الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويفسد وجودهم «أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ» الذين يسوقهم ضلالهم إلى الهلاك، وهم غير ملتفتين إلى هذا البلاء الذي هم صائرون إليه..
الآيات: (180- 185)[سورة الأعراف (7) : الآيات 180 الى 185]
وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (180) وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184)
أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)
التفسير: يلحدون فى أسمائه: أي يحرفونها، ويميلون بها عن الوجه الذي يليق بجلال الله وكماله، ومنه الملحد، وهو الزائغ عن طريق الحق والهدى..
والله سبحانه وتعالى متصف بكل كمال، منزّه عن كل نقص، ولعباد الله أن يدعوا الله ويتعبّدوا له بكل اسم يفرد الله سبحانه وتعالى بالكمال، والعبودية.. فهو الله لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، الملك القدوس السلام المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور..
إلى غير ذلك من الأسماء التي ينفرد بها سبحانه عن المخلوقين.. فكل ما يدعو به العبد ربّه من أسمائه الحسنى، هو ولاء، وعبادة وتسبيح.. والله سبحانه وتعالى يقول:«قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» (110: الإسراء) .
وقد وقف بعض العلماء بأسماء الله عند ما ذكره القرآن الكريم منها، وهذا لا شك أولى من الخروج عن هذه الأسماء، فهى كثيرة.. أحصاها المحصون تسعة وتسعين اسما.. فلا ضرورة للعدول عنها إلى غيرها لمن يعرف اللغة العربية، أما من لم يحسن العربية، فما يكون فى لغته مقابلا لهذه الأسماء محققا لمعانيها، فهو من الأسماء التي يصحّ أن يدعى الله بها، ويتعبّد بذكرها.
«وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ» .. أي دعوهم وما سوّلت لهم أنفسهم من الزيغ والانحراف حتى فى أسماء الله الذي يؤمنون به.. «سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» وسمّى قولهم عملا، لأنه ليس مجرد قول، بل هو فى حقيقته عبادة، ولكنه فى عمل هؤلاء المنحرفين عبادة غير مقبولة، لا يعود منها على صاحبها إلا الإثم والخسران..
«وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ» .
فى هذه الآية إشارة إلى أن أهل الحق والعدل، لا يخلو منهم زمان.. وأنهم شهادة قائمة على أهل الزيغ والضلال.. وهم وإن كانوا قلّة فى الناس إلى جانب الكثرة الكثيرة من أهل الضلال، فإنهم مجتمع الله فى هذه الأرض، وورثة أنبيائه على رسالة الإيمان، والحق، والعدل.
وقوله تعالى: «وَبِهِ يَعْدِلُونَ» أي وبالحق يحكمون بين الناس، ويقيمون موازين العدل فيهم، كما أنهم يهدونهم بأنوار الحق، ويخرجونهم من الظلمات إلى النور.. بل إنهم قبل هذا يعدلون بالحقّ، ويحكمون به فى نظرتهم إلى الوجود، وفى تعرفهم على الخالق وإيمانهم به.
«وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ» الاستدراج إلى الشيء: هو الإغراء به، وتيسير السبل إليه، حتى يقع فيه من استدرج إليه.. واستدراج الله سبحانه وتعالى لهؤلاء الذين كذبوا
بآيات الله هو تزيين هذا المنكر لهم، وتيسير سبلهم إليه، كما يقول سبحانه وتعالى:«وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى» .
وهم فى هذا الطريق الذي ركبوه لا يدرون أنهم على شفا جرف هار، فقد أعماهم الضلال عن أن يروا وجه الحق أبدا، كما يقول سبحانه:«أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً»
(8: سورة فاطر) .. إنهم بما زيّن لهم الشيطان، يرون الخير شرّا، والشّرّ خيرا، والحق باطلا، والباطل حقا.
قوله تعالى:
«وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ» .
الإملاء: إرخاء الزمن، وامتداده.. والمراد به إمهالهم، وعدم تعجيل العقاب لهم، والملاوة: الفترة من الزمن.
أي أن الله سبحانه وتعالى، إنما يملى لهؤلاء الضّالين، ويمدّ لهم فى أسباب الكفر والضلال، ليزدادوا كفرا وضلالا.. «إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ» أي تدبيرى، وتقديرى للأمور، محكم، لا ينقض أبدا.. وفى هذا تهديد للمشركين، الذين ركبوا رءوسهم، ووقفوا هذا الموقف العنادىّ اللئيم من آيات الله، ورسول الله.
قوله تعالى:
«أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ» الخطاب لمشركى قريش، وفى الآية التي قبل هذه الآية نذير لهم ووعيد..
أما فى هذه الآية فهو تسفيه لأحلام القوم، وفضح لمنطقهم السقيم..
فهم إذ يعجزون عن مواجهة الحق الذي فى يد «محمد» لا يجدون غير الكلمات الحمقى يرمونه بها، فيقولون فيما يقولون عنه: «إنه شاعر..
وإنه لمجنون» ! فهل عقلوا هذا القول الذي يقولونه؟ وهل رأوا فى محمد، وفى تصرفاته