الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القدس
«1» والقدس الشريف [1] الأرض المقدسة مشتملة على مدينة القدس وما حوله إلى نهر الأردن المسمى بالشريفة إلى فلسطين المسماة بالرملة [2] طولا، ومن البحر الشامي [3] إلى مدائن لوط عرضا، غالبها جبال وأودية إلا ما هو في جنباتها.
وأما مدينة القدس الشريف فعلى جبل «2» مدينة مستديرة في وسطها السور المحيط على الصخرة والمسجد المسمى الآن بالمسجد الأقصى [4] ، وإنما حقيقة المسجد الأقصى جميع ما يحيط به السور المذكور، وهي المعروف بالسور السليمان، ويشرف عليها من شرقيها جبل أعلى [5] منها، يفصل بينهما الوادي المعروف بوادي جهنم، ويعرف بالطور وبه إلى الآن بناء جليل رومي يقال أن منه كان صعود المسيح عليه السلام إلى السماء [6] وبهذا الوادي عين سلوان وهي تخرج من مكان في الجبل الذي عليه بناء مدينة القدس، ويجري في داخل ذلك الجبل أزيد من علوه نشاب تقديرا، ثم يخرج من صدع في الجبل إلى ساحة لطيفة في انفراجه في الجبل لا ترى إلا جدولا جاريا، والنبع من داخل الصدع،
[1] القدس الشريف: بلدة كبيرة منيفة، مبنية بالصخر المنحوت بها المسجد المقدس والصخرة (انظر:
رحلة ابن بطوطة 45- 46) .
[2]
الرملة في فلسطين: مدينة كبيرة، كثيرة الخيرات، حسنة الأسواق، وبها الجامع الأبيض (رحلة ابن بطوطة 47) .
[3]
البحر الشامي هو البحر الرومي هو البحر المتوسط.
[4]
المسجد الأقصى من المساجد العجيبة الرائقة، الفائقة الحسن (انظر: وصف المسجد عند ابن بطوطة 45) .
[5]
وردت بالمخطوط أعلا.
[6]
في شرقي البلد (انظر: رحلة ابن بطوطة 46) .
ثم يسرح على وجه الأرض، وترمى إلى الوادي وتسقى المنازل، وماؤها قليل ليس بالكثير.
ومدينة القدس مبنية بالحجر والكلس وغالب حجرها أسود وهي وعرة المسالك وكان بها آثار (المخطوط ص 277) قلعة «1» قديمة خربة، جددت في أيام هذا السلطان سنة عشرة وسبعمائة على ما يذكر الجوكندار «2» . إذ كان كافل الممالك ووجودها وعدمها سواء، إذ لا نفع بها، ولا تحصين لها [1] .
وبالقدس مدارس وخانقاه وربط وزوايا وترب والمسجد الأقصى بها وقوف كثيرة جارية على مصالحه والمؤذنين به وخدمه وجماعة من العلماء والقراء به.
وقد تقدم القول في هذا الكتاب على أن في القدس لكل الملل معتقدا وإليه توجها، وأن اليهود تزوره والنصارى تحج به قمامة [2] وتزور كنيسة بيت لحم مكان مولد عيسى عليه السلام [3] .
وقد كانت مدينة القدس بعد تولي أيدي الفرنج عنها؛ تغلب عليها الهدم والخراب؛ إلى هذه المدة القريبة، انصرفت الهمم إلى عمارة أماكن بها، وتوفرت الدواعي عليها، ووفر نائب السلطان بالشام الآن الاهتمام بذلك، وساق إليها قناة بسطها إلى بركة هو مجتمع ترفدها بالماء زمان قلة الماء، وتجري إلى مدينة القدس، وتدخل إلى سور المسجد الأقصى، وتجري به.
وعمر نائب السلطان إلى ما جاورها الربط «3» المنصوري قلاووني مدرسة
[1] كان حولها سور هدم الظاهر بيبرس بعض أجزائه خوفا أن يقصدها الروم فيمتنعوا بها (رحلة ابن بطوطة 45) .
[2]
كنيسة القيامة.
[3]
انظر: رحلة ابن بطوطة ص 45.
جليلة، وقفها على مدرس وفقهاء ومتفقهة على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، وبأعلاها خانقاه مشرفة، وبحضرتها مكتب أيتام حصل له به الأجر التام، وللناس الرفق العام، أثابه الله وتقبل منه.
وعمر بها حمامين جليلين كانت أحوج شيء إليه لأنه لم يكن بها حمامات مرضية، وأنشأ بها الأسواق والعمائر وأصبحت مدينة القدس ضاحية (المواء آهلة)«1» الرحاب، وعادت إلى ما كانت عليه من التمدن بعد أن كانت لا تعد من القرى، ولا يندى في جوانبها الثرى.
وأما بلد الخليل [1] عليه السلام، وهي مزرعة إبراهيم فأبهى بلدة [2] غير مسورة، على نحو يوم من القدس بالسير المعتاد (المخطوط ص 278) ، وهي منطوية بين جبال، لا هي في صحراء، ولا في واد، وهي قرية أم عمل، ولولا مكان الخيل عليه السلام بها، لم تذكر فيما يذكر، وإنما عادت عليها بركات ذلك المثوى الكريم، فباهت الأقطار بفضلها وتأهلت الأمصار بأهلها، وأجرى بكتمر [3] الجوكندار قبل أن يكون كافل المماليك إليها عين ماء كانت على بعد منها ولقد شاهدت بها الماء جاريا في طبقة عليه يصعد إليها من نحو عشرين درجة في العلو.
والخليل عليه السلام «2» بها، يحيط به سور هو داخل ذلك السور ولا يصح مكان القبر به على التخصيص، وبه سرداب الخليل المنسوب إليه داخل ذلك
[1] مدينة الخليل وهي مدينة صغيرة الساحة، كبيرة المقدار مشرقة الأنوار، حسنة المنظر، عجيبة المخبر (انظر: رحلة ابن بطوطة 44) .
[2]
وردت بالمخطوط أبها بلدة.
[3]
بكتمر هو الأمير بكتمور قتله الملك الناصر باسم (رحلة ابن بطوطة ص 36) .
السور، يوقد عليه قنديل، ولهذا تقول العامة «صاحب السرداب والقنديل» وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدم.