدرهم سلطاني، وهو ربع درهم هشتكاني، والغنم كل أربعة أسيار بدرهم سلطاني، والأوز كل طائر بدرهمين هشتكانيه، والدجاج كل أربعة طيور بدرهم هشتكاني، والسكر كل

[1] ورد ستر وهي ترد سير وستير وأستر بمعنى واحد وهو نوع من الوزن (فرهنگ عميد 2/1241) .

[2]

صنجة هي السنجة وهنا ليست الآلة الموسيقية وإنما أداة وزن (انظر: الدخيل في لهجة أهل الخليج 75) .

[3]

المن: نوع من الوزن (انظر: الدخيل في لهجة أهل الخليج 106) .

[4]

منين مثنى من نوع من الوزن (فرهنگ عميد 2/1851) .

[5]

أسيار جمع مفرده سير نوع من الوزن (فرهنگ عميد 2/1241) .

ص: 84

خمسة أسيار بدرهم هشتكاني، والنبات كل أربعة أسيار بدرهم منه، ورأس من الغنم الجيدة السمينة الفائقة بتنكة واحدة عنها ثمانية دراهم هشتكانية، والرأس البقر الجيد بتنكتين، وربما كان بأقل، والجاموس كذلك، وأكثر مأكلهم لحوم البقر والمعز.

قلت للشيخ مبارك: أهذا لقلة الغنم؟ قال: لا؛ ولكن «1» عادة؛ وإلا فالأغنام لا تعد في كل قرية في الهند بالآلاف المؤلفة، والدجاج كل أربعة طيور فائقة بدرهم واحد بالمصري، وأما الحمام والعصافير وأنواع الطير فبأقل الأشياء ثمنا.

وأما أنواع الصيد من الوحش والطير بها فكثير، وبها الفنك [1] والكركند [2]«2» ، وإنما فيلة الزنج أجل، وأمارتهم «3» في الملبوس، لبسهم البياض وثياب الجوخ وثياب الصوف، إذا جلب إليهم، يباع بأربع الأثمان، ولا يلبس الصوف إلا أهل العلم والفقر [3] .

ويلبس السلطان والخانات والملوك وسائر أرباب السيوف تتريات [4] وتكلاوات [5] وأقبية إسلامية مخصرة «4» الأوساط خوارزمية [6] وعمائم صغار لا

[1] الفنك: حيوان شبيه بالثعلب ولكنه أصغر، له أذنان طويلتان (فرهنگ عميد 2/1552) .

[2]

الكركند: حجر أحمر شبيه بالياقوت، وربما يقصد هنا حيوان الكركدن.

[3]

التصوف.

[4]

تتريات جمع تتر، وهي نوع من الحراب الخاصة بالتتار (انظر: فرهنگ عميد 1/538) .

[5]

تكلاوات: نوع من الرماح.

[6]

صنع خوارزم ببلاد ما وراء النهر.

ص: 85

تعدى العمامة خمسة ستة أذرع من اللانس الرفيع.

وحدثني الشريف ناصر الدين محمد الحسيني الكارمي المعروف بالزمردى، وهو ممن دخل إلى الهند مرتين، وأقام عند السلطان قطب الدين [1] بدهلى، أن غالب (المخطوط ص 36) لباسهم البياض، وغالب جمعاتهم أكسباتهم «1» النتترية مزركشة بالذهب، ومنهم من يلبس مطرز الكمين بزرگش [2] ، ومنهم من يعمل الطراز بين كتفيه مثل المغل [3] وأتباعهم «2» ، مربعة الانبساط مرصعة بالجواهر، وغالب ترصيعهم بالياقوت والماس، وتضفير [4] شعورهم ذوءابات مرخية، كما كان يفعل عسكر مصر والشام، ويعمل في الذؤابات شراريب حرير، وتشد في أوساطهم المناطق [5] من الذهب والفضة وأخفاف ومهاميز [6] ، وأما السيوف فلا تشد إلا في الأسفار، وأما في الحضر فلا تشد، وأما الوزراء

[1] قطب الدين أيبك: هو أحد سلاطين المماليك الغورية- استقل بدهلي وبنى قطب منار، قتله السلطان تغلق (انظر: رحلة ابن بطوطة 287- 289 طبقات اكبرى لنظام الدين أحمد ج 1) .

[2]

يزركش: مذهب (عميد 2/1104) .

[3]

المغل هم المغال والمنغول والمنغووا قبائل تركية سكنت في المنطقة الواقعة جنوبي سيبيريا على شاطىء نهر أونون، وهي القبائل التي جاء منها جنكيز خان (انظر كتابي فتوحات هولاكو خان في ميزان النقد التاريخي القاهرة 1990 ص 1/تاريخ الإسلام حسن إبراهيم حسن القاهرة 82 ج 4/130/تاريخ الأمم الإسلامية محمد الخضري بك القاهرة 1970 ص 467- أخبار الدول وآثار الأول في التاريخ للقرماني مخطوط سنة 1282 عن نسخة مصورة ص 286- جامع التواريخ لرشيد الدين فضل الله 2/219) .

