الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا كتاب الله وسنَّة رسوله، وكلام أصحاب رسول الله عيَن ومن بعدهم من أهل المعلم والفتوى معروف مشهور مقرر في محله في حكم من عدل بالله وأشرك به، وتقسيمهم للشرك إلى أكبر وأصغر؛ والحكم على المشرك الشرك الأكبر بالكفر (1) مشهور عند الأمة لا يكابر فيه إلا جاهل لا يدري ما الناس فيه من أمر دينهم، وما جاءت به الرسل. وقد أفرد هذه المسألة بالتصنيف غير واحد من أهل العلم، وحكى الإجماع عليها، وأنها من ضروريات الإسلام، كما ذكره تقي الدين ابن تيمية، وابن قيم الجوزية، وابن عقيل، وصاحب " الفتاوى (2) البزازية "، وصنع الله الحلبي، والمقريزي الشافعي، ومحمد بن حسين النعمي الزبيدي، ومحمد بن إسماعيل الصنعاني، ومحمد بن علي الشوكاني، وغيرهم من أهل العلم.
[الرد على المعترض في قوله عن الشيخ وجعل بلاد المسلمين كفارًا]
وأما قوله: (وجعل بلاد المسلمين كفارًا أصليين) .
فهذا كذب وبهت، ما صدر ولا قيل، ولا أعرفه عن أحد من المسلمين فضلًا عن أهل العلم والدين؛ بل كلهم مجمعون على أن بلاد المسلمين لها حكم الإسلام في كل زمان ومكان.
وإنما تكلَّم الناس في بلاد المشركين، الذين يعبدون الأنبياء والملائكة والصالحين، ويجعلونهم أندادًا لله ربِّ العالمين، أو يسندون إليهم التصرف والتدبير كغلاة القبوريين، فهؤلاء تكلم الناس في كفرهم وشركهم وضلالهم، والمعروف المتفق عليه عند أهل العلم: أن من فعل
(1) سقطت " بالكفر " من (ق) .
(2)
في (المطبوعة) : " الفتوى ".
ذلك ممن يأتي بالشهادتين يحكم عليه بعد بلوغ الحجة بالكفر والردَّة ولم يجعلوه كافرًا أصليًّا، وما رأيت ذلك لأحد سوى محمد بن إسماعيل في رسالته تجريد التوحيد المسمى:" بتطهير الاعتقاد "(1) وعلَّل هذا القول: بأنهم لم يعرفوا ما دلَّت عليه كلمة الإخلاص، فلم يدخلوا بها في الإسلام مع عدم العلم بمدلولها، وشيخنا لا يوافقه على ذلك.
ولكن هذا (2) المعترض لا يتحاشى من الكذب ولو كان من الميتة والموقوذة والمتردية، وما رأيت شيخ الإسلام أطلق على بلد من بلاد (3) المنتسبين إلى الإسلام إنها بلد كفر، ولكنه قرر أن دعاء الصالحين وعبادتهم بالاستعانة والاستغاثة والذبح والنذر والتوكل، على أنهم وسائط بين العباد وبين الله في الحاجات والمهمات، هو دين المشركين وفعل الجاهلية (4) الضالين من الأميين والكتابيين، فظنَّ هذا أن لازم قوله أنه يحكم على هذه البلاد (5) أنها بلاد كفر، وهذا ليس (6) بلازم، ولو لزم، فلازم المذهب ليس بمذهب، ونحن نطالب الناقل بتصحيح نقله.
نعم؛ ذكر الحنابلة وغيرهم أن البلدة التي تجرى عليها أحكام الكفر، ولا تظهر فيها أحكام الإسلام بلدة كفر؛ وما ظهر فيها هذا وهذا
(1) ص (503) ضمن مجموعة رسائل (الجامع الفريد) .
(2)
سقطت " هذا " من (ق) .
(3)
سقطت " بلاد " من (س) .
(4)
في (المطبوعة) : " الجاهليين والضالين "، وفي (ق) :" الجاهلية والظالمين ".
