الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في الرد على المعترض في فهمه لشروط الاجتهاد وبيان الحق في ذلك]
فصل قال المعترض: (وقد قال (1) العلماء كلاما معناه قاله ابن القيم في الأعلام: لا يجوز لأحد أن يأخذ من الكتاب والسنَّة ما لم تجتمع فيه شروط الاجتهاد (من جميع (2) العلوم. قال: ولو اجتمعت شروط الاجتهاد) (3) في رجل لم يجب الأخذ بقوله دون نظرائه) . اهـ.
والجواب أن يقال: هذا لسان جاهل، وتركيبُ نبطي (4) لا يدري شيئا من صناعة العلم، وابن القيم ينزَّه عن هذا اللفظ، وهذا التركيب، ولا يقول (5)(ما لم تجتمع فيه شروط الاجتهاد من جميع العلوم) ، فإن البحث ما هكذا إيراده ولا تقريره والعلوم فيها ما لا دخل له هنا ولا اعتبار، كعلم الطب والهندسة والإنشاء، وقرض (6) الشعر وميزاته، والعلم بالرسم وإتقانه، ومعرفة التاريخ.
(1) في (ق) و (م) : " قالوا ".
(2)
في (م) : "جمع".
(3)
ما بين القوسين ساقط من (ح) ، وإسقاطه خطأ فقد نقل هذا السطر قبل ذلك في غير موضعه وهذا موضعه الأصلي.
(4)
في (ح) : " بنطي " وضع النقط في غير موضعها.
(5)
في (ق) و (م) : " ويقول".
(6)
في (ح) و (المطبوعة) : " وقريض ".
وأما بالنظر للمعنى: فابن القيم رحمه الله قد شنَّ الغارة على من قال: (لا يجوز لأحد (1) أن يأخذ من الكتاب والسنَّة ما لم تجتمع فيه شروط الاجتهاد) ، وأوسع (2) قائله تجهيلا وتخطئة، وقال (3)(هذا سد لباب أخذ العلم والهدى من كتاب الله وسنَّة رسوله) .
وذكر في هذا المبحث (4) من النصوص والآثار والمناظرة (5) بين المجتهد والمقلد ما لا تتسع له هذه (6) الرسالة، وذكر هذه العبارة رادًّا لها مجهلا لقائلها.
والقصد: أن المعترض كَذَب على ابن القيم كما كذب على شيخنا، وحكى عكس ما قاله ابن القيِّم.
فنعوذ بالله من زيغ القلوب ورين (7) الذنوب.
ومراد المعترض: القدح في شيخنا، حيث استدلَّ بآية سورة " قد سمع" على تحريم موادة المشركين، ووجوب التصريح بعداوتهم.
وحاصل قوله: أن الكتاب والسنَّة لا يأخذ منهما أحد إلا من اجتمعت فيه شروط قلَّ أن توجد ولو (8) في آحاد الأئمة المقلدين، فكيف
(1) ساقطة من (ق) .
(2)
في (ح) : "وشنع على"، كما هو مصحح في فصح النسخة.
(3)
انظر: " إعلام الموقعين "(2 / 267، 268) .
(4)
في (ق) : "البحث ".
(5)
في (ق) : " والمناظرات ".
(6)
في (ح) : "هذا ".
(7)
في (الأصل) و (م) و (ق) : "وران"، والمثبت كما في (ح) ، وهو الأقرب.
(8)
ساقطة من (م) و (ق) .
بغيرهم؟ وهل هناك نبذ للكتاب وراء الظهر فوق هذا الصنيع لو كانوا [49] يعلمون؟
والاستدلال بالنصوص القرآنية والظواهر الجليّة (1) من الكتاب والسنَّة ليس من مسائل الاجتهاد التي تكلَّم ابن القيِّم مع خصومه فيها وجهلهم بقولهم (2)(لا يجتهد إلا من اجتمعت فيه الشروط) فإنَّ المسائل الاجتهادية ما كان للاجتهاد والنظر مساغ فيها، وأما النصوص والظواهر فلا تسوغ مخالفتها اجتهادا، وذلك كمعرفة الله، وإثبات توحيده، وصفات كماله، ووجوب الصلوات، والأركان الإسلامية، والأصول الإيمانية، ونحو ذلك من النصوص التي لا يسوغ مخالفتها والعدول عنها، والمعترض جاهل (3) لا يفرق بين مسائل الاجتهاد وغيرها.
