الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[القسم الثاني النص المحقَّق]
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1) الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له " (2) ومن يضلل (3) فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه (4) وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد: فإنَّ اللَّه تعالى قد اصطفى لنبوته، وأكرم برسالته، أفضل خلقه، وأقربهم إليه منزلة، وأحقهم بمواهب كرامته، ومنشور ولايته؛ و {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] [الأنعام - 124] ، ويهب كرامته وولايته، واصطفى من أنبيائه ورسله ساداتهم وأكابرهم وأولي العزم منهم، وجعلهم في الذروة العليا (5) .
والمقام الأسنى الذي تقاصر (6) عنه
(1) ما بين القوسين سقط من (ق) و (م) .
(2)
له " ساقطة من (ح) .
(3)
في (ق) : (يضل) .
(4)
في (ق) و (م) : " وصحبه "، وساقطة من (س) .
(5)
في (ق) : " العلى ".
(6)
(ق) : " تقاصرت ".
المتطاولون، ووقف دون درجته المرسلون {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] [الصافات - 164] ، فقاموا من أعباء الرسالة، وأثقال الجهاد، ومكابدة الجبارين، ومراغمة رؤوس الكفرة والمستكبرين، بما لم (1) يقم به سواهم؛ ولم يصل إليه (2) من عداهم، وقيَّض لهم من أعدائه أئمة (الكفر وصناديده)(3) المكذبين لرسله؛ العادلين به غيره، الجاعلين معه (4) الآلهة والأنداد، الواصفين لربهم (5) بما يتنزه عنه ولا يليق بجلاله وكماله وأحديَّته (6) وصمديَّته: كالصاحبة والشركاء والأولاد (7) لتظهر عجائب الحكمة وبدائع الإتقان، ولطائف الصنع وعظمة السلطان {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ - وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 112 - 113] [الأنعام - 112 - 113] فسبحان من فتح لمعرفته (8) كل باب؛ وكشف عن قلوب أوليائه كل
(1) في (م) : " مما ".
(2)
في (س) : " إليهم ".
(3)
ما بين القوسين ساقط من (س) .
(4)
في (ق) و (م) : " معه غيره ".
(5)
في (المطبوعة) : " ربهم ".
(6)
في (ح) و (المطبوعة) : " وكمال وحدانيته ".
(7)
في (س) و (ق) و (م) زيادة: " وقسى قلبه، وعظم بغيه، وذنبه، وجدَّ واجتهد (في (ق) : واجتهدوا) في التكذيب والجحد في: (س) و (م) ، والريب والعناد ".
(8)
في (س) : " لأهل معرفته ".
غي وحجاب {وَمَا يَذَّكَّرُ (1) إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269][البقرة -269] ، [آل عمران -7] واقتضت حكمته الإلهية، ومشيئته الربَّانية، أن يبتلي ورثة رسله وأنبيائه بحسب ميراثهم عن صفوته وأوليائه، فأكثرهم ميراثًا أشدُّهم متابعةً؛ وأعظمهم اقتداءً هو أكبرهم محنة، وأعظمهم بليّه وأصعبهم أضدادًا، لا سيما ورثة هذا النبي الكريم (2) ذي الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود والتعظيم، فإن الله ابتلاهم بجهَّال هذه الأمة ومنافقيها، كما ابتلى مؤمنيها بكفَّارها (3) وخيارها بشرارها (4) وأبرارها بفجَّارها، وأهل سنَّتها بمبتدعيها، وكان ربك بصيرًا.
ومن سبر أحوال الناس واستقرأها، ونظر فيما أُصيب به أهل (5) العلم، وابتلي به أئمة (6) الهدى، عرف سنَّة الله التي قد خلت من قبل؛ واستبانت له حكمة الترجيح والفضل، وأكثر الناس في خفارة جهله، وغباوة فهمه.
وفي أثناء القرن الثاني عشر ظهر بنجد من أحبار (7) الأمة وساداتها من يدعو إلى توحيد الله بالعمل والعبادة، وإفراده بالقصد والإرادة،
(1) ووقع في (المطبوعة) : " يتذكر "، وهو خطأ.
(2)
في (ق) : " صلى الله عليه وسلم ".
(3)
في (م) و (ق) : " بكافريها ".
(4)
في (م) و (ق) : " بأ شرارها ".
