الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حلب
وحلب مدينة عظيمة قديمة، أم أقاليم وبلاد وأغوار وأنجاد؛ وبها معظم قلاع الشام ومعاقله وحصونه (المخطوط ص 271) وثغوره، وتسمى حلب الشهباء.
وهي ذات القلعة البديعة العلية المنار، وهي أعني حلب في وسط وطأة حمراء ممتدة، والقلعة على تل عليّ، كانت قد عظمت أيام بني حمدان، وتاهت بهم شرفا على كيوان ثم جاءت الدولة الأتابكية [1] فزادت فخارا، واتخذت لها من بروج السماء منطقة وأسوارا، ولم تزل على هذا يشار إليها بالتعظيم ويأبى أهلها في الفضل عليها لدمشق التسليم حتى وطئها هولاكو بحوافر خيله، وأقام عليها مفرقا في أقطار الشام بعوث سراياه وجنده، فهدمت أسوارها وخربت حوافرها، فأصبحت يرثى لها الشامت ويبكى بها اللاهى، وهي على ما توالى عليها من المحن، وأطاف بها من نوب الأيام مصر جامع، ومبصر رائع، مبنية بالحجر الأصفر، الذي لا يوجد مثله في البلاد، كأنها به رافلة في حلل الديباج، مائلة في ذهبية الأصيل.
وبها الديار العظيمة والجامع ذو المئذنة [2] العليا الفائقة والمارستان والمساجد والمدارس والربط والخوانق ووجوه البر الدائم والصدقات الجارية، ويجرى إلى داخل المدينة فرع ماء، يتشعب في دورها ومساكنها، وهو قليل نزر، لا يبل صداها، ولا يكفي بغيتها ولها الصهاريج المملوءة من ماء الأمطار، صافية الغطاف، باردة الزلال، منه شرب أهلها.
ويدخل إليها الثلج من بلادها وليس لأهلها إليه كبير التفات لبرد هوائهم
[1] الدولة الأتابكية نسبة إلى الأتابك عماد الدين زنكي مؤسسها وكان مشهورا برعايته لأهل العلم، حارب هو وولده نور الدين محمود الصليبيين (انظر: ابن خلكان 5/184) .
[2]
وردت بالمخطوط المأذنة.
ومائهم، وقرب اعتدال صيفهم، وشتائهم، وبها نهر قويق، وهو «1» نهرها القديم، ونهر الساجور مستجد فيها ساقه هذا السلطان إليها، وحكمه جاريا عليها.
وحلب أوسع الشام بلادا وأوطأ أكتافها لخيل الأمل «2» مجالا، ولها المروج الفيح والبر الممتد حاضرة وبادية ومنازل عرب وأتراك [1] .
بها جند كثيف، وأمم من طوائف العرب والتركمان، وبها البطيخ القليل في الشام مثله وأنواع من الفواكه، أكثرها مجلوبة من بلادها، متصلة بسيس [2] والروم وبلاد ديار بكر وبرية (المخطوط ص 272) العراق، وفي أعمالها وادي الباب وبزاعة «3» وهو الوادي المشهور، نزل به المنازي الشاعر ووصفه بقوله:[الوافر]
وقانا لفحة الرمضاء واد
…
وقاه مضاعف النبت العميم
نزلنا دوحه فحنا علينا
…
حنو الوالدات على الفطيم
وأرشفنا على ظمأ زلالا
…
ألذ من المدامة للنديم
يروع حصاه حالية العذارى
…
فتلمس جانب العقد النظيم
صد الشمس أنّى واجهتها
…
فيحجبها ويأذن للنسيم»
وأما أعمالها فهو كثير «4» منه قلاع وحصون، ومنه ما ليس له قلعة وعدة الجميع ثلاثة وعشرون عملا، وهي عمل شيزر المدينة المشهورة، وعمل الشغر
[1] انظر: وصف حلب عند ابن بطوطة 52- 53.
[2]
انظر: رحلة ابن بطوطة ص 55.
ولكاس «1» [1] وهي قلعة، وعمل القصير [2] وهي قلعة، وعمل دبركوش، وعمل كارم، وعمل أنطاكية [3] المدينة العظيمة المشهورة المذكورة «2» ، وعمل يقراض [4] وهي قلعة حصينة ثغر الأرمن والدر يسال «3» وهي قلعة، وعمل حجر شعلان «4» وهي قلعة، وعمل الراوندان وهي قلعة، وعمل عيتبان وهي مدينة (مليحة) جليلة، وعمل مدينة بيشنا (وهي مدينة جليلة على ما يذكر) ، وعمل كركر وهي قلعة، وعمل الكحتا، وهي قلعة، وعمل البيرة وهي القلعة (الجليلة المشهورة) ، وعمل قلعة المسلمين (وهي قلعة جليلة)«5» وعمل منبج، وعمل الجول، وعمل بيرين [5] ، وعمل عزاز، وعمل سرمين ومعها الفويعة ومشيزر، وعمل كفرطات، وعمل الباب وبزاعه المقدم الذكر.
[1] حصن الشغر بكاس (ابن بطوطة 56) .
[2]
القصير حصن حسن أميره علاء الدين الكردي (رحلة ابن بطوطة 56) .
[3]
أنطاكية: مدينة عظيمة، كان لها سور محكم، كثيرة العمارة دورها حسنة البناء، بخارجها نهر العاصي (رحلة ابن بطوطة 55) .
[4]
وردت عند ابن بطوطة بغراس وهو حصن منيع لا يرام (ص 55) .
[5]
وردت عند ابن بطوطة تيزين وهي على طريق قنسرين (ص 55) .