الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حمص
حمص مدينة قديمة اسمها القديم سوريا، كانت معظمة عند ملوك الروم كرسي ملك لهم، ولم تزل يشار إليها بينهم بالتعظيم وهي في وطأة ممتدة على جانب نهر العاص في شماليه مبنية بالحجر الأسود الصغير، وبها قلعة لا تمنع ويستدير بها سور هو أمنع من القلعة، واسمح من أبراجها في الرفعة، ولها من العاص ماء مرفوع يجرى إلى دار نائب السلطنة بها، وبعض مواضع بها ولها من بر بعلبك أنواع البز، وظاهرها أحسن من باطنها، لا سيما في زمان الربيع، وما تلبس به ظواهرها من حلل الربيع الموشحة بالأزهار ما مد النظر، يرنو [1] بأحداق النرجس وثغور الأقاح وتتوسط بها البحيرة الصافية الماء الضافية النماء، ذات السمك المنقول من الفرات إليها حتى تولد فيها، والطير المبثوث في نواحيها [2] .
وبها إلى جانب مسجدها الجامع قبة العقارب لا يوجد (المخطوط ص 269) لها نظير، يقال أنها طلسم قديم موضوع لدفع العقارب عنها، ولأجل هذا لا يوجد بها شخص عقرب، ولا تجمل عقرب إليها إلا وتموت بها ومن أخذ ترابا من أرض حمص، وخلطه بماء حتى يصير طينا ثم ألصق تلك الطينة ببعض جدران تلك القبة من داخلها، وتركها حتى تسقط بذاتها من غير أن يلقيها أحد، ثم أخذها ووضع شيئا منه في بيت، لا تدخله عقرب «1» ، فإن ذر على عقرب منه أحدث بها مثل السكر وربما زاد عليها فقتلها هذا لا يحتاج يسأل عن تحقيقه، ولا يأبى من هو في غاية المشرق أو المغرب في تصديقه، بل والذي يقال أن هذا الأمر لا يختص بهذه القبة وإنما هو خاصة في عامة أرض حمص، لا تقرب عقرب
[1] وردت بالمخطوط يرنوا ب 166- أ 268.
[2]
انظر: وصف حمص لابن بطوطة في رحلته ص 51.
ثيابه وأمتعته ما دام عليه من غبار ترابها.
حدثني خلق بهذا، ورأيت بعيني، وجربت ما يتعلق بالطين الملصق بالقبة، وإلى هذا أشار الفاضل في البشرى بفتوحها ودب إليها من عقارب المجانيق ما خالف عادة حمص في العقارب ورميت بها الحجارة على الحجارة، فظهرت العداوة المعروفة بين الأقارب وحمص تتلو اسكندرية فيما يعمل فيها من القماش الفائق على اختلاف الأنواع وحسن الأوضاع، لولا قلة مائه ونحولة جسمه مع أنه يبلغ الغاية في الثمن، وإن لم يلحق «1» اسكندرية مصر فإنها تفوق صنعاء اليمن.