الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دمياط
ودمياط مدينة على ضفة البحر، عند مصب أحد فرقي النيل، بناؤها الآن غير موثق، يطوف بها جسر، يباري «1» النيل إلى مصبه، وهي موضع غرة للعدو من قبل البحر، وقد علقت بها جمة الكفر «2» زمانا طويلا حتى نصر الله عليهم في أخريات الدولة الأيوبية [1] .
حدثني من رأى دمياط أنها مدينة لطيفة فيها مدرسة واحدة وأسواق ليست بالكثيرة، ومنها الإفضاء إلى بحيرة تنيس المذكورة في القديم بحسن الأوضاع، وجودة القماش والمتاع، وإنما هي الآن جون من البحر المالح كالجون «3» .
وبدمياط وما يليها شجر الموز الكثير، ومنه مدد مصر والقاهرة وبلادهما.
«4» فائدة: قال (المخطوط ص 248) التيفاشي في سرور النفس: يقال أن تنيس [2] ودمياط والفرما [3] ثلاثة أخوة ملكوا هذه المدن الثلاثة، وسمى كل واحد منهم مدينته باسم نفسه، وكانت تنيس يقال لها تنيس الإخصاص، ويقال أن المسيح عليه السلام دخلها، فأكرمه أهلها، فدعا أن يبارك الله لأهلها فيها، وأن يأتيها الرزق في كل مكان، لما رآها وسط بحيرة، ولم يدخل دمياط.
وأما الجفار [4] فهي خمس مدن الفرما والبقارة والورادة
[1] يقصد هجوم لويس التاسع على دمياط آخريات الدولة الأيوبية.
[2]
تنيس: جزيرة في بحر مصر، قريبة من البر بين الفرما ودمياط (مراصد الاطلاع 1/279) .
[3]
الفرما: مدينة على الساحل من ناحية مصر أو حصن لطيف فاسد الهواء، شرق تنيس (مراصد الاطلاع 3/1031) .
[4]
الجفار: أرض مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر (مراصد الاطلاع 1/337) .
والعريش [1] ورفح [2] والجفار، كله رمل وإنما سمى جفارا لشدة المشي فيه على الناس والدواب، لكثرة رمله وبعد مراحله، والجفار تحفر فيه الأبل وغيرها فتهلك، فاتخذ له هذا الاسم كما قيل للحبل، الذي لهجر به البعير هجار، والذي يحجر به حجار والذي تعقل به عقال، والذي تبطن به بطان، وكذلك خطام وزمام ونحوه.
والبقارة من البقر، والواردة من الورود والعريش أخذ من العرش ويذكر أنه نهاية التخوم من الشام وأن إليه كان ينتهي رعاة إبراهيم الخليل عليه السلام بمواشيه، وأنه اتخذ به عريشا كان يجلس فيه، ومواشيه تحلب بين يديه، فسمى بذلك، ورفح اسم رجل نسب إليه المكان «1» .
قلت: هذه جملة الكلام في مدن الديار المصرية الشهيرة وأما برها فيأخذ بخناقة جيلان، تضيقا «2» في أوله بأعلى الصعيد ثم يأخذ في التقليص [3] إلى الجزيرة، فانفرجا واتسع «3» مدى ما بينهما حتى انقطع بالبحر الرومي إلى آخر الأعمال، فأوسعه مدى نحو يومين وأضيفه نحو ساعة (نحو يومين نحو ساعة) ، [4] وغالبه نحو ساعتين وما بين ذلك، وهذا هو عرض الديار المصرية حقيقة «4» إلا أن نظرت إلى قفار موحشة تهاب الجن سلوكها، ويخاف الظلام اقتحامها على أن مدى العرض الذي ذكرناه عطل الجانبين عن الحرث والنسل «5» والزرع والغروس،
[1] العريش: مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على بحر الروم (مراصد الاطلاع 2/935) .
[2]
رفح: منزل في طريق مصر (مراصد الاطلاع 2/623) وهي مدينة على الحدود المصرية الفلسطينية.
[3]
وردت بالمخطوط التقليس أ 248 ب 158.
[4]
زائدة في نسخة أ 248.
خال من الأنيس الإسار في سبيل أوصال عن طريق، والعامر الآهل من هذا المدى ثلاثة والثلث كثير، لكن ذو ربع رابع، (المخطوط ص 249) ومتحصل كثير.
وبمصر من أنواع الثعابين والأفاعي والحيات والعقارب والفأر وسائر الحشرات لولا ما يهلكه النيل الفائض على البلاد في كل سنة، وما يفر من النيل فيقف أهل البلاد له على الطرق بأيديهم العمد والعصى لقتل ما يهاجمهم منها، لما سكنت مصر ولا تأهلت لها ديار، ولا استقر بها لأحد قرار.