وقد رأيت لخدنه داود بن جرجس كلاما في هذا المبحث يزعم: (أنَّ المجتهد إذا اجتهد في عبادة غير الله وأدَّاه اجتهاده إليها يكون مأجورا) ، فأوردنا عليه اجتهاد النصارى المثلثة، والصابئة المتفلسفة، والمجوس المشركة ونحوهم، ومن اجتهد، وقال بحل ما قتله الله من الميتة، وقاسه على المذكاة قياس الأولى، ومن رأى باجتهاده من غلاة الرافضة والشيعة والنصيرية (4) ؛ جواز إسناد التدبير والتصريف في العالم إلى الأولياء وأئمة الشيعة، ورأى باجتهاده أن هذا من الكرامة التي تجوز للأولياء، وهكذا (5)
(1) في (ق) : (الجليلة) .
(2)
في (ق) : " بقوله ".
(3)
في النسخ الأربع: " جاهلي "، ولعل ما أثبته هو الأقرب.
(4)
في (ح) : "والنصرية"، وهو خطأ.
(5)
في (ق) : "وهذا".
يقال في دفع شبه أهل البغي (1) والضلال.
(ثم استدل المعترض)(2) بحديث: " «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» " الحديث (3) على أنَّ ما صدر من الشيخ من الكلام في المباحث العلمية والأصول الدينية من تكفير مشرك أو أخذ ماله، والكلام في قبيح أفعاله يدخل في النهي عن الأعراض والدماء والأموال (4) .
ولا أدري هل هذا المعترض يرى كلام جميع العلماء في أهل الشرك وعبادة غير الله من هذا الباب، أو هو (5) يخص الشيخ رحمه الله بهذا لعظيم عداوته (6) وغليظ غباوته؟
وكأنه فهم من (7) الحديث: أنه عام تدخل فيه وفيما دلَّ عليه من التحريم، دماء المشركين والمرتدين وأموالهم وأعراضهم.
[50]
ولو سلمنا له هذا الفهم الفاسد لكان نسخا لجميع ما في الكتاب والسنَّة من الأمر بقتال المشركين وسبي نسائهم، وغنيمة أموالهم، واستباحة أعراضهم، فينسخ من القرآن والسنَّة ما يعزّ استقصاؤه وحصره،
(1) في (ق) و (م) : "الغي".
(2)
ما بين القوسين ساقط من (ق) .
(3)
أخرجه البخاري (105) ، ومسلم (1218، 1679) ، وأبو داود (1905، 2496) ، والترمذي (2159، 3087) ، ابن ماجه (3055) .
(4)
ساقطة من (ق) .
(5)
ساقطة من (ق) .
(6)
في (المطبوعة) : " العظيم من عداوته ".
(7)
في (م) و (ح) و (المطبوعة) : "من هذا ".
وتضع الحرب أوزارها بين الناس إلى يوم القيامة، وما أظن جُهَّال أهل الكتاب ينتهون (1) إلى هذه الغاية.
فإن زعم أنه لم يُرِد هذا، وأن استحلال دماء المشركين وأموالهم باقٍ إلى يوم القيامة.
قيل له: ما وجه استدلالك على الشيخ بالحديث الخاص بالمؤمنين وعباد الله الموحدين؟ والشيخ لم يقاتل إلا على رأس الأمر وهو شهادة أن لا إله إلا الله، لم يقاتل على غيرها وعلى غير التزامها.
والرجل المعترض آفته وعلَّته ما تقدَّم تصريحه به من أن عبَّاد القبور ومن يدعو الأولياء والصالحين ليسوا بمشركين، بل هم من عباد الله المؤمنين الذين تحرم دماؤهم وأموالهم، والله المستعان.
وقوله: (قال حجة الإسلام الغزالي: لترك ألف كافر ولا قتل مسلم واحد) .
فيقال: قتل المسلم عظيم (2) وأي مسلم قتله الشيخ؟ وقد سبق أن النزاع مع هذا في أصل الإسلام والتوحيد.
ثم قوله: (قال حجة الإسلام) إن كان المعترض يعتقد هذا، وأنه (3) حجة للإسلام، وقوله يُرْجع إليه بين الأنام، فقد ردَّ هذا المعترض على جمهور الأمة، لا (4) سيما الحنابلة؛ وقد (5) شنَّعوا عليه في كتابه
(1) في (ق) : "ينهون".
(2)
ساقطة من (ح) .
(3)
في (ح) : " أو أنه ".
(4)
في (المطبوعة) : "ولا سيما ".
(5)
في (م) و (ق) زيادة: "فإنهم لا يرون قوله حجة".