الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمجاد النقاد الذين يعتد بوفاقهم وخلافهم، وهذا عين المشاقة والمحادة (1) لله ورسوله، وقد ولاك ما توليت، وأتاح لك ما اخترت وتمنيت، وصار أعداء دين الله هم أولياؤك وأشياخك وحزبك وأشياعك الذين تدين بأقوالهم، وترجع إلى آرائهم، وتحتج بها في موارد النزاع، فتحقق هذا الوصف فيك، وأما إصلاء جهنم فأمره إلى الله الذي بيده الملك وإليه يرجع الأمر كله فيقضي بين عباده بعلمه، وهو أسرع الحاسبين.
[رد اشتراط المعترض في قيام الحجة معرفة علم المخاطب بالحق]
وأما قوله: (فعلى تقدير موافقتهم لا يقوم بتعريفه حجة حتى يتبين للجاهل ويعلم أن ما يقوله حق) .
أقول في جوابه: هذا الرجل من المحن على الدين، ومن أكابر المحرفين للكلم عن مواضعه، أي عالم وأي فقيه اشترط في قيام الحجة والبيان معرفة علم المخاطب بالحق؟ .
قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ (2) إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44][الفرقان / 44] .
وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الأنعام: 25][الأنعام / 45، الإسراء / 46]
وقال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ (3) بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا - الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103 - 104][الكهف / 103، 104]
(1) في (ق) و (م) : "المحادة والمشاقة".
(2)
في (ق) و (م) : مختصر بكلمة"الآية".
(3)
في (ح) و (ق) : "أنبأكم "، وهو خطأ.
وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: 44][فصلت / 44] .
وأمثال هذه الآيات التي تدل على عمايتهم وعدم معرفتهم للحق كثير، ولم يقل هذا (1) أحد قبل هذا الغبي، وإنما يشترط فهم المراد، للمتكلم والمقصود من الخطاب، لا أنه حق. فذاك طور ثان، هذا هو المستفاد من نص الكتاب السنة، وكلام أهل العلم لا ما قاله هذا المخلط الملبس.
وفي كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد (2) حدثني أبو سعيد بن يعقوب الطالقاني أنبأنا المؤمل بن إسماعيل سمعت عمارة بن زاذان (3) قال: بلغني أن القدرية يحشرون يوم القيامة مع المشركين؟ فيقولون: والله ما كنا مشركين، فيقال لهم (4) إنكم أشركتم من حيث لا تعلمون، قال: وبلغني أنه يقال لهم يوم القيامة: "أنتم خصماء الله ". انتهى.
فهؤلاء ما عرفوا الحق ولا عقلوه.
وأما قوله: (إذ هو (5) جعل تعريفه حجة بمجردها بمنزلة تعريف الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قامت به الحجة بالآيات الباهرات) ، إلى آخر عبارته.
فيقال لهذا المخلط: تعريف أهل العلم للجهال بمباني الإسلام،
(1) ساقطة من (ق) و (م) .
(2)
في (ق) زيادة: "رحمه الله تعالى"، والمنقول لم أقف عليه في مظانه.
(3)
في جميع النسخ: "رزان"، وفي (المطبوعة) :"زازان" بالزاي، والصواب ما أثبته بالذال المعجمة بين الألفين.
(4)
ساقطة من (ق) و (م) .
(5)
في بقية النسخ: "هو قد".
وأصول الإيمان والنصوص القطعية (1) والمسائل الإجماعية حجة عند أهل العلم، تقوم بها الحجة، وتترتب عليها الأحكام، أحكام الردة وغيرها، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتبليغ عنه، وحث على ذلك، وقال [الله] (2) في الاحتجاج والنذارة في كتابه العزيز (3) {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] [الأنعام / 19] ومن الذي يبلغ وينقل نصوص الكتاب والسنة غير أهل العلم وورثة الرسل؟ فإن كانت الحجة لا تقوم بهم وبيانهم أن هذا من عند الله، وهذا كلام رسوله، فلا حجة بالوحيين، إذ النقل والتعريف يتوقف على أهل العلم؟ كما أن بيان المعاني المقصودة والتأويلات المرادة (4) يتوقف على أهل العلم؟ وتقوم الحجة بهم، وهم نواب الرسول صلى الله عليه وسلم في الإبلاغ عنه وقيام الحجة بهم كما قال علي بن أبي طالب في حديث كميل بن زياد:"بلى " لن تخلو الأرض من قائم لله بحججه (5) كي لا تبطل حجج الله وبيناته " (6) إلى آخر كلامه، وفي الحديث: "«لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله» (7) .
(1) ساقطة من (ق) و (م) .
(2)
ما بين المعقوفتين إضافة يقتضيها السياق.
(3)
ساقطة من (ق) و (م) و (المطبوعة) .
(4)
في (ق) و (م) زيادة: "الواردة ".
(5)
في (ق) و (م) : "بحجة".
(6)
أخرجه أبو نعيم في الحلية (1 / 80) ، والمزي في تهذيب الكمال (24 / 221) .
(7)
أخرجه البخاري (3640، 7311، 7459) ، ومسلم (1037) ، والترمذي (2192) ، وأحمد (3 / 436، 4 / 97، 101) .