الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى قارة وعمل سلمية وعمل تدمر وتدمر مدينة شامية عراقية لاتصالها ببر العراق وبر الشام وهي مدينة جليلة سليمانية البناء، وبها بساتين جليلة ومتاجر مفيدة لأهلها يسار ومنها تجار تضطرب في الأرض (المخطوط ص 267) فهذه جملة المملكة الدمشقية «1» .
بعلبك
وبعلبك [1] مدينة قديمة البناء، شمالي دمشق يقال أنها من بناء سليمان بن داود عليهما السلام، لها قلعة عظيمة مرجلة على وجه الأرض، مثل قلعة دمشق يستدير بها.
وبالمدينة سور منيع محصن عظيم البناء بالحجارة الثقل «2» الكبار من الصخر الشديد المانع، وبه ثلاثة أحجار عظيمة ممتده تحت برج وبدنتين كوامل ذوات «3» أطوال وعروض وسمك مرتفع كأفلاق «4» الجبال وفي القلعة عمد عظيمة شواهق وسيعة الدور منيفة العلو.
وفي هذه البقعة «5» من عمائر من تفرد بها من الملوك الأيوبية أثار ملوكية جليلة القدر جلية الحسن كالدار الأمجدية والمجرة.
[1] بعلبك: مدينة حسنة قديمة من أطيب مدن الشام، تحدق بها البساتين الشريفة، والجنات المنيفة، تضاهي دمشق في خيراتها المتناهية، بها يصنع الدبس المنسوب إليها (انظر: رحلة ابن بطوطة 61 مراصد الاطلاع 1/208) .
وأما المدينة فمختصرة من دمشق في كمال محاسنها في حسن الترتيب والبناء وجهات الوقف العامرة من الجامع والمسجد والمارستان ودار الحديث والمدارس والربط «1» والخوانق والزوايا والأسواق النظيفة المشتملة على أنواع المبيعات، وتخرق الماء في ديار هذه ومشارعها وأسواقها، ويعمل بها الدهان الفائق في الماعون مما يستحسن، ويحمل منه إلى كثير من البلاد، ويحف بالمدينة غوطة عظيمة أنيقة ذات بساتين مشتبكة الأشجار بأنواع الثمرات الحسان والفواكه المختلف الألوان [1] .
وبعلبك في ظاهرها عين ماء سارحة متسعة الدائرة مشهورة بالزينة، ماءوها في غاية الصفاء، عليها بهجة الحسن بين مسرح أخضر وبستان مونق، وعليها مسجد، واستجد إلى جانبها مسجد جامع كمل به طرازها المذهب، وجمالها المبدع، يمد منها نهر ينكسر على الحصباء في خلاف تلك المروج كنصل سيف يسن فوق مسن إلى أن يدخل المدينة، وينقم منه في بيوتها وجهاتها، ويسمى ماء رأس العين.
ولبعلبك عين أخرى أبعد من هذه الأولى مدى، يقال لها عين اللوجوج في طرف بساتينها البعيدة، خفيفة الماء هاضمة لا يشرب أكابر بعلبك، وأهل النعمة بها إلا من مائها، ويتصل منها فرع إلى الجانب الشمالي (المخطوط ص 268) من بعلبك، ويصب منه في قناة هناك، ويدخل إلى القلعة منه، وهو من الماء المستطاب الموصوف في البلاد.
وبعلبك بلد لطيف ظريف كثير الخير والأرزاق، أرخى أسعارا من دمشق،
[1] قارن وصف بعلبك عند ابن بطوطة ص 61.
كثيرة الأطايب، وبها الملبن المعمول على أنواع، يقل موجود مثلها من الأرض، ولا يكاد يفوتها من دمشق فائت.
وبها جبل لبنان المشهور المبارك البقعة موطن الأولياء «1» والصلحاء والسواح، يأوى إليه كثير ممن انقطع إلى عبادة الله عز وجل، وهو مدرج طريق الفقراء، وقطب مدار الأولياء، يقر بهذا من عرفه، ولا يستطيع إنكاره من جهله.
ومع ما ذكرنا من حسنها، قد ذمها القاضي الفاضل فقال: وكأني آليها من إحدى المضائق بل المطابق «2» المسماة بعلبك، وأنا نازل على عين يصم الشمع هديرها، فوق جبال يغمر العين حريرها «3» تحت سماء قد رابني منها الغداة سفورها، إما في قتال يدير كأس المنون فيه مديرها، ورأى أحجار المنجنيقات التي إذا زأرت نفطها حروف البروج محيت سطورها، والله المستعان على ما يصفون.