وأما زمان ربيعها وما يبقيه من المقطعات نيلها وما يوشى حللها من نوار البرسيم والكتان، ويحشر في أرضها من الطير على اختلاف ذوات الجناح، فلا يملأ عينيك وسامة وحسنا، ويروقك صورة ومعنى، كأن بناءها زمردة خضراء، ومقطعاتها فيروزجه زرقاء ونوارها لكل فرط منه لؤلؤة بيضاء، عليها للطيور ظلل من الغمام، قد نصبت على فرشها «1» الاستبرق خيام، ولما رأيت منظرها البديع في زمان الربيع، وبين أكنافها المخضرة قرارا بناء كأنها النجوم في السماء: قلت:
«لمصر فضل باهر لعيشها الرغد النضر»
«في سفح روض «2» يلتقى ماء الحياة والخضر»
ونحن نقول: إن الديار المصرية وجهان؛ قبلي وبحري، جملتها خمس عشرة [1] ولاية، فالوجه القبلي أكبرهما، وهي تسعة أعمال وهي عمل قوص، وقوص شرقي النيل «3» ، وهو أجلها، ومنه أسوان، وعرب قموله، وأسوان نهاية حد المملكة من الجنوب، وعمل آخميم وهو شرقي النيل أيضا، وعمل
[1] وردت بالمخطوط خمسة عشر أ 248 ب 159.
سيوط [1] ، وعمل منفلوط [2] ، وعمل الأشمونيين، وبها الطحاوية «1» ، وعمل البهنسا [3] ، (وعمل العراني وهي عبارة عن غربي المنهى المؤدي [4] إلى الفيوم)«2» ، وعمل الفيوم، وهو منقطع، وعمل أطفيج [5] وهو شرقي النيل، وعمل الجيزة، والوجه البحري وهو ستة أعمال «3» ؛ عمل البحيرة [6](وهو متصل البر بالاسكندرية، وبرقة [7] ، وعمل العزبية جزيرة واحدة، يشتمل على ما بين البحرين (المخطوط ص 250) والبحر المار ومسكبه عند دمياط، وهو المسمى بالشرقي، والبحر الثاني ومسكبه عند رشيد، وهو المسمى بالغربي) «4» ، والمنوفية وكانت منف «5» المنسوبة إليها هذا العمل هي مصر قديما [8] ، (ومنها أبيار
[1] سيوط وهي أسيوط قال ابن بطوطة وهي مدينة بالصعيد رفيعة أسواقها بديعة (رحلة ابن بطوطة 40) كورة جليلة من صعيد مصر (مراصد الاطلاع 2/769) .
[2]
منفلوط: مدينة حسن رواؤها، موفق بنائها على ضفة النيل، شهيرة بالبركة (رحلة ابن بطوطة 40) بلدة بالصعيد في غربي النيل (مراصد الاطلاع 3/1323) .
[3]
بهنسا: مدينة كبيرة وبساتينها كثيرة تصنع بها ثياب الصوف الجيدة (رحلة ابن بطوطة 39) مدينة بمصر من الصعيد الأدنى (مراصد الاطلاع 1/235) .
[4]
وردت بالمخطوط المآد.
[5]
أطفيح: بلد بالصعيد الأدنى من أرض مصر على شاطىء النيل في شرقية (مراصد الاطلاع 1/92) .
[6]
البحيرة: كورة معروفة بها قرى كثيرة (مراصد الاطلاع 1/168) وهي محافظة البحيرة الآن.
[7]
برقة: اسم صقع كبير يشتمل على مدن وقرى بين الإسكندرية وأفريقية (مراصد الاطلاع 1/186) وهي مدينة عامرة بليبيا الآن.
[8]
منف ليست هي المنوفية فمنف هي منفيس هي طيبة هي الأقصر وليست المنوفية، والمنوفية تنسب إلى منوف عاصمتها السابقة وعاصمتها الآن شبين الكوم.
المسماة بجزيرة أبي نصر، وهي جزيرة وتأخذ في وسط البحر الغربي) «1» وعمل قليوب، وقليوب شرقي النيل، وعمل الشرقية وهو متصل البر بين الشام والقلزم والحجاز.
وكذلك أشموم [1](ويعرف باشموم طناج)«2» [2] ومنها الدقهلية [3] ، والمرناحية، (وهنا موقع ثغر البرلس [4] ، وموقع ثغر رشيد [5] ، والمنصورة المبنية زمان حصار دمياط.
وفي هذه الوجه الاسكندرية ودمياط وهما مدينتان بندران [6] على البحر لا عمل لهما، وأما الواحات فمنقطعة وراء الوجه القبلي في مغاربيه، ولا تعد في الولايات ولا في الأعمال، ولا يحكم عليها من قبل السلطان وال، وإنما يحكم عليها من قبل مقطعها،) «3» وبلاد الواحات بين مصر والاسكندرية والصعيد والنوبة والحبشة، بعضها داخل بعض.
قال البكري: وهو بلد قائمة بنفسه غير متصل بغيره ولا مفتقر إلى سواه، وفي هذه الأرض شبيه وراجية وعيون حامضة الطعوم تستعمل كاستعمال الخل «4» مختلفة الطعوم من الحامض والقابض والملح ولكل نوع منها منفعة وخاصية.
[1] اشموم: هما اثنان: اشموم طناح قرب دمياط وأشموم الجريسات بالمنوفية (مراصد الاطلاع 1/84) .
[2]
وردت أيضا أشموم طناح وهي من أعمال الدقهلية (مراصد الاطلاع 1/84) .
[3]
وردت بالمخطوط الدهقلية وهي الدقهلية إحدى الأقاليم المصرية وقاعدتها المنصورة.
[4]
البرلس: بليدة على شاطىء نيل مصر قرب البحر من جهة الإسكندرية (مراصد الاطلاع 1/188) .
[5]
رشيد: بليدة على ساحل البحر والنيل قرب الإسكندرية (مراصد الاطلاع 2/617) .
[6]
بندران: بندر كلمة فارسية بمعنى ميناء.