[4]

وردت بالمخطوط تطفير أ 36 وتطفير ب 81.

[5]

المناطق جمع مفرده نطاق وهو ما يشد وسط المرء.

[6]

مهاميز جمع مفرده مهماز ومهميز وهي آلة حديدية في رجل الفارس يحفز بها الجواد.

ص: 86

والكتاب فمثل زي الجند، ولكن «1» لا يشدون المناطق، وبعضهم يرخى له عذبات [1] أمامهم، مثل عذبات الصوفية، وأما القضاة والعلماء فلبسهم فرجيات (شبيهات بالجندات ودرايع [2] ، وأما عامة الناس فقمص، وفرجيات مقتدرة ودرايع)«2» .

وحدثني الشبلي: أن أهل دهلى أهل ذكاء وفطنة فصحاء في اللسان الفارسي، والهندي، ومنهم من ينظم الشعر بالعربي ويجيد فيه النظم، وكثير ممن يمدح السلطان منهم ممن ليس لهم اسم في ديوانه، فيقبل عليهم ويجيزهم.

قال الشبلي: وأخذ دبيران السلطان له عادة أن يمدحه إذا تجدد له فتح أو أمر كبير ورسمه عليه أن يأمر بأن تعد أبيات قصيدته، ويعطى لكل بيت عشرة آلاف تنكة، وكثيرا ممن يستحسن السلطان منه شيئا، (أو يعلم له دررا،)[3]«3» فما يأمر له بشيء مخصوص على التعيين وإنما يأمره بأن يدخل إلى الخزانة ليحمل ما أطاق.

فلما رأني عجبت مما يحكيه من كثرة هذا الإنفاق والبسطة من المواهب والأطلاق، قال: وهو مع هذه السعة المفرطة في بذل الإعطاء، لا ينفق نصف دخل بلاده.

[1] عذبات جمع مفرده عذبه- شيء يتدلى من العمامة على الكتفين (فرهنگ عميد 2/1430) .

[2]

درايع جمع مفرده درعية، رداء يلبس على الصدر.

[3]

وردت بالمخطوط ضررا.

ص: 87

وحدثني شيخنا فريد الدهر «1» شمس الدين الأصفهاني، قال: كان قطب الدين الشيرازي رحمه الله [1] يثبت صحة الكيمياء، قال: فبحثت معه في بطلان الكيمياء، فقال لي: أنت تعلم ما يتلف (من الذهب)«2» في الأبنية والمستعملات، ومعادن الذهب لا يتحصل منها (المخطوط ص 37) نظير (ما يتلف) وينفذ، وأما الهند فإني حررت [2] أن له ثلاثة آلاف سنة، لم يخرج منه ذهب إلى البلاد، ولا دخل إليه ذهب، فخرج منه، والتجار من الآفاق تقصد الهند بالذهب العين، تتعوض عنه بأعراد، وحشائش وصموغ لا غير، فلولا أن الذهب يعمل لعدم بالجملة الكافية.

قال شيخنا شهاب الدين: أما قوله عما يدخل إلى الهند من الذهب ثم لا يخرج منه فصحيح، وأما إثباته لصحة الكيمياء فباطل لا صحة له.

قال [3] : بلغني أن ممن تقدم لهذا السلطان فتح فتوحا، فأخذ منه من الذهب وسق ثلاثة عشر ألف بقرة، قلت: والمشهور عن أهل هذه البلاد جمع الأموال وتحصيلها حتى أن بعضهم إذا سئل كم معك؟ فيقول: ما أعرف إلا أن ثاني ولد

[1] قطب الدين الشيرازي: هو قطب الدين محمود ابن ضياء الدين مسعود الشيرازي المعروف بالعلامة الشيرازي، لبس خرقة التصوف عشر سنوات كان طبيبا، عمل بخدمة نصير الدين الطوسي ولازم جلال الدين الرومي، وأرسله السلطان أحمد تكودار بسفارة إلى مصر سنة 681 ومنها إلى الشام، عمل في بلاط آباقا خان وغازان خان، له مؤلفات منها: نهاية الإدراك في دراية الأفلاك، والتحفة الشاهية، وفتح المنان في تفسير القرآن، وشرح حكمة الاستشراق للسهروردي، توفي سنة 710 هـ (انظر: فرهنگ أدبيات فارسي 400) .

[2]

أي كتبت.

[3]

يقصد البزى.