(5)
في (ق) : " البلاد هذه ".
(6)
في (ح) و (المطبوعة) : " وليس هذا ".
فقد أفتى فيها شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه يراعى فيها الجانبان (1) فلا تعطى حكم الإسلام من كل وجه، ولا حكم الكفر من كل وجه، كما نقله عنه (2) ابن مفلح (3) وغيره.
وقوله: (فلا تؤكل ذبائحهم عنده (4) ولا تحل نساؤهم) .
فهذا من نمط ما قبله، والشيخ (5) لا يمنع من ذبيحة الشخص المعين إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ودخل في الإسلام، ما لم يأتِ بمانع يمنع من حل ذبحه، وكذا حكم النساء، فكيف يقول ذلك في أهل بلد وأهل قرية لا يعلم تفاصيل أحوالهم وما يجري منهم من النواقص (6) إلا الله عالم الغيب والشهادة.
وأما القتال: فلم يقاتل إلا أصل الإسلام، والتزام مبانيه العظام، ومن نقل عنه أنه قاتل على غير ذلك فقد كذب وافترى، على أن بعض العلماء يرى القتال على ترك بعض الواجبات (7) .
فكيف بما أجمع عليه سلف الأئمة وأئمتها؟ .
(1) في (س) : " هذا وهذا ".
(2)
في (المطبوعة) : " عن "، وهو خطأ.
(3)
انظر: " مجموع الفتاوى "(8 / 281 - 282) ، (27 / 143، 49 2) ، و " الفتاوى الكبرى "(4 / 377) .
(4)
في (ق) : " عندهم ".
(5)
في (ق) : " الشيخ ".
(6)
في (ح) و (المطبوعة) : (النواقص) بالصاد المهملة.
(7)
في (س) : " على بعض المكفرات "، وفي (م) و (ق) و (ح) و (س) زيادة:" ولو كان المستند من رأي بعض المجتهدين ".
وأما قوله: (ولا يُجَوِّز السفر إليهم حتى منع (1) السفر إلى جميع بلاد الإسلام) .
فيطالب أولا (2) بتصحيح هذا؛ فإن صحَّ فللسلف كلام معروف في السفر إلى ما (3) ظهر فيه شيء من شعار الكفر والفسوق لمن لم يقدر على [8] إظهار دينه، وللقادر أيضًا كما يعرفه أهل العلم والفقه، وقد منعوا من السفر إلى بلد تظهر فيها البدع لمن خشي الفتنة، فكيف ببلد يدعى فيها غير الله ويستغاث بسواه، ويتوكَّل على ما (4) عبد معه من الإلهة؛ بل لقد صرَّح غلاة عباد القبور بأن لمشايخهم شركة في التدبير والتصريف وبعضهم يقول:(وُكِلَ إليهم تدبير العالم) كما رأيناه وسمعناه من طوائف كثيرين (5) ؛ وقد حكاه عنهم شيخ الإسلام في مِنْهَاجِهِ (6) .
فماذا على شيخنا رحمه الله تعالى لو حمى الحمى وسدّ الذريعة وقطع الوسيلة؟ .
لا سيّما في زمن فشا فيه الجهل وقبض العلم، وبَعُد العهد بآثار النبوة؛ وجاءت قرون لا يعرفون أصل الإسلام ومبانيه العظام، وأكثرهم يظن أن الإسلام هو التوسل بدعاء الصالحين، وقصدهم في الملمات والحوائج، وأن من أنكره جاء بمذهب خامس لا يعرف قبله.
(1) في (م) و (ق) : (منع من السفر) .
(2)
في (ق) : " أولًا منه بتصحيح ".
(3)
في (المطبوعة) : " بلد " مكان: " ما ".
(4)
في (م) و (ق) : " من ".
(5)
في (ق) : " كثيرة ".
(6)
انْظُرْ: " منهاج السنَّة النبوية "(3 / 276) .