(5)
في (م) و (ق) : " أئمة ".
(6)
في (م) و (ق) : " أهل ".
(7)
في (ح) : " وأخبارها "، وهو خطأ.
ويجدِّد (1) ما اندرس (2) من أصول الملة وقواعد الدين، ودعا (3) إلى مذهب السلف والأئمة السابقين: في إثبات صفات الله رب العالمين، ونفى عن آيات الصفات وأحاديثها تأويل الجاهلين، وإلحاد المحرفين، وزيغ المبطلين.
قرَّر ذلك بأدلته وقوانينه الشرعية، وحكى نصوص الأئمة وإجماع الأمة؛ بالنقل عن العدول الأثبات الذين عليهم مدار أحكام الدين في نقل أصوله وفروعه، وأجمعت الأمة على هدايتهم ودرايتهم، حتى ظهر المذهب وانتشر، وعرفه كثير من أهل الفقه وحذَّاق البشر، ومن له نهمة في طلب العلم والأثر، وقد كان قبل ذلك مهجورًا بين الناس، لا يعرفه منهم إلا النُّزَّاع (4) من الأكياس.
وقرَّر توحيد العبادة بأدلَّته القرآنية وبراهينه النبوية، ونهى عن التعلُّق على غير الله محبة وإنابة وتعظيمًا وخوفًا ورجاءً وتوكلًا، ونحو ذلك من أنواع التعلقات.
وقرَّر أن هذا حق الله لا يصلح لسواه من نبي أو ملك أو صالح أو غيرهم، وبسط القول في ذلك وأطنب وعلَّل، ومثَّل وجادل وناضل حتى ظهرت الحجَّة واستبانت المحجَّة، فاستجاب له من أراد الله هدايته، وسبقت له السعادة، وصدَّ عنه آخرون وعارضوه بشبهات ترجع إلى شبهات إخوانهم وأشباههم الذين كفروا من قبل؛ وعارضوا الرسل بجهلهم {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} [البقرة: 118] [البقرة -118] .
(1) في (س) : " ومجدد ".
(2)
في (م) : " من اندرس "، وهو خطأ.
(3)
في (م) و (ق) و (س) : " وعى ".
(4)
في هامش (س) و (ق) و (م) : " النُزَّاع: الأفراد ".
وقد رأيت لبعض المعاصرين (1) كتابًا يعارض به ما قرَّر (2) شيخنا من أصول الملَّة والدين؛ ويجادل بمنع تضليل عُبَّاد الأولياء والصالحين، ويناضل عن غلاة الرافضة والمشركين، الذين أنزلوا العباد بمنزلة الله ربِّ العالمين، وأكثر التشبيه بأنهم من الأمة، وأنهم يقولون: لا إِله إلا الله، وأنهم يصلُّون ويصومون، ونسي في ذلك عهود الحمى؛ وما قرَّره كافة الراسخين من العلماء، وأجمع عليه الموافق والمخالف من الجمهور والدهماء، ونصَّ محليه الأكابر والخواص، من اشتراط العلم والعمل في الإتيان بكلمة الإخلاص، والحكم بموجب الردة على فاعل ذلك من سائر العبيد والأشخاص، وسمَّى كتابه:" جلاء الغمَّة عن تكفير هذه الأمَّة "، ومراده بالأمَّة هنا: من عَبَدَ آل البيت وغلا فيهم، وعَبَدَ الصالحين ودعاهم، واستغاث بهم؛ وجعلهم وسائط بينه وبين الله يدعوهم ويتوكَّل عليهم. هذا مراده ولكنه (3)(4) أوقع عليهم لفظ الأمَّة ترويجًا على الأعمار والجهال، ولبسًا للحقِّ بالباطل، وهو يعلم ذلك وسيجزيه الله ما وعد به أمثاله من المفترين.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152][الأعراف - 152] ، فلكل مفترٍ نصيب منها بحسب جرمه وعلى قدر ذنبه، وقد رأيت على هذا الرجل من الذلَّة والمهانة مدَّة حياته ما هو ظاهر بيِّن يعرفه من عرفه.
(1) في (ق) : " المعارضين ".
(2)
في (ق) : " قرره ".
(3)
في (ح) : " ولكن ".
(4)
إلى هنا ينتهي السقط من الأصل.