ص: 88

يجمع على مال جده أو ثالث ولد في هذا النقب أو في «1» هذا الجب، وما نعلم كم هو، وهم يتخذون أجبابا لجمع الأموال «2» ، ومنهم حق ينقب في بيته، ويتخذ به بركة ويسدها، ولا يدع إلا مقدار ما يسقط منه الدنانير ليجمع فيها الذهب، وهم لا يأخذون الذهب المصوغ ولا المكسور ولا السبائك خوفا من الغبن «3» ، ولا يأخذون إلا الدنانير المسكوكة.

وفي بعض جزائرهم من ينصب على سطح داره علما، كلما تكامل لأحدهم جرة ذهب، حتى يكون لبعضهم عشرة أعلام وأكثر.

وحدثني الشيخ برهان الدين أبو بكر بن الخلال محمد البزي الصوفي قال:

بعث هذا السلطان عسكر إلى بلاد «4» مجاورة للدواكير في نهاية حدودها، وأهلها كفار، يدعى كل ملك منهم الرا [1]«5» ، فلما نازله جيوش السلطان بعث يقول لهم، قولوا للسلطان أن يكف عنا، ومهما أراد من الملك «6» يبعث له ما أراد من الدواب لأحمله له «7» ، فبعث أمير الجيش يعرفه بما قال، فأعاد جوابه بأنه يكف عنهم القتال، ويؤمنه للحضرة معه، فلما حضر إلى السلطان أكرمه إكراما كثيرا، وقال له: ما سمعت مثل ما قلت، فكم عندك من المال حتى قلت إنا نبعث لك مهما أردنا من الدواب لتحملها؟ فقال: تقدمني سبع رآات [2] في هذه المملكة،

[1] الرا تعني أمير في الهندية ومؤنثة راتا وراي لقب قديم لملوك الهند وحكامها وأمرائها (قاموس الفارسية د.

عبد المنعم حسنين بيروت 1982 ص 290) .

[2]

الرآات جمع راي أي أمراء (انظر روضة الصفا ص 145، وحاشية روضة الصفا أيضا 178) .

ص: 89

جمع كل واحد منهم سبعين ألف بايين [1] ، (المخطوط ص 38) أموالا، وكلها عندي حاصلة، فقال: والباءين هو صهريج متسع جدا ينزل إليه بسلالم من أربع جهات، فأعجب السلطان مقاله، وأمر بأن يختم على الأموال باسمه، فختمت باسم السلطان، ثم أمر الرا بأن يجعل له نوابا من مملكته، ويقيم هو بنفسه في حضرته بدهلى، وعرض عليه الإسلام فإني أقره على دينه وأقام في حضرته وجعل له نوابا في مملكته وأجرى السلطان عليه ما يليق بمثله وبعث إلى ملك المملكة أموالا جمة فرقت على أهله صدقة عليهم لكونهم انتظموا في عديد رعاياه ولم يتعرض إلى البائينات [2] وإنما ختم عليها وأبقاها على حالها تحت ختمه وقد ذكرت هذا على ما ذكره البزي وهو معروف بالصدق والعهدة عليه والعائد فيها أن كان يعود فإليه.

حدثني علي بن منصور العقيلي من أمراء «1» عرب البحرين قال إن اسفارنا ما تنقطع عن الهند وعندنا كثير من أخباره وتواترت الأخبار عندنا أن هذا السلطان محمد بن طغلقشاه «2» فتح فتوحات جليلة وأنه مما فتح مدينة لها بحيرة ماء في وسطها بيت بد [3] معظم عندهم يقصد بالنذور وكان كل نذر يجيء إليه يرمي في تلك البحيرة «3» وصرف الماء منها للى أن تصرف ثم أخذ ما كان هناك من الذهب وحمل منه وسعه مائتي قيل وآلاف من البقر قال وهو رجل جواد كريم

[1] بايين تعني هنا مخزن وسرداب تحت الأرض، وهي كلمة فارسية من باءين أي أسفل (قاموس الفارسية 121 فرهنگ عميد 1/436) .

[2]

البائينات جمع مفرده بايين وهو المخزن تحت الأرض (قاموس الفارسية 121، فرهنگ عميد 1/436) .

[3]

وردت بالمخطوط بيت بد وصوابها بيت بت أي معبد الصنم، وبت فارسية بضم الباء وسكون التاء.

ص: 90

يحسن إلى الغرباء سافر منا رجلان إليه وشملتهما السعادة بالحضور عنده فأنعم عليهما وشرفهما بالخلع وأجرى عليهما الأموال الجمة وكانا ممن لا يؤبه إليه من عربنا ثم خيرهما في المقام أو العودة فأختار الواحد منهما المقام فأعطاه بلدا جليلا ومالا جزيلا وأشياء كثيرا من مواشي الغنم والبقر وهو الآن هناك مملوءا فحولا [1] وأما الآخر سأل العود فأنعم عليه بثلاثة آلاف تنكة ذهبا وعاد محبوا محبورا [2] .

[1] متحولا ب 82.

[2]

سقطت من ب 82.

ص: 91